
الأبيات16
حلمــت أنـك قـد أصـبحت معـتزلا
مثلــي ولكــن بحـق كعـب أحبـار
هنــا تحــدث عـن ديـن عناكبنـا
كمـا يحـدث عنـه الجـدول الجاري
ومــارح الطيـر غريـدا ومسـتمعا
وواثـب العطـر مـن حـانوت عطـار
ورهبـة الريـف فـي نبـت وفي حجر
كمعبـــد مســتقر منــذ أدهــار
كأنمــا كــل ركــن فيـه صـومعة
رفـت أناجيلهـا مـا بيـن أشـجار
ملــء الأشــعة أو ظـل لهـا نضـر
وفـــي تبســم أنــداء وأزهــار
وفــي هـوى حشـرات مـن تبرّجهـا
كــل المعــاني لعشــّاق وســمار
هنــا توحــدت الأديــان صــادقة
ولـــم تــوزع لأنجــاس وأطهــار
هنـا المحبـة كنـز لا انتهـاء له
والفـن يختـال فـي لحـن وأشـعار
هنـا الـورى كلهـم إيمـانهم عمم
ولا تفرقهــــم أهـــواء فجـــار
هنـا الحيـاة حيـاة لا حـدود لها
وعزلــتي هــي تسـبيحي وإيثـاري
هنـا وددتـك فـي قربـى تشـاركني
هــذا الجمــال زميليـن بأسـفار
قـد اعتنقنـا الهـدى لكن تصوفنا
بــزّ التصــوف فــي آيـات ذكـرا
وفات أوهام من هاموا ومن زعموا
أن الطبيـــة خصـــّتهم بأســرار
فنحـن أبناؤُهـا الأبـرار أجمعنـا
لـدى حماهـا ومـا هـامت بمختـار
وكــل مـن جاءهـا أهـل لنعمتهـا
وكــل مــن زارهــا كعـب لأحبـار
أحمد زكي أبو شادي
العصر الحديثأحمد زكي بن محمد بن مصطفى أبي شادي.طبيب جراثيمي، أديب، نحال، له نظم كثير. ولد بالقاهرة وتعلم بها وبجامعة لندن. وعمل في وزارة الصحة بمصر متنقلاً بين معاملها البكترويولوجية الجراثيمية، إلى أن كان وكيلاً لكلية الطب بجامعة القاهرة. وكان هواه موزعاً بين أغراض مختلفة لا تلاؤم بينها، أراد أن يكون شاعراً، فأخرج فيضاً من دواوين مزخرفة مزوقة أنفق على طبعها ما خلفه له أبوه من ثروة وما جناه هو من كسب. ومن أسماء المطبوع منها: (الشفق الباكي)، و(أطياف الربيع)، و(أنين ورنين)، و(أنداء الفجر)، و(أغاني أبي شادي)، و(مصريات)، و(شعر الوجدان)، و(أشعة وظلال)، و(فوق العباب)، و(الينبوع)، و(الشعلة)، و(الكائن الثاني)، و(عودة الراعي)، وآخرها (من السماء) طبعه في أميركا.ونظم قصصاً تمثيلية، منها (الآلهة) و(أردشير) و(إحسان) و(عبده بك) و(الزباء) وكلها مطبوعة. وأنشأ لنشر منظوماته مجلتين سمى إحداهما (أدبي) والثانية (أبولو) (1932) بالقاهرة ثلاث سنوات. وأراد أن يكون نحالاً ومربياً للدجاج. فألف جماعة علمية سماها (جماعة النحالة) وأصدر لها مجلة (مملكة النحل) وصنف (مملكة العذارى، في النحل وتربيته - ط)، و(أوليات النحالة - ط) كما أنشأ مجلة (الدجاج) وصنف (مملكة الدجاج - ط) وأصدر مجلة (الصناعات الزراعية) وانصرف إلى ناحية أخرى، فترجم بعض الكتب عن الإنكليزية. وصنف كتاب (الطبيب والمعمل - ط) في مجلد ضخم، وهو اختصاصه الأول، و(قطرة من يراع في الأدب والاجتماع - ط) جزآن، وهو باكورة مصنفاته. و(شعراء العرب المعاصرون - ط) نشر بعد وفاته. وضاقت به مصر، فهاجر إلى نيويورك سنة 1946 وكتب في بعض صحفها العربية، وعمل في التجارة وفي الإذاعة من (صوت أميركا)، وألف في نيويورك جماعة أدبية سماها (رابطة منيرفا) وقام بتدريس العربية في معهد آسيا (بنيويورك). وتوفي فجأة في (واشنطن) وما من حاجة إلى القول بأنه لو اتجه بذكائه وعلمه ونشاطه العجيب اتجاهاً واحداً لنبغ.
قصائد أخرىلأحمد زكي أبو شادي
قَبَّلَ الأرض وناجاها هُياما
لم يُحصر الفن فن ذهن وانان
من دمعة الشعب ومن كدّه
ماذا أصابك أيها البستاني
حلمت ولم أعلم أحلمىَ يقظةٌ
وسائلةٍ هل تقرض الشعر فطرةً
إلى ابن حبيب من ثنائي أَجَّله
عمرٌ ينقضي برشد وغىَّ
يعزّ علي أن ألفىَ المعزى
رَف الربيعُ على الشتاءِ الماحل
الأربعونَ صَدىَ فؤادي الدامي
قالوا تصبر قد يتوب الغادرُ
مرحبا بالمِنافسِ الفاتكان
أخي حبيباً أيادٍ منك أحمدُها
يا أخي نعمة شكرتكَ نُعمَى
اضحكي يا شمسُ وابكى يا سماء
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025