
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
طَرِبْـتَ وَهَاجَتْـكَ الـدِّيَارُ الْبَلَاقِـعُ
وَعَـادَكَ شـَوْقٌ بَعْـدَ عَـامَيْنِ رَاجِـعُ
وَأَوْقَـدَ نَـاراً فِـي فُـؤَادِكَ مُحْرِقاً
غَــدَاتَئِذٍ لِلْبَيْــنِ أَســْفَعُ نَـازِعُ
شـَحَا فَـاهُ نُطْقـاً بِـالْفُرَاقِ كَأَنَّهُ
سـَلِيبٌ حَرِيـبٌ خَلْفَـهُ السـِّرْبُ جَازِعُ
فَقُلْـتُ أَلَا قَـدْ بَيَّـنَ الْأَمْرُ فَانْصَرِفْ
فَقَـدْ رَاعَنَـا بِـالْبَيْنِ قَبْلَكَ رَائِعُ
سـُقِيتُ سـِمَاماً مِـنْ غُـرَابٍ فَإِنَّمَـا
تَبَيَّنْـتُ مَـا حَـاوَلْتَ إِذْ أَنْتَ وَاقِعُ
أَلَــمْ تَــرَ أَنِّـي لَا مُحِـبٌّ أَلُـومُهُ
وَلَا بِبَــدِيلٍ مِنْهُــمُ أَنَــا قَـانِعُ
فَسـِرْ بِـكَ عَنِّـي لَا تَـرَى وَجْدَ مُقْصَدٍ
لَــهُ زَفَـرَاتٌ أَحْلَبَتْهَـا الْمَـدَامِعُ
أَلَمْ تَرَ دَارَ الْحَيِّ فِي رَوْنَقِ الضُّحَى
بِحَيْـثُ انْحَنَـتْ لِلْهَضـْبَتَيْنِ الْأَجَارِعُ
وَقَـدْ يَشـْعَبُ الْأُلَّافُ مِـنْ بَعْـدِ عِـزَّةٍ
وَيَصـْدَعُ مَـا بَيْـنَ الْخَلِيطَيْنِ صَادِعُ
فَكَـمْ مِـنْ هَوَى أَوْ خَلَّةٍ قَدْ أَلِفْتَهُمْ
زَمَانـاً فَلَـمْ يَمْنَعْهُمُ الْبَيْنَ مَانِعُ
كَـأَنِّي غَـدَاةَ الْبَيْـنِ رَهْـنُ مَنِيَّـةٍ
أَخُـو ظَمَـإٍ سـُدَّتْ عَلَيْـهِ الْمَشـَارِعُ
تَخْلِــسُ مَـنْ يَهْـوَاهُ مَـاءَ حَيَـاتِهِ
فَلَا الشـُّرْبُ مَبْـذُولٌ وَلَا هُـوَ نَـاقِعُ
وَبِيــضٌ غَــذَاهُنَّ النَّعِيـمُ كَأَنَّهَـا
نِعَـاجُ الْمَلَا جِيبَتْ عَلَيْهَا الْبَرَاقِعُ
عِـرَاضُ الْمَطَـا قُـبَّ الْبَطُونِ كَأَنَّمَا
وَعَـى السِّرَّ مِنْهُنَّ الْغَمَامُ اللَّوَامِعُ
تَحَمَّلْـنَ مِـنْ ذَاتِ التَّنَاضُبِ وَانْبَرَتْ
لَهُـنَّ بِـأَطْرَافِ الْعُيُـونِ الْمَـدَامِعُ
فَمَـا رِمْنَ هَجْلَ الدَّارِ حَتَّى تَشَابَهَتْ
هَجَائِنُهَـا وَالْجُـونُ مِنْهَا الْخَوَاضِعُ
وَحَتَّـى حَمَلْـنَ الْحُـورَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ
وَخَاضـَتْ سُدُولَ الرَّقْمِ مِنْهَا الْأَكَارِعُ
فَلَمَّا اسْتَوَتْ تَحْتَ الْخُدُورِ وَقَدْ جَرَى
عَبِيــرٌ وَمِسـْكٌ بِـالْعَرَانِينِ سـَاطِعُ
أَشـَرْنَ بِـأَنْ حُثُّوا الْمَطِيَّ وَقَدْ بَدَا
مِـنَ الصـَّيْفِ يَـوْمٌ طَيِّبُ الظِّلِّ مَاتِعُ
فَقُمْــنَ يُبَـارِينَ السـُّدُولَ بِـوَافِرٍ
يُلَاعِــبُ عِطْفَيْــهِ الْجَرِيـرُ وَدَافِـعُ
وَكُــلِّ نَجِيبَــاتٍ هِجَــانٍ كَأَنَّهَــا
إِذَا رَدَعَـتْ مِنْهَـا الْخِشَاشـَةُ طَالِعُ
يُعَارِصــُهَا عَــوْدٌ كَــأَنَّ رُضــَابَهُ
ســُلَافَةُ قَــارٍ ســَيَّلَتْهُ الْأَكَــارِعُ
رَفِيــقٌ بِرَجْـعِ الْمَرْفِقَيْـنِ مُمَـانِعٌ
إِذَا رَاعَ مِنْــهُ بِالْخِشَاشــَةِ رَائِعُ
عَلَيْـهِ كَرِيـمُ الْخَيْـمِ يَخْبِـطُ رِجْلَهُ
بِرِجْلِـي وَلَمْ تُسْدَدْ عَلَيْنَا الْمَطَالِعُ
يُجِيــبُ بِلَبَّيْــهِ إِذَا مَـا دَعَـوْتُهُ
عَلَـى عِلَّـةٍ وَالنَّجْـمُ لِلْغَـوْرِ طَالِعُ
وَلَمَّـا لَحِقْنَـا بِـالْحُمُولِ تَبَاشـَرَتْ
بِنَـا مُفْصـِدَاتٌ غَـابَ عَنْهَا الطَّلَائِعُ
تَعَرَّضـْنَ بِالـدَّلِّ الْمَلِيـحِ وَإِنْ يَرِدْ
حِمَــاهُنَّ مَشــْعُوفٌ فَهُــنَّ مَوَانِــعُ
خَضــَعْنَ بِمَعْـرُوفِ الْحَـدِيثِ بَشَاشـَةً
كَمَـا مُـدَّتِ الْأَعْنَـاقُ وَهْـيَ شـَوَارِعُ
فَيَـا لَيْـتَ شـِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً
بِحَيْـثُ اطْمَـأَنَّتْ بِالْحَبِيبِ الْمَضَاجِعُ
وَهَـلْ أُلْقِيَـنْ رَحْلِي إِلَى جَنْبِ خَيْمَةٍ
بِــأَجْرَعَ حَفَّتْهَـا الرُّبَـا فَمُتَـالِعُ
وَهَلْ أَتْبَعَنَّ الدَّهْرَ فِي نَهْضَةِ الضُّحَى
سـَوَاماً تُزَجِّيـهِ الْحُمُـولُ الدَّوَافِعُ
سـَقَاهَا عَلَـى نَـأْيِ الدِّيَارِ خَسِيفَةٌ
وَبِـالْخَطِّ نَضـَّاخُ الْعَثَـانِينَ وَاسـِعُ
أَجَـــشُّ جُمَــادِيٌّ إِذَا عَــجَّ عَجَّــةً
وَأَقْبَــلَ يَسـْتَتْلِي تُسـَكُّ الْمَسـَامِعُ
يَحِـطُّ الْوُعُولَ الشُّهْلَ مِنْ رَأْسِ شَاهِقٍ
وَلِلسـِّدْرِ وَالدَّوْمِ الطِّوَالِ الْمَصَارِعُ
فَقُلْــتُ لِأَصــْحَابِي وَدَمْعِــيَ مُسـْبَلٌ
وَقَـدْ صـَدَعَ الشـَّمْلَ الْمُشـَتَّتَ صَادِعُ
أَلَيْلَـى بِـأَبْوَابِ الْخُـدُورِ تَعَرَّضـَتْ
لِعَيْنِـيَ أَمْ قَـرْنٌ مِـنَ الشَّمْسِ طَالِعُ
مَجْنونُ لَيْلَى مِنْ أَشْهَرِ الشُّعَراءِ اَلْعُذْريينَ فِي العَصْرِ الأُمَويِّ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وُجودِهِ فَقِيلَ هوَ اسْمٌ مُسْتَعَارٌ لَا حَقيقَةَ لَهُ، وَتَعَدَّدَتْ الْآرَاءُ فِي اسْمِهِ كَذَلِكَ وَأَشْهَرُها أَنَّهُ قَيْسُ بْنُ الْمُلَوَّحِ بْنُ مُزاحِمٍ، مِنْ بَني عامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، لُقِّبَ بِمَجْنونِ بَني عامِرٍ، وَيَغْلُبُ عَلَيْهِ لَقَبُ مَجْنُونِ لَيْلَى، ولَيلَى هي محبوبتُهُ اَلَّتِي عَشِقَها وَرَفْضَ أَهْلُها تَزْويجَها لَهُ، فَهَامَ عَلَى وَجْهِهِ يُنْشِدُ الأَشْعارَ وَيَأْنَسُ بِالْوُحُوشِ، فَكانَ يُرَى فِي نَجْدٍ وَحِيناً فِي الحِجَازِ حِيناً فِي الشّامِ، إِلَى أَنْ وُجِدَ مُلْقىً بَيْنَ أَحْجارِ إِحْدَى الأَوْدِيَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ، وَكَانَتْ وَفاتُهُ نَحْوَ سَنَةِ 68 لِلْهِجْرَةِ.