
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بــادِر شــَبابَكَ قَبـلَ الشـَيبِ وَالعـارِ
وَحَثحِــثِ الكَــأسَ مِــن بِكــرٍ لِإِبكــارِ
مِــن قَهـوَةٍ لَـم تَـزَل تَخفـى وَيَحجُبُهـا
كِــنُّ الحَــرائِرِ عَصــراً بَعــدَ إِعصـارِ
ظَلَّــت مِــنَ الــدَهرِ أَزمانــاً مُخَـدَّرَةً
يَصـــونُها كَنَـــفٌ مِــن بَيــتِ خَمّــارِ
مِــن قَعــرِ جَــوفٍ ذي ســاقٍ بِلا قَــدَمٍ
نيطَــت بِــدَنٍّ عَظيــمِ البَطــنِ هَــدّارِ
مُمــازِجُ الخَلــقِ مِــن زِفــتٍ بِطـانَتُهُ
وَالظَهــرُ مِــن فَــوقِهِ بِنيــانُ فَخّـارِ
فيــهِ مُــدامٌ كَعَيــنِ الــديكِ صـافِيَةٌ
مِـن مِسـكِ داريـنَ فيهـا نَفحَـةُ الغـارِ
يــا رُبَّ لَيــلٍ طَرَقنــا بَيـتَ صـاحِبِها
بِفِتيَـــةٍ كَنُجـــومِ اللَيـــلِ أَحــرارِ
فَقــامَ مُســتَنبِطاً لِلــراحِ فــي ظُلَـمٍ
يَســعى إِلــى شــَبَحٍ فــي كِـنِّ أَسـتارِ
فَقـــالَ بَعضـــُهُمُ لَمّــا رَأَوا عَجَبــاً
في الكَأسِ تَحتَ الدُجى مِن زِندِها الواري
شــَمسُ النَهــارِ وَمـاذا وَقـتُ طَلعَتِهـا
وَقـــالَ بَعضــُهُمُ ضــَوءٌ مِــنَ النــارِ
حَتّـــى إِذا نَقَلَـــت كاســاتِها خُــرُدٌ
مِــن بَيــنِ ذي قُرطُــقٍ أَو ذاتِ زِنّــارِ
جــاءَت بِمُشــرِقَةٍ تُهـدى السـَراةُ بِهـا
إِن ضـَلَّ فـي ظُلمَـةٍ عَـن قَصـدِهِ السـاري
كَأَنَّهــا عِنــدَ مَــسِّ المــاءِ مِنجَــزَعٍ
وَالمــاءُ يَجــزَعُ مِنهــا شــِبهَ فَـرّارِ
فــي حَلبَــةِ الحـانِ جـانٌ خَلفَـهُ شـُهُبٌ
مُبــــادِرٌ راعَـــهُ شـــَخصٌ بِإِنفـــارِ
وَالكَــأسُ تُمسـِكُها مِـن أَن تُـراعَ فَمـا
تَنفَـــكُّ فيهـــا بِإِقبـــالٍ وَإِدبــارِ
عَــروسُ خِــدرٍ مِــنَ اليـاقوتِ نَشـرَبُها
تُكِـــنُّ تَحــتَ ســَماها بَــدرَ أَقمــارِ
تَبـــدو لَنــا عُطُلاً حَتّــى إِذا مُزِجَــت
حَلّــى لَهــا المَـزجُ سـِمطَي دُرِّ قَسـطارِ
كَـــأَنَّهُ بَــرَدٌ فــي الطَــوقِ مِنتَظِــمٌ
فــي غَيــرِ سـِلكٍ وَلَـم يوثَـق بِمِسـمارِ
وَخــادِلٍ مِــن جَــواري الحَـيِّ تُسـعِدُها
أَصــواتُ مُختَلِــفٍ مِــن وَقــعِ أَوتــارِ
مِــن بَيــنِ بَــمٍّ إِلـى مَثنـىً وَمَثلَثِـهِ
وَمــا خَلــى ذاكَ مِــن أَصـواتِ أَوتـارِ
نيطَــت إِلــى بَـدَنٍ كَـالخَلقِ لَيـسَ لَـهُ
روحٌ وَلَكِنَّــــهُ مِـــن تَحـــتِ نَجّـــارِ
أَتــاهُ فــي غَيضــَةٍ فَاِختــارَ جَيِّــدَهُ
وَظَـــلَّ يَنحــى لَــهُ قَطعــاً بِمِنشــارِ
مُعَقــرَبُ الــرَأسِ كَالمِســراجِ صــَنعَتُهُ
ســـِحرٌ وَمـــا مَســَّهُ تَعقيــدُ ســَحّارِ
تَمَّــت مَلاويــهِ حَتّــى خِلــتَ خِلقَتَهــا
أَصـــابِعاً حُرِّكَــت مِــن مِفصــَلِ جــارِ
يَحكــي صـَداهُ مَجيـدَ الصـَوتِ إِذ نَطَقَـت
مِنــهُ اللُغــاتُ عَلــى طَبــلٍ وَزَمّــارِ
فَــذاكَ قَبــلَ نُــزولِ الشـَيبِ عادَتُنـا
لَكِنَّنـــا نَرتَجـــي غُفـــرانَ غَفّـــارِ
الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن صباح الحكمي بالولاء.شاعر العراق في عصره. ولد في الأهواز من بلاد خوزستان ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس، ومدح بعضهم، وخرج إلى دمشق، ومنها إلى مصر، فمدح أميرها ، وعاد إلى بغداد فأقام بها إلى أن توفي فيها.كان جده مولى للجراح بن عبد الله الحكمي، أمير خراسان، فنسب إليه، وفي تاريخ ابن عساكر أن أباه من أهل دمشق، وفي تاريخ بغداد أنه من طيء من بني سعد العشيرة.هو أول من نهج للشعر طريقته الحضرية وأخرجه من اللهجة البدوية، وقد نظم في جميع أنواع الشعر، وأجود شعره خمرياته.