
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هـو الـبين ظَنـا لا لَعَـلَّ وَلا عَسـَى
فمـا بـالُ نَفسي لم تفِض عندَه أسى
وَمـا لفـؤادي لـم يَـذُب مِنهُ حسرةً
فتبّـاً لهـذا القلب سُرعانَ ما نَسى
ومــا لجفــوني لا تفيــضُ مـورداً
مـنَ الـدمعِ يَهمِـي تـارةً ومورّسـا
ومــا للســاني مُفصــِحاً بخطـابه
ومـا كـان لـو أوفى بَعَهدٍ لِيَنبسا
أمِن بعدِ ما أودَعت رُوحِيَ في الثَّرى
ورمّـدتُ منِّـي فلـذة القلـب مَرمَسَا
وبعد فراقِ ابني أبي القاسم الذي
كسـانيَ ثَـوبَ الثَّكـلِ لا كانَ مَلبِسَا
أؤَمِّـلُ فـي الـدُنيا حيـاةً وأرتَضِي
مقيلاً لـــدى أبيَاتِهــا ومعرّســا
فــآهٍ وللمفجـوع فيهـا اسـتراحة
ولا بُـــدَّ للمصــدُورِ أن يتَنَفَّســَا
علــى عُمـرٍ أفنَيـتُ فيـه بضـاعتي
فأســلمني للقـبر حَيـرانَ مُفلسـا
ظَلَلــتُ بــه فــي غفلـةٍ وجهالـةٍ
إلـى أن رَمَـى سَهمَ الفِراقِ فَقَرطسَا
إلـى اللـه أشـكو بَرحَ حُزني فإنَّه
تلبّـس منـه القلـبُ مـا قد تَلَبَّسَا
وصــدمة خَطــبٍ نــازلتني عَشــِيَّةً
فمـا أغنَـت الشـكوى ولا نفعَ الأسا
فقـد صـدَّعت شـملي وأصـمت مَقاتلي
وقـد هَـدَّمت رُكنِي الوثيقَ المُؤَسَّسا
ثبــتُّ لهــا صـَبراً لشـدَّة وقعهـا
فمـا زلزلت صَبري الجميلَ وقد رسا
ولكــن لهــا نـارٌ يشـبُّ وقودهـا
أبيـتُ لهـا ليـل السـليم موسوسا
وأطمـع أن نَلقَـى برحمَتِـهِ الرِّضـا
وأجــزعُ أن نشـقى بِـذَنبٍ فننكسـا
أبا القاسم اسمع شَكوَ والدك الذي
حسـا مِـن كؤوسِ البينِ أفظَعَ ماحَسا
وقفـتُ فـؤادي مـذ رحلتَ على الأسى
فأشــهدُ لا ينفــكَ وقفــاً محبَّسـا
وقطّعـتُ أمـالي مـن النَّـاس كلِّهِـم
فلسـتُ أبـالي أحسنَ المرءُ أم أسا
تـواريتَ يـا شَمسـِي وبدرِي وناظِرِي
فصـارَ وجـودي مُـذ تـواريتَ حِندسا
وخلَّفـت لـي عبئاً من الثَّكلِ فادِحاً
فمـا أتعـب الثَّكلانِ نَفسـاً واتعسا
فيـا غُصناً نضراً ذوى عندما استوى
فأوحشـني أضـعافَ مـا كـان أنَّسـا
يـا نعمـةً لمّـا تبلّغتهـا انقضـت
فــأنعَمُ أحـوالي بماعـاد أبأسـا
فــودعته والــدمعُ يَهمـي سـحابه
كمـا أسلم السلك الفريد المجنَّسا
وقبَّلــتُ فـي ذاكَ الجـبين مودَّعـاً
لأكــرم مــن نفسـي علـيَّ وأنفَسـَا
فلـو أنَّ هـذا المـوتَ يَقبَـل فِديَةً
حبونــاه أمـوالاً كِرَامـاً وأنفُسـَا
ولكنَّــهُ حُكــمٌ مــن اللـهِ واجـبٌ
يسـلم فيـه من بخير الورى ائتسى
تَغَمَّـدَك الرَّحمـنُ بـالعفوِ والرِّضـا
وكــرَّم مثــواك الحميــدَ وقدّسـا
وألـفَ مِنَّـا الشـَمل في جَنَّةِ العُلاَ
فنشــرب تســنيماً ونلبـس سُندُسـا
علي بن محمد بن سليمان بن علي بن سليمان بن حسن الأنصاري الغرناطي، أبو الحسن، ابن الجياب.شاعر وأديب أندلسي غرناطي أنصاري، من شيوخ لسان الدين بن الخطيب، ولد في غرناطة، وبها نشأ وترعرع، وأخذ العلم عن مجموعة من علمائها الأفاضل، توفي بالطاعون في غرناطة، تاركاً الكثير من الشعر والنثر، جمع أغلبه تلميذه لسان الدين بن الخطيب.