
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
لا يُقيمَــنَّ عَلـى الضـَيمِ الأَسـَد
نَـزَعَ الشـِبلُ مِـنَ الغابِ الوَتَد
كَبُــرَ الشــِبلُ وَشــَبَّت نــابُهُ
وَتَغَطّـــى مَنكِبـــاهُ بِاللُبَــد
اِترُكــوهُ يَمــشِ فــي آجــامِهِ
وَدَعـوهُ عَـن حِمـى الغـابِ يَـذُد
وَاِعرُضـوا الـدُنيا عَلى أَظفارِهِ
وَاِبعَثــوهُ فـي صـَحاراها يَصـِد
فِتيَـةَ الـوادي عَرَفنـا صـَوتَكُم
مَرحَبـاً بِالطائِرِ الشادي الغَرِد
هُـوَ صـَوتُ الحَـقِّ لَـم يَبـغِ وَلَم
يَحمِـلِ الحِقـدَ وَلَـم يُخفِ الحَسَد
وَخَلا مِــن شــَهوَةٍ مــا خـالَطَت
صــالِحاً مِــن عَمَــلٍ إِلّا فَســَد
حَــرَّكَ البُلبُــلُ عِطفَــي رَبـوَةٍ
كـانَ فيها البومُ بِالأَيكِ اِنفَرَد
زَنبَـقُ المُـدنِ وَرَيحـانُ القُـرى
قــامَ فــي كُــلِّ طَريـقٍ وَقَعَـد
بـاكِراً كَالنَحـلِ فـي أَسـرابِها
كُــلُّ سـِربٍ قَـد تَلاقـى وَاِحتَشـَد
قَـد جَنـى ما قَلَّ مِن زَهرِ الرُبا
ثُـمَّ أَعطـى بَـدَلَ الزَهـرِ الشُهُد
بَســـَطَ الكَــفَّ لِمَــن صــادَفَه
وَمَضــى يَقصــُرُ خَطــواً وَيَمُــد
يَجعَـــلُ الأَوطـــانَ أُغنِيَتَـــه
وَيُنـادي النـاسَ مَـن جـادَ وَجَد
كُلَّمـــا مَـــرَّ بِبـــابٍ دَقَّــهُ
أَو رَأى داراً عَلـى الـدَربِ قَصَد
غادِياً في المُدنِ أَو نَحوَ القِرى
رائِحــاً يَســأَلُ قِرشـاً لِلبَلَـد
أَيُّهـا الناسُ اِسمَعوا أَصغوا لَهُ
أَخرِجـوا المـالَ إِلى البِرِّ يَعُد
لا تَـــرُدّوا يَـــدَهُم فارِغَـــةً
طــالِبُ العَــونِ لِمِصـرٍ لا يُـرَد
سـَيَرى النـاسُ عَجيبـاً فـي غَـدٍ
يَغــرِسُ القِــرشُ وَيَبنـي وَيَلِـد
يُنهِــضُ اللَــهُ الصـِناعاتِ بِـهِ
مِــن عِثـارٍ لَبَثَـت فيـهِ الأَبَـد
أَو يَزيــدَ البِــرَّ داراً قَعَـدَت
لِكِفـاحِ السـُلِّ أَو حَـربِ الرَمَـد
وَهـوَ فـي الأَيـدي وَفـي قُدرَتِها
لَـم يَضـِق عَنـهُ وَلَـم يَعجِز أَحَد
تِلـكَ مِصـرُ الغَـدِ تَبنـي مُلكَها
نـادَتِ البـاني وَجـاءَت بِالعُدَد
وَعَلــى المـالِ بَنَـت سـُلطانَها
ثــابِتَ الآسـاسِ مَرفـوعَ العَمَـد
وَأَصــارَت بَنــكَ مِصــرٍ كَهفَهـا
حَبَّـذا الرُكـنُ وَأَعظِـم بِالسـَنَد
مَثَــلٌ مِــن هِمَّــةٍ قَــد بَعُـدَت
وَمَـداها فـي المَعـالي قَد بَعُد
رَدَّهــا العَصــرُ إِلـى أُسـلوبِهِ
كُـــلُّ عَصــرٍ بِأَســاليبَ جُــدُد
البَنــونَ اِستَنهَضــوا آبـائَهُم
وَدَعـا الشـِبلُ مِنَ الوادي الأَسَد
أَصــبَحَت مِصــرُ وَأَضـحى مَجـدُها
هِمَّـةَ الوالِـدِ أَو شـُغلَ الوَلَـد
هَــذِهِ الهِمَّــةُ بِــالأَمسِ جَــرَت
فَحَــوَت فـي طَلَـبِ الحَـقِّ الأَمَـد
أَيُّهـا الجيـلُ الَّـذي نَرجو لِغَدٍ
غَــدُكَ العِــزُّ وَدُنيـاكَ الرَغَـد
أَنـتَ فـي مَدرَجَـةِ السـَيلِ وَقَـد
ضـَلَّ مَـن فـي مَـدرَجِ السَيلِ رَقَد
قُـدتَ فـي الحَـقِّ فَقُـد في مِثلِهِ
مِن نَواحي القَصدِ أَو سُبلِ الرَشَد
رُبَّ عــامٍ أَنــتَ فيــهِ واجِــدٌ
وَاِدَّخِــر فيــهِ لِعــامٍ لا تَجِـد
عَلِّــمِ الآبــاءَ وَاِهتِـف قـائِلاً
أَيُّهـا الشـَعبُ تَعـاوَن وَاِقتَصـِد
اِجمَـعِ القِـرشَ إِلـى القِرشِ يَكُن
لَــكَ مِــن جَمعِهِمـا مـالٌ لُبَـد
اُطلِــبِ القُطــنَ وَزاوِل غَيــرَهُ
وَاِتَّخِــذ سـوقاً إِذا سـوقٌ كَسـَد
نَحــنُ قَبـلَ القُطـنِ كُنّـا أُمَّـةً
تَهبِــطُ الـوادي وَتَرعـى وَتَـرِد
قَـد أَخَذنا في الصِناعاتِ المَدى
وَبَنَينـا فـي الأَوالـي مـا خَلَد
وَغَزَلنــا قَبـلَ إِدريـسَ الكُسـا
وَنَســَجنا قَبــلَ داوُدَ الــزَرَد
إِن تَــكُ اليَـومَ لِـواءً قـائِداً
كَـم لِـواءٍ لَـكَ بِـالأَمسِ اِنعَقَـد
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932