
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نــزل المناهــل والربـى آذار
يحــدو ربيــع ركـابه النُّـوار
يختـال فـي وشى الرياض وطِيبها
وتزفـــه الربــوات والأنهــار
سـمح البنان بكل ما زان الثرى
فالوشــى يـوهب والحلـىّ يعـار
ملأ الخمـائل مـن تصـاويرٍ كمـا
ملأ الرفــارف بالـدُّمى الحفـار
فــي كــل دوح دميــة ومِنصــة
وبكـــل روض صـــورة وإطـــار
حـدجته بالبصـر الحمائل مثلما
حـدجت بعينهـا العـروسَ الـدار
لبسـت لـه الآمـال بهجـة شمسها
وتزينـــت للقـــائه الأســحار
حيته بالنغم الهواتفُ في الضحى
وترنمـــت بثنـــائه الأوتــار
والمـاء يطِفـر جـدولا ويفيض من
عيـن ويخبـط فـي القنـى ويحار
جَـــرّ الإِزارَ فكــل روض حامــل
مســكا وكــل خميلــة معطــار
فــي كــل ظــل مِزهــر مـترنم
ووراء كـــل نضـــارة مزمــار
وعلــى ذؤابـة كـل غصـن قينـة
الصــَّنج خلـف بنانهـا والطـار
والنيـل في الواديى نجاشىّ مشى
فــي ركبـه الرؤسـاء والأحبـار
سـحبوا الطقوس ورتلوا إنجيلهم
فتعــالت الصــلوات والأذكــار
نــزلاء مصـر حللتمـو بفؤادهـا
وحوتكمــو الأســماع والأبصــار
ضيفا على البلد الكريم وطالما
هتـف النزيـل بـه وغنـى الجار
تـاج كقـرص الشـمس ملـء إطاره
عتـــق ومجــد تالــد وفخــار
وكـأن كلتـا صـفحتيه من السنا
ومــن التلبـس بالشـموس نهـار
نحـن الكرام إذا مشى في أرضنا
ضــيف ونحــن بأرضــنا أحـرار
مصـر ثـرى الفـن الجميل ومهده
تنــبيكمو عــن ذلــك الآثــار
غُمـرت بموسـيقى الجمـال تلالُها
وتفجــرت عــن مــائه الاحجـار
واد كحاشــية النعيــم وأيكـة
مــا للبلابــل دونهــا أوكـار
مـن عهد إسماعيل لم تخل الربى
منهــا ولــم تتعطــل الأشـجار
ممــا يتيــح اللـه جـل جلالـه
لعبـــاده وتســـخَّر الأٌقـــدار
فــي كــل جيــل عبقـريّ نـابغ
غــرد اللهــاة مفنــن ســحار
قضَّى على الشوك الحياة وكم دعا
للسير في الورد الرفاقَ فساروا
أمـا الغنـاء فلـذة الأمم التي
طافوا عليها في الحياة وداروا
يا طالما ارتاحوا إليه وطالما
حمسوا على النغم الشجىّ وثاروا
وتـر تعلـق فـي النعيـم بـآدم
غنــى عليــه بنــوه والأصـهار
الخمـر والسـحر المـبين وراءه
والشــجو والزفـرات والتَّـذكار
وعلـى تغنـى النفس في وجدانها
خلــت العشــىّ ومــرت الأبكـار
ألحــان كــل جماعـة وغنـاؤهم
لغــة ونجــوى بينهــم وحِـوار
نغـم الطبيعـة في مغانيهم وما
تملـى الريـاض وتنشـئ الأزهـار
لا تعشــــق الآذان إلا نغمــــة
كـانت عليهـا فـي المهود تدار
فرعـون فـي الوادي وصاحب بوقه
وقيــانه والنــاى والقيثــار
وترنمــات الشـعب حـول ركـابه
وطلاســـم الكهنــوت والأســرار
لـو عـاد ذلـك كلـه لقى الهوى
حـتى كـأنه لـم تطـوِه الأعصـار
عابــدين ركنـك مـوئل ومثابـة
لا زال يُســـتذرى بــه ويــزار
ثبتـت أواسـى العرش في محرابه
وأوت إليـــه أمـــة وديـــار
وعلــى مطالعــة وفــي هـالاته
بزغــت شــموس العـز والأقمـار
للعلــم منـه وللثقافـة حـائط
يــؤوَى إليــه وللفنـون جـدار
أنزلـت فـي سـاحاته شـعري كما
نزلــت رتـاج الكعبـة الأشـعار
ونظمـت فيـه وفـي وضـاءة ليله
مـالم تـزل تجـرى بـه الأسـمار
ورحابــك الربــوات إلا أنهــا
أرض النــدَى وسـماؤه المـدرار
أفريقيـا فـي ظلـك اجتمعت على
صــفو فلا نزلــت بهـا الأكـدار
فـي المهرجـان العبقريّ تسايرت
أعلامهـــا وتلاقـــت الأنـــوار
لما دعا داعى المعز إلى القِرى
شــدّت صــحارٍ رحلهــا وقفــار
سـفر إلى الوادي السعيد وملكه
حســدت عليـه وفودهـا الأمصـار
رفعـوا شـراع البحـر يستبقونه
ولو أنهم ملكوا الجناح لطاروا
أمـم مـن الإسـلام يجمـع بيننـا
مــاض وأحــداث خلــون كبــار
وحضـارة الفصـحى وروح بيانهـا
وقريـــشٌ العــالون والأنصــار
وحــوادث تجـرى لغايتهـا غـدا
ولكـــل جــار غايــة وقــرار
فـي معهـد الـوادى ودار غنائه
فــرح تسـير غـدا بـه الأخبـار
بعثـت بـه الدنيا كرائم طيرها
مــن كــل أيــك بلبـل وهَـزار
وحـوى النوابـغ فيه حول نواله
شـعب علـى حـرم الفنـون يغـار
جلـب السـوابق كلهـا فتسـابقت
حــتى كــأن المعهـد المضـمار
إحسـان مجبـول علـى الإِحسان لا
تحصـــى صـــنائعه ولا الآثــار
يا شعب وادى النيل عشت ولا يزل
يجــرى بيمـن أمـورك المقـدار
أنـت الرشـيد علـى كريم بساطه
تســــتعرض الآراء والأفكــــار
أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932