
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَبـا الهَـولِ طـالَ عَلَيكَ العُصُر
وَبُلِّغـتَ فـي الأَرضِ أَقصـى العُمُر
فَيالِـدَةَ الـدَهرِ لا الـدَهرُ شـَبَّ
وَلا أَنــتَ جــاوَزتَ حَـدَّ الصـِغَر
إِلامَ رُكوبُـــكَ مَتــنَ الرِمــالِ
لِطَــيِّ الأَصــيلِ وَجَــوبِ السـَحَر
تُســافِرُ مُنتَقِلاً فــي القُــرونِ
فَأَيّــانَ تُلقــي غُبـارَ السـَفَر
أَبَينَــكَ عَهــدٌ وَبَيـنَ الجِبـالِ
تَـزولانِ فـي المَوعِـدِ المُنتَظَـر
أَبـا الهَولِ ماذا وَراءَ البَقاءِ
إِذا مــا تَطـاوَلَ غَيـرُ الضـَجَر
عَجِبــتُ لِلُقمــانَ فــي حِرصــِهِ
عَلــى لُبَــدٍ وَالنُســورِ الأُخَـر
وَشــَكوى لَبيـدٍ لِطـولِ الحَيـاةِ
وَلَـو لَـم تَطُـل لَتَشـَكّى القِصـَر
وَلَـو وُجِـدَت فيكَ يا بنَ الصَفاةِ
لَحَقـــتَ بِصـــانِعِكَ المُقتَــدِر
فَــإِنَّ الحَيــاةَ تَفُـلُّ الحَديـدَ
إِذا لَبِســَتهُ وَتُبلــى الحَجَــر
أَبا الهَولِ ما أَنتَ في المُعضِلاتِ
لَقَـد ضـَلَّتِ السـُبلَ فيـكَ الفِكَر
تَحَيَّــرَتِ البَــدوُ مـاذا تَكـونُ
وَضـَلَّت بِـوادي الظُنـونِ الحَضـَر
فَكُنــتَ لَهُـم صـورَةَ العُنفُـوانُ
وَكُنــتَ مِثـالَ الحِجـى وَالبَصـَر
وَســـِرُّكَ فـــي حُجبِــهِ كُلَّمــا
أَطَلَّــت عَلَيـهِ الظُنـونُ اِسـتَتَر
وَمـا راعَهُـم غَيـرُ رَأسِ الرِجالِ
عَلــى هَيكَـلٍ مِـن ذَواتِ الظُفُـر
وَلَـو صـُوِّروا مِن نَواحي الطِباعِ
تَوالَــوا عَلَيـكَ سـِباغَ الصـُوَر
فَيـا رُبَّ وَجـهٍ كَصـافي النَميـرِ
تَشـــابَهَ حـــامِلُهُ وَالنَمِـــر
أَبــا الهَـولِ وَيحَـكَ لا يُسـتَقَلُّ
مَــعَ الــدَهرِ شـَيءٌ وَلا يُحتَقَـر
تَهَــزَّأتَ دَهـراً بِـديكِ الصـَباحِ
فَنَقَّــرَ عَينَيــكَ فيمــا نَقَــر
أَســالَ البَيـاضَ وَسـَلَّ السـَوادَ
وَأَوغَــلَ مِنقــارُهُ فـي الحُفَـر
فَعُــدتَ كَأَنَّــكَ ذو المَحبِســَينِ
قَطيــعَ القِيـامِ سـَليبَ البَصـَر
كَــأَنَّ الرِمــالَ عَلـى جانِبَيـكَ
وَبَيــنَ يَــدَيكَ ذُنــوبُ البَشـَر
كَأَنَّــكَ فيهــا لِـواءُ الفَضـاءِ
عَلـى الأَرضِ أَو دَيـدَبانُ القَـدَر
كَأَنَّـــكَ صـــاحِبُ رَمــلٍ يَــرى
خَبايــا الغُيــوبِ خِلالَ السـَطَر
أَبـا الهَـولِ أَنتَ نَديمُ الزَمانِ
نَجِـــيُّ الأَوانِ ســَميرُ العُصــُر
بَســـَطتَ ذِراعَيـــكَ مِـــن آدَمٍ
وَوَلَّيــتَ وَجهَــكَ شــَطرَ الزُمَـر
تُطِـــلُّ عَلــى عــالَمٍ يَســتَهِلُّ
وَتــوفي عَلــى عــالَمٍ يُحتَضـَر
فَعَيـنٌ إِلـى مَـن بَـدا لِلوُجـودِ
وَأُخـــرى مُشــَيِّعَةٌ مِــن غَبَــر
فَحَــدِّث فَقَـد يُهتَـدى بِالحَـديثِ
وَخَبِّــر فَقَــد يُؤتَسـى بِـالخَبَر
أَلَــم تَبــلُ فِرعَـونَ فـي عِـزِّهِ
إِلـى الشـَمسِ مُعتَزِيـاً وَالقَمَـر
ظَليــلَ الحَضـارَةِ فـي الأَوَّليـنَ
رَفيــعَ البِنــاءِ جَليـلَ الأَثَـر
يُؤَســِّسُ فــي الأَرضِ لِلغــابِرينَ
وَيَغـــرِسُ لِلآخَريـــنَ الثَمَـــر
وَراعَـكَ مـا راعَ مِـن خَيلِ قَمبي
زَ تَرمــي ســَنابِكَها بِالشــَرَر
جَــوارِفُ بِالنـارِ تَغـزو البِلادَ
وَآوِنَـــةً بِالقَنــا المُشــتَجِر
وَأَبصــَرتَ إِسـكَندَراً فـي المَلا
قَشـيبَ العُلا فـي الشَبابِ النَضِر
تَبَلَّـــجَ فــي مِصــرَ إِكليلُــهُ
فَلَـم يَعدُ في المُلكِ عُمرَ الزَهَر
وَشــاهَدتَ قَيصــَرَ كَيـفَ اِسـتَبَدَّ
وَكَيـــفَ أَذَلَّ بِمِصـــرَ القَصــَر
وَكَيــــفَ تَجَبَّــــرَ أَعـــوانُهُ
وَســاقوا الخَلائِقَ سـَوقَ الحُمُـر
وَكَيـفَ اِبتُلـوا بِقَليـلِ العَديدِ
مِــنَ الفـاتِحينَ كَريـمِ النَفَـر
رَمـى تـاجَ قَيصـَرَ رَمـيَ الزُجاجِ
وَفَــلَّ الجُمــوعَ وَثَــلَّ السـُرَر
فَــدَع كُــلَّ طاغِيَــةٍ لِلزَمــانِ
فَــإِنَّ الزَمــانَ يُقيـمُ الصـَعَر
رَأَيــتَ الـدِياناتِ فـي نَظمِهـا
وَحيــنَ وَهــى سـِلكُها وَاِنتَثَـر
تُشـادُ البُيـوتُ لَهـا كَـالبُروجِ
إِذا أَخَـذَ الطَـرفُ فيهـا اِنحَسَر
تَلاقــى أَساســاً وَشـُمَّ الجِبـالِ
كَمــا تَتَلاقــى أُصــولُ الشـَجَر
وَإيزيـــسُ خَلـــفَ مَقاصــيرِها
تَخَطّـى المُلـوكُ إِلَيهـا السـُتُر
تُضــيءُ عَلــى صـَفَحاتِ السـَماءِ
وَتُشـرِقُ فـي الأَرضِ مِنهـا الحُجَر
وَآبيــسُ فـي نيـرِهِ العـالِمونَ
وَبَعــضُ العَقــائِدِ نيــرٌ عَسـِر
تُســاسُ بِــهِ مُعضــِلاتُ الأُمــورِ
وَيُرجــى النَعيـمُ وَتُخشـى سـَقَر
وَلا يَشـــعُرِ القَـــومُ إِلّا بِــهِ
وَلَـو أَخَـذَتهُ المُـدى مـا شـَعَر
يَقِــلُّ أَبـو المِسـكِ عَبـداً لَـهُ
وَإِن صــاغَ أَحمَـدُ فيـهِ الـدُرَر
وَآنَســـتَ موســـى وَتـــابوتَهُ
وَنـورَ العَصـا وَالوَصايا الغُرَر
وَعيســى يَلُــمُّ رِداءَ الحَيــاءِ
وَمَريَــمُ تَجمَــعُ ذَيــلَ الخَفَـر
وَعَمــرو يَسـوقُ بِمِصـرَ الصـِحابَ
وَيُزجـي الكِتـابَ وَيَحـدو السُوَر
فَكَيــفَ رَأَيـتَ الهُـدى وَالضـَلالَ
وَدُنيــا المُلـوكِ وَأُخـرى عُمَـر
وَنَبـذَ المُقَـوقِسِ عَهـدَ الفُجـورِ
وَأَخــذَ المُقَـوقِسِ عَهـدَ الفَجِـر
وَتَبـــديلَهُ ظُلُمـــاتِ الضــَلالِ
بِصــُبحِ الهِدايَــةِ لَمّــا سـَفَر
وَتَــأليفَهُ القِبـطَ وَالمُسـلِمين
كَمــا أُلِّفَــت بِــالوَلاءِ الأُسـَر
أَبـا الهَـولِ لَـو لَـم تَكُن آيَةً
لَكــانَ وَفــاؤُكَ إِحـدى العِبَـر
أَطَلـتَ عَلـى الهَرَمَيـنِ الوُقـوفَ
كَثاكِلَـــةٍ لا تَريـــمُ الحُفَــر
تُرَجّـــي لِبانيهِمـــا عَـــودَةً
وَكَيــفَ يَعـودُ الرَميـمُ النَخِـر
تَجـــوسُ بِعَيــنٍ خِلالَ الــدِيارِ
وَتَرمــي بِـأُخرى فَضـاءَ النَهَـر
تَــرومُ بِمَنفيــسَ بيـضَ الظُبـا
وَسـُمرَ القَنـا وَالخَميـسَ الدُثَر
وَمَهـدَ العُلـومِ الخَطيـرَ الجَلالِ
وَعَهـدِ الفُنـونِ الجَليـلَ الخَطَر
فَلا تَســـتَبينُ ســـِوى قَريَـــةٍ
أَجَــدَّ مَحاســِنَها مــا اِنـدَثَر
تَكــادُ لِإِغراقِهـا فـي الجُمـودِ
إِذا الأَرضُ دارَت بِهـا لَـم تَـدُر
فَهَــل مَـن يُبَلِّـغُ عَنّـا الأُصـولَ
بِـأَنَّ الفُـروعَ اِقتَـدَت بِالسـِيَر
وَأَنّــا خَطَبنــا حِســانَ العُلا
وَسـُقنا لَهـا الغـالِيَ المُـدَّخَر
وَأَنّــا رَكِبنــا غِمـارَ الأُمـورِ
وَأَنّــا نَزَلنـا إِلـى المُـؤتَمَر
بِكُــلِّ مُــبينٍ شــَديدِ اللِـدادِ
وَكُــلِّ أَريــبٍ بَعيــدِ النَظَــر
تُطـــالِبُ بِــالحَقِّ فــي أُمَّــةٍ
جَــرى دَمُهــا دونَــهُ وَاِنتَشـَر
وَلَـــم تَفتَخِـــر بِأَســاطيلِها
وَلَكِـــن بِدُســـتورِها تَفتَخِــر
فَلَـم يَبـقَ غَيـرُكَ مَـن لَـم يَحِف
وَلَـم يَبـقَ غَيـرُكَ مَـن لَـم يَطِر
تَحَـرَّك أَبـا الهَولِ هَذا الزَمانُ
تَحَــرَّكَ مـا فيـهِ حَتّـى الحَجَـر
نَجِــيَّ أَبــي الهَـولِ آنَ الأَوانُ
وَدانَ الزَمـــانُ وَلانَ القَـــدَر
خَبَــأتُ لِقَومِــكَ مــا يَسـتَقونَ
وَلا يَخبَـأُ العَـذبَ مِثـلُ الحَجَـر
فَعِنــدي المُلــوكُ بِأَعيانِهــا
وَعِنـدَ التَـوابيتِ مِنهـا الأَثَـر
مَحـا ظُلمَـةَ اليَأسِ صُبحُ الرَجاءِ
وَهَــذا هُــوَ الفَلَـقُ المُنتَظَـر
اليَـــومُ نَســـودُ بِوادينـــا
وَنُعيـــدُ مَحاســـِنَ ماضـــينا
وَيُشـــيدُ العِـــزُّ بَأَيـــدينا
وَطَــــنٌ نَفـــديهِ وَيَفـــدينا
وَطَــــنٌ بِــــالحَقِّ نُؤَيِّــــدُهُ
وَبِعَيــــنِ اللَــــهِ نُشـــَيِّدُهُ
وَنُحَســـــــِّنُهُ وَنُزَيِّنُـــــــهُ
بِمَآثِرِنــــــا وَمَســـــاعينا
ســــِرُّ التاريـــخِ وَعُنصـــُرُهُ
وَســـَريرُ الـــدَهرِ وَمِنبَـــرُهُ
وَجِنـــانُ الخُلـــدِ وَكَـــوثَرُهُ
وَكَفـــى الآبـــاءُ رَياحينـــا
نَتَّخِـــذُ الشــَمسَ لَــهُ تاجــاً
وَضــــُحاها عَرشـــاً وَهّاجـــا
وَســـَماءَ الســـُؤدَدِ أَبراجــاً
وَكَــــذلِكَ كـــانَ أَوالينـــا
العَصــــرُ يَراكُـــم وَالأُمَـــمُ
وَالكَرنَـــكُ يَلحَـــظُ وَالهَــرَمُ
أَبنـــي الأَوطـــانَ أَلا هِمَـــمُ
كَبِنـــــاءِ الأَوَّلِ يَبنينـــــا
ســَعياً أَبَــداً ســَعياً ســَعياً
لِأَثيـــلِ المَجـــدِ وَلِلعَليـــا
وَلنَجعَــل مِصــرَ هِــيَ الـدُنيا
وَلنَجعَــل مِصــرَ هِــيَ الـدُنيا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932