
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
الحـــق حجتـــه هـــي الغــرّاء
هيهــات فـي فلـق الصـباح مـراء
لا يطلبـــنّ الغايـــة الشــعراء
لــو نــال كنـه جلالـك الكـبراء
آبـــت بـــه ســيناء والإســراء
الـوهم يبعـد فـي الظنـون ويقرب
والعقــل فيــك مســافر متغــرّب
والفكـر يهـرب حيـث أنـت المهرب
والنفــس غايتهــا إليــك تقـرّب
وقصــارها فــي عفــوك اسـتذراء
العقــل أنــت عقلتــه وســرحته
وأحــرت فيــك دليلــه وأرحتــه
آتيتــه الحجــر الأصــم ونحتــه
والنجــم يَعبــد فـوقه أو تحتـه
مــا تــوهم الغـبراء والخضـراء
بالهنـد هلكـي فـي الهياكـل سبح
وبمنــف كهــان لكُنهــك ســبحوا
والـروم غرقـى فـي المحبـة سـبح
ســـقراط مغـــدوّ عليــه مصــبح
فيــك الزعــاف ومنـه الاسـتمراء
حيـران يـذهب فـي السـماء ويبحث
ويــثير وجــه الأرض عنـك ويبحـث
ويلــوذ بــالأنواء حيــن تحثحـث
ويحـس مـا هالوا التراب وماحثوا
بيـــد تميـــت العــالمين وراء
سـلك السـماء إلـى سـنائك معرجا
والأرض نحــو كريــم سـرك مـدرجا
والـوهم فيـك إلى الحقيقة مخرجا
علمتـــه أخــذ الأمــور تــدرّجا
أصــل الحقــائق كلهـا اسـتقراء
فـي الـدهر إذ هـو ناهض لم يَشرُخ
وإذ القــدامى فـي حلـوم الأفـرخ
لمـح الشـقى يـد العناية والرخى
خَفَضــا الجنــاح لمسـتغاثُ مُصـرِخِ
يُشـــكَى البلاء إليــه والضــراء
موســى علـى سـينين أعشـى أرمـد
هــو والجبــال وأرض مَـديَن همـد
ودنــا فخـر إلـى الجـبين محمـد
ومحمــد ســليمان ووجهــك سـرمد
يعنـــو لـــه الأملاك والأمـــراء
بجلالــه أضــحى الجمــال تعـوّذا
وعـدا الجمال على الجلال استحوذا
يــأوى إلــى ســُبُحاته هـذا وذا
وتطيــف أصــناف المحامـد لّـوذا
مــاذا ينــال المــدح والإطـراء
بيمينــك الملــك الـذي لا يحصـر
خلــت الممالــك دونــه والأعصـر
وصـحا الملوك من الغرور وأقصروا
كســرى وهــارون الرشـيد وقيصـر
تحـــت الــتراب أذلــة فقــراء
ولــك القضــاء غــراره ومحــزّه
لا شــيء فـي هـذا الوجـود يَعـزه
ترمــى بــه ركـن الـثرى فتفـزّه
تتنــاثر التيجــان حيــن تهـزه
وتمـــزَّق الشـــهباء والخضــراء
أمــا الملائكــة الكــرام فقبـس
لبسوا الحلى الحسنى وأنت المُلبِس
وعلـى التحيـة والثنـاء تحبّسـوا
خشـعوا فلـم يجروهمـا أو ينبسوا
إلا كمــــا يتخـــافت القـــراء
ينـــزون بيــن مجنَّــح ومريّيــش
نـزو الفَـراش ومـا همـو بـالطُيّش
حــول الضـياء الحاشـد المتجيـش
ويجــرّرون مــن الغلائل مـا يشـى
ســر النعيــم وتنســج الســراء
عــرش علــى أم العلــى منصوصـه
مـن جـوهر الحـق المـبين فصوصـه
جبريـل وهـو بـه القـديم خصـومه
ملقــى الجنــاح إزاءه مقصوصــه
والرســل مــن أن يــدَّعوه بـراء
فــي منـزل فـوق الحسـاب وفرضـه
عـال علـى مسـرى الخيـال وقرضـه
فـي طـوله يفنـى المكـان وعرضـه
مـا فـي سـماء الكون أو في أرضه
مــــرداء تشـــبهه ولا شـــجراء
وكـــأنه نـــون يراعــك خطهــا
قـد وُفِّيـت مـن حسـن صـوغك قسطها
لمــا أراد لـك ابتـداعك نقطهـا
أعلاك فــي الســمت الأتـم وحطهـا
قلــم فــأنت النقطــة الزهـراء
العلــم ثَــمَّ ضــنائنا وحفائظـا
والعــز ثــم حقائقــا وحفائظـا
مجـد أمـات بـك المُكـابر غائظـا
فأتــاك مبـذول المقـادة فائظـا
حيـــران ليــس لــدائه إبــراء
عــن هــذه الأنـوار يعشـى يوشـع
فمــن الرئيـس وعلمـه المتشعشـع
أو مــن أرســطو المشـاة الخشـع
عصـفت بهـم وريـح البلى فتقشعوا
ورحــت رحاهــا فيهــم الغـبراء
لبسـوا النبوغ من العناية مسبغا
فتخيَّلـوا وزهـا الـذكاء النُّبغـا
مـا مَـن أَدَلَّ بمـا وهبـت كمى بغى
والنـــاس ذو رأى وآخــر ببَّغــا
تَحكـــى وتُنقـــل عنــدها الآراء
يــا ربَّ مــدنيً مـن حمـاك مشـنَّف
ورهيـــن إذن دون بابــك مــدنف
حــارا مـن السـر الخفـى بنفنـف
ســرٌّ جلالــك صــانه فالسـين فـي
يمنـى يـديه وفـي الشـمال الراء
بحـر المحبـة فـوق بـاع الـزورق
والفلــك إن تـذهب ذراعـا تخـرَق
فاجعـل شـراعك فيـه عينـك وافرق
كـم فـي تراقى الموج من يد مغرق
قُبِلــت وأخــرى حظهــا الإعــراء
كــم آيــة لــم يجـدها المشـرك
غــراء بالبصــر المجــرّد تـدرك
فلــكٌ منــوط فـي الفضـاء محـرّك
هـل ثـار فيـه مـن الثوابت مبرك
أم عـــىَّ ســـيَّار بـــه ســـراء
ذو الرزمـح فيـه على وداد الأعزل
والفرقــدان عـن اللَّـداد بمعـزل
ويـد الغزالـة فـوق أشـرِف مِغـزل
والبــدر كــلَّ ملاوة فــي منــزل
حـــتى تحــل شــراكه العفــراء
النمـل ينجـد فـي المعـاش ويتهم
عـــن أى رأسٍ أو فـــؤادٍ يفهــم
لـــب يضـــل مكــانه المتــوهم
لــولا يــد تحــدو وهــاد ملهـم
لـم يبـد منـه الحـزم والنكـراء
والــرزق ســر لـم يُنَـل مكنـونه
ضــنت بــه كـاف السـماح ونـونه
كــذب الحريــص وحرصــه وفنـونه
ســــتعوده ســـوداؤه وجنـــونه
مــا دامــت البيضـاء والصـفراء
فرعــون لــم يخلــد ولا اشـباهه
لـم يغـن عنـه مـن النباء نباهه
ملأ أتــــاك عِــــتيُّه وســـَباهه
نزلــت علـى حـم الـتراب جبـاهه
وكــذا يكــون الحكــم والإجـراء
بـالموت أذللـت النفـوس وبالهوى
وقهـرت مـن وطىء التراب ومن هوى
والنجـم لـو سـرت الحياة به هوى
وانحـط عن أوج الهواء إلى الهُوَى
يبكــى عليــه الأهــل والعشـراء
لــم يــأل داود الصـلاة مثانيـا
ويســوع دمعـا والبشـير مثانيـا
وتنــوَّر الــوادى ربـىً ومثانيـا
فسـما الكليـم فمـا توسـم ثانيا
أنَّــى لــك الشــركاء والنظـراء
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932