
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
كُــلَّ يَــومٍ مِهرَجــانٌ كَلَّلـوا
فيـهِ مَيتـاً بِرَيـاحينَ الثَناء
لَـم يُعَلِّـم قَـومَهُ حَرفـاً وَلَـم
يُضـِىءِ الأَرضَ بِنـورِ الكَهرُبـاء
جومِــلَ الأَحيــاءُ فيـهِ وَقَضـى
شـــَهَواتَ أَهلِــهِ وَالأَصــدِقاء
مـا أَضَلَّ الناسَ حَتّى المَوتُ لَم
يَخـلُ مِن زورٍ لَهُم أَو مِن رِياء
إِنَّمــا يُبكــى شــُعاعٌ نـابِغٌ
كُلَّمـا مَـرَ بِـهِ الـدَهرُ أَضـاء
مَلَأَ الأَفــواهَ وَالأَســماعَ فــي
ضـَجَّةِ المَحيا وَفي صَمتِ الفَناء
حــائِطُ الفَــنِّ وَبـاني رُكنِـهِ
مَعبَـدُ الأَلحـانِ إِسـحَقُ الغِناء
مِــن أُنــاسٍ كَالـدَراري جُـدُدٍ
فـي سـَمَواتِ اللَيـالي قُـدَماء
غَــرَسَ النـاسُ قَـديماً وَبَنَـوا
لَـم يَـدُم غَرسٌ وَلَم يَخلُد بِناء
غَيــرَ غَــرسٍ نــابِغٍ أَو حَجَـرٍ
عَبقَــرِيٍّ فيهُمـا سـِرُّ البَقـاء
مِــن يَــدٍ مَوهوبَــةٍ مُلهَمَــةٍ
تَغـرِسُ الإِحسانَ أَو تَبني العَلاء
بُلبُـــلٌ إِســـكَندَرِيٌّ أَيكُـــهُ
لَيسَ في الأَرضِ وَلَكِن في السَماء
هَبَــطَ الشــاطِئَ مِــن رابِيَـةٍ
ذاتِ ظِـــلٍّ وَرَيــاحينَ وَمــاء
يَحمِــلُ الفَـنَّ نَميـراً صـافِياً
غَـدَقَ النَبـعِ إِلـى جيـلٍ ظِماء
حَــلَّ فــي وادٍ عَلــى فُسـحَتِهِ
عَـزَّتِ الطَيـرُ بِـهِ إِلّا الحِـداء
يَملَأُ الأَســـحارَ تَغريــداً إِذا
صـَرَفَ الطَيرَ إِلى الأَيكِ العِشاء
رُبَّمـا اِسـتَلهَمَ ظَلمـاءَ الدُجى
وَأَتى الكَوكَبَ فَاِستَوحى الضِياء
وَرَمــى أُذَنيــهِ فــي ناحِيَـةٍ
يَخلِـسُ الأَصـواتَ خَلـسَ البَبَّغاء
فَتَلَقّــى فيهِمــا مــا راعَـهُ
مِن خَفِيِّ الهَمسِ أَو جَهرِ النِداء
أَيُّهـا الـدَرويشُ قُم بُثَّ الجَوى
وَاِشـرَحِ الحُـبَّ وَنـاجِ الشُهَداء
اِضــرِبِ العـودَ تَفُـه أَوتـارُهُ
بِالَّـذي تَهـوى وَتَنطِقُ ما تَشاء
حَـرِّكِ النـايَ وَنُـح فـي غـابِهِ
وَتَنَفَّـس فـي الثُقـوبِ الصُعَداء
وَاِســكُبِ العَـبرَةَ فـي آمـاقِهِ
مِــن تَباريــحَ وَشـَجوٍ وَعَـزاء
وَاِسـمُ بِـالأَرواحِ وَاِدفَعها إِلى
عـالَمِ اللُطـفِ وَأَقطارِ الصَفاء
لا تُـرِق دَمَعـاً عَلـى الفَنِّ فَلَن
يَعـدِمَ الفَـنُّ الرُعـاةَ الأُمَناء
هُــوَ طَيـرُ اللَـهِ فـي رَبـوَتِهِ
يَبعَـثُ المـاءَ إِلَيـهِ وَالغِذاء
رَوَّحَ اللـهُ عَلـى الـدُنيا بِـهِ
فَهيَ مِثلُ الدارِ وَالفَنُّ الفِناء
تَكتَســـي مِنــهُ وَمِــن آذارِهِ
نَفحَـةَ الطيـبِ وَإِشراقِ البَهاء
وَإِذا مـــا حُرِمَـــت رِقَّتَـــهُ
فَشـَتِ القَسـوَةُ فيهـا وَالجَفاء
وَإِذا مــا ســَئِمَت أَو ســَقِمَت
طـافَ كَالشـَمسِ عَلَيها وَالهَواء
وَإِذا الفَـنُّ عَلـى المُلـكِ مَشى
ظَهَـرَ الحُسـنُ عَلَيـهِ وَالـرُواء
قَـد كَسا الكَرنَكُ مِصراً ما كَسا
مِـن سَنىً أَبلى اللَيالي وَسَناء
يُرسـِلُ اللَـهُ بِـهِ الرُسـلَ عَلى
فَتَــراتٍ مِــن ظُهــورٍ وَخَفـاء
كُلَّمـــا أَدّى رَســـولٌ وَمَضــى
جـاءَ مَن يوفي الرِسالاتِ الأَداء
سـَيِّدَ الفَـنِّ اِسـتَرِح مِـن عالَمٍ
آخِــرُ العَهـدِ بِنُعمـاهُ البَلاء
رُبَّمــا ضـِقتَ فَلَـم تَنعَـم بِـهِ
وَسـَرى الـوَحيُ فَنَسـّاكَ الشَقاء
لَقَــدِ اِسـتَخلَفتَ فَنّـاً نابِغـاً
دَفَــعَ الفَـنُّ إِلَيـهِ بِـاللِواء
إِنَّ فــي مُلــكِ فُــؤادٍ بُلبُلاً
لَــم يُتَـح أَمثـالُهُ لِلخُلَفـاء
ناحِـلٌ كَـالكُرَةِ الصـُغرى سـَرى
صـَوتُهُ فـي كُـرَةِ الأَرضِ الفَضاء
يَســتَحي أَن يَهتِـفَ الفَـنُ بِـهِ
وَجَمــالُ العَبقَرِيّـاتِ الحَيـاء
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932