
الأبيات38
سـَمَحَ القَريـضُ إِلَيـكَ بَعـدَ شـِماسِ
فَـاثنِ الخَليـطَ عِـن اجتِلاءِ الكاسِ
مـا الـرّاحُ بالِغَـةٌ عَلى غُلَوائِها
مــا تَنتَحيــهِ خَمــرَةُ الأَنفــاسِ
لا تَشــتَفي الأَرواحُ مِـن برحائِهـا
حَتّــى يَكـونَ مِـنَ العُقـولِ مُـؤاسِ
أَطـرِف بِحالِيَـةِ النِّظـامِ غَرائِبـاً
يُؤنِســنَ وَحشــَةَ فاقِــدِ الإينـاسِ
مِــن كُــلِّ قافِيَـةٍ إِذا أَورَدتهـا
صـــَدَرَت بِلُــبِّ الأَروَعِ القنعــاسِ
فَـالحَليُ مـا نَظّمتَ مِن نَفَس النُّهى
لا مــا تُنَظِّـمُ مِـن كَريـمِ المـاسِ
وَهِـمَ الَّذي حَسِبَ الأُلى سلَفوا مَضوا
بِالشـــِّعرِ غَيــرَ مَعاهِــدٍ أَدراسِ
لكِـن قَضـى القَـومُ الَّـذينَ تُظِلُّـهُ
أَكنــافُهُم فَغَــدا طَريـدَ اليـاسِ
وَإِذا الــدِّماغُ تَنــاوَلتهُ عِلَّــةٌ
خـابَ الرَّجـاءُ وَضـاعَ جُهـدُ الآسـي
وَالخطـب بِالأَفكـارِ أُحكِـمَ قَيـدُها
لا بِالرقـــابِ تُشـــَدُّ بِــالأَمراسِ
لا يَرتَـوي الصـادي رَأى غَمراً وَمِن
دونِ الــوُرودِ مَناصــِلُ الأَحــراسِ
وَمُكَلّــفُ الفِكـرِ الأَسـيرِ تَبارِيـاً
مُتطَلّـــبٌ مـــاءً مِــنَ الأَقبــاسِ
وَالشـِّعرُ إِن لَم يَحدُهُ حادي النَّدى
حــرِنُ المَقــادَةِ مولَــعٌ بِشـِراسِ
كَـم غـادَرَ الشُّعَراءُ مَعنىً لَم يَزَل
فــي خــاطِرِ الأَيّـامِ رَهـنَ مِـراسِ
فــي كُــلِّ يَـومٍ لِلخَـواطِرِ شـارِقٌ
يَكفــي المُغَلِّـس شـعلَةَ النِّـبراسِ
مِــن كُـلِّ مَعمـورِ المَحاسـِن جـدَّةً
يَكســوهُ مِـن وَشـيِ المِلاحَـةِ كـاسِ
وَيَكــادُ يَفهَمُـهُ المِـدادُ لِحُسـنِهِ
وَتُحِــسُّ فيــهِ صــَفحَةُ القرطــاسِ
لا يَنتَهــي صــَوب النُّهـى إِلّا إِذا
أضــحى لَــهُ وَطَـنٌ بِغَيـرِ الـرّاسِ
وَالــدَّهرُ ذو غِيـرٍ فَمـا أَطـوارُهُ
مِمّـــا يقيـــسُ مُجَــرِّبٌ بِقِيــاسِ
لا خَلــقَ أتعَـبُ مـن فَـثى آمـالُهُ
صــَرعى وَمَرمــى نَفســِهِ ذو بـاسِ
فَتَنــاسَ بــادِرَةَ الأَنـامِ فَإِنَّمـا
خَيـرُ الأَنـامِ النـابِهُ المُتَناسـي
وَتجـافَ مـن جَحـد الصـَّنيعَةِ دَأبُهُ
ذَنـبُ الجُحـودِ خِلافَ ذَنـبِ النّاسـي
يَبغـي الجَوادُ ثَوابَ ما أسدى وَلَو
حمــداً فَلا ثمــرٌ بِــدون غــراسِ
مُعطـي الطَّريـفِ اسـحّ كَفّاً مِن فَتىً
يُعطيـك مِـن جَبَـلِ التَّليدِ الرَّاسي
مــا عــزَّ دينـارُ التّلادِ كَـدِرهَمٍ
رَيّــانُ مِــن عَــرَقِ الأَسـِرَّةِ حـاسِ
وَالشـَّيءُ لَم تَجهَد بِهِ أَيدي الفَتى
لَيـسَ الفُـؤادُ عَلـى نـواه بقـاسِ
مَهلاً وَمـا يَحتـاجُ مُرتـادُ اللُّهـى
إِقــدامُ عَمــروٍ أَو ذَكـاء إِيـاسِ
لكِنَّمــا السـّمحُ الكَريـمُ يَعـوزُهُ
قَلـبٌ أَشـَدُّ مِـنَ الحَديـدِ القاسـي
لَيـسَ المُفَـرِّقُ في الكَريهَةِ جحفَلاً
مثــلَ المُفَــرّقِ جَحفَــلَ الأَكيـاسِ
يَلقى الفَتى زُرقَ الأَسِنَّةِ في الوَغى
وَيَهـــابُ صـــَولَةَ جامِــحِ الإِفلاسِ
مَـن لَـم تُـؤَرِّقهُ النَّوائِبُ لَم يَذُق
لَــو عــاشَ دَهــراً لـذَّةً بِنعـاسِ
وَمَـتى يكـن حكـمَ المَحـاجز خَصمُهُ
فَســَبيلُهُ قصــدٌ إِلــى الأَرمــاسِ
كَـم جـائِرٍ فـي الحـاكِمينَ وَعُذرُهُ
أَنَّ المُجيــزَ لمـا أَتـاهُ سِياسـي
وَحــراً بِرَحمَــةِ رَبِّـهِ رَجُـلٌ غَـدا
لِبنايَــةِ الإِصــلاحِ رُكــنُ أَســاسِ
وَمِـنَ المـواطن يَلقَـعٌ لَـو كاثَرَت
ســُكّانُهُ تِعــدادَ شــَعر الــرّاسِ
مـا القَفـرُ أَكثَـرُ وَحشَةٍ مِن مَعهَدٍ
حَيــثُ الخَــواطِرُ فيــهِ كَـالأَغلاسِ
وَحَيـــاةُ يَــومٍ فــي بِلادٍ حُــرَّةٍ
عمـــرٌ يُطــاوِلُ مُــدَّة الأحــراسِ
وَمِـنَ العَـزاءِ إِذا قَضـى ذو عِلَّـةٍ
أَنَّ الَّــذي وَصـَفَ الـدَّواءَ نطاسـي
تامر الملاط
العصر الحديثتامر بن يواكيم بن منصور بن سليمان طانيوس إدهالملقب بالملاط.شاعر، له علم بالقضاء من أهل بعبدا (لبنان)، ولد فيها وتعلم، وانتقل إلى بيروت فأقام مدة يقرأ الفقه الإسلامي ويعلم في مدرسة الحكمة، المارونية ثم في مدرسة اليهود.!ونصب رئيساً لكتاب محكمة كسروان فرئيساً لكتاب دائرة الحقوق الاستئنافية، وعزل وأعيد.ثم نقل إلى رئاسة محكمة كسروان، فاستمر ثماني سنين وأوقع به الوشاة في حادث طويل، فاضطرب عقله، وأقام اثني عشر عاماً في ذهول واستيحاش من الناس، إلى أن مات في بعبدا.له شعر جمع بعضه في (ديوان الملاط - ط).
قصائد أخرىلتامر الملاط
شاغِلُ الناسِ في ممزِّ اللَّيالي
لا الأرحبِيُّ وَلا سَليلُ العيدِ
دَعاني أَجرعِ الغَمّا
مِن عَهدِ إيزيسٍ وَإيزيريسا
سَمَحَ القَريضُ إِلَيكَ بَعدَ شِماسِ
روحي فِدى ظَبَياتِ الشّامِ وَالشّامِ
وَلَيلٍ تَكادُ الكَفُّ تلمسُ جِلدَهُ
سامَرتَ ما كذبتكَ نَفسُكَ مُنيَةً
إيهٍ فَما تَحتَ السَّماءِ جَديدُ
اغنَمي الشُكرَ وَفيراً
أَما لِلفَتى في العَيشِ مِن نَكَدٍ بُدُّ
نادَيتَ حِلمَكَ فَاِستَفاقَ مُجيبا
فدىً ليوسف مِن دُنياهُ وامِقُهُ
لَكِ لا لِغَيرِكِ قَد رَهَنتُ فُؤادي
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025