
الأبيات61
بُشـــرى بِنَصــر بِــالفُتوح ميســّر
وَدَوام عـــز حَيـــث ســرت مَســير
نَشـرت لَـكَ الأَعلام مِـن فَـوق العُلـى
فَطَــويت ذِكــرى كُــل بــاغ مفـتر
وَجـه البَسـيطة ضـاقَ عَـن جَيـشٍ بِـهِ
رُمــتَ العِـدى فركبـت هَـول الأَبحـر
ســرتم وَمَـوج البَحـر يَلطـم وَجهـه
أَســَفاً عَلــى الأَعــداءِ كَالمُتَحَسـَّر
وَالسـُحب تُرسـل أَدمُعـاً مِـن حُزنِهـا
وَالرَعــد يَنـدُب فـي قَبـائل حميـر
وَالجَــوّ مســودّ الجَــوانب عــابس
وَالبَــرق يَضــحَك مِنـهُ كَالمُستَبشـر
وَالجاريـــات تَـــأَزرت بقلوعهــا
وَالريــح قَـد لَعِبَـت بِفَضـل المئزر
رقصــت عَلـى نَقـر النَسـيم بـدفها
وَتمـــايلَت بــالتيه كَالمُســتَكبر
طــارَت بِنـا نَحـو الحَديـدة سـرعة
مِثـل السـَوابق فـي العَجـاج الأَكدَر
حملـت لَهـا جَيشـاً مُـذ اِنتَبَـذَت بِهِ
غَربيهــا وَضــعت أَســود العَســكَر
مــن كُـلِ مَولـوج لَـدَيها لَـم يَـزَل
فـي النَقـع يَلعـب بِالحسـام الأَبتَر
وَلَـدوا عَلى مَهد العُلى وَقد اِغتَدوا
بَــدَم العِــدى وَتَكَحلـوا بِـالعَثير
رَفَعوا الخِيام عَلى النُجوم وَأَوقَدوا
فـي الأَرض نـاراً بِالقَنـا المُتَكَسـَر
وَلَقَــد أَقــاموا بِالأَســنة سـَوقها
فــي يَــوم حَــرب بِالسـُيوف مسـعّر
فَقَضــَت بِــبيع المُعتَـدين سـُيوفَهُم
لِلنسـر لمـا غـابَ عَنهـا المُشـتَري
وَتَواثَبــوا نَحـوَ الحُصـون فَزَلزَلَـت
وَالقَـــوم بَيــنَ مُجَنــدل وَمعفــر
حَتّـى إِذا اِقتَلَعـوا القِلاع وَأَسبَلوا
ذَيــل العَفــاف رَأَيــت كُـل مشـمر
أَســد إِذا نَزَعـوا الـدُروع لِرَغبـة
فــي حَتفهــم لَبِســوا دُروع تَصـبّر
قَـــوم عَصــوا إِلّا لِأَمــر أَميرَهُــم
ملـــك بَفعــل خَطيئة لَــم يَــأمر
فَضــحت مَنــاقِبُه المُلـوك وَأَظهَـرَت
تَقصــير كِســرى عَــن عُلاه وَقَيصــر
فَتــح المَمالــك لا لِكَــثرة رَغبـة
فيهــا وَلَكــن رَغبـة فـي المَفخـر
وَلَقَــد نَحاهــا وَالبُنــود خَوافـق
وَالرُعـب فـي قَلـب الحُسـين وَحَيـدَر
طَلَبـوا السـَلامة مِـن سطاه وَسالَموا
ملكــاً عَلَيــهِ عَسـيرَهُم لَـم يَعسـر
وَقَـد اِسـتَقالوا عَـثرة الحَسَن الَّذي
زَلَــت بِــهِ قَـدَم الضـَرير المُبصـر
وَتَزاحَمـوا حَـولَ البِسـاط لِيَنظُـروا
حَــرَم الوفــود وَكَعبَـةَ المُسـتَغفر
حَتّــى إِذا ثَبَتــت بِهَــم أَقـدامَهُم
نَكَسـوا الـرُؤوس لذي المَقام الأَكبَر
نَظَــروا إِلــى ملـك لَـديهِ كُـلُ ذي
ملـــك كَـــبير كَالأَقَـــل الأَصــغَر
وَلَـو أَن مَـن قـادَ الجُيـوش إِلَيهُـم
غَيــر ابـن عـون عـاد غَيـر مظفـر
إِن كُنــتُ تَجهَـل فعلـه فَاسـأل بِـهِ
مِــن شــئتهُ مِــن أَبيـض أَو أَسـمَر
وَســَل الحِجـاز وَأَرض نَجـد وَالمُخـا
عَمّــن دَحاهــا بِــالخُيول الضــمّر
ذلّــت لَـهُ أُسـد الـوَغى مِـن حَميـر
مُــذ أَيقَنَــت مِنــهُ بِمَــوت أَحمَـر
حَتّــى إِذا مــا أَذّنــوا بِقــدومه
هَبــط الإِمـام وَكـانَ فـوقَ المنـبر
وَتَســابَقوا طَوعــاً لَـهُ فـي مَشـهَد
وَالكُـــل بيـــنَ مُهلـــل وَمكــبر
ســَجَدوا وَقَـد نَظَـروه شـُكراً لِلّـذي
خَلَـقَ العِبـاد وَخـابَ مـن لَـم يَشكر
دَهشــوا لَـدَيهِ وَفـل صـارم ملكهـم
ســَيف الخِلافــة دَهشــة المُتَحيــر
فَكَــأَنَّهُم لَمــا غَــدوا فـي حيـرة
أَهـل العِـراق أَتـاهُم ابـن المُنذر
كـادَ ابـن يحيـى أَن يَمـوت لرعبـه
لَـــولا تَبســـمه وَحُســن المَنظَــر
أَمّ الحَديـــــدة آملاً لَمــــا رَأى
غَـوث اللَهيـف بِهـا وَكَهـف المعسـر
جـاءَ الحِمـى فَـرَوى بِفَضـل وَاِنثَنـى
يَـروي الحَـديث عَـن الرَبيـع وَجَعفَر
رَويــت بِجَــدوى آل مُحســن أَرضـَهُم
حَتّــى اِكتَســَت زَهـواً بِثَـوبٍ أَخضـَر
لِلّــه قَــوم لَـم يَـزَل مِـن دَأبِهُـم
خَــوض البِحــار وَكُــل بــرّ مقفـر
حَرثــت رُبــى نَجـد حَـوافر خَيلَهـم
قَـدماً وَكَـم زَرَعـوا بِهـا مِن سَمهري
وَسـَقوا الرِيـاض بجـودهم فَتَزاهـرت
وَغَــدَت بِغَيــر مَـديحهم لَـم تثمـر
آلـت رِمـاحهم وَقَـد خاضـوا الـوَغى
إِن لَـم تَـرد صـَدر العِـدى لَم تَصدر
وَســـُيوفَهُم رَأَت القــراب محرمــاً
إِلّا الرِقـــاب وَرَأس كُـــلُ غَضــَنفَر
فسـلوا المَمالك عَن نَداهُم وَاَخبَروا
فــي أَي قطــر جــودَهُم لَـم يَقطـر
مــا رَوضــة ماسـَت حَـدائق زَهرهـا
طَرَبــاً وَتَيهــاً بِـالرَبيع المُزهـر
غَنـى الحَمـام عَلـى قُـدود غُصـونِها
ســحراً فَـأَغنى عَـن سـَماع المزهـر
يَومــاً بِأَحســَن مِــن مَديـح صـغتهُ
فيهُـــم بنظــم قَلائد لَــم تنــثر
فَــإِذا شـَدَت وَرق الحمـى ناديتهـا
يــا ورق فـي ورق الغُصـون تَسـتري
وَإِذا رَأَيــت الجَــوّ مِنـي قَـد خَلا
وَهَممــت بِالترحـال بيضـي وَأَصـفَري
أنــي لِقــاموس العُــروض وَنظمــه
أَروي الفَـرائد عَـن صـحاح الجَـوهَر
لا تعــدلوا فـي الشـعر كـل معمـم
كَــالثَور ذي القرنيــن بِالاسـكندر
مـا كُـل مَـن يُملـي القَصـيدة ناظم
قَـد يَنتَمـي للشـعر مَـن لَـم يَشـعر
لَـو كـانَ فيهُـم شـاعر لـوقَفَت فـي
ديـــوانِهِ أَدَبـــاً وَلَــم أَتَكَبَــر
لَكنهــم جَهِلــوا بِــهِ ثَـمَ اِدَعـوا
مــا قَصــَرَت عَنــهُ شــُيوخ زمخشـر
حَجــوا وَلَكــن بَيــت كُــل قَصـيدة
وَســَعوا وَلَكـن فـي اِسـتراق مُنكـر
وَحبوتمـــوهم لا لِشـــائب غَفلـــة
لَكـــن لحلمكــم وَطيــب العُنصــر
يــا آل مُحسـن لَـم يَـزل اِحسـانَكُم
يَـدع الـدَنيء عَلـى حِمـاكم يَجـتري
وَلَقَـــد جَلَــوت عَلَيكُــم مَنظومــة
فـي فكـر غَيـري مثلهـا لَـم يَخطـر
بكــراً عروبــاً بِالبَــديع تَقَلَـدَت
لَمــا بَــدَت وَتَخَتمَــت بِــالبُحتري
الساعاتي
العصر الحديثالساعاتي محمود صفوت بن مصطفى آغا الذيله لي.شاعر مصري، ولد ونشأ بالقاهرة، وتأدب بالإسكندرية، ولما بلغ العشرين من عمره سافر لتأدية فريضة الحج.فتقرب من الشريف محمد بن عون أمير مكة، فأكرمه، ولازمه في بعض أسفاره، ورافقه في رحلاته إلى نجد واليمن ووصف كثيراً في شعره.ولما عزل الشريف المذكور عن إمارة مكة، وهاجر منها، هاجر معه صاحب الترجمة إلى القاهرة.واستخدم بديوان المعية "الكتخدائية" ثم بمعية سعيد باشا، ثم عين "عضواً" في مجلس أحكام الجيزة والقليوبية إلى أن توفي.اشتهر بالساعاتي لبراعته وولعه بعملها ولم يحترفها، وكان حلو النادرة، حسن المحاضرة، مهيب الطلعة، لم يتعلم النحو، ولا ما يؤهله للشعر.ولكنه استظهر ديوان المتنبي وبعض شعر غيره، فنظم ما نظم.له (ديوان شعر-ط)، و(مزدوجات-ط)، و(مختصر ديوان الساعاتي-ط).
قصائد أخرىلالساعاتي
رَقَّت لرقة حالتي الأَهواءُ
لسعدك مِن فَوق النُجوم سَماءُ
بَدر تَسامي طالعاً بِسماءِ
جئنا عَلى ثقة بِكُل رَجاءِ
لَكَ في سَماءِ المُكرَمات وَلاءُ
عَلَوت عَلى ما فَوقَ متن الكَواكب
سَما سَعيَكُم في المَجد أَسنى المَراتب
بُشرى فآن بكم قد سادت الرُتب
بَشائر صَفو أَشرَقَت أَم مَواكب
بُشرى بِمَقدَم سَيد السادات
أَدر طلا الود وَاترك نَصح مِن نَصَحا
دس هامة المَجد الرَفيع السُؤددِ
إِقبال عز وإِقبال وَتَأييد
أَيا من بِهِ صارَ الزَمان سَعيداً
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025