
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـبراً جميلاً لهـذا الحـادث الجلـل
وإن يكـنْ مـا بـه للقلـب مـن قِبَلِ
فالصــبر بــالأجر مقـرون ومرتبـط
فـــي عاجــل أو مســتقبل الأجــل
واحذر من الجزع المذموم وارض بما
فـي ابنيك قد مضتِ الأحكامُ في الأزل
فقــد أصــبت بـرزءٍ مـن فراقهمـا
أصـبحت منـه عـن السـلوان في شغل
والعـذر فـي عـدم السـلوان متضـح
فمـا عليـك إذا لـم تسـل مـن عذل
فمــن كأحمــد فـي فضـل وفـي أدب
ومـن كعبد الغني في العلم والعمل
بــدران أظلمـت الـدنيا لموتهمـا
وكـم بـدت منهما كالشمس في الحمل
تزينــت منهمــا والشــمل مجتمـع
حـال الحيـاة بأبهى الحلى والحلل
فأصــبحت عـاطلاً مـن حلـي حسـنهما
تبـدي عبـوسَ المحيـا حالـة العطل
وروضــها ذابــلٌ مـن بعـد نضـرته
ونورهـا ظلمـةٌ سـوداء فـي المقـل
والأرض راجفـــةُ الأرجــاء مــائدةٌ
للهـول لا فـرق بيـن السهل والجبل
هــو القضــاء إذا يمضــي مقـدره
لـم يسـتطع رده ذو الحـول والحيل
والمـوت حتـم علـى الأحيـاء كلهـم
قضـى بـه خـالق الإنسـان مـن عجـل
فمـن يقـدر عليـه المـوت فـي صغر
لحــد عمـر كـبير السـن لـم يصـل
ومـن يكـن عمـره المكتـوب ذا قصر
لـم يلفـه الـدهر ممتـداً ولم يطل
فســلم الأمــر للـه العظيـم كمـا
أمــرت وأرض بمـا أمضـاه واحتمـل
ولــي مشــاركةٌ فيمــا أصـبت بـه
بمقتضـى الحـب فيـكَ الواضح السبل
وقــد وجـدت الـذي أصـبحت واجـده
وقـد شـكوت الـذي تشـكوه مـن علل
فزفرتــي بالحشــا نــارٌ مضــرمةٌ
وعــبرتي بالأسـى كالعـارض الهطـل
وحـالتي مـذ نعـى الناعي بموتهما
عنهــا فــديتك لا تبحــث ولا تسـل
قـد اسـتحالت وحـالت عـن عوائدها
فلســت أســلو ولا أنفـك عـن أمـل
وكيــف لــي بسـلو والحمـام عـدا
عليهمـــا دون جـــرم لا ولا زلــل
وقابـل القلـب مـن تعجيـل بعدهما
بحـــادثٍ معضـــل مســتكره جلــل
فأصـبح القـبر مثـوى سـاتراً لهما
بعــد الوسـائد والأسـتار والكلـل
وإن مــن أعظـم الأرزاء فرقـة مَـنْ
أحببــت لا عـن قلـىً منـه ولا ملـل
إنــي لأعجــب منــه كيـف غالهمـا
حــال الشــباب وعمـر راق مقتبـل
وكيـف مـد الـردى بالموت منه يداً
لقبـض روحهمـا لـم يخـش مـن شـلل
وكيــف غيــر حسـناً منهمـا خجلـت
شـمس الضحى منه في الإشراق والطفل
وكيــف حمــل ذاك المجـدُ ثكلهمـا
والثكـل واللـه أمـرٌ غيـر محتمـل
وكيـف لـم يـرعَ للدين المتين حمىً
ولــم يـراعِ محـل العلـم والعمـل
وكيــف قــابله مـن فقـد خطبهمـا
بمـــذهب مــذهب للأنــس والجــذل
لكنــه المــوت هـذا حكمـه أبـداً
في الخلق يمضيه بين الريث والعجل
وإن شــككت وحاشـا المجـد يلحقـه
شــك فــأين رجــال الأعصــر الأول
سـقوا بكـأس الـردى من عند آخرهم
حـتى رووا منـه بيـن العل والنهل
فتلــك أربعهــم بــالموت خاليـةٌ
وهــم بهــا بيـن مصـروع ومنجـدل
تلــوح منهــم عظـام وهـي نـاخرةٌ
عظاتهـا ذات فعـل فـي النفوس جلي
لكـن يسـهله عنـدي جوارهمـا للـه
والمصــطفى المختــار فـي الرسـل
محمــد خيــر مــن عمــت شـفاعته
فـي موقف الفصل عند الخوف والوجل
فـي جنـة الخلـد حيث الشمل مجتمعٌ
والعيــش متســعٌ والمـرءُ ذو جـذل
لعــل مـن نعمـةٍ لابنيـك مـن بهـا
يقضـي بهـا لك في يوم الجزاء ولي
عبد الكريم القيسي البَسطي.من شعراء الأندلس في القرن الأخير من حياة العرب المسلمين في تلك الديار ، عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم القيسي. وقد وصل إلينا ديوان شعره كاملاً تقريباً، ولعله آخر ديوان أندلسي يصل إلينا من خلال الأحداث القاسية التي عانى منها الأندلسيون في آخر التاريخ الإسلامي هناك . ولم تحفظ لنا الوثائق الباقية سنة ولادة القيسي البسطي ولا سنة وفاته ، لكن ديوانه يشير إلى أنه من رجال القرن التاسع، وأنه لم يدرك سقوط غرناطة 897 هـ.وكانت ثقافة الشاعر ثقافة شرعية شاملة إلى ثقافة عربية أدبية مكينة ، وقد عين في أعمال مثل الإمامة، والخطابة والتوثيق والفتيا. وشعر البسطي هو صورة من صور الشعر في أيام الأندلس الأخيرة .