
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
عـــزاؤكَ أن الــدهرَ ذو فَجعــاتِ
وكـــلُّ جميـــعٍ صـــائرٌ لشــَتاتِ
لـك الخيـرُ كـم أبصـرتَهُ وسـمعتَهُ
قـــرائنَ حـــيٍّ غيــرَ مختلجــاتِ
هــلِ النـاس إلا معشـرٌ مـن سـلالةٍ
تعـــودُ رُفاتــاً ثَــمَّ أيَّ رفــاتِ
ميــاهٌ مَهينــات يــؤولُ مآلُهــا
إلــى رِمَــمٍ مــن أعظُــمٍ نخـراتِ
أرى الـدهر ظَهـراً لا يـزال براكبٍ
وإن زل لــم يُـؤْمنْ مـن العـثراتِ
ومــن عجـبٍ أنْ كلمـا جـدَّ ركضـُنا
عليــه تباعــدنا مــن الطَّلبـاتِ
وأعجــبُ منـه حرصـُنا كلمـا خلـتْ
سـنونا كأنـا مـن بنـي العشـراتِ
نُخلِّــــف مأمولاتنـــا وكأننـــا
نســيرُ إليهــا لا إلـى الغَمـراتِ
غُررْنــا وأُنــذرنا بـدهرٍ أَملَّنـا
غُــروراً وإنــذاراً بهــاكَ وهـاتِ
إذا مــجَّ مجـاتٍ مـن الأَري أَعْقبـت
بأقصــى ســهام فــي أحـدِّ حُمـاتِ
أميْـري وأنـت المـرءُ ينجـم رأيهُ
فيسـري بـه السـارونَ في الظُّلماتِ
وتعصـِفُ ريـحُ الخطـبِ عنـد هُبوبها
وأنـت كركـنِ الطَّـودِ ذي الهَضـباتِ
عليـك بتقـوى اللـه والصـبرِ إنهُ
مَعـــاذٌ وإن الــدهر ذو ســَطواتِ
وليـس حكيـمُ القـوم بالرَّجل الذي
تكــون الرزايــا عنــده نَقمـاتِ
فُجعَــت فلا عــادت إليــك فجيعـةٌ
كمـــا يُفجَــع الأملاك بالملِكــاتِ
أصــِبْتَ وكــلٌّ قــد أُصـيب بنكبـة
يُهـاض بهـا الماضـي مـن النَكباتِ
فلا تجزعَـنْ منهـا وإن كـان مثلها
زعيمـاً بنفـرِ الجـأشِ ذي السكناتِ
ومـا نَفْـرُ نفـسٍ مـن حلـول مصيبةٍ
وقــد أيقَنَـتْ قِـدماً بمـا هـو آتِ
أتــوقنُ بالمقــدور قبـل وقـوعِه
وتنفِــر نفــرَ الغِــرِّ ذي الغفلاتِ
لقـد أونَسـت حـتى لقد حان أنسُها
بمــا شـاهدت للـدهر مـن وقعـاتِ
فمـا بالهـا نفـرُ الأغـرَّاء نفرُها
وقــد أُنـذِرت مـن قبـلُ بـالمَثُلاتِ
مـن احتسـبَ الأقـدار أيقن فاستوتْ
لــــديه منيخـــات ومنتظَـــراتِ
هلِ المرءُ في الدنيا الدنيةِ ناظرٌ
ســوى فقــد حـبٍ أو لقـاء مَمـاتِ
ألــم تَـر غَـاراتِ الخطـوب مُلِحّـةً
فـــبين مُغــاداةٍ وبيــن ثبــاتِ
تــروحُ وتغــدو غيــر ذات ونيَّـةٍ
علـــى حيـــوان مـــرة ومَــواتِ
ومـا حركـاتُ الـدهر فـي كل طَرفةٍ
بلاهيـــةٍ عـــن هــذه الحركــاتِ
سَيسـْقي بنـي الدنيا كؤوسَ حتوفهم
إلــى أن ينـاموا لا منـامَ سـُباتِ
وفــاءٌ مـن الأيـام لا شـك غـدرُها
وهـــل هــنّ إلا منجــزاتُ عِــداتِ
يَعِــدْن بغــدر ليـس بالمُخلفـاتِهِ
فقُـلْ فـي وفـاءٍ مـن أخـي غَـدراتِ
تعـزَّ بمـوت الصـِّيد مـن آل مُصـْعب
تجــدهُم أُسـىً إن شـئت أو قـدواتِ
تعــزَّوا وقـد نـابتهُمُ كـلُّ نوبـةٍ
ومــاتوا فعــزَّوا كـلَّ ذي حسـراتِ
ومـن سُنن اللَّه التي سنّ في الورى
إذا جــــالتِ الآراءُ مُعتبِــــراتِ
زوالُ أصـول النـاسِ قبـل فروعهـم
وتلــك وهــذي غيــرُ ذات ثبــاتِ
ليبقَــى جديـدٌ بعـد بـالٍ وكلُّهـم
سـَيْبلَى علـى الصـّيفاتِ والشـَّتَواتِ
وإن زالَ فــرعٌ قبـل أصـلٍ فإنمـا
تُعَــدُّ مــن الأحــداث والفَلتــاتِ
وتلــك قضـايا اللـه جـلَّ ثنـاؤه
وليســت قضـايا اللـه بـالهفواتِ
لِيُعلَــم ألَّا مــوتَ ميــتٍ لكَبْــرةٍ
ولا عيـــش حــيٍّ لاقتبــال نبــاتِ
وتقــديمُ مــن قَـدَّمت شـيءٌ بحقِّـهِ
فَـدَعْ عنـك سـَحَّ الـدمع والزفـراتِ
ولا تَسـخَطِ الحـقَّ الذي وافق الهدى
هـوى مـن لـه أمسـيتَ فـي كُربـاتِ
رُزئتَ الــتي ودَّت بقــاءَك بعـدها
وأحيـت بـه فـي ليلهـا الـدعواتِ
وكــانت تَمنَّـى أن تُـردَّى سـريرها
وبعــضُ أمــانيِّ النفــوس مُـواتي
فلا تكرهَــنْ أن أوتِيَـتْ مـا تـودُّهُ
فكرهُــك مــا ودت مــن النكـراتِ
ألـم تـر رُزءَ الدَّهر من قبل كونهِ
كفاحــاً إذا فكَّـرتَ فـي الخلـواتِ
بلـى كنـتَ تلقـاهُ وإن كان غائباً
بفكـــرك إن الفكــرَ ذو غــزواتِ
فمـا لـك كـالمَرميِّ مـن مـأمنٍ لهُ
بنَبْـــلٍ أبَتْــه غيــرَ مُرتقبــاتِ
زَعِ القلــب إن الفاجعـاتِ مصـائبٌ
أصــابت وكــانت قبــل مُحتسـَباتِ
فــإن قلـتَ مكـروهٌ ألمـت فُجـاءةً
فمــا فـوجئت نفـسٌ مـع الخطـراتِ
ولا غوفصـت نفـسٌ ببلـوى وقـد رأت
عِظــاتٍ مــن الأيــام بعـد عظـاتِ
إذا بغَتـتْ أشـياءُ قـد كان مثلها
قـــديماً فلا تعتـــدَّها بغَتَـــاتِ
جزعـتَ وأنـت المـرءُ يوصـف حزمُـهُ
ولا بـــدَّ للأَيقــاظِ مــن رَقَــداتِ
فـأعقِبْ مـن النـوم التنبُّهَ راشداً
فلا بـــد للنُّــوام مــن يقظــاتِ
ومَـن راغـم الشيطانَ مثلك لم يُجب
رُقــاهُ ولــم يَتْبــع لـه خُطـواتِ
وممــا ينســِّيك الأَســى حسـناتُها
وإن كنـت منهـا يـا أخا الحسناتِ
فـإن ثـوابَ اللـه فـي رُزء مثلها
لِقاؤُكهــا فــي أرفــع الـدرجاتِ
وذاك إذا قضـــَّيتَ كـــلّ لُبانــةٍ
مـن المجـد واسـتمتعتَ بالمُتُعـاتِ
مضـت بعـدما مُـدَّتْ على الأرض برهةً
لتُمجِــدَ مـن فيهـا مـن البركـاتِ
فـإن تـكُ طـوبى راجعـت أخواتهـا
فقــد زوِّدت مــن طيّــب الثمـراتِ
لعَمـرك مـا زُفّـت إلـى قعـر حفرةٍ
ولكنهــا زُفَّــت إلــى الغُرُفــاتِ
ولـولاك قلنـا مـن يقـومُ مقامهـا
ومـن يـؤثِر التقـوى على الشبهاتِ
سـقاها مـع الـدمع الذي بُكِيَتْ به
حيـا الغيثِ في الروحات والغدواتِ
وصــلّى عليهــا كلمــا ذرَّ شـارقٌ
وحــان غــروبٌ صــاحبُ الصــلواتِ
علي بن العباس بن جريج أو جورجيس، الرومي. شاعر كبير، من طبقة بشار والمتنبي، رومي الأصل، كان جده من موالي بني العباس. ولد ونشأ ببغداد، ومات فيها مسموماً قيل: دس له السمَّ القاسم بن عبيد الله -وزير المعتضد- وكان ابن الرومي قد هجاه. قال المرزباني: لا أعلم أنه مدح أحداً من رئيس أو مرؤوس إلا وعاد إليه فهجاه، ولذلك قلّت فائدته من قول الشعر وتحاماه الرؤساء وكان سبباً لوفاته. وقال أيضاً: وأخطأ محمد بن داود فيما رواه لمثقال (الوسطي) من أشعار ابن الرومي التي ليس في طاقة مثقال ولا أحد من شعراء زمانه أن يقول مثلها إلا ابن الرومي. وكان القاضي الفاضل قد أمر ابن سناء الملك باختيار شعر ابن الرومي، فاعتذر عن ذلك بقوله: (وأما ما أمر به في شعر ابن الرومي فما المملوك من أهل اختياره، ولا من الغواصين الذين يستخرجون الدر من بحاره، لأن بحاره زخارة، وأسوده زآرة، ومعدن تبره مردوم بالحجارة، وعلى كل عقيلة منه ألف نقاب بل ألف ستارة. يطمع ويؤيس ويوحش ويؤنس، وينير ويظلم، ويصبح ويعتم شذره وبعره، ودره وآجره، وقبلة تجانبها السبة، وصرة بجوارها قحبة، ووردة قد حف بها الشوك، وبراعة قد غطى عليها النوك. لا يصل الاختيار إلى الرطبة حتى يخرج بالسلى، ولا يقول عاشقها: هذه الملح قد أقبلت حتى يرى الحسن قد تولى. فما المملوك من جهابذته، وكيف وقد تفلس فيه الوزير، ولا من صيارفته ونقاده. ولو اختاره جرير لأعياه تمييز الخيش من الوشي والوبر من الحرير). وفي وفاته خلاف بين عام 283 و284 و296 و297