
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـــُمْتَ للَّـــه صـــَوْمَ خِـــرْقٍ هُمــامِ
مُفْطِـــرِ الكــفّ بالعطايــا الجســامِ
أطلـــــعَ اللّــــه للصــــيام هلالاً
ولنــــا مــــن علاكَ بـــدرَ تمـــامِ
وشــــفاكَ الإلــــهُ مـــن كـــلّ داءٍ
صـــحّ منـــه الجلالُ بعـــد الســقامِ
كـــان يــومَ الســرور منــك ركــوبٌ
أرحَـــلَ الهــمّ عــن قلــوب الأنــامِ
إذ شــكا مــن شـَكاتك النـاسُ والبـا
سُ وطعـــنُ القنـــا وضــرب الحســامِ
ثـــم ضـــجّوا لمـــا رَأوْكَ صـــحيحاً
والعُلـــى منــك ثَغْــرُهُ ذو ابتســامِ
مَـــرَضٌ منـــك قبّـــلَ الكــفَّ شــوْقاً
ثــــمّ ولّــــى بخجلـــةٍ واحتشـــامِ
حَجَــبَ الغيــمُ منـه فـي الأفـق بـدراً
وانجلــــى عــــن ضـــيائه بســـلامِ
واقتضــى الشــهرُ مـن معاليـك صـنعاً
مُعْليــــاً منـــه همّـــةً باهتمـــامِ
قَطْــعُ ضــوءِ النهــار صــوماً وبــرّاً
ودجـــى الليــل بالســُّرَى والقيــامِ
وســـجودٌ مـــن نــور وجهــك طوعــاً
مـــا أطـــالَ الســجودَ وجــهُ الظلامِ
وخشــــوعٌ يعلــــوه منـــك وقـــارٌ
مُعْـــرِبٌ عـــن رَجَاحـــةٍ مــن شــَمامِ
طــابَ بيــنَ الملــوك ذكــرُكَ كـالمسْ
كِ إذا فُـــضّ عنـــه طيـــبُ الختــامِ
فهــو مــا بينهــمْ بــه سـَمَرُ اللـي
ل وشـــَدْوٌ علـــى كـــؤوس المـــدامِ
فلــك اللّــه مــن كريــم الســجايا
معــرِقِ المجــدِ فـي الملـوكِ الكـرامِ
ذِمْـــرُ حَـــرْبٍ لــه اقتحــامُ هزبــرٍ
وجــــوادٌ لــــه يميــــنُ غَمــــامِ
بـــائنُ الخطـــتين نخشـــى ونرجُــو
رَيـــثَ غَفـــرٍ لــه وبطــشَ انتقــامِ
قـــام للّـــه ذو انتصـــارٍ لـــدينٍ
رامـــتِ الـــرّومُ منــه كــلّ مــرامِ
ورمــــى ثغــــرةَ العـــدوّ بســـهمٍ
وثنــــى ســــَهْمَهُ عــــن الإســــلامِ
بـــإعتزامٍ ككـــوكب الجـــوّ يرْمــي
منهــــمُ كــــلَّ مــــاردٍ بضــــرامِ
وَبِحَرْبِيّــــةٍ لهــــا نِفْــــطُ حَـــرْبٍ
يحـــرقُ المـــاءَ تـــارةً باضــطرامِ
ترتمــــي فــــي مُلَوَّنـــاتِ لُبُـــودٍ
كريــــاضٍ نَــــوّرْنَ فــــوق إكـــامِ
فهــي تجلــو عــرائسَ المــوت سـوداً
هَـــوّلَتْ فـــي عبـــاب أخضــرَ طــامِ
يـــا لهـــا مــن جحافــلٍ زاحفــاتٍ
بضــــواري الأســـود فـــي الآجـــامِ
وذبــــالٍ علـــى القنـــا مُشـــْعَلاتٍ
مطفئات الأرواح فــــــي الأجســـــام
ونـــدى فـــاضَ مـــن بنــانِ كريــمٍ
غيــــرِ مُصـــْغٍ فـــي بَـــذْلِهِ للملامِ
ليـــس يُفْنـــي بيـــوتَ مــال علــيّ
طـــولُ إنفاقهـــا بكـــرّ الـــدوامِ
كيــف يُفْنــي الشــموسَ مـا اقتبسـَتْه
مـــن ســنا نورهــا عيــونُ الأنــامِ
مَلِــــكٌ قـــد علا مَصـــَامَ الثريّـــا
ليــس فــوق الــثرى لــهُ مـن مُسـامِ
مـــن ملـــوكٍ لهـــم ســحائبُ أيْــدٍ
بالنــــدى والــــردى هـــوامٍ دوامِ
إن دعـــاهُمْ مُثَــوِّبُ المــوْتِ خاضــوا
فــي حشــا الحـرب بـالخميس اللهـامِ
أو رمــــاهمْ إقــــدامُهُم بكلــــومٍ
قَطَــــرَتْ منهــــم علـــى الأقـــدامِ
وإذا جَــــرّدوا الســــيوفَ لضــــرْبٍ
وَلَغَـــتْ فـــي الــدماء لا مــن أُوامِ
لبِــــسَ البشــــرُ منهـــمُ قَســـماتٍ
مــــائعٌ فـــوقهنّ مـــاءُ القَســـَامِ
يــا ابـن يحيـى الـذي أبـى عـزُّهُ أنْ
يَقْعُـــدَ العــزمُ عنــده عَــنْ قيــامِ
أنــا أثنــي عليــك جَهْـدي وعنـد ال
لـــه يُثنــي عليــك شــهرُ الصــيامِ
لــي إلـى الغيـثِ مـن نـداك انتجـاعٌ
فـــي خِضـــَمّ آذيُّـــهُ فــي التطــامِ
تحســــبُ الريـــحَ جِنّـــةً تعـــتريه
فهـــو كـــالقَرْمِ شـــِدْقُهُ ذو لغــامِ
فـــــي حشـــــا رادة كــــأمّ رئالٍ
مــا لهــا فــي نِفارهــا مـن مُقـامِ
بنــتُ بَــرٍّ فــي البحـر تركـبُ منهـا
كلكلاً يــــا لمـــوجه مـــن ســـنامِ
ذاتُ وصــــْلٍ تجرّهــــا جـــرّ ذيـــلٍ
وهــــي تقتادُنـــا كـــوحي زمـــامِ
تتقـــي مـــن جنوبهــا وقــع ســوط
فهــي كالســهم طــارَ عــن قـوْس رامِ
وحــــديثُ الســـّماع عنـــك عريـــضٌ
ضـــاقَ عـــن بعضـــه فســـيحُ الكلامِ
لــو لمســتَ الجهــامَ بــالكفّ أضـحى
عنـــد ريّ العطـــاشِ غيـــرَ جهـــامِ
أو منحـــتَ الكهـــامَ منـــك مضــاءً
فَلَـــقَ الهـــامَ وهــو غيــرُ كهــامِ
أو جعلــتَ الحِمــامَ قِرْنَـكَ فـي الحـر
ب لجرّعْتَـــــهُ مـــــذاقَ الحِمــــامِ
فــابْقَ فــي خُطّــةِ العُلـى مـا تَغَنّـى
فــــي غُصـــُون الأراكِ وُرْقُ الحَمـــامِ
أذاعَ منــه لســانُ الـدّمْعِ مـا كتمـا
لـم يَبْـكِ حـتى رأى شـيباً لـه ابتسَما
للَّــه بالعيــد بيــضُ الغيـدِ نـافرةٌ
أهْــيَ الحمــائم شـَامتْ أشـْهباً قَرِمَـا
لا تعجبــــنّ لـــدمعٍ بـــلّ وَجْنَتَـــهُ
لا بــدّ للقطــرِ مـن أرْضٍ إذا انسـجما
صــَدّتْ ســليمى فمــا تــأتي معاتبـةً
ولا عتــابَ إذا حبــلُ الهـوى انصـرما
وأوْرَثَ المــوتَ سـرُّ الـبين حيـن فشـا
عنــدي وعنــد حــبيبٍ أورَثَ الصــمما
ريحانـةٌ فـي لطيـفِ الـروح قـد غُرِسـَتْ
لهـا النسـيمُ الـذي تُحيـي به النّسما
كطينــةِ المســكِ لا تخليــكَ مــن أرَجٍ
إذا تَنَســـّمَ رَيّاهـــا امــرؤ فغمــا
لهــا نظيــرُ أقــاحٍ مــا بــه صـدأ
بإســـحلٍ زار مــن أطرافهــا عنمــا
لا تنكــرِ الظُّلــمَ مــن خــودٍ مدلَّلَـةٍ
فـي ظَلْمِهـا الـدرُّ بالمسـواكِ قد ظُلما
يَسـمو بهـا عـن صـِفاتِ العِيـنِ أنّ لها
عينــاً يُســَفِّهُ منّــا سـحرُها الحُلُمـا
وهــل لعيــنِ مهـاةِ الرمـلِ مـن سـَقَمٍ
يُهْــدي لكـلّ صـحيح فـي الهـوى سـقما
يــا هــذه إنْ أراكِ الـدهرُ فـيّ بلـىً
فَجــدّةُ الثَّــوبِ تَبْلــى كلمــا قـدُما
إن الشـــبيبةَ فـــي كفَّيــك عاريــةٌ
فـــإن وجـــدت لهــا رَدّاً فلا جَرَمــا
أصــابَ فَــوْدي بســهمٍ يـا لـه عجبـاً
رمـى المشـيبَ ومـن جُـول الطـويّ رمـى
فشـيبُ رأسـيَ مـن قلـبي الـذي ازدحمتْ
فيــه صــروفُ همــومٍ تُعْثِــرُ الهممـا
كـــأنّ ســـِقْطَ زنـــادٍ كــان أوّلُــهُ
لمّـا تغـذّى بِعُمْـري فـي الوقـودِ نمـا
وبلـــدةٍ لَطَمَــتْ أيــدي القلاصِ بنــا
منهــا وجــوهَ قفــارٍ بُرْقِعــتْ ظُلَمـا
إذا رميــتُ بلحــظ العيــن ســاريَها
حســبتُهُ بيــن أجفــانِ الـدّجى حُلُمـا
ســاريتُ فيهــا هـداةً خلتُهُـم ركبـوا
رُبْــدَ النقــانقِ فيهـا أينُقـاً رُسـُما
شــَقّوا بهـا جُنْـحَ ليـلٍ أليـلٍ رَحَلـوا
عــن غُـرّةِ الصـبح مـن ديجـوره غُمَمـا
حـادَتْ بهـم عـن بقـاع المحـل جامِحَـةٌ
ومـــن بنـــانِ علــيّ زارَتِ الــدّيَما
مملَّـــكٌ فـــي رُوَاقِ الملــك مْحتَجِــبٌ
لـــه تَبَــرّجُ نُعمــى تغمــرُ الأمَمــا
ترعــى ســجاياهُ مــن قُصــّاده ذِممـاً
وليــس يَرْعــى لمــالٍ بَــذْلُهُ ذِمَمــا
لئن تـــأخّرَ عنـــه كـــلُّ ذي همـــمٍ
فــاللّه قَـدّمَ منـه فـي العلـى قـدما
تُكــاثِرُ القطـرَ فـي الجـدوى مكـارمُهُ
وهـي البحـور فمـن ذا يشـتكي العَدما
إن الـــذي بَــذَلَ الأمــوال ذو هِمَــمٍ
ســلّ الـذكور فصـانَ الـدينَ والحُرَمـا
وَمَــدّ ظلّاً علــى ديــنِ الهــدى خَصـِراً
لمّــا تلظَّــى حـرورُ الكفـر واحتـدما
لا يقــدحُ العفــوُ فـي تمكيـن قـدرته
ولا يواقـــعُ ذنبــاً كلّمــا انتقمــا
مــا زال يهشــِمُ مــن أسـيافهِ وَرَقـاً
مـن عهـد حميـر خضـراً تحصـُد القِممـا
مــن كــلّ بــرقٍ لـه بـالقَرْعِ صـاعقةٌ
علـى الأعـادي بِضـْربِ القَطـرِ منـه رمى
مــاءٌ ونــارٌ منايــا الأُسـْدِ بينهمـا
مــا ســُلّ للضــرب إلّا سـالَ واضـطرما
فــي كــلّ جيــشٍ تـثير النقـعَ ضـُمّرُهُ
يــا جُنــحَ ليـلٍ بهيـمٍ ظَلّـلَ البُهَمـا
مــن كــلّ مُقتحــمِ الهيجـاءِ يوقـدها
كمِســْعرِ النــار أنّــى هـمّ واعتزمـا
إن ضــاق خطـوُ عبـوس الأسـد مـن جـزَع
مَشــَى إليــه فســيحَ الخطـو مبتسـما
مــا الليــثُ يرتـدّ للخطّـيّ فـي أجَـمٍ
إلا كظـــبي كنـــاسٍ عنـــده بَغَمـــا
يا ابن الملوك ذوي الفخر الألى ملكوا
رقّ الزمـان وسـادوا العُـرب والعجمـا
كـم مـن عُـداةٍ وسـمتمْ بـالمنون لهـمْ
يومــاً فشــيّبَ مــن ولــدانهمْ لِمَمـا
أصـبحتَ فـي الملـك ذا قـدرٍ إذا طمحتْ
عيــنُ المُســامي إليـه فاتَهـا وَسـَمَا
إنّــا أُنــاسٌ بمــا نُثنـي عليـك بـه
نُهــدي إليــك رياضــاً نــوّرَتْ كَلِمـا
مــن كــلّ نــاظمِ بيْــتٍ لا شـبيهَ لـه
فليــس يُنْثَـرُ منـه الـدهرَ مـا نظمـا
مســـتغرق الــذوق للأســماع يحســبه
مـن قـالبِ السـحر منـه أُفْـرِغَ الحكما
فــانعمْ بعيــدٍ سـعيدٍ قـد بَسـَطْتَ لـه
للمعتفيــن يمينــاً تَبْســُطُ النعمــا
عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس الأزدي الصقلي أبو محمد.شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.