
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَلا فـي سـَبيلِ اللَـهِ ذاكَ الدَمُ الغالي
وَلِلمَجـدِ مـا أَبقـى مِـنَ المَثَلِ العالي
وَبَعــضُ المَنايــا هِمَّــةٌ مِـن وَرائِهـا
حَيـــاةٌ لِأَقـــوامٍ وَدُنيـــا لِأَجيـــالِ
أَعَينَـــيَّ جــودا بِالــدُموعِ عَلــى دَمٍ
كَريــمِ المُصــَفّى مِــن شــَبابٍ وَآمـالِ
تَنـاهَت بِـهِ الأَحـداثُ مِـن غُربَـةِ النَوى
إِلــى حـادِثٍ مِـن غُربَـةِ الـدَهرِ قَتّـالِ
جَـــرى أُرجُوانِيّــاً كُمَيتــاً مُشَعشــَعاً
بِـــأَبيَضَ مِــن غِســلِ المَلائِكِ سَلســالِ
وَلاذَ بِقُضــــبانِ الحَديــــدِ شـــَهيدُهُ
فَعـــادَت رَفيفــاً مِــن عُيــونٍ وَأَطلالِ
ســَلامٌ عَلَيــهِ فــي الحَيــاةِ وَهامِـداً
وَفي العُصُرِ الخالي وَفي العالَمِ التالي
خَليلَـيَّ قومـا فـي رُبـى الغَربِ وَاِسقِيا
رَيــاحينَ هــامٍ فـي التُـرابِ وَأَوصـالِ
مِـنَ الناعِمـاتِ الراوِيـاتِ مِـنَ الصـِبا
ذَوَت بَيــنَ حِــلٍّ فــي البِلادِ وَتَرحــالِ
نَعاهــا لَنـا النـاعي فَمـالَ عَلـى أَبٍ
هَلــــوعٍ وَأُمٍّ بِالكِنانَــــةِ مِثكـــالِ
طَـوى الغَـربَ نَحـوَ الشـَرقِ يَعدو سُلَيكُهُ
بِمُضــطَرِبٍ فــي البَـرِّ وَالبَحـرِ مِرقـالِ
يُســِرُّ إِلـى النَفـسِ الأَسـى غَيـرَ هـامِسٍ
وَيُلقـي عَلـى القَلـبِ الشـَجى غَيرَ قَوّالِ
ســَماءُ الحِمــى بِالشــاطِئينِ وَأَرضــُهُ
مَناحَـــةُ أَقمـــارٍ وَمَـــأتَمُ أَشــبالِ
تُـرى الريـحُ تَدري ما الَّذي قَد أَعادَها
بِســاطاً وَلَكِــن مِــن حَديــدٍ وَأَثقـالِ
يُقِــلُّ مِــنَ الفِتيــانِ أَشــبالَ غابَـةٍ
غُــداةً عَلــى الأَخطــارِ رُكّـابَ أَهـوالِ
ثَنَتــهُ العَـوادي دونَ أوديـنَ فَـاِنثَنى
بِــآخَرَ مِــن دُهــمِ المَقــاديرِ ذَيّـالِ
قَـدِ اِعتَنَقـا تَحـتَ الـدُخانِ كَما اِلتَقى
كَمِيّــانِ فــي داجٍ مِـن النَقـعِ مُنجـالِ
فَســُبحانَ مَــن يَرمـي الحَديـدَ وَبَأسـَهُ
عَلــى نــاعِمٍ غَـضٍّ مِـنَ الزَهـرِ مِنهـالِ
وَمَـن يَأخُـذُ السـارينَ بِـالفَجرِ طالِعـاً
طُلــوعَ المَنايــا مِــن زَنِيّـاتِ آجـالِ
وَمَــن يَجعَــلُ الأَســفارَ لِلنــاسِ هِمَّـةً
إِلـــى ســَفَرٍ يَنــوونَهُ غَيــرَ قُفّــالِ
فَيــا نــاقِليهِم لَـو تَرَكتُـم رُفـاتَهُم
أَقـــامَ يَتيمـــاً فــي حِراســَةِ لَئآلِ
وَبَيـــنَ غَريبالــدي وَكــافورَ مَضــجَعٌ
لَنُــزّاعِ أَمصــارٍ عَلــى الحَــقِّ نُـزّالِ
فَهَــل عَطَفَتكُــم رَنَّــةُ الأَهـلِ وَالحِمـى
وَضـــَجَّةُ أَتـــرابٍ عَلَيهِـــم وَأَمثــالِ
لَئِن فــاتَ مِصـراً أَن يَموتـوا بِأَرضـِها
لَقَـد ظَفِـروا بِالبَعثِ مِن تُربِها الغالي
وَمــا شــَغَلَتهُم عَــن هَواهــا قِيامَـةٌ
إِذا اِعتَــلَّ رَهــنُ المَحبِسـَينِ بِأَشـغالِ
حَمَلتُــم مِــنَ الغَـربِ الشـُموسَ لِمَشـرِقٍ
تَلَقّــى ســَناها مُظلِمـاً كاسـِفِ البـالِ
عَــواثِرَ لَـم تَبلُـغ صـِباها وَلَـم تَنَـل
مَــداها وَلَــم توصــَل ضـُحاها بِآصـالِ
يُطــافُ بِهِــم نَعشــاً فَنَعشــاً كَـأَنَّهُم
مَصـاحِفُ لَـم يَعـلُ المُصـَلّي عَلى التالي
تَــوابيتُ فــي الأَعنــاقِ تَـترى زَكِيَّـةً
كَتــابوتِ موســى فــي مَنـاكِبِ إِسـرالِ
مُلَفَّفَــــةً فــــي حُلَّــــةٍ شــــَفَقِيَّةٍ
هِلالِيَّــةٍ مِــن رايَــةِ النيــلِ تِمثـالِ
أَظَــلَّ جَلالُ العِلــمِ وَالمَــوتِ وَفــدَها
فَلَـــم تُلـــقَ إِلّا فــي خُشــوعٍ وَإِجلالِ
تُفـــارِقُ داراً مِـــن غُــرورٍ وَباطِــلٍ
إِلــى مَنــزِلٍ مِــن جيـرَةِ الحَـقِّ مِحلالِ
فَيــا حَلبَـةً رَفَّـت عَلـى البَحـرِ حِليَـةً
وَهَــزَّت بِهــا حُلــوانُ أَعطـافَ مُختـالِ
جَــرَت بَيـنَ إيمـاضِ العَواصـِمِ بِالضـُحى
وَبَيـنَ اِبتِسـامِ الثَغرِ بِالمَوكِبِ الحالي
كَـثيرَةَ بـاغي السـَبقِ لَـم يُـرَ مِثلُهـا
عَلـى عَهـدِ إِسـماعيلَ ذي الطولِ وَالنالِ
لَـكِ اللَهُ هَذا الخَطبُ في الوَهمِ لَم يَقَع
وَتِلــكَ المَنايـا لَـم يَكُـنَّ عَلـى بـالِ
بَلـى كُـلُّ ذي نَفـسٍ أَخـو المَـوتِ وَاِبنُهُ
وَإِن جَــرَّ أَذيــالَ الحَداثَــةِ وَالخـالِ
وَلَيــسَ عَجيبـاً أَن يَمـوتَ أَخـو الصـِبا
وَلَكِــن عَجيــبٌ عَيشــُهُ عيشـَةَ السـالي
وَكُـــلُّ شـــَبابٍ أَو مَشـــيبٍ رَهينَـــةٌ
بِمُعتَــرِضٍ مِــن حــادِثِ الـدَهرِ مُغتـالِ
وَمـا الشَيبُ مِن خَيلِ العُلا فَاِركَبِ الصِبا
إِلـى المَجـدِ تَركَـب مَتـنَ أَقـدَرِ جَـوّالِ
يَسـُنُّ الشـَبابُ البَـأسَ وَالجـودَ لِلفَـتى
إِذا الشـَيبُ سـَنَّ البُخلَ بِالنَفسِ وَالمالِ
وَيــا نَشــَأَ النيـلِ الكَريـمِ عَزاءَكُـم
وَلا تَـــذكروا الأَقـــدارَ إِلّا بِإِجمــالِ
فَهَــذا هُــوَ الحَــقُّ الَّــذي لا يَــرُدُّهُ
تَـــأَفُّفُ قـــالٍ أَو تَلَطُّـــفُ مُحتـــالُ
عَلَيكُــم لِـواءَ العِلـمِ فَـالفَوزُ تَحتَـهُ
وَلَيـــسَ إِذا الأَعلامُ خـــانَت بِخَـــذّالِ
إِذا مـــالَ صـــَفٌّ فَـــاِخلُفوهُ بِــآخَرٍ
وَصــــَولِ مَســــاعٍ لا مَلــــولٍ وَلا آلِ
وَلا يَصــلُحُ الفِتيــانُ لا عِلــمَ عِنـدَهُم
وَلا يَجمَعـــونَ الأَمــرَ أَنصــافَ جُهّــالِ
وَلَيــسَ لَهُــم زادٌ إِذا مــا تَــزَوَّدوا
بَيانـاً جُـزافَ الكَيـلِ كَالحَشـَفِ البالي
إِذا جَــزِعَ الفِتيــانُ فـي وَقـعِ حـادِثٍ
فَمَــن لِجَليـلِ الأَمـرِ أَو مُعضـِلِ الحـالِ
وَلَــولا مَعـانٍ فـي الفِـدى لَـم تُعـانِهِ
نُفـــوسُ الحَـــوارِيّينَ أَو مُهَـــجُ الآلِ
فَغَنّــوا بِهاتيــكَ المَصــارِعِ بَينَكُــم
تَرَنُّـــمَ أَبطـــالٍ بِأَيّـــامِ أَبطـــالِ
أَلَســتُم بَنـي القَـومِ الَّـذينَ تَكَبَّـروا
عَلـى الضـَرَباتِ السَبعِ في الأَبَدِ الخالي
رُدِدتُــم إِلــى فِرعَــونَ جَــدّاً وَرُبَّمـا
رَجَعتُــم لِعَــمٍّ فـي القَبـائِلِ أَو خـالِ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932