
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أفيكــمْ علــى وجـدي معيـنٌ ومنجـدُ
فوجــدي بكــم دهـري مغيـرٌ ومنجـدُ
وشــوقي لكـم شـوقي علـى أي حالـةٍ
أكــونُ إليكــم لــم يــزل يتجـدد
وقلـــبي كئيـــبٌ للبعــاد معــذبٌ
وجفنـــي قريـــحٌ للغــرام مســهدُ
وأعظــم بلــوى مــن تعـرض للهـوى
معــاودةُ الشـكوى لمـن ليـس يسـعدُ
وتقريبــه بــالحب منــه وبـالهوى
حبيبـاً إليـه لـم يـزل منـه يبعـدُ
أأحبابنــا مـن أهـل مالقـةَ الـتي
محاســـنها شــتى إذا مــا تعــدد
أعنــدكم أنــا علــى طـول بعـدكم
حـــديث هـــواكم لا نــزالُ نــرددُ
وأنــا مـن الشـوق القـديم إليكـم
نـبيت كمـا فـي علمكـم ليـس نرقـد
ومـــا حالنــا للــبين إلا منكــرٌ
ومـــا عيشــنا للبعــد إلا منكــد
فمنــوا علينــا بالـدنو وأسـعفوا
بقربكــم أهــل الــودادِ وأسـعدوا
وعذراً من الشكوى فذو الوجدِ والجوى
بمــا بــاح مــن أسـراره لا يفنـدُ
فإنــا لنرجـو عنـدكم جمـعَ شـملنا
ببلــدتكمْ فهــو الشــتيتُ المبـددُ
ونقصــد منهــا بالزيــارة حضــرة
بزورتهـــا حـــرَّ الضــلوع نــبردُ
مدينــــة أعلامِ كبــــارٍ أفاضـــلٍ
بآثــارهم كتــب التواريــخ تشـهد
ومنبـتُ مـا قـد أقسـمَ اللـه باسمه
وســورته فـي الـذكر تتلـى وتسـرد
إلـى مـا بهـا راق النهى من مصانع
بــدائعها الأبصــار حســناً تقيــد
بمحرثهــا الجــم المحاســن جنــةٌ
بمـا قـد حـوى منهـا غدا وهو مفرد
فمـــا هـــو إلا للنــواظر نزهــةٌ
ومـــا هـــو إلا للجوانــح مــورد
يــروق ويــروي نــاظراً وجوانحــاً
فـــذلكم يحلـــو وتلكـــم يبــدد
بــأدواحه الزهــرُ البهــي منظــمٌ
مـــــتى أمــــهُ زوارهُ ومنضــــد
فأبيضـــهُ لونـــاً وأحمــره معــاً
لجيــن يــروق النــاظرين وعســجدُ
وقضـبانهُ بـالري مـن واكـف الحيـا
عليهــا كمثــل الـدرِّ وهـي زبرجـدُ
تســبحُ أشــجانُ القلــوب برحبهــا
إذا مــا غـدت فـوق الغصـون تغـرد
فمـن عنـدها إسـحاقُ فـي طيـب نغمةٍ
أو ابــن ســريج والغريــضُ ومعبـدُ
إذا مـا المنـى جـرت عليها ذيولها
تراهـــا لإفــراط التحــرك تســجدُ
ومــن جـامعٍ للفضـل والحسـن جـامعٌ
ومـن مسـجد مـا مثلـه الـدهرَ مسجدُ
غــدا فيهمــا للصــالحين تزاحــمٌ
وهـــم ركـــعٌ لا يفـــترونَ وســجدُ
لـــدمعهم فــوق الخــدود تســاقطٌ
كعقــد هـوى منـه الجمـانُ المنضـدُ
ودعـوتهم تشـفي العليـل مـن الضنى
وتنـزل فـي المحـلِ الحيـاءَ وترعـدُ
وكـم فيهمـا مـن عـالمٍ فـاق علمـه
يعلــم مــن يــأتي إليــه ويقصـدُ
فيهـدي بمـا يبـدي من العلم للهدى
مـــؤمله للهـــدي منـــه ويرشــد
وإن ابـن منظـورٍ أبـا عمـرو الرضى
لأعظـــم معلــوم الفخــار وأمجــدُ
إمـــام لمحـــراب خطيــبٌ لمنــبر
مقيــدٌ لمـن يغشـاه بالفضـل مرفـدُ
مـــوطئُ أكنــاف القضــاء بعــدله
وبــالنظم والنــثر البيـان موطـدُ
محمــــل دولاب الملـــوك بـــذاته
وللمــك بــالرأي الرشــيد ممهــدُ
ومـذهبه فـي الهـدي والزهـد فاضـحٌ
مـــذاهب قــوم مهتــدين تزهــدوا
وحيـت بهـا ريـح الصـبا دار صـنعةٍ
بأكنافهــا شــتى المحاســن تحسـدُ
بنـاء بـديع الشـكل سامٍ إلى السما
قواعـــده بــالأرض تبنــى وتعقــدُ
لحســـن حنايـــاه بــأعلاه منظــرٌ
يـــروق محيــاه العيــون ومشــهدُ
بهــا تـم مـن مبنـاه أعجـب هيكـل
يشــير إلــى عظـم الفخـار ويرشـدُ
أعـــد لإنشـــاء الأســـاطيل عــدةً
لهــا حبــسٌ منــه عليهــا مؤبــدُ
لغـزو العـدى فـي البحر أحكم صنعهُ
وأبــدع مبنــاه البــديع المشـيدُ
وســاحلها للطــرف والطــرف مسـرحٌ
فســيحٌ يــروقُ النــاظرين ومطــردُ
وليــس بهــا يلتــاح موضـعَ راحـةٍ
مــن الأرض إلا وهــو للإنــس معبــدُ
ومــن فضـلها المعلـوم أن هواءهـا
يــداوى بــه الكســلان والمتلبــدُ
وفرســانها الفرسـانُ بأسـاً ونجـدةً
مقامــاتهم فـي حربهـم ليـس تجحـدُ
بأمثـالهم تحمـى البلادُ مـن العـدى
ويـــدفعُ عنهـــا كـــافرٌ متمــردُ
وأنــدلسٌ بــالحزم مــن أمرائهــا
غــدا ناكصــاً عنهـا كفـورٌ وملحـدُ
وهــم حفظــوا الإسـلامَ فيهـا وإنـه
لبغــي عــداهُ كــادَ يطـويه ملحـدُ
وفعــل ابـن أشـقيلولةٍ فـي دعـائه
أبــا يوسـفٍ بـالحق والصـدق يشـهدُ
دعـاه لنصـر الـدين فيهـا مبـادراً
فلبـــاه منـــه ناصـــرٌ ومؤيـــدُ
وجــاز إليهــا فــي جمـوعٍ كـثيرةٍ
يفــوق الحصــى تعـدادها إذ تعـددُ
فشــن علــى أعــدائها كــل غـارةٍ
وكاليوم في الغاراتِ أضحى بها الغدُ
وأمضـى علـى مـن أمّ منهـم هزائمـاً
وســجل مــا أمضــاهُ ســيفٌ مهنــدُ
فمنهـــم قتيــلٌ بالصــعيد مجــدلٌ
ومنهــم أســيرٌ فـي القيـود مصـفدُ
ولـولا الـذي وافـى بـه مـن فعـاله
لمـــا كـــان فيهــا للإلاه موحــدُ
وحسـبك فخـراً فـي التصـانيف وارداً
بتقييــده فيهـا اعتنـى مـن يقيـدُ
وللـــه فيـــه قلعتـــان تحلقــا
بناؤهمـــا راق العيـــونَ مشـــيدُ
حكـت شـرفات السـورِ مـن قلعتيهمـا
ثغـور الغـواني الـدر فيهـا منضـدُ
علـت منهمـا الأبـراجُ في حال قربها
علــواً وقربــاً مثلــه ليـس يعهـدُ
وشــارف منهـا البحـر بيـضٌ نـواعمٌ
يشـــاهدنه والبحــر صــرحٌ ممــردُ
ومــا الفلـكُ تجـري فيـه إلا أهلـةٌ
وركابهـــا مثــل النجــوم توقــدُ
تــرى عجبـاً منهـا ومنهـم بجوفهـا
بحــال ســكونٍ منــه أو هـو مزبـدُ
تبــاركَ مـن يحصـي ويعلـم مـا بـه
تعــــالى إلاه بـــالعلى متوحـــدُ
وولــدانها الولـدان حسـناً وبهجـةً
وأبكارهـــا حـــورٌ كــواعبُ خــردُ
لهـــن خـــدودٌ كالشــقائق حمــرةُ
وإلا كمثـــل الــورد وهــو مــوردُ
لهـــن وجـــوهٌ كالبــدور تطلعــت
بآفـــاق ســـعدٍ نورهـــا يتوقــدُ
وفيهـــا تجــارٌ أغنيــاءُ غنــاهمُ
لهــم شـرفُ الـدنيا والأخـرى مخلـدُ
أيــاديهمُ بــالجود فاضـت كبحرهـم
ولكــن أيـاديهم مـن البحـر أجـودُ
وفــاقهم عبــد العزيــز وفــاتهم
بأوصــاف ذاتٍ مثلهــا ليــس يوجـد
صــديق صــفاء طــاهر العـرض طيـبٌ
خليــلُ وفــاء ظــاهرُ الفضـل سـيدُ
ترقـــت بـــه للمكرمــاتِ فضــائلٌ
بهــا للعلـى يرقـى ويسـمو ويصـعدُ
بحســـاده مــن أجلهــا أي كــثرةٍ
ومـــا فاضــلٌ إلا ويشــنا ويحســدُ
لــه صــورةٌ تسـبي القلـوب جميلـةٌ
لــه ســيرةٌ تسـلي النفـوسَ وسـؤددُ
إليـه انتهى في وقته الفضلُ والنهى
لــذاكَ غــدا يثنــى عليـه ويحمـدُ
حقيقــةُ مــا ألقــى مجـازاً يعـده
ومطلــق مــا أشــكو لــديه مقيـدُ
مــــآثره لا ينتهــــى لبلوغهـــا
مفــاخره فــي الفخـر ليسـتْ تعـددُ
شـــربت هـــواه قهـــوةً قرقفيــةً
وصــرتُ لســكري بالمديــح أعربــد
وجئتُ ببعــض البعــض منهـا منظمـاً
ليـــأثره عنـــي مـــثيرٌ ومســندُ
ولــو أننـي رمـت القيـام ببعضـها
لمـا كـان لـي بـالبعض أنظمـه يـدُ
علـى أن نظمـي معجـبُ النسـج معجـزٌ
وســهمي لأغــراض القــوافي مســردُ
ومــا القصــدُ إلا أن أمهــدجَ حبـه
عسـى غرضـي ألقـى ومـا أنـا أقصـدُ
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .