
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَشــَعَت لفَيْــضِ جَلالِــكَ الأَبْصــارُ
وَذَكَــتْ بِمِســْك خِلاَلِــكَ الأَشــْعَارُ
وتَوســَّمتْ مِصــرُ العُلاَ فـي طَلْعـةٍ
قـــد حَفّهـــا الإِجْلالُ والإِكْبــار
مَلِــكٌ تَغَـارُ النَّيِّـراتُ إذا بَـدَا
أَســـَمعْتَ أَنَّ النَّيِّـــرات تَغَــار
وَدَّت لَــوِ اشــْتَملتْ بِفضـْل رِدَائه
هَيْهـاتَ ثَـوْبُ المَجْـدِ لَيْـس يُعَـار
شــَتّانَ بَيْـن النيِّـراتِ ومَـنْ بِـهِ
ســُبُلُ البُطُولَـةِ والْحَيـاةِ تُنَـار
تهْــدَي العُيُـونُ بضـَوْئهنّ وضـَوْءُه
تُهْــدَى البَصـائِرُ فِيـه والأَبْصـَارُ
ولهــا مَــدارٌ مـن فَضـَاءٍ مُبْهَـمٍ
ولَــكَ العُلاَ والمَكْرُمَــاتُ مَــدَار
غُضــِّي جُفونَـكِ يـا نُجـومُ فـدوُنَه
تَتَضـــاءَلُ الآمَـــالُ والأَقْـــدار
أنتُــنّ أقْــربُ مُشــْبِهٍ لِهِبَــاته
فكِلاكُمــا مِــنْ راحَتَيْــه نِثَــار
مِـن حُسـْنِه اخْتَلَـس الأَصـيلُ جَمالَه
وبِبِشــــْرِهِ تَتَبســـَّمُ الأَســـْحَار
تبـدُو سـَجَايا النُّبْـلِ وَهْـي قَلائِلٌ
فــإذا حَلَلْــن ذَرَاه فَهْـي كِثَـار
أَبْصــَرنَ فِيـه نَصـِيرَ كُـلِّ كَريمـةٍ
إنْ قَلَّـــت الأَعْـــوانُ والأَنْصــار
للّــه يومُــكَ والضــِّياءُ يَعُمُّــه
فَعَشــــِيُّهُ ســــِيَّانِ والإِبْكـــار
نَســِيت بـه الآمـالُ جَفْـوةَ دَلِّهـا
ومِـــن الــدَّلالِ تَحجُّــبٌ ونِفَــارُ
يَــوْمٌ تَمنّــاه الزَّمـانُ وطَالَمـا
مَــدَّتْ إليــه رُءُوســَها الأَعْصـَار
سـَفَرتْ بـه البُشـْرَى فَطاحَ قِناعُها
عَمْـداً وطَـار مـع الهَـواءِ خِمـار
والنَّفْـسُ أَغْـرَى بالْجَمـالِ مُحجَّبـاً
إنْ زُحْزِحَــتْ مِــنْ دُونِـه الأسـْتار
مـا صـُبْحُ يـومٍ والسـَّماءُ مَريضـةٌ
كصــَبَاحِ يَــوْمٍ والنهَّــارُ نَهـار
يـوْمٌ غَـدَا بيـن الـدُّهورِ مُمَلَّكـاً
يُومــا إِليــه مَهَابــةً ويُشــَار
الأَمْــسُ يَجْــزَع أنْ تَقَــدَّمَ خُطْـوَةً
وغَــدٌ أَطَــارَ صــَوابَه اسـْتِئْخار
يـوْمُ جَثَـا التاريـخ فيـه مَدوِّناً
للّــه مــا قَــدْ ضــَمَّتْ الأَسـْفارُ
وتَصــفَّح الأَخْبَــارَ يَبْغِــي مِثْلَـه
هَيْهــاتَ تَحْــوِي مِثْلَــه الأَخْبَـار
يــوْمٌ كــأَنَّ ضــِيَاءَه مِـنْ أَعْيُـنٍ
مِـنْ طُـولِ مـا اتّجَهـتْ له الأَنْظارُ
يَكْفِيــه أن يُنْمَــى لأَكْــرمِ سـُدَّةٍ
ســَعِدَتْ بهــا الأَيَّــامُ والأَمْصـَارُ
بَيْـتٌ لـه عَنَـتِ الوُجُـوه خَواشـِعاً
كــالبَيْت يُمْســَح رُكْنُــه ويُـزَار
ضــُمَّتْ بـه فِلَـذُ القُلُـوبِ فكـوَّنتْ
بَيْتـــاً فلا صـــَخْرٌ ولا أَحْجَـــار
الـدينُ والْخُلُـقُ المَتِيـنُ أَساسـُه
وحِياطَــةُ المَــوْلَى لــه أَسـوَار
رَحُبـتْ بـه السـَّاحَاتُ فَهْـوَ مَثابةٌ
وعَلاَ عُلُــوَّ الْحَــقِّ فهْــوَ مَنَــار
غِيــلٌ تَهَـابُ الأُسـْدُ بَطْـشَ لُيـوثِه
وتَخُونُهـــا الأَنيَــابُ والأظْفَــارُ
مِــنْ كُــلِّ خَطَّــارٍ إِلَـى غَايَـاتهِ
يُزْهَــى بــه الصَّمْصـَامُ والْخَطَّـار
نَــدْبٍ إذا حَــلّ الْحُبَـاءَ لغَـارةٍ
أَلْقَـى السـِّلاَحَ الفَـارِسُ المِغْـوَار
حـامَتْ نُسـورُ النَّصـْرِ حَوْلَ جُيُوشِهم
حتَّـــى كــأَنَّ غُبارَهــا أَوْكــار
شــُمْسُ العَـدَاوةِ والْحُسـَامُ مُجَـرَّدٌ
فـــإِذَا انْطَــوَى فَمَلائِكٌ أَطْهــار
سـَبَقوا وُثُـوبَ الْحادِثاتِ وبادَرُوا
إِنَّ الْحَيـــاةَ تَـــوثُّبٌ وبِـــدَار
وعَلَـوْا لِنَيْـلِ المَجْـدِ كُـلَّ مَطِيَّـةٍ
لـو كانَ نَجْماً في السَّمَاءِ لَطَارُوا
الْخَالِـدُون عَلَـى الزَّمـان وأَهْلِـه
تَفْنَــى الرجــالُ وتَخْلُـدُ الآثـارُ
جـاءُوا ومِصـْرُ عَفَـتْ معالمُ مَجْدها
لا مِصـــْرُ ولا الـــدِّيارُ دِيَـــارُ
العِلْــمُ يخْفِــقُ للـزّوالِ سـِرَاجُه
والعَــدْلُ مُنْــدَكُّ الـذُّرَا مُنْهـارُ
والنـاسُ فـي حَلَـكِ الظّلام يَسُوقُهم
نَحْــوَ الفَنَــاءِ تَخَبُّــطٌ وعِثَــار
فَبَــدا مُحمَّــدكُم فهَــبَّ صـَرِيعُهمْ
حَيّــا كَــذاكَ البَعْــثُ والإنْشـَار
والتفَّــتْ الرَّايـاتُ حـولَ لِـوائِه
ودَعا الغُفَاةَ إِلى المَسِير فَساروا
وأعــادَ مَجْــدَ الأَوَّلِيــن بَعزْمـةٍ
إِيرادُهــــا للّـــه والإِصـــْدَار
إنّ النُّفــوسَ تَضـِيقُ وَهْـيَ صـَغِيرةٌ
ويَضـِيق عنهـا الكَـوْنُ وَهْـي كِبَار
فـاروقُ عيـدُك هَـزّ أَدْوَاحَ المُنَـى
وتَعطَّـــرتْ بعَبِيـــرِه الأَزهـــارُ
اليُمْـنُ يَسـْطَع فـي جَبِيـنِ نهـارِه
والســَّعْدُ كــوْكبُ لَيْلـهِ السـَّيّار
رَقَصـَتْ بـه الرَّاياتُ باديةَ الْحُلَى
الْحُـــبُّ رَنَّحهـــا والاسْتِبْشـــَار
مُتَلفِّتــاتٍ حَــوْلَ رَكْبِــك حُوَّمــاً
لا يَســــْتقِر لوَجْـــدِهنّ قَـــرَار
مُتَـــدلِّلاتٍ مــا عَرَفْــن صــَبَابةً
نَشــْوَى ومــا لَعِبـتْ بهـنّ عُقَـار
جَعَلـتْ سـَمَاءَ النيـل رَوْضاً أَخْضَراً
هَيْهــاتَ مِنْـه الرَّوْضـَةُ المِعْطـار
والنـاسُ قَـدْ سَدُّوا الفَضَاء كأَنَّهم
بَحْـــرٌ يَعـــجُّ عَجِيجُـــه زَخَّــار
لــو صـُبَّتِ الأَمْطَـارُ صـَبّاً فَـوْقَهم
مــا مَـسَّ مَـوْطِىءَ نَعْلِهـم أَمْطـارُ
مُتجمِّعيــن كــأَنَّهم سـِرْبُ القَطـا
مُتَــــدفِّقين كـــأَنهم أَنْهـــار
قَـدْ لَوَّحـوا بـالرَّاحَتَيْن وزاحَمُوا
وتلفَّتــوا بالنَّــاظِرَيْن ومَـارُوا
لهـــمُ دَوِيٌ بالهُتـــافِ وضـــَجَّةٌ
ولهــمْ بصــِدْقِ دُعــائِهم تَهْـدَار
رفَعُـوا العَمارَ وَبَعْثرُوا أَزْهَارَهم
فـــالْجَوُّ زَهْــرٌ ناضــِرٌ وعَمَــار
حُــبُّ المَلِيــكِ الأَرْيَحِـيِّ شـِعَارهم
لــو كَــان يُنْسـَجُ للْـوَلاَء شـِعار
قَـرءُوا السعادةَ في جَبِينك أَسْطُراً
بيَــدِ المُهيْمــن هــذه الأَسـْطار
ورَأَوْا شــَبَاباً كالْجُمَـان يَزِينُـه
أَنَّـــى التَفَــتَّ جَلالَــةٌ ووَقَــار
سُسـْتَ القُلـوبَ فنلْـتَ أَكْـرمَ وُدِّها
وعَرَفْــتَ بالإِحْســانِ كيــف تُثـار
ومِــنَ القُلُــوبِ حَــدائقٌ بَسـَّامةٌ
ومِــنَ القُلُــوبِ سَباســِبٌ وقِفَـارُ
مَـنْ يَغْـرِسِ الصـُّنْعَ الْجَميـلَ بأُمّةٍ
فَلـهُ مـن الشـُّكرِ الْجَمِيـلِ ثِمَـار
لمـا رَأَوْكَ رأَوْا بَشاشـاتِ المُنَـى
الــوَجْهُ نَضــْرٌ والشــَّبَابُ نُضـَار
مُتَســْربِلاً ثَـوْبَ الهُـدَى مُتواضـِعاً
للّـــه لا صـــَلَفٌ ولاَ اســـْتِكْبار
نُــورُ الإِلَـه يَـدُور حَوْلَـك هَالـةً
لــم تَزْدَهِــر بمَثيِلهـا الأَقْمَـار
فـي مَـوْكبٍ للمُلْـك يَخْتَلِـب النُّهَى
وَتَــتيه فــي تَصــْوِيره الأَفْكـارُ
فَتَـن العُيـونَ الشَّاخِصـاتِ بسـِحْره
إِنَّ الْجمَـــالَ لَفـــاتِنٌ ســـَحّار
فــاروقُ تاجُــك رَحْمــةٌ وسـَعادةٌ
للــــوادِيَيْن وعِـــزَّةٌ وفَخـــار
تَتــألّق الآمــالُ فــي جَنَبــاتِه
ويَـدُورُ نَجْـمُ السـَّعْدِ حَيْـثُ يُـدَار
مـا نـالَه كِسـْرَى ولـم يَظْفَـر له
بمُمَاثِــل يــومَ الفَخــارِ نِـزَارُ
نـورُ الجـبين السـَّمْحِ مازَجَ ضَوْءَه
فتَشـــَابَه الأضـــْوَاءُ والأَنْــوَار
المُلْــكُ فيــكَ طَبِيعــةٌ ووِرَاثـةٌ
والمَجْــدُ فيــكَ ســَليقَةٌ ونِجَـار
أعْلَيْــتَ ديــنَ اللّـه جَـلَّ جَلالُـه
فَرَســَا لــه أَصــْلٌ وطَـالَ جِـدَار
الـدِّينُ نُـورُ النَّفْـسِ في ظُلُماتِها
والعَقْــلُ يَعْثُـرُ والظُّنُـونُ تَحَـارُ
بَيْــن المَنـابر والمـآذِن بَهْجـةٌ
وتَحــــدُّثٌ بِصـــَنِيعكم وَحِـــوَار
آيــاتُ نُبْلِــك فـي شـَبابِك سـُبَّقٌ
للمَجْــدِ لــم يُشـْقَقْ لهـنّ غُبَـار
يَبْـدو شـَذا الرَّيْحـانِ أَوَّلَ غَرْسـِه
ويَــبينُ قَـدْرُ الـدُّرِّ وَهْـي صـِغَار
فَتَحَـتْ لـك الـدُّنيا كنوزَ هِباتِها
تَخْتـارُ مِنهـا اليَـوْمَ مـا تَخْتار
يُمْنـــاك يُمْـــنٌ للبلاد ورَحْمــةٌ
غَــدَقٌ ويُســْرَى راحَتَيْــك يَســارُ
بَهَـرتْ رِجـالَ الغَـرْب منـك شَمائِلٌ
خُلُـــقٌ أَغَـــرُّ ورَاحــةٌ مِــدْرار
عَرَفـوا بمَجْـدك مَجْـدَ مِصْرَ ونُبْلَها
وتَحــــدَّثتْ بِخلالـــك الســـُّمّار
وغَـــدَوْتَ فَـــألاً للعُلاَ فتحقَّقَــتْ
فيــك المُنَــى وانحطَّــتِ الآصـَارُ
وتَخطَّــرتْ مِصــْرٌ إلــى فَاروُقِهـا
غَيْـداءَ مـا شـانَ الْجَمـالَ إِسـَار
شـَمَّاءَ يَحْنِـي الـدهرُ أَصـْيَدَ رَأْسِه
لجَلالهـــا وتُطَـــأْطِىءُ الأَقْــدار
فـانْعَم بمـا أُوِتيتَ واهْنَأْ شاكِراً
نِعَـــمَ الإِلـــهِ فــإِنَهنّ غِــزَار
لا زِلْـتَ بالنَّصـْر المُبِيـنِ مُتوَّجـاً
تَحْيَــا بِــك الأَوْطــانُ والأَوْطـار
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.