
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
اسـتخلفَ المَنصـورَ فـي وصـاتِهِ
إِن اِختيـار المَـرءِ مِـن حَصاتِهِ
اِبــن أَبيــهِ وَســِراج بَيتِــهِ
الخُلَفـــاءُ لَمَحـــاتُ زَيتِـــهِ
حَـبرُ بَنـي العَبـاس بَحر العلمِ
قُطـبُ رحـى الحَـرب مَدار السِلمِ
فَلــم يَكــد بِــالأَمر يَســتَقلُّ
حَتّـــى تَلقّـــى فِتنَــةً تُســَلُّ
قَــد فَـرَغ الأَهـلُ مِـن الغَريـبِ
وَاِشــتَغَل القَريــب بِــالقَريب
ثـارَ بِعَبـدِ اللَـهِ ثائِرُ الحَسَد
وَزَعـم الغـابَ أَتـى غَيـرَ الأَسَد
وَأَن مَـــروانَ إِلَيـــهِ ســلَّما
وَأَن يَـومَ الـزاب يَكفـي سـُلَّما
اِنقَلــب العَــمُّ فَصــارَ غَمّــا
وَفَـــدح الأَمـــرُ بِــهِ وَطَمّــا
جـاءَ نَصـيبِينَ وَقَـد شـَقَّ العَصا
فِيمَـن بَغـى الفِتنَةَ صَيداً وَعَصى
مــا فـلّ حـدّهم عَـن المَنصـورِ
ســِوى أَبــي مســلم الهَصــورِ
ســـَل عَلَيــهِ ســَيفَهُ وَرايَــه
فَلــم تَقــف لابـن عَلـيٍّ رايـه
وَهُــزِمَ الطــاهِرُ يَـومَ النَهـرِ
وَعــرف القــاهِرُ طَعـمَ القَهـرِ
وَمَــن يُحــاول دَولَــةً وَمُلكـا
يُلاقِ نُجحــــاً أَو يُلاقِ هُلكـــا
وَاسـتطرد الحَيـنُ بُنـوةَ الحُسن
وَاِجتَمَعوا فَاِمتَنَعوا عَلى الرَسَن
وَطَلَبـوا الأَمـر وَحاوَلَوا المَدى
وَبـــايَعوا راشــدَهم مُحَمّــدا
وَكـانَ مِقـداماً جَـريئاً مِحرَبـا
طـاحَ عَلـى حَدّ الظُبا في يَثرِبا
فَثـــارَ إِبراهيــمُ لِلثــاراتِ
وَأَزعَــج المَنصــورَ بِالغـاراتِ
فُــوجِئَ وَالجُيـوشُ فـي الأَطـرافِ
بِنَهضــة الــدَهماءِ وَالأَشــرافِ
اَضـــطَرب الحِجــازُ وَالعِــراقُ
وَشـــَغب الغـــواةُ وَالمُــرّاقُ
فَلــم تفُــلَّ النائِبـاتُ عَزمَـه
وَلَــم يَكِـلّ عَـن لِقـاءِ الأَزَمَـه
تَـــدارَكَ الشـــدةَ بِالأَشـــدا
مِــن كُــلِّ مَـن لِمثلِهـا أَعـدّا
وَكــانَ يَستَشـيرُ فـي المَصـائِبِ
وَهُوَ أَخو الرَأي السَديد الصائِبِ
أَمــرٌ لَــهُ كِلاهُمـا قَـد شـَمَّرا
وَجَــرّدا الســَيفَ لَـهُ بَـأَخمرا
فَكــانَ بَيــنَ هاشـمٍ مِـن حَـربِ
مــا كـانَ بَينَهـا وَبَيـنَ حَـربِ
وَكــانَ فــي أَولِهــا لِلطـالب
عَلـى قَنـا المَنصور عِزُّ الغالِبِ
لَـولا المَقـاديرُ القَديرةُ اليَدِ
لَأَحــرَز الســَيّدُ مُلــكَ السـَيّدِ
كَــرّت عَســاكِرُ الإِمــام كَــرّه
عَلــى جُنــود الحَســَنِيِّ مُــرّه
عــدته عَــن دَعـوته العَـوادي
وَأَسـعف الـدَهرُ أَولـى السـَدادِ
وَطـــابَ لِلشــَريف الاستشــهادُ
فِيمـــا يَخــال أَنَّــهُ جِهــادُ
فَطـاحَ لَـم يَنـزل عَـن الكُميـتِ
وَهَكَــذا أَبنــاءُ هَـذا البَيـتِ
وَكَثُــر القَتلــى وَراحَ الأَسـرى
عَلــى فَــوات الوَفَيـاتِ حَسـرى
ســَيقوا إِلـى يَزيـدَ أَو زِيـادِ
لَكــن مِــن القَرابَـةِ الأَسـيادِ
فَلــم يَـذُق كَالحسـنيّين البَلا
وَلا الحُســينيّون يَــوم كَـربلا
مُنـوا بِقاسـي القَلب لَيسَ يَرحَمُ
وَلَيــسَ تَثنيــهِ عَلَيهُــم رَحِـم
لَــو طَمعــت فـي مُلكِـهِ أَولادُهُ
شـــَفاهمو مشـــن طَمــع جَلّادُهُ
هَــذا أَبــو مُســلم التيّــاهُ
غرّتــه فــي دَولَتِهــم دُنيـاهُ
فَطــالَ فــي أَعراضـِهم لِسـانه
وَلَــم يَقُــم بِمَنِّــهِ إِحســانُه
وَنــــازع الآلَ جَلال القَــــدرِ
وَنافَســت هِمّتُــه فــي الصـَدرِ
دَعــواه فــي دَوعتهـم عَريضـَه
لَــولاه ظَلــت شَمســُها مَريضـَه
وَهُــوَ لِفَضــلِ الطـاهِرين نـاسِ
وَمـا لَهُـم في الحُب عِندَ الناسِ
وَمــا عَلـوا لَـهُ مِـن المُهمَّـة
وَبَــذَلوا مِـن مُدهِشـات الهمّـه
وَمَــوت إِبراهيــم حَتــفَ فيـهِ
فِـــدىً لِأَمرِهُــم وَحُبّــاً فيــهِ
فَــوغِرَ الــوالي عَلَيـهِ صـَدرا
يُظهِــرُ عَطفــاً وَيســِرَّ غَــدرا
وَصـاحِبُ الـدَعوة ضـافي الدَعوى
يَرفُــلُ فيهــا نَخــوَةً وَزَهـوا
تَطلُبُــهُ الــدِماءُ كُــل مَطلَـبِ
لا بُــدَّ لِلظُلــم مِــن مُنقَلَــبِ
فَكَــم أَدارَهــا عَلـى المَنـون
وَكَــم أَراقَهــا عَلـى الظُنـونِ
هَـذا الَّـذي حَمـى أُميَـةَ الكَرى
كـانَ أَبـو جَعفَـر مِنـهُ أَنكَـرا
قَـد يَقَـع الثَعلَـبُ في الحُبَالَه
وَتَتّقِــي الفَراشــَةُ الــذُبالَه
أَفنـى الفَضـاءُ حيلَـةَ الخِراسِي
وَعَصـــفت رِيـــاحُهُ بِالراســي
وَســاقَهُ الحَيــنُ إِلـى الإِمـامِ
وَالنَفـــس تَســـتَجر لِلحِمــامِ
فَجــاءَهُ فــي مَــوكِبٍ مَشــهودِ
وَفــي مَــدارِعٍ مِــن العُهــود
أُريـدُ بِالداعي الرَدى وَما دَرى
وَكُـــلُّ غَـــدّارٍ مُلاقٍ أَغـــدَرا
فَمُكِّنــت مِنــهُ ســُيوفُ الهِنـدِ
وَظَفَـــر الفِرنـــدُ بِالفِرِنــدِ
أُصــيبَتِ الدَولَـةُ فـي غِنائِهـا
وَســَقَط البَنّــاءُ مِـن بِنائِهـا
الخُلفـــاءُ وَلـــدُ المَنصــورِ
وَعَصـرُهُ الزاهـي أَبـو العُصـورِ
إِن اِســتَهلَّت بِالــدِماءِ مُـدَّتُه
فَمـا وَقاهـا الهَيـج إِلّا شـِدتُه
وَمَــن يَقُــم بِمُلكِــهِ الجَديـدِ
يَقُـــده بِــالحَريرِ وَالحَديــدِ
لا تَـرجُ في الفِتنَة رِفقَ الوَالي
قَــد يُـدفَع الحُكّـامُ بِـالأَحوالِ
أُنظُــر إِلـى أَيـامِهِ النَواضـِرِ
وَظِلِّهـا الـوَارف فـي الحَواضـِرِ
عِشـرونَ فـي المُلـكِ رَفَقنَ أَمنا
وَفِضــنَ نَعمــاءَ وَســِلنَ يُمنـا
خِلافَــــةٌ ثَبّتهـــا قَواعِـــدا
ثُــمَ تَرقّــى بِالبِنـاءِ صـاعِدا
أَدرُّ مِــن صــَوب الغَمـام دَخلا
عَلـــى أَشــَد الخُلِفــاءِ بُخلا
يَخـافُ فـي مـالِ العِبـاد اللَه
مــا تَبــع الـدُنيا وَلا تَلاهـى
لِلســـلم آلاتٌ وَلِلحَــرب أُهَــب
جِمـاعهن فـي المَمالـك الـذَهَب
وَحَـوّلَ المَنصـورُ مَجـرى العَهـدِ
أَخَّــر عيســى وَأَقـام المَهـدي
فَكــانَ فــي تَقــديمه الإِصـلاحُ
وَفــي بَنيــهِ الخَيــرُ وَالفَلاحُ
وَلا تَســَل عَــن هِمَّــةِ العُقـولِ
وَنَهضــَةِ المَعقــول وَالمَنقـولِ
وَكَـــثرَةِ الناقِــلِ وَالمُعَــرِّبِ
عَـن حِكمَـةِ الفُرسِ وَعِلم المَغرِبِ
وَاِختَـطَّ بَغـدادَ عَلـى التَسـديد
داراً لِمُلـــكِ يســـرٍ مَديـــدِ
كــانَت لِأَيـام البَهاليـل سـِمَه
وَمِهرَجـــانَ مُلكِهــم وَمَوســِمَه
يَنجـمُ فيهـا النـابِغُ السـَعيدُ
وَيُنجـــب المُقتَبــس البَعيــدُ
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932