
الأبيات35
لقـد سـافرت فـي الأرض هذي الجوائب
وجــابت بلادا لـم تجبهـا الركـائب
وحيـت جميـع النـاس بالبشر واحتفت
بهـــم فتلقاهـــا حســود وعــائب
وشـانوا لبعـد الغـور منها نظامها
وليــس لبعــد مـا تشـان الكـواكب
وقــد كشـفت عـن كـل معنـى نقـابه
فلـم تلـف مـن عن معدن الحسن ناقب
ولــو ابصـر الـرآى مبـادئ قصـدها
لبــانت لـه فيمـا يـروى العـواقب
يريـدون منهـا الهـزل والجدد أبها
واصــعب شــيء ان تحــول النقـائب
ولــم يرضـهم منهـا رزانـة طبعهـا
علــى خفــة فــي جرمهــا ومنـاقب
فمــا منهـم الا لهـم اليـوم ناصـب
عــــداوة ذي حقـــد ولاح مشـــاغب
عجبـــت لنـــور اطفــأته مشــارق
علــى أنــه قـد ازهرتـه المغـارب
ايعــرض عنهـا العـرب وهـي تـؤمهم
وفيهــا فريـق العجـم اجمـع راغـب
وقـد كنـت ارجو ان في الشرق نورها
لمــن شــاقه علـم العـوالم ثـاقب
وان يعجــب النقــاد منهـا رغـائب
نفــائس فــي كــل الفنـون غـرائب
وانـي مـتى افـرغ لها الجهد تمتلئ
لـــدى عيـــاب حقبـــة وحقـــائب
فــآلت منــاي اليــوم آلا لطــامع
وعــز علــى الظمـآن منهـا مشـارب
وصـارت حروفـي فـوق سـؤلي براقعـا
ومـن بعضـها فـي جلـب لـومي عقارب
فمـا كـان لـي فـي السعي الا متارب
وكــم راتـب تسـعى اليـه المراتـب
ورب امــرء انضــى الركـاب لمطلـب
فــآل الـى شـر الحفـا وهـو خـائب
كــذا هـي ايـامي كمـا قـال قـائل
عجــائب حــتى ليــس فيهـا عجـائب
لقـد شـئت امـرا فيـه بـرزت شائيا
فعيــب لـدى شـائي المعيـب يـؤارب
وليــس عجيبــا ان تعــاب مشــيئة
ولكــن عجيــب ان تشــاء المعـايب
رضــيت بــاني اســهر الليـل كلـه
ومــالي انيــس فيــه الا الغيـاهب
علـى ان يقول الناس اذ تسفر الضحى
لنعـم بشـير الخيـر فينـا الجوائب
الا ان بعـض القـول يشـفى من الجوى
ومــن بعضــه تــذكو حـروب حـوارب
وليــس بلاحــي الــذي هــو حاضــر
ولكـــن لاحــى الــذي هــو غــائب
ولــو اننــي خــاطبته دون ســاعة
لاســكته دهــرا ولــي منــه تـائب
اذا كـان رب الـبيت ادرى بمـا بـه
فــاني ادرى بالــذي انــا كــاتب
ومن فاته التعريب لم يدر ما العنا
ولـم يصـل نـار الحـرب الا المحارب
ارى الـف معنـى مـا لـه مـن مجانس
لـدينا والفـا مـا لـه مـا يناسـب
والفــا مــن الالفــاظ دون مـرادف
وفصـلا مكـان الوصـل والوصـل واجـب
واســلوب ايجـاز اذ الحـال تقتضـي
اســاليب اطنــاب لتـوعي المطـالب
وعكـس الـذي قـد مـر أكـثر فـاتئد
الا ايهـــاذا اللائمــي والمعــاتب
فيــا ليــت قـومي يعلمـون بـانني
علــى نكــد التعريــب جـدى ذاهـب
وانـــي مــع جهــد البلاء مثــابر
علـــى خدمــة يرضــونها ومــواظب
اذا لاراحــوني مــن العــذل ســبة
فــاوقن ان الفــوز ســعيي يصـاحب
والا فمــالي فــي الجــوائب بغيـة
ومــا انــا ممـن تطيبـه المتـاعب
أحمد فارس الشدياق
العصر الحديثأحمد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق. عالم باللغة والأدب، ولد فى قرية عشقوت (بلبنان) وأبواه مسيحيان مارونيان سمياه فارساً، ورحل إلى مصر فتلقى الأدب من علمائها، ورحل إلى مالطا فأدار فيها أعمال المطبعة الأميركانية، وتنقل في أوروبا ثم سافر إلى تونس فاعتنق فيها الدين الإسلامي وتسمى (أحمد فارس) فدعي إلى الآستانة فأقام بضع سنوات، ثم أصدر بها جريدة (الجوائب) سنة 1277 هـ فعاشت 23 سنة، وتوفي بالأستانة، ونقل جثمانه إلى لبنان. من آثاره: (كنز الرغائب فى منتخبات الجوائب- ط) سبع مجلدات، اختارها ابنه سليم من مقالاته في الجوائب، و(سرّ الليال فى القلب والإبدال) فى اللغه، و(الواسطة فى أحوال مالطة- ط)، و(كشف المخبا عن فنون أوروبا- ط)، و(الجاسوس على القاموس)، و(ديوان شعره) يشتمل على اثنين وعشرين ألف بيت، وفى شعره رقة وحسن انسجام، وله عدة كتب لم تزل مخطوطة.
قصائد أخرىلأحمد فارس الشدياق
يا صاحبي لدى فروق أقيما
بحرى المقدر حيث قدر شائيا
بادر إلى داعي الفلاح بكورا
بعالي الشان مدحت الصداره
أمنت عداوة الدهر العسوف
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025