
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
حبتنـا يـد الاحسـان قدما كرامةً بها
بوأتنــــا مـــن الســـت مقامـــة
ولمــا أرتنـا الحسـن يزهـو فخامـة
شــربنا علــى ذكـر الحـبيب مدامـة
سـكرنا بهـا مـن قبل ان يخلق الكرم
مـن النـور كـرم الفضـل كان عصيرها
فخـــطّ بهــا الافلاك طــراً اثيرهــا
تريــك اذا جلــى الشــئون منيرهـا
لهـا البـدر كـأس وهـي شـمس بديرها
هلال وكــم يبــدو اذا مزجــت نجــم
يبـث النـدى طيـب الشـذا من دنانها
لتحظــى النـدامى فـي بهـيّ حنانهـا
فلـولا النـدى مـا ذقـت عـذب لبانها
ولــولا شـذاها مـا اهتـديت لحانهـا
ولــولا ســناها مـا تصـورها الـوهم
تُحيــي صــدور القــوم ذات بشاشــةٍ
وتعلــو فلــم يحظـوا بغيـر هشاشـة
فمـا نـال منهـا العصـر غيـرَ رشاشة
ولـم يبـق منهـا الـدهر غيـرُ حشاشة
كـأن خفاهـا فـي صـدور النهـى كتـم
بــذكر ســناها يحصــل الفضـل كلـه
ومــن نفحهــا ســكر المحـب وبـذله
مـــؤثرةٌ فـــي كــل معنــى تطلــه
فــان ذكـرت فـي الحـي اصـبح اهلـه
نشــاوى ولا عــار عليهــم ولا اثــم
تــوارت عــن الاكـواب لمـا تـواردت
علــى حوضــها ملأى بمـا ثـم شـاهدت
فعــن ربقــة الاكـواب عـزاً تباعـدت
ومــن بيـن احشـاء الـدنان تصـاعدت
ولـم يبـق منهـا في الحقيقة الا اسم
ســــوانح ذكراهــــا ذوات تلألـــؤ
تنفــس عــن ذي الكــرب آلام مــرزى
فـإن سـنحت فـي البـال سـحت بمبهـئٍ
وان خطــرت يومـا علـى خـاطر امـرءٍ
اقــامت بـه الافـراح وارتحـل الهـم
إنـــاء ســـناها مشــرق بضــياءها
يبــث الســنا مــن ختمـه لفضـاءها
فلــو لاح اولـى الـدهش ظـل بهاءهـا
ولــو نظــر النـدمان ختـم اناءهـا
لا ســكرهم مــن دونهـا ذلـك الختـم
سناســـرها الســـاري بكــل هويــةٍ
ينــاط لــه الا حيــا بكــل مزيــة
فلا مـــوت ان لاحـــت لكـــل منيــة
ولــو نضـحوا منهـا ثـرى قـبر ميـت
لعـادت اليـه الـروح وانتعـش الجسم
اذا شـارف الراقـي سـما طلعة اسمها
وفــاز باكنــاف الرقيــم برقمهــا
وقــاوم ثــم الميــت حــي برسـمها
ولـو طرحـوا فـي فيـء حـائط كرمهـا
عليلا وقــد اشــفى لفــارقه السـقم
شــذا حانهـا الفيـاح يعبـق منعشـاً
فيحيـي فـؤاد الميـت لـو منـة فشـا
فلــو شـمه المضـنى لعـوفي وانتشـا
ولـو قربـوا مـن حانهـا مقعـداً مشى
وينطــق مـن ذكـرى مـذاقتها البكـم
نفاثاتهـا اللاتـي فشـت مـن صـبيبها
علـى البعـد يُحيى الميت نشر دبيبها
فــأنى ســرت ســرّت بطيــب رطيبهـا
ولـو عبقـت فـي الشـرق انفاس طيبها
وفـي الغـرب مزكـوم لعـاد لـه الشم
ســـمادنها تجلـــو شــموس نفــائسٍ
فتطلــع فــي الكاسـات خيـر أوانـس
فلــو اســفرت كـاس محـت كـلَّ دامـس
ولــو خُضــبت مــن كاسـها كـفُ لامـس
لمـا ضـلّ فـي ليـل وفـي يـده النجم
بهــا نسـبة الامـداد تفخـر والنـدى
ومنهـا شـفا العاهـات يهمـي مؤيـدا
فلــو جليـت جهـراً علـى مقعـدٍ عـدا
ولــو جليــت سـراً علـى اكمـهٍ غـدا
بصــيراً ومـن راووقهـا تسـمع الصـم
اذا مــن نـداها حـار ركـب بومضـها
وامَّ ســـماها راجيــا مــد فيضــها
سـقاه دليـلُ الركـب مـن فيـض حوضها
ولــو ان ركبـاً يممـوا تـرب ارضـها
وفـي الركـب ملسـوع لمـا ضـره السم
حـروف اسـمها تهمـي النوال المكملا
ففــي كـل حـرف تُـبرز العلـم مجملا
فلـــو ان حرفــاً لاح للعــيّ فصــلا
ولـو رسـم الراقـي حـروف اسمها على
جــبين مصــابُ جــن ابــرأه الرسـم
ولــو خـط فـي نـادي الاجلـة ختمهـا
لطــائف مــن يلهـون وازدان رسـمها
لســربلهم فــي منـة الجـذب رقمهـا
وفـوق لـواء الجيـش لـو رقـم اسمها
لأسـكر مـن تحـت اللـوا ذلـك الرقـم
تبـث مزايـا الفضـل في عرفها الندي
فتبعــث فــي الالبـاب عزمـة مهتـدي
هـي الـروح يُحيـى وردهـا كـل مقتدي
تهـــذب اخلاق النـــدامى فيهتـــدي
بهــا لطريـق العـزم مـن لالـه عـزم
فيعــدل مــن عــمّ العشــيرة حيفـه
ويصـدق مـن فـي النـاس يُعهـد خلفـه
ويخضــع مـن لـم يعـرف الـذل انفـه
ويكــرم مـن لـم يعـرف الجـود كفـه
ويحلـم عنـد الغيـظ مـن لا لـه حلـم
ينيــل المزايـا الشـم شـم ختامهـا
وتعلـــو بمـــن يشــتمه لخيامهــا
فلــو نــاله بــاغٍ ســعى لوآمهــا
ولـو نـال فـدم القـوم لثـم فدامها
لا كســبه معنــى شــمائلها اللثــم
رأت جيرتـي انفـاس وجدي بعرفها فها
لهـــم فـــرطُ اشـــتياقي لرشــفها
ومـذ اكـبروني حـاولو اشـرح لطفهـا
يقولــون لــي صـفها فـانت بوصـفها
خــبير اجــل عنـدي بأوصـافها علـم
هي الراح يلقي نفحها الحر ذا الجوى
صـــريعاً ولا حـــر هنــاك ولا ســوى
وان قصـارى القـول فيهـا لمـن حـوى
صـــفاء ولا مـــاء ولطــف ولا هــوا
ونــــور ولا نـــار وروح ولا جســـم
مـن العلـم قبـل الكـون كان نثيثها
فقــامت وفيــض الـذات ثـم يغيثهـا
وظلــت لاوج الاصــل يعلــو حثيثهــا
تقـــدم كـــل الكائنــات حــديثها
قـــديما ولا شــكل هنــاك ولا رســم
فكـان ابتـداءُ الخلـق فـي خير نعمةٍ
واحســـن تقـــويم واكـــرم رحمــة
وظلــت حجـابَ الـذات مـن دون وصـمة
وقــامت بهــا الاشــياء ثـم لحكمـة
بهـا احتجبـت عـن كـل مـن لا له فهم
دعتنـي الـى مجلـى الجمـال فـأولجت
بغيــر حلــولٍ بــي معــان تبلجــت
فاســرى بهـا سـري الـى حيـث عرجـت
وهـامت بهـا روحـي بحيـث تمازجا ات
تحـــاداً ولا جُـــرم تخللـــه جــرم
فراحــــت وللارواح ثــــم تقلــــبٌ
وللطـــيّ ســرٌ ثــم للنشــر مــذهب
ظهوراتهــا شــتى وفـي الكـل مـأرب
فخمــــر ولا كــــرم وآدم لـــي اب
وكـــرم ولا خمـــر ولــي امهــا ام
تلطفــت الكاســات فــالنور ســاطعٌ
بهــا وعليهــا رونــق الحسـن لامـع
ورقّــت وعــن اسـرارها اللطـف ذائع
ولطــف الاوانـي فـي الحقيقـة تـابع
للطـف المعـاني والمعاني بها تنموا
فللــروح ســلك فـي الحقيقـة سـائدٌ
لـه الحكـم فـي عقـد المظـاهر عائد
بـــه دارت الاشــباح وهــي فــرائد
وقــد وقــع التفريـق والكـل واحـد
فارواحنــا خمــر واشــباحنا كــرم
معتقــةٌ فتــقُ العمــا بـدءُ عهـدها
فناشــئةُ التكــوينِ منســوجُ بردهـا
فلا مـــدّ الا اصـــله كنـــهُ مــدها
ولا قبلهــا قبــل ولا بعــد بعــدها
وقبليــة الابعــاد فهــي لهـا حتـم
فمــن قبـل ذرء الـوقت يسـطع سـرها
ومجلــى ســما الميثـاق جلاه بـدرها
ودهــرُ البرايـا قبلـه كـان دهرُهـا
وعصـر المـدى مـن قبلـه كـان عصرها
وعهــد ابينـا بعـدها ولهـا اليتـم
تجلــت وفتــحُ المنـح مظهـر صـرفها
فمـاجت قـدر الـذر مـن مـوج لطفهـا
فحلــت مجــالي الفــائزين بعطفهـا
محاســنُ تهــدي المــادحين لوصـفها
فيحسـن فيهـا منهـم النـثر والنظـم
يمثــل صــافي المـدح مشـهد امرهـا
فيجلـــو علـــى الالبـــاب تســنيم
فيشـرب مـن يـدرىي بهـا فيـض برهـا
ويطـرب مـن لـم يـدرها عنـد ذكرهـا
كمشــتاق نعــم كلمــا ذكــرت نعـم
ســقتني حميـا القـرب صـرفا تكرمـا
وفيـء السكر اولتني الحباء المعظما
زومـذ انكـرو واسـكري جعـوني تبرما
وقــالوا شــربت الاثــم كلا وانمــا
شـربت الـتي فـي تركهـا عنـدي الاثم
تســربل اهــل الـدير سـكرةُ جـذبها
بانوارهــا والجــذب معـراج قربهـا
وتزجــي بهـم سـكرى بمنهـاج شـربها
هنيئاً لاهـل الـدير كـم سـكروا بهـا
ومــا شــربوا منهـا ولكنهـم همـوا
غرامـي بهـا مـن قبـل سـربال طينتي
يسلســل فيهــا ســكرة بعــر سـكرة
فمــن ثـم عنـدي سـكرة بعـد فطرتـي
وعنــدي منهــا نشــوة قبـل نشـأتي
معــي ابـدا تبقـى وان بلـي العظـم
لطــائف اهــل الحـان تطلـب اوجهـا
فــترقى بــه فــوراً فتشــهد لجهـا
فيـا مـن بصـحو المحـو يمـم نهجهـا
عليــك بهـا صـرفاً وان شـئت مزجهـا
فعـد لـك عـن ظلـم الحبيب هو الظلم
نفاثــات روح الحســن فـي رُوع صـبه
تـذيع صـدى الانغـام فـي لـوح قلبـه
فــان رمــت تســتجلي محاســن صـبه
فـدونكها فـي الحـان واسـتجلها بـه
علــى نغـم الالحـان فهـي بهـا غنـم
أبـت ان تـرى الاتـراح فـي قلب اروعٍ
فصــبت بـه الافـراح مـن خيـر مطلـع
وحيتــه بالانغــام مــن كــل موقـع
فمــا ســكنت والهــم يومـا بموضـع
كــذلك لـم يسـكن مـن النغـم الغـم
اذا مــدك الســاقي بنــور شــفاعةٍ
واولاك محــض الفضــل روح اســتطاعة
تــدار بــك الافلاك فــي كــل طاعـة
وفــي سـكرة منهـا ولـو عمـر سـاعة
تـرى الـدهر عبـدا طائعاً ولك الحكم
فمـوت الفتى في السكر لو كان ماحياً
حيــاةٌ بهــا الانسـان يشـرق زاهيـاً
ومـن عـاش سـكرانا بهـا فـاز راقياً
فلا عيـش فـي الـدنيا لمن عاش صاحياً
ومـن لـم يمـت سكراً بها فاته الحزم
فمــا فـاز الا مـن بهـا طـاب سـكره
فاشــرق فــي اعلـى المنـازل بـدره
ومـا دونـه المفتـون والخسـر خسـره
علــى نفسـه فليبـك مـن ضـاع عمـره
وليــس لــه فيهــا نصــيب ولا سـهم
محمد شاكر بن محمد بن علي شاكر الفيومي، المصري، الحمصي.علامة، صوفي، شاعر، خطيب، ولد في حمص، ونشأ بها، قرأ على والده مبادئ القراءة والكتابة، وتعلم اللغة التركية في المدرسة الرسمية العثمانية، وأخذ على كثير من علماء عصره، فقرأ عليهم كثيراً من الكتب من نحو وصرف ومنطق وبلاغة وأصول وفقه، إلى جانب الحديث والتفسير والتوحيد، والفرائض والفلك وعلم النفس، والتشريح والطب.تولى وظيفة الإمامة والخطابة والتدريس في جامع مصطفى باشا الحسيني بحمص سنة 1321هـ، وأسندت إليه وظيفة محرر ديوان الرسائل لمقام محافظة حمص، وعين عضواً علمياً في دائرة أوقاف حمص، وأستاذاً في المدرسة الوقفية بحمص.توفي في حمص.من مؤلفاته: (الإفصاح المبين عن سر جزم (وأكن) في قوله تعالى (فأصدق وأكن من الصالحين)، و(القول الفصل في حكم الوصل)، و(الفتوحات الربانية في الوقائع الحشرية)، و(المنهج الأنفس في تحقيق الكلام المقدس)، و(رسالة في الفرائض)، و(الرياض القدسية في مدح خير البربة).