
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ألا عللانـــــي بالتمـــــدن تعليلا
فصــبري مـن دون المـؤانس قـد عيلا
ولا تــذكرا لـي عافيـا مـن ربـوعهم
فجســمي اعفـى منـه رسـما ومـدلولا
ومــا شــائق نفسـي الخـراب وانمـا
يشــوقها ان تنظــر القفـر مـأهولا
وان فســـيح الــبر يمــرع ناضــرا
وان صــفيح البحــر يحمــل اسـطولا
وان تجــرى الارتــال كـالبرق سـرعة
وكالرعــد جلجـالا وكـالغيث تنـويلا
تقــل صــدورا يملأ الكــون خيرهــا
فتســبقها فـي نـائل الـبر تخـويلا
وحســـن وجـــوه كالبــدور وانهــا
لأجمــل منهــا اذ اقلــت اكــاليلا
فــان وقفــت فـي موقـف خلـت اهلـه
ملوكـا لهـم تجـبى النفـائس تفضيلا
وان تشــغل النــاس العواجــل مـرة
وتحفــل اخـرى فـي الحوافـل تعجيلا
علــى ســرر مرفوعــة قـد تقـابلوا
بهــا فوقــوا حـرا وبـردا وزليلـى
وان تجــرى الانهـار فـي الارض عذبـة
ومــن حولهـا الاشـجار باسـقة طـولا
وان ديــــار الســـاكنين رحيبـــة
تـزار فتـولى كـل مـن زارها السولا
وان رياضــــا حولهـــا وحـــدائقا
يفــوح لهــا عــرف فينعـش متبـولا
وان ترتــــع الارآم ارام انســــها
علــى بسـط الزهـر المنـوع تشـكيلا
هنالـــك انغــام المعــازف حــولت
عـن القلـب ما يلقى من الهم تحويلا
هنالـــك دارت بـــالكؤوس ســقاتها
كـؤوس مـن المـزر الـذي لـذ تحليلا
لقـــد تـــوجت هاماتهــا بحبــابه
ومـا ان عهـدنا لابنـة الكرم تكليلا
فمــن يتأمــل ســاعة فــي جمالهـا
يعـد وهـو فيهـا اكثر الناس تأميلا
فيـا ويـح مـن لـم يألف الشمس طرفه
اذا ما اجتلى انوارها النظرة الأولى
ومـن لـم يجـد للعشـر زيـدت لحكمـة
علـى الشـعر تعليلا صـحيحا وتـأويلا
لقـد غضـب السـاقي على الشرب اذراي
بهـا طرفهـم عـن حسـنه كـان مشغولا
وليــس لهــم هـم علـى فـرط علمهـم
بمـن بـاء منصـوبا ومـن بات معزولا
واجــدر بمـن قـد حازهـا أن تشـوقه
وقــد لاح منهــا انجمــا وتهـاويلا
فتلــك الــتي فيهــا اغـالي لانهـا
حلال فلا تـــأثيم فيهـــا ولا غــولا
فمــن لا منــى فليســعفني بــذكرها
ومـا ضـرني كـوني علـى الحق معذولا
لعمـرك ليـس العمـر مـا طـال نحبـه
ولكنــه مــا طــاب بـالانس تـأجيلا
فحســبي منــه مــا خلا عــن ســآمة
وســائره كالحمــل يثقــل محمــولا
وان تفعــم الافــراح افئدة الــورى
وكــل لفعــل الخيــر أهـل تـأهيلا
ويعلـــم أن اللـــه ينصــر عبــده
اذا مــا تحــرى للهدايــة تعـويلا
وان تهـدى الأنـوار فـي حالـك الدجى
خطـى مـن سـعى فيـه ليـدرك مـأمولا
لعمــرك ان اللــه نــور ومـن يـزد
مـن النـور يـزدد منه زلفى وتوسيلا
ومــــن يتمحــــل للخلاف مكـــابرا
فســجل عليــه انــه كــان ضــليلا
فهــذا الــذي اصــبو اليـه اصـيبه
بمصــر علـى ابهـى الاسـاليب تكميلا
فهمــة اســماعيل قــد اوجـدت بهـا
محاســن هـذا العصـر اصـلا وتاصـيلا
فمـن كـان فـي عيـش التمـدن راغبـا
فــان عليــه ان يـرى مصـر والنيلا
والا فلا يعتــب علــى الـدهر سـاخطا
ولا يلقيــن مــن فيـه قـالا ولا قيلا
ومـن يقـض فـي مـدح العزيـز زمـانه
فـذاك الـذي لـم يـأت قـط الاباطيلا
ولـو جـاز بعـد الـذكر تنزيـل آيـة
لكـانت قـوافي مـدحنا فيـه تنـزيلا
هـو العـادل الـبر الـذي عـم فضـله
فلــم يبـق الا مـن بـه ظـل مشـمولا
لـــه ناصـــر مــن ربــه ومــؤازر
فمهمـا نـوى مـن نيـة كـان مفعـولا
ولــو لـم يكـن عـون الالـه مصـاحبا
لـه لـم يـرم مـا عـز روما وتحصيلا
فــدان لـه اقصـى المطـالب والمنـى
فقـــرب ممطـــولا وابعــد مملــولا
وســن مــن الافعـال مـا صـار قـدوة
وســنى مـن الآمـال مـا كـان تخييلا
واطلــق بــالجود الــذي هـو دأبـه
وشــيمته مـن كـان بالعسـر مغلـولا
وألــف مــا بيــن الزمــان وأهلـه
فســواهما عــدلى محاســن تعــديلا
وألبــس مصــرا ثــوب عــز وغبطــة
يــدوم علـى مـر الجديـدين مسـدولا
مـتى مـا يشـد فـي الأرض مـأثرة فله
أشــاد لهـا أهـل السـماوات تهليلا
حــــديث علاه لا يــــزال مكــــررا
صـحيحا علـى أقـوى الاسـانيد منقولا
أرى العـدل عنـد النـاس مثـل حروفه
غــدا مهملا لا يشــغلون بــه جــولا
ولكنـــه عنـــد العزيـــز شــريعة
منزلــة لــن تقبـل الـدهر تبـديلا
لقـد جمـل الـدنيا بـه خـالق الورى
وكمـــل أحكـــام السياســة تكميلا
فلســت تــرى فـي مصـر غيـر محاسـن
كمــا سـبقت عنـه الكنايـة تفصـيلا
وللـــدين منـــه حرمـــة ورعايــة
فكـم فـي سـبيل اللـه أجـزل تسبيلا
وأهــل الزوايــا والمسـاجد عـززوا
بمــا أحـرزوه مـن فواضـله الطـولى
وكــل امــرء نــاداه معتصــما بـه
فــان لـه فـي ثـوب جـدواه تـزميلا
ســيذكر قــوم بعــد قــوم صــنيعه
وينـــبئ جيــل عــن صــنائعه جيلا
أدام الـــه العـــرش عــز جنــابه
وزاد علاه فـــي البريـــة تــأثيلا
ومتعـــه بالنجــل والاهــل دائمــا
وصـــانهم طـــرا بطـــه وجــبريلا
وهنــأهم بالعيــد فــي كــل حجــة
هنــاء بــادراك المــآرب موصــولا
يحـــق علينـــا ان نعظــم قــدرهم
ونهـــديهم حمــدا وشــكرا وتبجيلا
أحمد فارس بن يوسف بن منصور الشدياق. عالم باللغة والأدب، ولد فى قرية عشقوت (بلبنان) وأبواه مسيحيان مارونيان سمياه فارساً، ورحل إلى مصر فتلقى الأدب من علمائها، ورحل إلى مالطا فأدار فيها أعمال المطبعة الأميركانية، وتنقل في أوروبا ثم سافر إلى تونس فاعتنق فيها الدين الإسلامي وتسمى (أحمد فارس) فدعي إلى الآستانة فأقام بضع سنوات، ثم أصدر بها جريدة (الجوائب) سنة 1277 هـ فعاشت 23 سنة، وتوفي بالأستانة، ونقل جثمانه إلى لبنان. من آثاره: (كنز الرغائب فى منتخبات الجوائب- ط) سبع مجلدات، اختارها ابنه سليم من مقالاته في الجوائب، و(سرّ الليال فى القلب والإبدال) فى اللغه، و(الواسطة فى أحوال مالطة- ط)، و(كشف المخبا عن فنون أوروبا- ط)، و(الجاسوس على القاموس)، و(ديوان شعره) يشتمل على اثنين وعشرين ألف بيت، وفى شعره رقة وحسن انسجام، وله عدة كتب لم تزل مخطوطة.