
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَطَّــت يَــداكَ الرَوضــَةَ الغَنّـاءَ
وَفَرَغـتَ مِـن صـَرحِ الفُنـونِ بِنـاءَ
مـا زِلـتَ تَـذهَبُ في السُمُوِّ بِركنِهِ
حَتّــى تَجــاوَزَ رُكنُــهُ الجَـوزاءَ
دارٌ مِــنَ الفَـنِّ الجَميـلِ تَقَسـَّمَت
لِلســـــاهِرينَ رِوايَــــةً وَرُواءَ
كَـالرَوضِ تَحـتَ الطَيـرِ أَعجَبَ أَيكُهُ
لَحــظَ العُيــونِ وَأَعجَـبَ الإِصـغاءَ
وَلَقَـد نَزَلـتَ بِهـا فَلَم نَرَ قَبلَها
فَلَكــاً جَلا شــَمسَ النَهـارِ عِشـاءَ
وَتَـوَهَّجَت حَتّـى تَقَلَّـبَ فـي السـَنا
وادي المُلــوكِ حِجــارَةً وَفَضــاءَ
فَتَلَفَّتـــوا يَتَهامَســـونَ لَعَلَّــهُ
فَجـرُ الحَضـارَةِ فـي البِلادِ أَضـاءَ
تِلـكَ المَعـارِفُ فـي طُلولِ بِنائِهِم
أَكثَــرنَ نَحــوَ بِنــائِكَ الإيمـاءَ
وَتَمـــايَلَت عيـــدانُهُنَّ تَحِيَّـــةً
وَتَرَنَّمَــــت أَوتـــارُهُنَّ ثَنـــاءَ
يــا بـانِيَ الإيـوانِ قَـد نَسـَّقتَهُ
وَحَــذَوتَ فـي هِنـدامِها الحَمـراءَ
أَيــنَ الغَريــضُ يَحِلُّـهُ أَو مَعبَـدٌ
يَتَبَـــوَّأَ الحُجُـــراتِ وَالأَبهــاءِ
العَبقَرِيَّــةُ فــي ضـَنائِنِهِ الَّـتي
يَحبــو بِهــا سـُبحانَهُ مَـن شـاءَ
لَمّــا بَنَيــتَ الأَيـكَ وَاِسـتَوهَبتَهُ
بَعــثَ الهَـزارَ وَأَرسـَلَ الوَرقـاءَ
فَسـَمِعتَ مِـن مُتَفَـرِّدِ الأَنغـامِ مـا
فــاتَ الرَشـيدَ وَأَخطَـأَ النُـدَماءَ
وَالفَــنُّ رَيحـانُ المُلـوكِ وَرُبَّمـا
خَلَــدوا عَلــى جَنَبــاتِهِ أَسـماءَ
لَــولا أَيــاديهِ عَلــى أَبنائِنـا
لَــم نُلــفَ أَمجَــدَ أُمَّــة آبـاءَ
كـانَت أَوائِلُ كُـلِّ قَـومٍ في العُلا
أَرضـاً وَكُنّـا فـي الفَخـارِ سـَماءَ
لَـولا اِبتِسـامُ الفَـنِّ فيمـا حَولَهُ
ظَــلَّ الوُجــودُ جَهامَــةً وَجَفــاءَ
جَـرِّد مِـنَ الفَـنِّ الحَياةَ وَما حَوَت
تَجِــدِ الحَيـاةَ مِـنَ الجَمـالِ خَلاءَ
بِــالفَنِّ عـالَجتِ الحَيـاةَ طَبيعَـةٌ
قَــد عـالَجَت بِالواحَـةِ الصـَحراءَ
تَـأوي إِلَيهـا الروحُ مِن رَمضائِها
فَتُصـــيبُ ظِلّاً أَو تُصـــادِفُ مــاءَ
نَبـضُ الحَضـارَةِ في المَمالِكِ كُلِّها
يُجــري السـَلامَةَ أَو يَـدُقُّ الـداءَ
إِن صـَحَّ فَهـيَ عَلـى الزَمانِ صَحيحَةٌ
أَو زافَ كــــانَت ظـــاهِراً وَطِلاءَ
انظُـر أَبا الفاروقِ غَرسَكَ هَل تَرى
بِـــالغَرسِ إِلّا نِعمَـــةً وَنَمـــاءَ
مِــن حَبَّــةٍ ذُخِـرَت وَأَيـدٍ ثـابَرَت
جــاءَ الزَمــانُ بِجَنَّــةٍ فَيحــاءَ
وَأَكَنَّــتِ الفَــنَّ الجَميـلَ خَميلَـةٌ
رَمَـــتِ الظِلالَ وَمَـــدَّتِ الأَفيــاءَ
بَـذَلَ الجُهـودَ الصـالِحاتِ عِصـابَةٌ
لا يَســأَلونَ عَــنِ الجُهـودِ جَـزاءَ
صــَحِبوا رَسـولَ الفَـنِّ لا يَـألونَهُ
حُبّـــاً وَصـــِدقَ مَــوَدَّةٍ وَوَفــاءَ
دَفَعوا العَوائِقَ بِالثَباتِ وَجاوَزوا
مـا سـَرَّ مِـن قَـدَرِ الأُمـورِ وَسـاءَ
إِنَّ التَعـــاوُنَ قُـــوَّةٌ عُلوِيَّـــةٌ
تَبنــي الرِجـالَ وَتُبـدِعُ الأَشـياءَ
فَليَهنِهِـم حـازَ اِلتِفاتَـكَ سـَعيُهُم
وَكَســا نَــدِيَّهُمو ســَناً وَســَناءَ
لَــم تَبــدُ لِلأَبصــارِ إِلّا غارِسـاً
لِخَوالِـــفِ الأَجيـــالِ أَو بَنّــاءَ
تَغـدو عَلى الفَتَراتِ تَرتَجِلُ النَدى
وَتَــروحُ تَصـطَنِعُ اليَـدَ البَيضـاءَ
فـي مَـوكِبٍ كَـالغَيثِ سـارَ رُكـابُهُ
بِشـــراً وَحَــلَّ ســَعادَةً وَرَخــاءَ
أَنـتَ اللِـواءُ اِلتَـفَّ قَومُـكَ حَولَهُ
وَالتــاجُ يَجعَلُـهُ الشـُعوبُ لِـواءَ
مِــن كُــلِّ مِئذَنَــةٍ سـَمِعتَ مَحَبَّـةً
وَبِكُـــلِّ نــاقوسٍ لَقيــتَ دُعــاءَ
يَتَأَلَّفـانِ عَلى الهُتافِ كَما اِنبَرى
وَتَـرٌ يُسـايِرُ فـي البَنـانِ غِنـاءَ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932