
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مَــا لِلرِّيَــاضِ أنِيقَــةَ الأثْـوَابِ
مَأْنُوســـَةَ الأرْجَـــاء والأَبْــوَابِ
دَارَتْ بِهَـــا لِلأُنْــسِ أيَّ مَــدَارَةٍ
مِــنْ غَيْــرِ أقْــدَاحِ وَلاَ أكْــوَابِ
وَالزّهْــرُ فِــي أدْواحِهَـا مُتَبَسـِّمٌ
عَـنْ ثَغْـرِ سـَاحِرَةِ الْعُيُـونِ كَعَـابِ
والطّيـرُ فـي أغْصـانِها نَعغَمَـاتُهُ
مِـنْ طِيبِهَـا تَسـْبِي أولِـي الأَلْبَابِ
والرّيـحُ تَنْفَـحُ والخَمَـائِلُ تَنْثَنِي
طَرَبــاً بِجَـانِبِ زَهْرِهَـا الْمُنْسـَابِ
والطّيـبُ يَعْبَـقُ رِيحُـهُ فَـإذَا سَرَى
وَافَــى بطِيــبِ نَواســمِ الأحْبَـابِ
ومَشـَارِبُ الـدُّنْيَا المُؤمَّـلِ وِرْدُهَا
خَلُصـــَتْ مِـــنَ الأكْـــدَارِ لِلطلاَّبِ
مَـــا ذَاكَ إلاَّ لِلســُّرُورِ بِنِعْمَــةٍ
مِـــنْ مُنْعِـــمٍ مُتَفَضـــِّلِ وَهَّــابِ
بِوِلاَيَـةِ الْقَاضـِي ابِـن مَنْظُورٍ أبِي
عَمْــرٍ ورِئَاســَةَ جُمْلَــةٍ الْكُتَّـابِ
وَحُلـولِهِ بِجَنَابِهَـا السـَّامي الّذِي
أســـْمَى عُلاّهُ فِــي أعَــزِّ جَنَــابِ
كَالْبَــدْرِ حَـلَّ لَـدَيْهِ مِـنْ كُتَّـابِهِ
فَضـــَائِلٌ مِنْهُــمْ بَــدَتْ كَشــِهَابِ
يَجْلُـو مَحَاسـِنَهَا الْغَريبَـةَ لِلنُّهَى
بِبَلاّغَـــةٍ رَاقَــتْ وَفَصــْلِ خِطَــابِ
وَنِظَــامُهُ وَنِثَــارُهُ شــَهِدَا لَــهُ
بِالســَّبْقِ تَحْقِيقـاً لَـدَى الأصـْحَابِ
لِعُلُـوِّ مَـا يُبْـدِي وَيُظْهِـرُ مِنْهُمَـا
وَخُلُــوِّهِ مِــن ذَامٍ أوْ مِــنْ عَـابِ
وَعَلَيْـهِ مِـنْ حُلَـلِ الْبَيَـانِ مَطَارِقٌ
تَرْعَــى لَــهُ النِّقَــابَ بِالأَلْقَـابِ
اللَّفْـظُ لِلْمَعْنَـى غَـدَا طِبْقـاً لَـهُ
كَـالطَّبْقِ فِـي الإِيجَـازِ وَ الإِطْنَـابِ
دَانٍ ولَكِــــنْ نَيْلُـــهُ مُتَعَـــذِّرٌ
فِــي حَــالَيِ التَّقْصـِيرِ وَالإِسـْهَابِ
يَنْجَـابُ عَـنْ نفْسِ المَشوقِ إذا شَدَا
شــادٍ بــه مـا ليْـسَ بالمُنجـابِ
ويمِيــلُ ســامِعُهُ كشــارب قهـوة
لعظيـــمِ يُــولِي مــن الإِطــرابِ
كـمْ قـادَ مـن نَفْسٍ به نحو الرضى
وأنَــا لَهَــا مِنْـهُ جَزِيـلَ ثـوابِ
ولـذَاتُه الشـَّرَفُ الرفيـعُ تَعَلّقـتْ
لا شــكَّ مِنْــهُ بأفضــلِ الأســْبابِ
ولَهـا انجلى الحسَبُ الأصيلُ مُسَلَّماً
مهمــا يكــونُ الفخـرُ بالأحسـابِ
ومَــنِ اغْتـدى أهلاً لـذروة منـبرٍ
أهلاً لخدمـــة جــانب المِحْــرابِ
وقَضـَى بمـا يُرضي الشريعةَ راجياً
مِــنْ ربِّــه زُلفَــى وحســنَ مـآبِ
وجَلاَ بلاغتـــه لحســـن بيانهــا
وجمـــل كالشـــمس دون حجـــابِ
وأتــى ولـم يُحْجِـمْ مـن الإِعْـرابِ
شــتّى فنــون العلــم بـالإِغْرابِ
كـأولي العلـوم الغـرّ من أسلافه
النــازلين مــن العلـى بـروابِ
الحاضـرين بمـا جَلَـوْا مـن حكمة
لأولـي الفهـوم وهـم مـن الغُيْابِ
وَالْحَـائِزينَ بِمَجْـدِهِمْ رُتَـبَ الْعُلَى
مَـا بَيْـنَ شـِيبٍ قَـدْ مَضـَوْا وَشَبَابِ
والفـائزين مـن العلـوم تشـرّفت
إذ أحرزوهــا بارتشــاف رُضــابِ
والســابقين بِنْيلهَــا لنهايــة
كـم كَـابِرٍ عَـن نيلهـا مـن كـابِ
مــن كــلِّ وضـّاح الجـبينِ محصـِّل
لعلـــومِ نــوعيْ ســنّةٍ وكتــابِ
مِــنْ أَمَّــةُ يبغــي دُلافـةَ عنـده
لاقـــاه بالإِقبـــال والتّرحــابِ
يُلْقَـى له العلمُ الشريفُ ولم يزل
بــالمعجب المعـروف منـه بجـابِ
ومُجيُبــه فــي كـلّ معنـى مشـكلٍ
مهمــا يســائلُه بخيــر جــوابِ
فبحـقٍّ أن يُـدعَى الرئيـسَ ويرتقي
حتّــى ينــالَ مراتــبَ الحجّــابِ
ويَـدينُ مِـنْ تَعظيمـه أهـلُ النُّهى
بالمقتضــى حملاً علــى الإِيجــابِ
فلقـد حَـوَتْ منـه الرئاسة أوحداً
ســاسَ الأمــورَ فجــاء بالأعْجـابِ
وتحمّلــتْ منــه بــأزكى ماجــدٍ
حســنِ المحيّــا طـاهر الجلبـابِ
يُبـدي الرّسـائَل كـالحرائز جُلّيَتْ
مــن كــلّ معنــى معجـب بلبـابِ
إنْ فُـضَّ عنهـا الخَتـمُ أبدى خَطُّها
مــن حســنها الفتّـان أيَّ عُجـابِ
فمَنِ ابن عاصمَ أو مَنِ ابن خطيبها
ومَـن الرئيـسِ فَتَـى بنـي الجّياب
ومَـنِ ابـنُ عمّـارٍ أو ابنُ خِصَالِها
ومِـنَ العِـراقِ مَنِ الرئيس الصَّابِي
ولــه مـن الكتّـاب أفضـلُ فتيـةٍ
يَســْطُونَ مــن أقلامهــم بِعِضــابِ
مِـنْ كـلّ ملتهـب القريحـةِ دونـه
فـي مُلتقـى الأقـرانِ ليـثُ الغابِ
كـــلّ لــه حَــوَلٌ إذا جــاراهُمُ
فــــي العلـــم والآراء والآدابِ
فــاق الجميــعَ وبــذّهم بمـآثرٍ
تحصــيلُها نــاءٍ عــن الحُســّابِ
أمّـــا نَــداهُ وجــودُه وجلاُلــه
فلقـد سـما فيهـا علـى الأتـرابِ
بُشــْرَى لأنــدلُسٍ بــه مـن فَاضـِلٍ
جَـــمَّ الفضـــائل قـــانتٍ أوّابِ
أغراضـُه فيمـا انتحـى مـن أمره
أوْ رَامَـــهُ مقرونـــةٌ بصـــوابِ
يَهْنِيــه منهــا خُطّـةٌ نـالتْ بـه
أســنى المُنَـى والفـوزَ بـالآرَابِ
وحَــوَتْ بــه فخــراً أثِيلاً ذكـرُهُ
يبقــى علــى الأعصـارِ والأحْقـابِ
وســناؤُها أولــى بــه لمُحقَّــقٍ
بعُلاه لا ســـــاهٍ ولا مرتـــــابِ
لا زال فــي نِعــمٍ تُعاهـدُ رَبْعَـهُ
موصــولةِ التهتــانِ والتّســكابِ
وزمــانُهُ يُبْــدي لــه مــأموله
فــي النفـس والأمـوال والأحبـابِ
وعلـــى ســـيادته ســلامٌ طيّــبٌ
أذْكــى مــن الأزهـار غِـبّ سـحابِ
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .