
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
غـداً فـي سـَماءِ الْعبْقَرِيَّـةِ نلتقي
وتجتمــع الأَنْــدَادُ بَعْـدَ التَّفَـرُّقِ
وَنـذكر عيْشـاً كـالأزاَهِر لـم يَطُـلْ
وَوُدّاً كَمشــْمُولِ الرَّحيــقِ الْمُصـَفقِ
وَنَضــْحك مـن آمالِنـا كيـف أنَّهـا
أَصـَاخَتْ إلـى وَعْـدِ الزَّمان المُلَفِّقِ
ونَســْبَحُ فـي أنْهَـارِ عَـدْنٍ كأنَّمـا
ســَرَائِرُنَا مِــن مائِهـا المُتَـدَفِّق
ونَخْتَــرِق الأجْــواءَ بَيْــنَ مُــدَوِّمٍ
يَمَـــدُّ جَنَـــاحَيْهِ وبيــن مُصــَفِّقِ
ذَكَـرْتُ أَحِبَّـائي وقَـدْ سـَارَ رَكْبُهُـمْ
إلـى غيـر آفـاقٍ علـى غيـر أَيْنُقِ
أُودِّعهــم مــا بَيْـنَ لَوْعَـةِ وَاجـدٍ
تَطِيـرُ بـه الـذِّكْرَى وَزفْـرَةِ مُشـْفِق
وَأَبْعَـثُ فـي الصـَّحْراء أَنَّـاتِ شـَيِّقِ
وهَـلْ تَسـْمعَ الصـَّحراء أَنَّـاتِ شـَيِّقِ
تعلقـتُ بالحَـدْبائِ حَيْـرانَ وَالِهـاً
وكيْـف ومَـاذَا نـافِعي مـن تعلُّقِـي
لَمَســْتُ فلـم أَلْمِـسْ سـوى أَرْيَحِيَّـةٍ
مـن النـورِ لُفَّـتْ فـي رِدَاءٍ مُخَلَّـقِ
أَتُـدْفَنُ فـي الأرض الكنـوزُ وفوقها
خَلاَءٌ إلـــى لأْلائِهَــا جِــدُّ مُمْلِــقِ
ويَمْضـِي الْحِجَـا مَا بَيْنَ يومٍ وليلةٍ
كَلَمْحَــةِ طَــرْفٍ أَو كَوَمْضــَةِ مُبْـرِق
يضـيق فضـاءُ الأرض عـن هِمَّةِ الفَتى
ويُجمَــعُ فـي لَحْـدٍ مـن الأرض ضـيِّقِ
تَبَـابٌ لهـذا الـدَّهْرِ مَـاذَا يُرِيدُه
وأَيّ جديـــدٍ عنــده لــم يُمَــزّقِ
يُصــَدِّعُ مــن أَعْلاَمِنَــا كـلَّ راسـخٍ
ويُطفِىـءُ مـن أَنْوَارِنَـا كـلَّ مُشـْرِقِ
هُوَ الموُتُ مَا أَغْنَى اسمه عَنْ صِفَاتِه
وعــن كـل ألْـوَانِ الكلام المُنَمَّـقِ
رَمَتْنِـي عَـوادِيه فـإِن قلـتُ إِنَّهَـا
مَضــَتْ بِأَمــانِيِّ الحيــاة فَصــَدِّقِ
أَأَحمـدُ أيـن الأمْـسُ والأمسُ لم يَعُدْ
ســِوىَ ذِكريــاتٍ للخيـال المُـؤَرِّقِ
كَـأَني أراكَ اليـومَ تخطُـبُ صـَائِلاً
وتَهْـدِرُ تَهْـدَارَ الْفَنيـقِ المُشَقْشـِقِ
تُنَافِـحُ عـن بِنْـتِ الصـَّحارِي مُشَمِّراً
وتَفْتَــحُ مِـن أسـْرَارِهَا كُـلَّ مُعْلَـقِ
مَضـَى حَـارِسُ الفُصـْحى فَخَلَّـده اسْمُه
كمـا خلَّـد الأَعْشـى حَـديثَ الْمُحَلَّـقِ
فَقـدْنَا بـه زَيْـنَ الْفَوَارِسِ إِن رَمَى
أَصـَابَ وإِنْ يُـرْخِ الْعِنَـانَيْنِ يَسـْبِقِ
فَقُــلْ للَّـذِي يَسـْمُو لـذَيْلِ غُبـارِهِ
ظَلمْـتَ العِتَـاقَ الشـَّيْظَمِيَّاتِ فَارفُقِ
إِذا مـا رَمَـى عِنْـدَ الجِدَالِ عَبَاءَهُ
رَمَـاكَ بِسـَيْلٍ يَقْـذِفُ الصـَّخْرَ مُغْـرِقِ
فجـانِبْ إذا كُنـتَ الحِكيـمَ سـُؤَالَهُ
وَأَطْــرِقْ إلــى آرائِهِ ثُــمَّ أَطْـرِقِ
أَأَحْمَــدُ إِنْ تَمْــرُرْ بِـوَالي فَحَيِّـه
وَبَلِّغْــه أَشـْوَاقَ الفُـؤادِ المُحَـرَّقِ
طَوينـاه صـيَّادَ الأَوابـدِ لَـمْ يَـدَعْ
عَزِيـزاً عَلَـى الأفْهـامِ غَيْـر مُوَثـقِ
لَـهُ نَظْـرَةٌ لـم يحتَمِـلْ وَقعَ سِحْرِهَا
غريـبُ ابـن حُجْرٍ أَو عَوِيصُ الفَرَزْدَقِ
أَحَـاطَ بآثـار الْخلِيـلِ بْـنَ أَحْمَـدٍ
إِحاطَــةَ فيَّــاضِ البَيَــانِ مُــدَقِّقِ
إذا مَـسَّ بـالكَفِّ الجـبينَ تـدافَعَتْ
جُيُـوشُ المعـانِي فَيْلقـاً إِثْرَ فَيْلَقِ
ويومــاً مــع الإِســكندريّ رأيتـه
يُجــاذِبهُ فَضــْلَ الْحَـدِيثِ المشـَقَّقِ
فَهَـذَا يَـرَى فِـي لَفْظَةٍ غَيرَ مَا يَرى
أَخــوه ويختـارُ الـدليلَ وَيَنْتَقـي
فقلــت أرى ليثـاً وليثـاً تَجَمَّعَـا
وأَشـْدَقَ مِلـءَ العَيْـنِ يَمْشـِي لأَشـْدَقِ
وأَعْجَبَنِـــي رأيٌ ســـَلِيمٌ وَمَنْطِــقٌ
يَصــُولُ علــى رأيٍ ســليمٍ ومَنْطِـقِ
وقــد لــوَّحتْ أيْــدِيهِمَا فكأنّهـا
إِشــاراتُ رايــاتِ تـروحُ وتَلتَقـي
ولـم أَرَ فـي لفْظَيْهِمَـا نَبْـرَ عَائِبٍ
ولـم أَرَ فـي عَيْنَيْهِمَـا لَمْـحَ مُحْنَقِ
فقلـتُ هِـيَ الفُصـْحَى بِخَيـرٍ وَإِنَّهَـا
بأَمثــالِ هَـذَيْن الْحَفيَّيْـنِ تَرْتَقـي
وَلَـمْ أَنْـسَ نَلِّينُـو وقَدْ جَاء فَيْصَلاً
بِحُجَّــــةِ بَحَّــــاثٍ وَرَأْيِ مُحَقِّـــقِ
وَفِكْـرٍ لـهُ مِـنْ فطْـرَةِ الـرُّومِ دِقَّةٌ
ومِــنْ نَفَحـاتِ العُـرْبِ حُسـْنُ تَـأَلُقِ
يُنَســِّقُ علــم الأوّليــن مُجاهِــداً
ولاَ خَيْـرَ فـي عِلْـمٍ إذَا لَـمْ يُنَسـَّقِ
تَقَاســـَمَهُ غَــرْبٌ وشــَرْقٌ فَــأَلَّفَتْ
مَنَــاقِبُهُ مــا بَيْـنَ غَـرْبٍ ومَشـْرِقِ
فَدَعْ ما يُغَطِّي الرّأس واسْمَعْه لا تجِدْ
ســِوَى عَرَبِـيٍ فـي العُرُوبَـة مُعْـرِقِ
إِذا صـَالَ ألْقَـآ الرُّمـحَ كُلُّ مُنَازِلٍ
وإِن هـــو دَوّى ســَفّ كــلُّ مُحَلِّــقِ
عَشــقْناه وَضــَّاحَ الْخَلاَئِقِ مُخْلِصــاً
وَمَــنْ يَــكُ وضــّاحَ الخلائق يُعْشـَقِ
فَيَـا مَجْمَـعَ الفُصـْحى عَـزَاءً فَكُلُّنَا
إلَـى الشاطِىءِ المَوْعُودِ ركّابُ زَوْرَقِ
ومــا عَقِمَـتْ أُمُّ اللُّغَـاتِ ولا خَلَـتْ
خَمائِلُهــا مــنْ ســَجْعِ كـلِّ مُطَـوَّقِ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.