
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أكَتْمــاً ونــارُ الحـبِّ للصـبّ فاضـحُ
وعَـــذْلاً وعــذري للعــواذل واضــحُ
وكيـف يحـلّ الكتمُ والعذل في الهوى
وشــوقي لمــن أهــواه غـادٍ ورائحُ
إذا رَامَ قلـبي فـي الغـرامِ تصـبُّراً
يَــردّ اصـطباري مـا تُكِـنُّ الجوانِـحُ
ومـــا شـــَفَّنِي إلاّ غــزالٌ مُهَفْهَــفٌ
إلـى حُسـنِه تَرنُـو العيـونُ اللوامحُ
بألحـــاظِه جيــش الســّقام مخيّــمٌ
وفــي خــدّه الـورد المـورّد فاتـحُ
تــردّى رداءَ الحســنِ بُـرْداً مفوَّقـاً
فمــالتْ لـه بـالحبّ منّـي الجـوارحُ
يريــك محيــا البـدر عنـد مغيبـه
فناهيـــك مــن بــدر محيــاه لائح
كلفــتُ بــه لمّــا لمحــتُ جمــالَه
فبِــتُّ بأشــجانٍ لهـا الشـوق قـادِحُ
إذا مـا رَنَـا يومـاً فعـن لحْظِ أحْوَرٍ
كــذا إنْ تثنّــى فهـو للغصـن لامِـحُ
يعــزّ علــيّ الصـبر إن طـال هجـرُه
وإنّــي إذا أرضــاه هجــري لفـارِحُ
لــــواحظُه للعاشــــقين قواتـــلٌ
وأنفاســـــُه للنّاشـــــقين روائح
أربــاحَ دمَ العشــّاق هُـزْءاً وجـرءةً
ومـا منهـمُ بالعشـق والشـوقِ بـائحُ
فمَـن منصـفي منـه وقـد جار واعتدى
وأضـرم فـي قلـبي الجـوى وهو نازحُ
لئن كـان عـن جفـن المسـهَّد نائيـاً
فعيــنُ فــؤادي فــي محيـاه سـارِحُ
وإنْ صــدَّ عنّــي بعــد وصـلٍ عهـدته
فـــإنّي لِمَــا أولاه أهــلٌ وصــالحُ
حنينــي لــه فــي كـلِّ وقـتٍ مجـدَّدٌ
وشــوقي علـى مـرِّ الجديـديْن جانِـحُ
إذا شـِمتُ بَرْقـاً فـي ربـوع ألفتُهـا
فقلـــبيَ خفّـــاقٌ ودمعـــيَ ســافحُ
وإنْ مـال غُصـنُ الـدّوح ملـتُ تشـوّقاً
كــأنّيَ مِــنْ خَمْــرِ الصـّبابة ناشـحُ
كــأنّ فــؤادي كلّمــا رمــت سـُلوةً
قَضــيبٌ تُغــاديه الصــَّبَا وتُــرارحُ
كــأنَّ جفــوني وانســكابَ دموعهــا
صـــهاريجُ مــاءٍ والتــذكّر ماتِــحُ
كـــأنَّ ظلام الليــل بعــد عِشــائِه
ســوادُ بحـار الهجـر والصـَّبُّ سـابِحُ
كــأنَّ الثريّــا حيـن تَسـري لمغـربٍ
أزاهيـــرُ روضٍ أو بنـــانٌ تُصــافِحُ
كـــأنَّ ســـُهيلاً والنجـــومُ تحفُّــه
أميــرٌ بعيـن العـدل للنـاس طامـحُ
كـأنّ السـّهى مثلـي وقـد حكم الهوى
علــيّ ووافتنــي الخطـوبُ الفـوادحُ
كـأنّ انبلاج الفجـر فـي أُفْـقِ مَشـرقٍ
تَبَســـُّمُ زنجـــيّ إذا مــا يمــازِحُ
كــأنَّ ضــياءَ الشــمس فــي وجْنـتي
أبي الحسين إذا تُمْلَى عليه المدائحُ
همـــامٌ تحلّـــى الحـــزمَ حِلْيـــةً
بهــا لاحَ فَـرْداً وهـو للنّطـح ناطـحُ
لــه الشــّرفُ الوضـّاحُ لا شـكّ ثـابتٌ
يُزيّنُــه عقــلٌ لــدى الخُبْـر راجـحُ
أضـاف إلـى الوصـفين مجـداً وسُؤْدداً
وصــيتاً علــى هــام السـيادة لائحُ
تجلّـى صـباح الأمـن عـن نـور وجهـه
كمـا ينجلـي نـورُ الرُّبـى وهو فائحُ
إذا مَنـــحَ الأمــوالَ يومــاً لآمــلٍ
فللّـــه بَحـــرٌ للجـــواهر مانِــحُ
وإنْ أمَّــهُ مَــنْ آدَاهُ صــَرْفُ دهــره
فقــد أَمَّ طــوداً بــالمواهب راشـِحُ
كــأنّ النصـارى حيـن يلقـوْن خَيْلَـه
ظبــاءٌ إذا مــا يَمَّمَتْهـا الجـوارحُ
كــأنَّ محيّــاه لــدى جولـة الـوغى
محيّــا كريــمٍ حيــن يـأتيه مـادحٌ
تــولَّى علـى الأجنـاد شـيخاً ببسـطة
فــأولاهُمُ جـوداً علـى الغيـث كاشـحُ
وعـــاد عليهــم أجمعيــن بســَبْيِهِ
وأضـحتْ طيـورُ الأنـس في روضة المنى
بآثـــاره بعضـــاً لبعــضٍ تطــارِحُ
وجــاءت وفـودُ النـاس طُـرّاً بمـدحه
ومـــا منهُــمُ إلاّ بجــدواه شــارحُ
وقـاموا لـه في محفل الحمد والثنا
وكـلٌّ بمـا يرجـو مـن الجـود مانـح
فيــا ســيّداً إحســانُه غيـرُ نافـذٍ
ويـا ماجـداً مغْنـاهُ في المجد واضحُ
لقــد أحــرزتْ يمنــاكَ كـلَّ فضـيلةٍ
لترتيبهـا فـي الشعر تصبو القرائح
حَمَيْــتَ حمانــا مــن عـدوّ أرادنـا
فليـس لنـا فـي ذا الزمـان مُكاشـِحُ
فحُــقَّ لمـن وافـاكُمُ يرتجـي الغنـى
يُســافر عــن مغنــاكُمُ وهـو رابـحُ
ولِــمْ لاَ وقــد فُقْــتَ الأنـام جلالـةً
وأنـتَ لِبَـابِ الطَّـوْل والفضـل فاتـحُ
وهــاكَ مـن الفكـر المريـض خريـدةً
أتتْـكَ كمـا تبغـي فهـل أنـتَ سـامحُ
شــذورٌ مــن الآداب عــزّت نَظِيرَهَــا
وســالتْ بأعنـاق المطايـا الأباطـح
فحقِّـقْ لهـا قصـداً وحَسـِّنْ لها الجَدَا
وكـن منصـفاً مـن دهرهـا فهـو كالِحُ
بقيـتَ قريـرَ العيـن فـي خفـضِ عيشةٍ
تواصــل مَغْنــاكَ الخِـدالُ الـروادحُ
ولا زال عيــدُ الأمـن يأتيـكَ عـائداً
وأنـتَ لِمَـا تَهـوى مـن المـال جَازِحُ
ودامـتْ لـكَ الـدنيا عَروسـاً وموسماً
فكــلُّ الــورى طُــرّاً بفضـلكَ صـَادِحُ
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .