
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
رأيـت في طَرفه اصفراراً
سَبى فؤادي فقلت: مهلا
أيـا مليـك الملاح حسناً
العفـو من سيفك المحلا
محمد بن عمر بن مكي ابن عبد الصمد بن عطية بن أحمد، القرشي الأموي العثماني، الدمشقي صدر الدين ابن الوكيل ويعرف أيضا بابن المرحل وابن الخطيب الإمام المفسر المحدث الأصولي النحوي صاحب الموشحات الرائقة والبلاليق الفائقة واحد شيوخ الأدب في عصره وأشهر من نبغ في دمشق من أحفاد عثمان بن عفان (ر) نادم الأفرم نائب دمشق، وبعثه سلطان مصر ابن قلاوون سفيرا إلى مهنا (أمير بني فضل الطائية)ويحكى في أخباره ما لا يكاد يصدق، قال الصفدي في quotأعيان العصرquot(علامة العلماء واللّج الذي لا ينتهي ولكل بحر ساحلُ)أفتى وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، وكان له عدّة محافيظ، وحفظ المُفصّل في مئة يوم، وحفظ ديوان المتنبي في جمعة، والمقامات في خمسين يوماً، وكان لا يمر بشاهد من كلام العرب إلا حفظ القصيدة التي ذلك البيت منها.وقد جمع موشحاته في كتاب سماه (طراز الدار) وأشار بذلك إلى ديوان ابن سناء الملك الموشحات فإنه كان يسميها دار الطراز ،قال: وكان ذكياً نظّاراً حافظاً، يسرد في كل فن أسفاراً، لا يقوم أحد لجداله، ولا يُرى في عصره أحد من رجاله، مكثراً من جميع الفنون، يستحضر الأسانيد والمتون. ولم يكن يقوم بمناظرة العلامة تقي الدين بن تيمية سواه، ولا يعترض كالشجى في حلقه فيما أورده ورواه، ولما بلغته وفاته قال: أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدر الدين. وتناظرا يوماً بالكلاّسة خلف العزيزية، فأخذ الشيخ تقي الدين يستشهد ببعض الحاضرين، فقال الشيخ صدر الدين:إن انتصارك بالأجفان من عجب وهل رأى الناس منصوراً بمنكسرولم يقم أحد بمناظرته، ولا قام الى منافرته.وكان الشيخ تقي الدين بن تيمية يقول عنه: (ابن الوكيل ما يرضى لنفسه أن يكون في شيء إلا غاية، ثم يُعدد أنواعاً من الخير والشر فيقول: كان في كذا غاية، وفي كذا غاية.).وكان فيه لعب ولهو، ومع ذلك فحكى لي عنه جماعة ممن صحبه ونادمه في خلواته أنهم إذا فرغوا من حالهم قام وتوضأ ولبس قماشاً نظيفاً وصلى وبكى ومرّغ وجهه على الأرض والتراب، وبكى حتى بلّ لحيته بدموعه، واستغفر وسأل الله التوبة والمغرفة، حتى قال بعضهم: لقد رأيته قد قام من سجوده ولصق بجدار الدار كأنه أسطوانة ملصقة. وكان إذا مرض غسل ديوانه.وكان قادراً على النظم من القريض والموشح والزجل والبلّيق والدوبيت والمواليّا والكان وكان، لا يفوته شيء ولا يعجزه، وهو في جميع هذه الأنواع مطبوع، له غوص على المعاني، ومع ذلك فكان ينتحل أشياء ويدّعيها.وكان رحمه الله تعالى محظوظاً، وبعين المحبة ملحوظاً، قلّ أن وقع بينه وبين أحد وما عاد له ولياً، وأصبح لمسامرته نجياً. وقع بينه وبين الأعسر، وكان إذا رآه ينسر، ووقع بينه وبين الأفرم، ثم أصبح عنده وهو الأعز الأكرم، وغضب السلطان الملك الناصر محمد عليه غضباً لا يقوم له غير سفك دمه، ثم أصبح عند رؤيته وهو لا يمشي إلا على قدمه. (ولما غضب قلاوون على البكري وأمر بقطع لسانه لم يجرؤ أحد على مراجعة قلاوون سواه وما زال يفاوضه حتى عفا عنه)وتوفي رحمه الله تعالى في بكرة نهار الأربعاء رابع عشري ذي الحجة سنة ست عشرة وسبع مئة، ودفن بالقرب من الشيخ محمد بن أبي جمرة بتربة القاضي فخر الدين ناظر الجيش بالقرافة. ومولده في شوال سنة خمس وستين وست مئة بدمياط، وقيل: بأشموم.ومما أورده الصفدي مما قيل في رثائهما مات صدرُ الدين لكنه لما غدا جوهرةً فاخرهلم تعرفِ الدنيا له قيمةً فعجّل السير الى الآخرهقال: (ودرّس بالمدارس الكبار، واشتهر صيته. ولما دخل الناس في الجفل أيام غازان وعلماء الشام كبارهم وصغارهم، فلم يقعد صدر الدين ثلاثة أيام حتى أعطي تدريس المشهد فيما أظن).وكانت له وجاهة وتقدّم عند الدولة، ونادم الأفرم وغيره، وركب البريد الى مصر في أيام الجاشنكير، واجتمع هو وابن عدلان وأفتوا بأن الملك الناصر محمد لا يصلح للملك، ورُمي بأنه نظم قصيدة هجا بها السلطان، ومن جملتها:ما للصبي وما للملك يطلبه إن المراد من الصبيان معلوموعمل أعداؤه الى أن أوصلوا القصيدة الى السلطان، فكانت في سولفه يخرجها كل يوم، ويقرؤها، وأراد الصاحب فخر الدين بن الخليلي القبض عليه تقرّباً الى الملك الناصر، فلما أحسّ بذلك هرب هو الى السلطان، وجاء إليه وهو على غزة، حكى قاضي القضاة جلال الدين القزويني، قال: بينما أنا جالس عند السلطان بغزة فإذا بالأمير سيف الدين بكتمر الحاجب قد دخل، وقال: يا خوند صدر الدين بن الوكيل فقال: يحضر فلما دخل به بكتمرالحاجب قال له: بُس الأرض، فقال: مثلي ما يبوس الأرض إلا لله تعالى. فقال: فجمعت ثيابي لئلا تلحقني طراطيش دمه، لما نعلمه من أنفاس السلطان فيه، فقال له: والك، أنت فقيه تركب على البريد، وتروح من دمشق الى مصر لتدخل بين الملوك وتغير الدول وتهجوني؟ فقال: حاشى لله يا خوند، وإنما أعدائي وحسّادي نظموا ما أرادوا على لساني، ولكن هذا الذي قلته أنا، وأخرج قصيدة تجيء مئة بيت، وأنشدها في وزن تلك ورويّها، فأعجب السلطان وعفا عنه.قال جلال الدين: ولما أصبحنا وسارت العساكر والجيوش والسلطان رايح والى جانبه صدر الدين بن الوكيل، فتعجبنا من ذلك، ولما عاد الى مصر، وطلبه من حلب، عظّمه السلطان، كان إذا رآه وعليه الخلعة يقول: الله، إن هذا صدر الدين إلا شكل مليح مُجمّل التشاريف التي يلبسها.واشتهر شعر الشيخ صدر الدين في حياته كثيراً، وتناقله الناس، وتداولوه، ومما اشتهر له من الموشحات قوله يعارض السرّاج المحّار، وهو:ما أخجل قدّه غُصون البانْ بين الورقإلا سلب المها مع الغزلان سود الحدق