
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أرى الشـرَّ طبـعَ نفـوسِ الأنـامْ
يُصـــرِّفها بيـــن عــابٍ وذامْ
ولكنّهـــا زُجـــرِت بــالعقول
كزَجْـر الجمـوحِ بجـذب اللجـام
وقـد يَبْـدُر الخيـرُ مـن فِعْلها
كمــا عَرضــتْ نَبْــوةٌ للحُسـام
فلا يَغْرُرنَّـــك مـــا أظهرتْــه
فتحــتَ الرمـادٍ أحـرُّ الضـِّرام
فــأَنفعُهم لــك مــنْ لا يَضــُرّ
ومـن ليـس يأخـذ أوفَى الذِّمام
وإنْ كــان لا بُــدَّ مـن قُرْبِهـم
فقَلِّــلْ علــى حــذرٍ واتّهــام
فمــا هــو إلا كأكـلِ المريـض
لشــهوته مــن أَضــَرِّ الطعـام
ومهمـا عتبـتَ علـى مـن جَفـاك
فإنـــك أَوْلَــى بــذاك المَلام
فأصــلُ وقوعِــك فيمــا كرهـتَ
مـن النـاس مـن صحبةٍ والتئام
فعِـشْ إنْ قـدرتَ قليـلَ الحـديثِ
قليـل الجَليـس قليـل الخِصـام
فلـو أخطـأ المـرءُ فـي صـمتِه
لَكـــان لـــه كصــَواب الكلام
وكـن أشـجعَ النـاسِ حِلْمـا إذا
دنـا الغيـظُ منـك بجيـشٍ لُهام
فصــبرُ الحليـم جميـل المـآل
كشـرب الـدواءِ لـدَفْعِ السـَّقام
وإيــاك والعُجْــبَ إن الكَريـم
يُــذَمُّ مــع العجـب ذَمَّ اللئام
كمـا بالتواضـعِ يسـمو اللئيم
ويَرْقَـي مـن الفضـلِ أعلى مقام
تنــال ببِشــْرِك مــا لا يَنـال
قَطـوبٌ ببـذل العطايـا الجِسام
وَعَــوِّدْ لســانَك صـِدْقَ المَقـالِ
ولو كان في الصدق شربُ السِّمام
وإيـــاك مــن كــذبٍ يَطَّبِيــك
ولـو كـان فيـه حيـاةُ الدوام
وإن شـئتَ عيـشَ الغَنـى العزيز
وحُرمــةَ مـن ليـس بالمُسْتَضـام
ففُــزْ بالقناعـةِ كنـزا يَقيـك
ويُغنيـــك دون حســودٍ مُســام
ولا تَتَّبــــع طمَعــــا إنـــه
لفقــرِ الغنــىِّ وذُلِّ الهمُــام
فمــــا لمَطــــالبه غايـــةٌ
مـدى الـدهر إلا لقـاءَ الحِمام
وكـــافِى الجميــلَ بأمثــاله
وإلا فبالشــــكر والإهتمـــام
فـإِن الثنـاء لمُـولِى الجميـل
يَقـوم مَقـامَ الأَيـادي العِظـام
ومهمــا قــدَرتَ علـى ظالميـك
فعَفْــوٌ عـن الظلـمِ والإجـترام
فــإنْ أنـت كـافيتهم ناصـَبوك
ومــا ثلتَهـم بـالأذى والأَثـام
وبــادْر بجـودك قبـلَ السـؤال
بلا مِنــةٍ ولْيَكُـنْ فـي اكتِتـام
وكـن أسـعدَ النـاسِ حظـا بكسب
ثنــاءٍ وأجــرِ ببَـذْل الحُطـام
وســِرُّك فـاكتُمْه كتـمَ البخيـلِ
بقيــةَ مــاءٍ غَــداةَ الهُيـام
وإلا كـــروحِ جبـــانٍ أصـــاب
حِجابـا مـن الموتِ عندَ انهزام
وقَـــدِّرْ فــؤادَك قــبرا لــه
وقُــلْ باللســانِ صـَمامِ صـَمام
وراعِ الأمانــةَ والــزمْ لهــا
شــروطَ المــروءةِ أيَّ الـتزام
وشـاورْ ذوي الحزم قبلَ الدخول
علــى غَــرَرٍ مُطْمِــعٍ واقتحـام
وإنْ عَرضـــتْ فرصــةٌ لا تُخــاف
عَواقبُهــا فَلْتَكُـن ذا اعْتِـزام
وساعدْ على الخيرِ مهما استطعتَ
بمـــالٍ ورأىٍ وجـــاهٍ مُحــام
وســُسْ أهـلَ عصـرِك فيمـا يَقِـلُّ
ويكــثر حــتى يبــذل السـلام
وكـن سائِسـا آمِـرا في الملوكِ
وســائسْ لأَمــرك أقــلَّ الأنـام
فقـد ينتهـي شـَرُّ مـن لا يُخـاف
إلـى غايـةٍ فـي الأَذى والعُرام
كمـا يفتـك النملُ وهْو الضعيف
بشـِبْلِ الهِزَبْـرِ البعيدِ المَرام
وعلِّــمْ بلُطْــفٍ إذا مـا علمـت
كــراعٍ خــبيرٍ برَعْـىِ السـَّوام
وبـادر ب لـم أَدْرِ عندَ السؤال
إذا مـا جهلـتَ بغيـر احْتِشـام
فمــن صــابَ كنـتَ شـريكا لـه
ومــن زَلّ بــايَنْتَه باعْتِصــام
وإنْ جهلــوا وهلمــتَ انفـردْتَ
بأخـذِ الفضـيلة بعـد الزِّحـام
ولا تَحْقِـــرنْ حكمــةً تُســتفاد
وخُـذْها ولـو مـن أَقـلِّ الطَّغَام
فقـدرُ امرىـءٍ حَسـْبُ مـا عنـده
مـنَ العلـمِ لا مـالَه مـن وَسام
فمــا للرمــاحِ علــى طولهـا
مـع البعـدِ مثـلُ قصيرِ السِّهام
ولا تَبْخَــس النــاسَ أقــدارَهم
فمـا البَخْـس إلا أقـلُّ الحـرام
وكــن شـاكرا فضـلَ مـا فيهـمُ
بغيــرِ تَغــال ودونَ اهتضــام
ورَفِّـــع بتبجيلــك المســتحق
ولــو كــان طفلا دُوَيْـنَ احْتِلام
وقــفْ دونَ مــا أنـت مُسـتوجِب
فَقَــدْرُك مهمــا تواضـعتَ سـام
ولاحــظْ عيوبَــك وافطِــنْ لهـا
وكـن مـن عيوبِ الورى ذا تَعام
وأنصــِف وإنْ لـم تجـد مُنصـفا
وســامحْ بــواجبِ حــقٍّ لِــزام
ودُمْ طــالبَ الفهـم للغامضـات
فمفتـاحُ مُغْلَقِهـا فـي الـدوام
وإنْ تُـدْعَ للخيـر فـانهضْ وهُـمَّ
وإنْ تــدع للشـرِّ قـلْ لا هَمـام
وجَــدُّك أَسـْرِ بـه فـي السـماءِ
وجِــدَّ ارتفاعــا أمـامَ أمـام
وكــن عــالِمَ الشـرِّ لا عـامِلا
لتَخلُــصَ مـن مُوبِقـات المَـرام
فلـن يَصـلُحَ الشـيءَ عند امرىءٍ
بفـــرطِ محبتـــه ذي غـــرام
وكــن بعُــرَا الحـقِّ مستمسـِكا
أَلاَ إنهــا غيــرُ ذات انفصـام
فلا تَفْتِنَنَّـــك دنيــا الغِنــى
ومَثِّــلْ مُقامَكمـا فـي الرِّجـام
وكــن فــي حياتـك كـالمُبتغِي
مـن السـوق زادا لبُعْد المَرام
فمـا المـال والعيـش إلا كطيفِ
خيـالٍ سـَرَى طارِقـا فـي مَنـام
فخُـــذْها وصــيةَ مَــنْ قَصــْدُه
بهـا الأجـرُ لا حُسْنُ نفسِ النِّظام
فـإنْ خلُصـت عنـد سـَبْكِ العقولِ
فســهمٌ أصــابَ بــه غيـرُ رام
وإنْ زُيِّفــتْ فــاعترافِي يَقـوم
شــَفيعا لهـا آخِـذا بالزمـام
ظافر بن القاسم بن منصور الجذامي أبو نصر الحداد.شاعر، من أهل الإسكندرية، كان حداداً.له (ديوان شعر - ط)، ومنه في الفاتيكان (1771 عربي) نسخة جميلة متقنة وفي خزانة الرباط (980د) مخطوطة ثانية مرتبة على الحروف.توفي بمصر.