
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نَجـــا وَتَماثَـــلَ رُبّانُهــا
وَدَقَّ البَشـــائِرَ رُكبانُهـــا
وَهَلَّــلَ فـي الجَـوِّ قَيـدومُها
وَكَبَّــرَ فـي المـاءِ سـُكّانُها
تَحَــوَّلَ عَنهـا الأَذى وَاِنثَنـى
عُبــابُ الخُطــوبِ وَطوفانُهـا
نَجـا نوحُهـا مِن يَدِ المُعتَدي
وَضــَلَّ المُقاتِــلَ عُــدوانُها
يَـــدٌ لِلعِنايَــةِ لا يَنقَضــي
وَإِن نَفَــدَ العُمـرُ شـُكرانُها
وَقــى الأَرضَ شــَرَّ مَقــاديرِهِ
لَطيــفُ الســَماءِ وَرَحمانُهـا
وَنَجّــى الكِنانَـةَ مِـن فِتنَـةٍ
تَهَــدَّدَتِ النيــلَ نيرانُهــا
يَســيلُ عَلـى قَـرنِ شـَيطانِها
عَقيــقُ الــدِماءِ وَعِقيانِهـا
فَيـا سـَعدُ جُرحُكَ ساءَ الرِجالَ
فَلا جُرِحَــت فيــكَ أَوطانُهــا
وَقَتـكَ العِنايَـةُ بِـالراحَتَينِ
وَطَـــوَّقَ جيـــدَكَ إِحســانُها
مَنايـا أَبى اللَهُ إِذ ساوَرَتكَ
فَلَـم يَلـقَ نـابَيهِ ثُعبانُهـا
حَـوَت دَمَـكَ الأَرضُ فـي أَنفِهـا
زَكِيّـــاً كَأَنَّـــكَ عُثمانُهــا
وَرَقَّــت لِآثـارِهِ فـي القَميـصِ
كَـــأَنَّ قَميصـــَكَ قُرآنُهـــا
وَريعَـت كَمـا ريعَتِ الأَرضُ فيكَ
نَــواحي السـَماءِ وَأَعنانُهـا
وَلَـو زُلـتَ غُيَّـبَ عَمرُو الأُمورِ
وَأَخلــى المَنـابِرَ سـَحبانُها
رَمــاكَ عَلــى غِــرَّةٍ يــافِعٌ
مُثــارُ الســَريرَةِ غَضـبانُها
وَقِـدماً أَحـاطَت بِأَهـلِ الأُمورِ
مُيــولُ النُفــوسِ وَأَضـغانُها
تَلَمَّــسَ نَفسـَكَ بَيـنَ الصـُفوفِ
وَمِــن دونِ نَفســِكَ إيمانُهـا
يُريــدُ الأُمـورَ كَمـا شـاءَها
وَتَــأبى الأُمــورُ وَسـُلطانُها
وَعِنـدَ الَّـذي قَهَـرَ القَيصَرَينِ
مَصــيرُ الأُمــورِ وَأَحيانُهــا
وَلَـو لَم يُسابِق دُروسَ الحَياةِ
لَبَصــَّرَهُ الرُشــدَ لُقمانُهــا
فَـإِنَّ اللَيـالي عَلَيهـا يَحولُ
شــُعورُ النُفــوسِ وَوُجـدانُها
وَيَختَلِـفُ الـدَهرُ حَتّـى يَـبينَ
رُعــاةُ العُهــودِ وَخُوّانُهــا
أَرى مِصـرَ يَلهـو بِحَـدِّ السِلاحِ
وَيَلعَــبُ بِالنــارِ وِلـدانُها
وَراحَ بِغَيــرِ مَجـالِ العُقـولِ
يُجيــلُ السِياســَةَ غُلمانُهـا
وَما القَتلُ تَحيا عَلَيهِ البِلادُ
وَلا هِمَّــةُ القَــولِ عُمرانُهـا
وَلا الحُكـمُ أَن تَنقَضـي دَولَـةٌ
وَتُقبِــلَ أُخــرى وَأَعوانُهــا
وَلَكِن عَلى الجَيشِ تَقوى البِلادُ
وَبِــالعِلمِ تَشــتَدُّ أَركانُهـا
فَـأَينَ النُبـوغُ وَأَينَ العُلومُ
وَأَيــنَ الفُنــونُ وَإِتقانُهـا
وَأَيـنَ مِـن الخُلـقِ حَظُّ البِلادِ
إِذا قَتَــلَ الشــيبَ شـُبّانُها
وَأَيـنَ مِنَ الرِبحِ قِسطُ الرِجالِ
إِذا كـانَ في الخُلقِ خُسرانُها
وَأَيــنَ المُعَلِّــمُ مـا خَطبُـهُ
وَأَيـنَ المَـدارِسُ مـا شـَأنُها
لَقَـد عَبَثَـت بِالنِياقِ الحُداةُ
وَنــامَ عَـنِ الإِبـلِ رُعيانُهـا
إِلـى الخُلقِ أَنظُرُ فيما أَقولُ
وَتَأخُـــذُ نَفســِيَ أَشــجانُها
وَيـا سـَعدُ أَنـتَ أَمينُ البِلادِ
قَــدِ اِمتَلَأَت مِنــكَ أَيمانُهـا
وَلَـن تَرتَضـي أَن تُقَدَّ القَناةُ
وَيُبتَــرَ مِـن مِصـرَ سـودانُها
وَحُجَّتُنــا فيهِمــا كَالصـَباحِ
وَلَيــسَ بِمُعييــكَ تِبيانُهــا
فَمِصــرُ الرِيــاضُ وَسـودانُها
عُيــونُ الرِيــاضِ وَخُلجانُهـا
وَمـــا هُــوَ مــاءٌ وَلَكِنَّــهُ
وَريــدُ الحَيــاةِ وَشـِريانُها
تُتَمِّـــمُ مِصـــرَ يَنـــابيعُهُ
كَمـا تَمَّـمَ العَيـنَ إِنسـانُها
وَأَهلــوهُ مُنــذُ جَـرى عَـذبُهُ
عَشـــيرَةُ مِصــرَ وَجيرانُهــا
وَأَمّـــا الشـــَريكُ فَعِلّاتُــهُ
هِــيَ الشــَرِكاتُ وَأَقطانُهــا
وَحَــربٌ مَضـَت نَحـنُ أَوزارُهـا
وَخَيــلٌ خَلَـت نَحـنُ فُرسـانُها
وَكَــم مَــن أَتـاكَ بِمَجموعَـةٍ
مِـنَ الباطِـلِ الحَـقُّ عُنوانُها
فَـأَينَ مِنَ المَنشِ بَحرُ الغَزالِ
وَفَيــضُ نِيــانزا وَتَهتانُهـا
وَأَيــنَ التَماسـيحُ مِـن لُجَّـةٍ
يَمـوتُ مِـنَ البَـردِ حيتانُهـا
وَلَكِــــن رُؤوسٌ لِأَمــــوالِهِم
يُحَـــرِّكُ قَرنَيــهِ شــَيطانُها
وَدَعـوى القَوِيِّ كَدَعوى السِباعِ
مِـنَ النـابِ وَالظُفرِ بُرهانُها
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932