
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يـا أَيُّهـا الـدَمعُ الـوَفِيُّ بِـدارِ
نَقضــي حُقــوقَ الرِفقَـةِ الأَخيـارِ
أَنـا إِن أَهَنتُكَ في ثَراهُمُ فَالهَوى
وَالعَهـدُ أَن يُبكَـوا بِـدَمعٍ جـاري
هـانوا وَكانوا الأَكرَمينَ وَغودِروا
بِــالقَفرِ بَعــدَ مَنــازِلٍ وَدِيـارِ
لَهَفـي عَلَيهِـم أُسكِنوا دورَ الثَرى
مِـن بَعـدِ سـُكنى السـَمعِ وَالأَبصارِ
أَيـنَ البَشاشـَةُ فـي وَسيمِ وُجوهِهِم
وَالبِشـــرُ لِلنُــدَماءِ وَالســُمّارِ
كُنّـا مِـنَ الـدُنيا بِهِـم في رَوضَةٍ
مَــرّوا بِهــا كَنَســائِمِ الأَسـحارِ
عَطفـاً عَلَيهِـم بِالبُكـاءِ وَبِالأَسـى
فَتَعَهُّــدُ المَــوتى مِــنَ الإيثـارِ
يـا غـائِبينَ وَفي الجَوانِحِ طَيفُهُم
أَبكيكُـــمُ مِـــن غُيَّـــبٍ حُضــّارِ
بَينـي وَبَينَكُـمُ وَإِن طـالَ المَـدى
ســـَفَرٌ ســَأَزمَعُهُ مِــنَ الأَســفارِ
إِنّــي أَكــادُ أَرى مَحَلِّـيَ بَينَكُـم
هَـــذا قَرارُكُـــمُ وَذاكَ قَــراري
أَوَ كُلَّمــا سـَمَحَ الزَمـانُ وَبُشـِّرَت
مِصــرٌ بِفَـردٍ فـي الرِجـالِ مَنـارِ
فُجِعَـــت بِــهِ فَكَــأَنَّهُ وَكَأَنَّهــا
نَجـمُ الهِدايَـةِ لَـم يَـدُم لِلساري
إِنَّ المَصـيبَةَ فـي الأَميـنِ عَظيمَـةٌ
مَحمولَـــةٌ لِمَشـــيئَةِ الأَقـــدارِ
فـــي أَريَحِــيِّ ماجِــدٍ مُســتَعظَمٌ
رُزءُ المَمالِــكِ فيــهِ وَالأَمصــارِ
أَوفــى الرِجـالِ لِعَهـدِهِ وَلِرَأيِـهِ
وَأَبَرَّهُـــم بِصـــَديقِهِ وَالجـــارِ
وَأَشـــَدَّهُم صـــَبراً لِمُعتَقَــداتِهِ
وَتَأَدُّبـــاً لِمُجـــادِلٍ وَمُمـــاري
يَسـقي القَـرائِحَ هـادِئًا مُتَواضِعاً
كَالجَــدوَلِ المُتَرقـرِقِ المُتَـواري
قُـل لِلسـَماءِ تَغُـضُّ مِـن أَقمارِهـا
تَحــتَ التُــرابِ أَحاسـِنُ الأَقمـارِ
مِــن كُــلِّ وَضـّاءِ المَـآثِرِ فـائِتٍ
زُهــرَ النُجــومِ بِـذَهرِهِ السـَيّارِ
تَمضـي اللَيـالي لا تَنـالُ كَمـالَهُ
بِمَعيــبِ نَقــصٍ أَو مَشــينِ سـِرارِ
آثــارُهُ بَعــدَ المَــوتِ حَيــاتُهُ
إِنَّ الخُلـــودَ الحَـــقَّ بِالآثــارِ
يـا مَـن تَفَـرَّدَ بِالقَضـاءِ وَعِلمِـهِ
إِلّا قَضـــاءَ الواحِـــدِ القَهّــارِ
مــازِلتَ تَرجــوهُ وَتَخشــى سـَهمَهُ
حَتّـــى رَمــى فَــأَحَطَّ بِالأَســرارِ
هَلّا بُعِثــتَ فَكُنــتَ أَفصـَحَ مُخبَـراً
عَمّـــا وَراءَ المَــوتِ مِــن لازارِ
اِنفُـض غُبـارَ المَـوتِ عَنكَ وَناجِني
فَعَسـايَ أَعلَـمُ مـا يَكـونُ غُبـاري
هَـذا القَضاءُ الجِدُّ فَاِروِ وَهاتِ عَن
حُكــمِ المَنِيَّــةِ أَصــدَقَ الأَخبـارِ
كُــلٌّ وَإِن شــَغَفَتهُ دُنيــاهُ هَـوىً
يَومـــاً مُطَلِّقُهـــا طَلاقَ نَـــوارِ
لِلَّــهِ جامِعَــةٌ نَهَضــتَ بِأَمرِهــا
هِـيَ فـي المَشـارِقِ مَصـدَرُ الأَنوارِ
أُمنِيِّـةُ العُقَلاءِ قَـد ظَفِـروا بهـا
بَعـــدَ اِختِلافِ حَــوادِثٍ وَطَــواري
وَالعَقــلُ غايَــةُ جَريِــهِ لِأَعِنَّــةٍ
وَالجَهــلُ غايَــةُ جَريِــهِ لِعِثـارِ
لَـو يَعلَمـونَ عَظيـمَ مـا تُرجى لَهُ
خَـرَجَ الشـَحيحُ لَهـا مِـنَ الدينارِ
تَشـري المَمالِـكُ بِالدَمِ اِستِقلالَها
قومــوا اِشــتَروهُ بِفِضـَّةٍ وَنُضـارِ
بِـالعِلمِ يُبنـى المُلـكُ حَقَّ بِنائِهِ
وَبِـــهِ تُنـــالُ جَلائِلُ الأَخطـــارِ
وَلَقَـد يُشـادُ عَلَيـهِ مِن شُمِّ العُلا
مـا لا يُشـادُ عَلـى القَنا الخَطّارِ
إِن كـانَ سـَرَّكَ أَن أَقَمـتَ جِـدارَها
قَـد سـاءَها أَن مـالَ خَيـرُ جِـدارِ
أَضـحَت مِـنَ اللَـهِ الكَريـمِ بِذِمَّـةٍ
مَرموقَـــةِ الأَعـــوانِ وَالأَنصــارِ
كُلِأَت بِأَنظــارِ العَزيــزِ وَحُصــِّنَت
بِفُــؤادَ فَهــيَ مَنيعَــةُ الأَسـوارِ
وَإِذا العَزيـزُ أَعـارَ أَمـراً نَظرَةً
فَـاليُمنُ أَعجَـلُ وَالسـُعودُ جَـواري
مـاذا رَأَيـتَ مِـنَ الحِجـابِ وَعُسرِهِ
فَــــدَعَوتَنا لِتَرَفُّـــقٍ وَيَســـارِ
رَأيٌ بَـدا لَـكَ لَـم تَجِـدهُ مُخالِفاً
مـا فـي الكِتـابِ وَسـُنَّةِ المُختارِ
وَالباسـِلانِ شـُجاعُ قَلـبٍ في الوَغى
وَشــُجاعُ رَأيٍ فــي وَغـى الأَفكـارِ
أَوَدِدتَ لَـو صـارَت نِساءُ النيلِ ما
كــانَت نِســاءُ قُضــاعَةٍ وَنِــزارِ
يَجمَعـنَ فـي سـِلمِ الحَياةِ وَحَربِها
بَــأسَ الرِجــالِ وَخَشـيَةَ الأَبكـارِ
إِنَّ الحِجـــابَ ســَماحَةٌ وَيَســارَةٌ
لَـولا وُحـوشٌ فـي الرِجـالِ ضـَواري
جَهِلــوا حَقيقَتَــهُ وَحِكمَـةَ حُكمِـهِ
فَتَجـــاوَزوهُ إِلــى أَذىً وَضــِرارِ
يــا قُبَّـةَ الغـوري تَحتَـكِ مَـأتَمٌ
تَبقــى شــَعائِرُهُ عَلــى الأَدهـارِ
يُحييِهِ قَومٌ في القُلوبِ عَلى المَدى
إِن فـــاتَهُم إِحيــاؤُهُ فــي دارِ
هَيهــاتَ تُنســى أُمَّــةٌ مَدفونَــةٌ
فـي أَربَعيـنَ مِـنَ الزَمـانِ قِصـارِ
إِن شــِئتَ يَومـاً أَو أَرَدتَ فَحُقبَـةً
كُـــلٌّ يَمُـــرُّ كَلَيلَـــةٍ وَنَهــارِ
هـاتوا اِبـنَ سـاعِدَةٍ يُؤَبِّنُ قاسِماً
وَخُـذوا المَراثِـيَ فيـهِ مِـن بَشّارِ
مِــن كُــلِّ لائِقَــةٍ لِبـاذِخِ قَـدرِهِ
عَصـــماءَ بَيـــنَ قَلائِدِ الأَشــعارِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932