
الأبيات42
أذكـــت بأحنــاء الضــلوع أوارا
ورقٌ ترجــــع شـــدوها أســـحارا
ســجعت فهيّــجَ ســجعُها مســتعيراً
يشــجى بشــجو بكــائه الأطيــارا
لمّــا تــذكّر عهــد أيــام مضــت
أجـــرت دمــوع شــؤونه أنهــارا
يبكـى وينـدب ربـع عمـر قـد عفـا
لــم يقــض فــي سـاحاته أوطـارا
متثبثـــاً بعســـى وعـــلّ لعلّــه
أن يـدرك الركـب الـذي قـد سـارا
لمـــا انقضــت أيــامه وتصــرمت
وأديـــلَ مــن إيــراده إصــدارا
ودعـابه داعـى الرحيـل ولـم يجـد
مـــن عمــره عونــاً ولا أنصــارا
لــم يلــف فيمـا يرتجيـه مـؤمّلا
يشــفى الســقام ويطـرد الأفكـارا
إلا امتـــداح الهاشـــمي وصــحبه
فبــذاك يجنــى للســعود ثمــارا
فارتــاح للأمــداح ينظــم درّهــا
فــي جيــد مجــد علائهـم أشـعارا
فلتســتمع يــا صـاح ذكـر منـاقب
قــد فـاق عـرفُ ذكائهـا الأزهـارا
فمحمـــد شــمس المفــاخر والعلا
والصــحب أضــحوا حــوله أقمـارا
نسـقوا كمـا نسـقت دراري الأفق في
فلــك المجــرة فـاعتلوا أبـدارا
مـن كـل نـدبٍ فـي المكـارم معـرقٍ
يكســو بغرتــه الــدجى أنــوارا
حلــو الشـمائل طـاب ذكـر ثنـائه
وحكـــى أقاحــاً نشــره وبهــارا
أضــواء مجــد شـامخات فـي العلا
كرمــوا فســادوا محتـداً ونجـارا
طبعــت علـى طبـع النـبي طبـاعهم
فتطــوروا فــي فضــلها أطــوارا
فالأوحـــد الصـــديق أول ماجـــد
أســدى النــوال وآثــر الإيثـارا
لمــا تخلّـل فـي العبـاءة مـؤثرا
للبـــذل فــاق بــبره الأبــرارا
هــو صـاحب المختـار فـي أزمـاته
ثــانيه يــوم ثـوى فحـل الغـارا
عــدد علا الفــاروق واذكـر فضـله
فبــه منــار هـدى الأنـام أنـارا
للحــق جـرّد صـارما يفـرى الطلـى
فاســـتفتح الأقطـــار والأمصــارا
وهــو المحــدّثُ بــالغيوب وقلبـه
قـــد أودع اللَــه بــه أســرارا
وامـدح شـهيد الـدار عثمـان الذي
لــزم الحيــاءَ مهابــة ووقــارا
ولطالمـــا لبـــس الظلام تهجــداً
والـــدمع يهمــى ســحُّهُ مــدرارا
كتــب العلاء ســطور فخــر خلالــه
فــاقرأ بهــا متنزهــا أخبــارا
واذكــر إمامــا خلّصــت أوصــافه
نقــدا فــراق نضــارها النظـارا
أعنـى أبـا الحسـن ابـن عـم محمد
صــهر النــبي الفــارس الكـرارا
أسد الحروب إذا الفوارس في الوغى
هـزوا القواضـب والقنـا الخطـارا
وكــذا حذيفــة ثـم سـعد والزبـي
ر لــدين أحمــد أصـبحوا أنصـارا
وأبـا عبيـدة وابـن عـوفٍ فامتـدح
وسـعيد قـد حـازوا الكمـال فخارا
كــن لائذاً بــذرا الصـحابة كلهـم
فلهــم بنــانُ المعلــوات أشـارا
ولتفـن عمـرك فـي امتـداح علائهـم
تجنــى المحامـد فـي غـد مختـارا
وإلـــى مغــان شــرفت بوجــودهم
فـــاقطع بحـــث اليعملات قفــارا
فهــم البــدور إذا عــدمت أهلـةً
وهــم الشــموس إذا فقـدت نهـارا
أصــحابُ أحمــد كــالنجوم لمهتـد
يهــدى بنــور هــداهمُ مـن حـارا
فبأحمــــد وبــــآله وبصــــحبه
طلعـت شـموس سـنا الكمـال جهـارا
للَــــه أعلام لهــــم ومعاهــــد
بـانت وأذكـت فـي الجوانـح نـارا
بـاللَه يـا ريـح الصـبا سحراً إذا
مـا زرتِ مـن مغنـى الحـبيب ديارا
فلتبلغـــى عنـــى تحيــة مغــرم
بجــوى البعـاد فـواده قـد طـارا
يـــا ربّ بالمختـــار يســر زورة
تمحـــو بهـــا الآثــام والأوزارا
واعطـف علـى العبـد الذليل بنظرة
فــإلى عبيــدك لــم تـزل نظّـارا
ابن الصباغ الجذامي
المغرب والأندلسمحمد بن أحمد بن الصباغ الجذامي، أبي عبد الله. شاعر صوفي أندلسي، عاش في الحقبة الأخيرة من دولة الموحدين في المغرب، على زمن الخليفة المرتضى، ولا تذكر المصادر الكثير عنه. ولم يُحفظ له سوى نسخة خطية واحدة من ديوانه تدور كلها حول المدائح النبوية والزهد.وقد اطلع المقري على ديوانه ووصفه في كتابه "أزهار الرياض" أثناء حديثه عن موشحات الأندلس، وانتخب منه عشر موشحات وقصيدتين ومخمَّسا خمّس فيه قصيدة لشاعر مجهول لم يسمه المقري ولم أعثر على أصل للقصيدة وختم ما انتخبه ببيتين من مدائحه النبوية وأول كلام المقري قوله:.و من ذلك جملة موشحات أنتقيتها من كلام الشيخ الإمام الصالح الزكي الصوفي أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن الصباغ الجذامي وقد ألف ذلك بعض الأئمة في تأليف رفعه للسلطان المرتضى صاحب مراكش وأطال فيه من موشحات هذا الشيخ وسائر نظمه ولم أذكر من موشحاته إلاّ الغرر على أنها كلها غرر فمن ذلك ...إلخ.وجدير بالذكر أن ابن القطاع ذكره في كتابه "الدرة الخطيرة في شعراء الجزيرة" يعني جزيرة صقيلية وهو كتاب ضائع وصلنا كلام ابن القطاع فيه عن طريق كتاب "المحمدون من الشعراء" للقفطي، ولم ينقل منه سوى القصيدة اللامية التي أولها:حنت إلى الصد تبغي طاعة الملل لمـا درت أن قلـب الصب في شغلوهي في مدح إسماعيل بن علي الخزاعي ولم أقف على ذكر للخزاعي هذا فلعله أحد ولاة صقلية وليس في ما وصلنا من الدرة الخطيرة ذكر لخزاعي سواه وهو بلا شك غير إسماعيل بن علي الخزاعي ابن أخي دعبل
قصائد أخرىلابن الصباغ الجذامي
أذكت بأحناء الضلوع أوارا
هبّ النسيم بطيب ذكر الهادي
أرى ساقى الأنواء قد أسكر القضبا
تركت امتداح العالمين ولذت من
تنعّم بذكر الهاشمي محمد
سأنظم من فخر النبي محمد
إذا ذكرت أمداح مجد محمد
رسالةٌ مشتاق أضرّ به الوجدُ
حثّ الركاب إلى الشفيع فقد ذوى
هل في الرياح إلى الحبيب رسول
إليكم رحلنا لا لريع ومعهد
يا نائح الأفنان طارح مكمَدا
ذليلٌ دمع مقلته دليلُ
ما في الفؤاد وإن هجرت سواكا
أراك حول خيام الحي مختبَلا
محبّ براه الشوق بالمغرب الأقصى
أعفر في الثرى خدا ذليلا
ألا هل لصبّ يرتجى أمدَ اللقا
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025