
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
إنــي عشـقت صـغيراً
قــد دب فيـه الجمـال
وكـاد يفشـي حديث ال
فضــول منــه الـدلال
لو مر في طرق الهج
ر لاعــــتراه ضــــلال
وتـاه فيـه اغـتراراً
لـو لـم يغثه الوصال
يريـك بـدراً تمامـاً
فــي الحسـن وهـو هلال
محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز البغدادي أبو الفضل الدارمي التميمي (1). الشاعر الوزير من كبار شعراء عصره، قال ابن بسام في "الذخيرة": بلغني أنه خرج من بغداد إذ مات أبوه، وأساء عشرته أخوه، وسنه دون العشرين، فلحق بالأمير محمود =ابن سبكتكين=، وشهد حروبه بأرض الهنود، وله فيه غير ما قصيد، إلى أن توفي فولي أكبر ولده بعده، فبقي أبو الفضل على حاله عنده، إلى أن خرج بعض إخوته عليه، فنهض لحربه، فدبر وزراؤه في طريقه الفتك به، وشاوروا أبا الفضل في القضية، فأبى من تلك الدنية، وأودع أذن الأمير، ذلك التدبير، فخاف وزراؤه أن يفتضحوا، وعاجلوه قبل أن يصبحوا، وقيدوه قبل أن يقدم أخوه، فسبقهم أبو الفضل إليه، ونص ما فعلوه بأخيه عليه. فشكر له وفاءه لصاحبه، وقال: الوفاء حلية الأحرار، والغدر ثوب الأشرار، ووصل القوم بعد بأخيه، ففك عن أغلاله، وحبسه عند بعض عماله، وضرب أعناق الغدرة، وقرب أبا الفضل واستوزره، إلى أن خرج عنه في خبر طويل ولحق بشروان شاه، وصحبه إلى أن توفي أيضاً وولوا أخاه، فكاتب أبو الفضل الخليفة أبا جعفر القائم ببغداد في الوصول إليه، =أبو جعفر هو القائم بأمر الله العباسي بويع له عام 422هـ= فاتفق ورود كتابه إثر وفود رسول المعز بن باديس عليه، فطلب الخليفة رجلاً يسفر بينهما، فأرشد إلى أبي الفضل، فوجه عنه وورد، فجهزه وخرج مستتراً من بلد إلى بلد حتى وصل حلب، فاشتهر خبره وطلب، فمدح معز الدولة بقصيدته التي اولها: "عهود الصبا من بعد عهدك آمل" فأمر له بثياب سرية، وحمله على فرس عربية. =المقصود بمعز الدولة هنا ثمال بن صالح بن مرداس الكلابي=ثم انفصل عنه واجتاز بمعرة النعمان، وبها المعري أحمد بن سليمان، فوصل إليه، وأنشده قصيدته اللامية، فقبل المعري بين عينيه، وقال له: بأبي أنت من ناظم! ما أراك إلا الرسول إلى المغرب. فوصل مصر ووزيرها يومئذ صدقة ابن يوسف بن علي الملقب بالفلاحي، فقصد مجلس قاضي القضاة بها، وأثبت عقداً على رجل مشهور، كان يومئذ ببلاد المغرب بشهادات زور، ولما ثبت ذلك من الطومار، خرج من مصر في زي التجار، يؤم بلاد إفريقية، فوقع على خبره صاحب الإسكندرية، وطلبه فأعجزه. وبلغ طرابلس المغرب أول عمل المعز، فأفشي أمره، وفضح سره، فأمر المعز بإشخاصه. فلما وصل سعي به عنده وأراد قتله، فقال له: تأن في، واستقص علي، فإن صدقت وإلا قتلت. فمشى أبو الفضل بالقيروان مرقباً عليه، إلى أن ورد كتاب القائم بصدقه، فاعتذر إليه، ورفع منزلته وأكرمه، وبسط يده في مطاليبه وحكمه. =وبلغه خبر قافلة منقطعة= فحملهم أبو الفضل إلى منزله، وأحسن إليهم، وخلع عليهم. فعجب المعز من كرمه، وقلده تدبير حشمه.وكان ورود أبي الفضل بلد القيروان سنة تسع وثلاثين (439). حكى ذلك أبو علي بن رشيق وقال: إنه أول من أدخل كتاب اليتيمة للثعالبي عندهم، وشهد حصار القيروان معهم. فلما كان عام ستة وأربعين (446هـ) صرف المعز خطبته إلى صاحب مصر، ونبذ العباسية. فخرج أبو الفضل إلى سوسة، فتطاول عليه أهلها، فخرج عنهم بعد أن أوقع الفتنة بينهم، وتركهم فرقتين: قيسية ويمنية، وأوقع في نفوسهم أن الحرب قائمة بين هاتين القبيلتين إلى يوم القيامة. فاقتتل الفريقان إلى أن تغلب عليهم تميم بن المعز.وتردد أبو الفضل هنالك عدة سنين، وشهد الحروب مع بلقين. ثم انتبذ من تلك الناحية، وركب البحر فنزل بدانية، فبعث إليه أميرها ابن مجاهد بلحم وأرباع دقيق أول نزوله، فصرفها في وجه رسوله، وتعجل الارتحال عنه إلى بلنسية فلقي براً.واستجلبه المأمون ابن ذي النون فحسن بطليطلة مثواه وأجزل قراه، وتوسع له ولعبيده في البر، وأجرى له ستين مثقالاً في الشهر. وكان دخوله طليطلة يوم الجمعة لثلاث بقين لجمادى الأولى سنة أربع وخمسين (454)، وتوفي بها رحمه الله منتصف شوال سنة خمس وخمسين.ومن غريب وفاء المأمون له - زعموا - إنه استمرت جرايته على حاشيته، وتجافى عن ميراثه وجعله وصية له إذ لم يوص لفجأة وفاته.ورثاه الحكم أبو محمد بن خليفة بشعر يقول فيه:سقى الله قبراً حل فيه أبو الفضل=سحاباً يسح المزنَ وبلاً على وبل#وكيـف يسقي المزن قبراً يحلهوفي طيه بحر المكارم والفضلوبدر تمام من تميم نجاره=ملوك لهم قام الملوك على رجل#وقال الثعالبي في ترجمته (طلع على نيسابور منذ سنيات وهو في ريعان شبابه فملأ العيون جمالا والقلوب كمالاً وأفادنا كثيراً ثم امتطى أمله إلى الحضرة الكبرى بغزنة حرسها الله تعالى فعاشر السادة بها ووصل إلى السلطان الماضي أبي القاسم رضي الله عنه وخدمه في مجلس الانس ثم انقلب عنها وقد أسفرت سفرته عن صفقه الرابح وغنيمة الفائز وله شعر الأديب الظريف الذي شرب ماء دجلة وتغذى بنسيم ...إلخ)