
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
قِفـي يـا أُخـتَ يوشـَعَ خَبِّرينـا
أَحــاديثَ القُـرونِ الغابِرينـا
وَقُصــّي مِــن مَصـارِعِهِم عَلَينـا
وَمِــن دولاتِهِــم مـا تَعلَمينـا
فَمِثلُـكِ مَـن رَوى الأَخبـارَ طُـرّاً
وَمَـن نَسـَبَ القَبـائِلَ أَجمَعينـا
نَـرى لَـكِ في السَماءِ خَضيبَ قَرنٍ
وَلا نُحصـي عَلـى الأَرضِ الطَعينـا
مَشـَيتِ عَلـى الشـَبابِ شَواظَ نارٍ
وَدُرتِ عَلـى المَشـيبِ رَحىً طَحونا
تُعينيــنَ المَوالِـدَ وَالمَنايـا
وَتَبنيــنَ الحَيــاةَ وَتَهـدُمينا
فَيــا لَـكِ هِـرَّةً أَكَلَـت بَنيهـا
وَمـا وَلَـدوا وَتَنتَظِـرُ الجَنينا
أَأُمَّ المــالِكينَ بَنــي أَمــونٍ
لِيَهنِــكِ أَنَّهُـم نَزَعـوا أَمونـا
وَلِـدتِ لَـهُ المَـآمينَ الـدَواهي
وَلَــم تَلِـدي لَـهُ قَـطُّ الأَمينـا
فَكـانوا الشـُهبَ حينَ الأَرضُ لَيلٌ
وَحيــنَ النــاسُ جَـدُّ مُضـَلَّلينا
مَشـَت بِمَنـارِهِم فـي الأَرضِ روما
وَمِــن أَنـوارِهِم قَبَسـَت أَثينـا
مُلـوكُ الـدَهرِ بِالوادي أَقاموا
عَلــى وادي المُلـوكِ مُحَجَّبينـا
فَــرُبَّ مُصــَفِّدٍ مِنهُــم وَكــانَت
تُســاقُ لَـهُ المُلـوكُ مُصـَفَّدينا
تَقَيَّـدَ فـي التُـرابِ بِغَيـرِ قَيدٍ
وَحَــلَّ عَلــى جَــوانِبِهِ رَهينـا
تَعـالى اللـهُ كانَ السِحرُ فيهِم
أَلَيســوا لِلحِجــارَةِ مُنطِقينـا
غَـدَوا يَبنـونَ ما يَبقى وَراحوا
وَراءَ الآبِــــداتِ مُخَلَّــــدينا
إِذا عَمِــدوا لِمَــأثُرَةٍ أَعَـدّوا
لَهـا الإِتقـانَ وَالخُلقَ المَتينا
وَلَيــسَ الخُلــدُ مَرتَبَـةً تَلَقّـى
وَتُؤخَـذُ مِـن شـِفاهِ الجاهِلينـا
وَلَكِــن مُنتَهــى هِمَــمٍ كِبــارٍ
إِذا ذَهَبَــت مَصــادِرُها بَقينـا
وَســِرُّ العَبقَرِيَّــةِ حيـنَ يَسـري
فَيَنتَظِــمُ الصـَنائِعَ وَالفُنونـا
وَآثــارُ الرِجــالِ إِذا تَنـاهَت
إِلـى التاريـخِ خَيرُ الحاكِمينا
وَأَخـذُكَ مِـن فَـمِ الـدُنيا ثَناءً
وَتَركُــكَ فـي مَسـامِعِها طَنينـا
فَغـالي فـي بَنيـكَ الصيدِ غالي
فَقَـد حُـبَّ الغُلُـوُّ إِلـى بَنينـا
شــَبابٌ قُنَّــعٌ لا خَيــرَ فيهِــم
وَبـورِكَ فـي الشَبابِ الطامِحينا
فَنــاجيهِم بِعَــرشٍ كـانَ صـِنواً
لِعَرشــِكَ فــي شـَبيبَتِهِ سـَنينا
وَكــانَ العِــزُّ حُليَتَـهُ وَكـانَت
قَــوائِمُهُ الكَتـائِبَ وَالسـَفينا
وَتـاجٍ مِـن فَـرائِدِهِ اِبـنُ سيتى
وَمِــن خَرَزاتِــهِ خوفـو وَمينـا
عَلا خَــدّاً بِــهِ صــَعَرٌ وَأَنفــاً
تَرَفَّـعَ فـي الحَـوادِثِ أَن يَدينا
وَلَسـتُ بِقـائِلٍ ظَلَمـوا وَجـاروا
عَلى الأُجَراءِ أَو جَلَدوا القَطينا
فَإِنّــا لَـم نُـوَقَّ النَقـصَ حَتّـى
نُطــالِبَ بِالكَمــالِ الأَوَّلينــا
وَمــا البَسـتيلُ إِلّا بِنـتُ أَمـسٍ
وَكَـم أَكَـلَ الحَديـدُ بِها صَحينا
وَرُبَّــةَ بَيعَــةٍ عَــزَّت وَطــالَت
بَناهـا النـاسُ أَمـسُ مُسـخِرينا
مُشــَيَّدَةٍ لِشـافي العُمـيِ عيسـى
وَكَـم سـَمَلَ القَسـوسُ بِها عُيونا
أَخـا اللـورداتِ مِثلُكَ مَن تَحَلّى
بِحِليَـــةِ آلِــهِ المُتَطَوِّلينــا
لَـكَ الأَصـلُ الَّـذي نَبَتَـت عَلَيـهِ
فُـروعُ المَجـدِ مِـن كِرنارَفونـا
وَمالُــكَ لا يُعَــدُّ وَكُــلُّ مــالٍ
سـَيَفنى أَو سـَيُفني المالِكينـا
وَجَــدتَ مَـذاقَ كُـلِّ تَليـدِ مَجـدٍ
فَكَيـفَ وَجَـدتَ مَجـدَ الكاسـِبينا
نَشــَرتَ صــَفائِحاً فَجَزَتـكَ مِصـرٌ
صـــَحائِفَ ســُؤدُدٍ لا يَنطَوينــا
فَـإِن تَـكُ قَـد فَتَحتَ لَها كُنوزاً
فَقَـد فَتَحَـت لَكَ الفَتحَ المُبينا
فَلَــو قــارونُ فَـوقَ الأَرضِ إِلّا
تَمَنّــى لَـو رَضـيتَ بِـهِ قَرينـا
سـَبيلُ الخُلـدِ كـانَ عَلَيكَ سَهلاً
وَعـــادَتُهُ يَكُــدُّ الســالِكينا
رَأَيــتَ تَنَكُّــراً وَسـَمِعتَ عَتبـاً
فَعُــذراً لِلغِضــابِ المُحنِقينـا
أُبُوَّتُنـــا وَأَعظَمُهُـــم تُــراثٌ
نُحـــاذِرُ أَن يَــؤولَ لِآخَرينــا
وَنَــأبى أَن يَحُــلَّ عَلَيـهِ ضـَيمٌ
وَيَـــذهَبَ نَهبَــةً لِلناهِبينــا
ســَكَتَّ فَحــامَ حَولَــكَ كُـلُّ ظَـنٍّ
وَلَـو صـَرَّحَت لَـم تُثِـرِ الظُنونا
يَقــولُ النـاسُ فـي سـِرٍّ وَجَهـرٍ
وَمالَـكَ حيلَـةٌ فـي المُرجِفينـا
أَمَـن سـَرَقَ الخَليفَـةَ وَهـوَ حَـيٌّ
يَعِــفُّ عَــنِ المُلـوكِ مُكَفَّنينـا
خَليلَـيَّ اِهبِطـا الـوادي وَميلا
إِلـى غُـرَفِ الشـُموسِ الغارِبينا
وَســيرا فـي مَحـاجِرِهِم رُوَيـداً
وَطوفــا بِالمَضــاجِعِ خاشـِعينا
وَخُصــّا بِالعَمــارِ وَبِالتَحايـا
رُفـاتَ المَجـدِ مِـن توتَنخَمينـا
وَقَــبراً كـادَ مِـن حُسـنٍ وَطيـبٍ
يُضــيءُ حِجــارَةً وَيَضـوعُ طينـا
يُخــالُ لِرَوعَـةِ التاريـخِ قُـدَّت
جَنـادِلُهُ العُلا مِـن طـورِ سـينا
وَكــانَ نَزيلُـهُ بِالمَلـكِ يُـدعى
فَصـارَ يُلَقَّـبُ الكَنـزَ الثَمينـا
وَقومــا هــاتِفَينِ بِــهِ وَلَكِـن
كَمــا كــانَ الأَوائِلُ يَهتِفونـا
فَثَـــمَّ جَلالَــةٌ قَــرَّت وَرامَــت
عَلــى مَـرِّ القُـرونِ الأَربَعينـا
جَلالُ المُلـــكِ أَيّــامٌ وَتَمضــي
وَلا يَمضـــي جَلالُ الخالِـــدينا
وَقــولا لِلنَزيــلِ قُــدومَ سـَعدٍ
وَحَيّـا اللَـهُ مَقـدَمَكَ اليَمينـا
ســَلامٌ يَــومَ وارَتـكَ المَنايـا
بِواديهــا وَيَـومَ ظَهَـرتَ فينـا
خَرَجـتَ مِـنَ القُبـورِ خُروجَ عيسى
عَلَيــكَ جَلالَـةٌ فـي العالَمينـا
يَجـوبُ البَـرقُ بِاِسـمِكَ كُـلَّ سَهلٍ
وَيَختَـرِقُ البُخـارُ بِـهِ الحُزونا
وَأُقسـِمُ كُنـتَ فـي لَـوزانَ شُغلاً
وَكُنــتَ عَجيبَــةَ المُتَفاوِضـينا
أَتَعلَـمُ أَنَّهُـم صـَلِفوا وَتـاهوا
وَصـَدّوا البـابَ عَنّـا موصـِدينا
وَلَــو كُنّـا نَجُـرُّ هُنـاكَ سـَيفاً
وَجَــدنا عِنـدَهُم عَطفـاً وَلينـا
سَيَقضــي كِــرزُنٌ بِــالأَمرِ عَنّـا
وَحاجـاتُ الكِنانَـةِ مـا قُضـينا
تَعــالَ اليَـومَ خَبِّرنـا أَكـانَت
نَــواكَ سـِناتِ نَـومٍ أَم سـِنينا
وَمـاذا جُبـتَ مِـن ظُلُمـاتِ لَيـلٍ
بَعيـدِ الصـُبحِ يُنضي المُدلِجينا
وَهَـل تَبقـى النُفوسُ إِذا أَقامَت
هَياكِلُهــا وَتَبلــى إِن بَلينـا
وَمـا تِلـكَ القِبـابُ وَأَينَ كانَت
وَكَيـفَ أَضـَلَّ حافِرُهـا القُرونـا
مُمَــرَّدَةَ البِنـاءِ تُخـالُ بُرجـاً
بِبَطــنِ الأَرضِ مَحظوظــاً دَفينـا
تَغَطّــى بِالأَثــاثِ فَكـانَ قَصـراً
وَبِالصـُوَرِ العِتـاقِ فَكـانَ زونا
حَمَلـتَ العَـرشَ فيـهِ فَهَـل تُرَجّي
وَتَأمَـلُ دَولَـةً فـي الغابِرينـا
وَهَـل تَلقـى المُهَيمِـنَ فَوقَ عَرشٍ
وَيَلقــــاهُ المَلا مُتَرَجِّلينـــا
وَمـا بـالُ الطَعـامِ يَكادُ يَقدى
كَمـا تَرَكَتـهُ أَيـدي الصانِعينا
وَلَـم تَـكُ أَمـسُ تَصبُرُ عَنهُ يَوماً
فَكَيــفَ صـَبِرتَ أَحقابـاً مَئينـا
لَقَـد كـانَ الَّـذي حَـذِرَ الأَوالي
وَخـافَ بَنـو زَمانِـكَ أَن يَكونـا
يُحِـبُّ المَـرءُ نَبـشَ أَخيـهِ حَيّـاً
وَيَنبُشـُهُ وَلَـو فـي الهالِكينـا
سـُلِلتَ مِـنَ الحَفـائِرِ قَبـلَ يَومٍ
يَسـُلُّ مِـنَ التُـرابِ الهامِـدينا
فَـإِن تَـكُ عِنـدَ بَعـثٍ فيـهِ شـَكٌّ
فَــإِنَّ وَراءَهُ البَعـثَ اليَقينـا
وَلَـو لَـم يَعصـِموكَ لَكـانَ خَيراً
كَفـى بِـالمَوتِ مُعتَصـِماً حَصـينا
يُضـَرُّ أَخـو الحَيـاةِ وَلَيـسَ شَيءٌ
بِضــائِرِهِ إِذا صــَحِبَ المَنونـا
زَمـانُ الفَـردِ يـا فِرعَـونُ وَلّى
وَدالَــت دَولَــةُ المُتَجَبِّرينــا
وَأَصــبَحَتِ الرُعــاةُ بِكُــلِّ أَرضٍ
عَلــى حُكـمِ الرَعِيَّـةِ نازِلينـا
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932