
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
صـَفَا وِرْدُهُ عـذْباً وَطَـابَتْ مَنَـاهِلُهْ
وَجَلَّـتْ يَـدُ الـدَّهْرِ الَّذِي عَزَّ نَائِلهْ
وأقبــلَ مُنْقــاد العِنَـانِ مُـذلَّلاً
تَطَــامَنَ مَتْنَــاهُ وَدَانَـتْ صـَوَائِلُهْ
يُطَـأطِىءُ للفـاروقِ رَأسـاً وتَنحنـي
أَمـام سـَنَا المُلْكِ المَهيبِ كَواهِلُه
تَلفَّـتَ فـي الآفـاقِ شـَرْقاً وَمغْرِبـاً
فَلـمْ يـرَ فـي أَنحائِهَا مَن يُماثلُه
رَأَى مَـا رَأَى لَـمْ يلْقَ عَزْماً كعزْمِهِ
تَقُــدُّ مَواضــِيه وتَفْــرِي مَنَاصـِلُهْ
يـذوبُ مضـَاءُ السـيفِ عِنْـدَ مَضـَائهِ
فَمَــا هــو إِلا غِمْــدُهُ وحَمَــائِلهْ
إِذا مـا انْتضـَاهُ فالسـعودُ أعِنَّـةٌ
إِلـى مـا يُرَجِّـي واللَّياليِ رَوَاحِلُهْ
رَأَى طَلْعـةً لـوْ أَنَّ لِلْبَـدْرِ مِثْلَهَـا
لَمَـا انحـدرتْ دونَ النجومِ مَنَازِلهْ
عَلَيْهَـا شـُعَاعٌ لَوْ رَمَى حَائلَ الدُّجَى
لَفَاخَرَ وَجْهَ الصبحِ في الحُسْنِ حائلُهْ
تَرَاهَـــا فَتُغْضــِي للجلالِ ورُبَّمَــا
تشـوَّفَ لَحْـظُ العَيْـنِ لَوْ جَالَ جَائلهْ
هُوَ الشمسُ يدنُو في الظَّهيرةِ ضَوْءُهَا
ويَصـْعُبُ مَرْآهَـا علـى مَـن يُحَـاوِلهْ
هُوَ الروضُ أو أَزْهَى من الروض نَضْرَةً
إِذا داعبَـتْ وَجْـهَ الربيـع خَمائِلُهْ
هُــوَ الأَمَــلُ البَســَّامُ رَفّ جنـاحُهُ
فطـارتْ بـه مـن كـلِّ قلـبٍ بَلابِلُـهْ
هُـوَ الكـوكبُ اللَّمَّاحُ يَسْطَعُ بالْمُنَى
وتَنْطِـقُ بـالغيثِ العَميـم مَخَـايِلُهْ
تَــرَى بَسـْمَةَ الآمـالِ فـي بَسـَماتِه
وتَلْمَـحُ سـِرَّ النُّبْـلِ حيـنَ تُقَـابِلُهْ
شـَبَابٌ كَمَـا يَصـْفُو اللُّجَيْـنُ كَأنّمَا
تَمَلأ مِــنْ مَـاءِ الفَرَادِيـسِ نَـاهِلُهْ
يُفَـدِّيهِ غُصـْنُ الـدَّوْحِ رَيَّـانَ نَاضِراً
إِذَا اهْتَـزَّ فـي كَفِّ النَّسَائِمِ مَائِلُهْ
تَطَلَّـعَ رُمْـحُ الخـطِّ يَبْغِـي اعْتِدَالَهُ
فَعَـأدَ حَسـِيراً يَنْكُـتُ الأَرْضَ ذَابِلُـهْ
وَمِـنْ أَيْـنَ لِلرُّمْـحِ المُثَقَّـفِ عَزْمُـهُ
وَمِـنْ أَيْـنَ لِلرُّمْـحِ الطَّوِيلِ طَوَائِلُهْ
إِذَا حَفَزَتْــهُ الحادثــاتُ رَأيْتَــهُ
وَقَـدْ شـَكَّ أَحْشـَاءَ الحـوادثِ عَامِلُهْ
علاءٌ تَحـدَّى الـدهرَ فـي بُعْـدِ شَأْوِهِ
فَمَـنْ ذَا يُـدانِيهِ ومَـن ذا يُفاضِلُهْ
ورَأْيٌ كأنْفَـاسِ الصـَّباحِ وقَـدْ بَـدَا
تَشــِفُّ مَجَــالِيه وتَهْفُــو غَلائِلُــهْ
وَخُلْــقٌ كَمُخَضــَلِّ النســِّيم بِرَوْضـَةٍ
ذَوَائِبُــــهُ نَفَّاحَـــةٌ وَجَـــدَائلُهْ
يَمَـسُّ جَـبينَ النيـل فـي رِفْقِ عاشقٍ
وتفْتَــحُ أكمـامَ الزهـورِ مَسـَاحِلُهْ
دَعَـوْتُ إِليـكَ الشـِّعْرَ فانقادَ صَعْبُهُ
وقَـد كانَ قبلَ اليومِ شُمْساً جَوَافِلُهْ
وَمَـا كِـدْتُ أدعُو الوحْيَ حتى سَمِعْتُه
تُبَـــادِهُنِي آيَـــاتُهُ ورَســـَائِلُه
خَيَــالٌ إِذَا أرْســَلتُهُ إِثْـرَ نَـافِرٍ
أَتَــتْ بــأعَزِّ الآبــداتِ حَبَــائِلُهْ
ولَفْـظٌ كَوَجهِ الرَّوْضِ في ميْعَةِ الضُّحى
وقَـدْ صـَدَحَتْ فـوقَ الغُصـونِ عَنَادِلُهْ
إِذا قُلْتُــه أَلقَــى عُطـارِدُ سـَمْعَهُ
وسـَاءَلَ شـمسَ الأفْـقِ مَـنْ هو قائِلُهْ
وإن سـارتِ الريـحُ الهَبُـوبُ بجَرْسِهِ
فــآخِرُ أكنَــافِ الوُجُـودِ مَراحِلُـهْ
إِذا ذُكِــرَ الفـاروقُ فـاضَ مَعِينُـهُ
وثَجَّــتْ قــوافيهِ وعَبَّــتْ حَـوَافِلُهُ
يقــولُ وَمَـالِي حِيـنَ أَكتُـبُ قَـوْلَهُ
مِـنَ الفَضـْلِ شـَيْءٌ غَيْـرَ أَنِّي نَاقلُهْ
رَأَى مَلِكـاً يَحْيَـا القَريـضُ بِوَصـْفِهِ
فضــائلُهُ جَلَّــتْ وعَمَّــتْ فَوَاضــِلُهْ
رَأى مَلِكـاً يُزْهَى بِهِ الدِّينُ والتُّقَى
شــمائلُ أملاكِ الســماءِ شــمائلُهْ
رَأى مَلِكــاً كالنِّيـلِ أمـا عَطَـاؤُهُ
فغَمْــرٌ وأمـا المكرمـاتُ فسـاحِلُهْ
فَغَـرَّدَ فـي الأَجـواءِ باسـْمِكَ طيـرُهُ
ورَدَّدَ فــي الآفــاقِ ذكـرَكَ هـادِلُهْ
وصـَاغَتْ لَـكَ التِّبْـرَ المُصَفَّى فُنُونُهُ
وحَـاكَتْ لَـكَ البُرَدُ المُوَشَّى أَنامِلُهْ
ولـم يَبْـقَ مـن نَسْجِ السَّحائبِ زَهرةٌ
تَــرِفُّ نَــدىً إلا حَوَتْهَــا فَوَاصـِلُهْ
وَصــَبَّ شـُعَاعَ الشـَّمسِ تـاجَ مَهابـةٍ
لِمَــنْ تَــوَّجَتْهُ بالفَخَـارِ فَضـَائِلُهْ
وَفَـكَّ رُمـوزَ السـحرِ مـن أرضِ بابلٍ
لأجلـكَ حـتى اسـتنْجَدَتْ بـكَ بَـابِلُهْ
أَعَـدْتَ لـه عهـدَ الرَّشـيدِ فأسـْرَعَتْ
إِلـى سـُدَّةِ الفـاروقِ تَشـْدُو بَلابلُهْ
ومــا أنـتَ فـي الأَمْلاكِ إِلا قصـيدةٌ
تفاعيلُهـا البِـرُّ الَّذي أَنتَ فاعِلُهْ
يَهُـبُّ طرِيـحُ الشِّعْرِ في دَوْلةِ النُّهَى
وتُلْهَــمُ أَسـْرَارَ البيـانِ مَقـاوِلُهْ
حَمَلْـتُ لَـهُ الرَّيْحَـانَ يـومَ زِفـافِهِ
نَضـِيرَ الْحَواشِي يَنْشُرُ المِسْكَ خاضِلُهْ
أُزَاحِــمُ للفــاروقِ حَشــْداً كـأنّهُ
خِضـَمٌّ مِـنَ الأمـواجِ ضـاقتْ سـَبَائِلُهْ
يُغَطِّــي أَدِيـمَ الأرضِ عَـزَّ اخـتراقُهُ
وسـُدَّتْ عَلَـى أَقْـوَى الرجالِ مَدَاخِلُهْ
إذا أنـتَ لَـمْ تَعْـرِفْ مَدَى أُخْرَياتِهِ
فَسـَلْ طَرْفَـكَ المَمْـدُودَ أَيْنَ أَوَائلُهْ
حَمَلْـتُ لَـهُ الرَّيْحَـانَ أَرْفَـعُ مِعْصَمِي
إِلَـى المَلِكِ الفَرْدِ الذي فاز آمِلُهْ
وقــد مَلأَ الأُنْـسُ الوجـوهَ فأشـْرَقتْ
مـن البِشـْرِ حـتى كادَ يَقْطُرُ سَائلُهْ
طَلَعْـتَ علـى الجمـعِ الْحَفِيلِ بِمَوْكِبٍ
يُبَادِلُـكَ الشـَّعْبُ المُنَـى وتُبَـادِلُهْ
مَـوَاكِبُ لَـمْ يُعْـرَفْ لرمسـيس مِثْلُهَا
وَلاَ خَطَــرَتْ فــي مَثْلِهِــنَّ قَنَـابلُهْ
يُحِيــطُ بِهَـا عِـزُّ المَلِيـكِ ومَجْـدُهُ
وتَزْحَمُهَـــا فُرْســـَانُهُ وصــَوَاهِلُهْ
إِذَا امْتَلـكَ الحـبُّ النفوسَ هَفَتْ لَهُ
سـِراعاً وأعْطـتْ فَـوقَ ما هُوَ سَائلُهْ
رَأوْكَ فعَــالَوْا بالهُتَــافِ كأنّمَـا
يُنَـــافِسُ نِـــدُّ نِــدَّهُ ويُســَاجِلُهْ
كــأَنهمُ جَيْــشُ الغمــائِم أَرَّقَــتْ
رَوَاعــدُهُ جَفْــنَ الـدُّجَى وزَواجلُـهْ
فلا عَيْــنَ إِلاَّ وَهْـيَ تَرْتَقِـبُ المُنَـى
وَلاَ صـَدْرَ إِلا فـارِحُ القلـبِ جَـاذِلُهْ
وقَــدْ رُفِعَــتْ أعلامُ مِصـْرَ خَوَافِقـاً
يُغَازِلُهَــا مَــسُّ الصـَّبَا وتُغَـأزلُهْ
فـإِنْ كـانَ مِـنْ عَيْـنٍ فإِنّـكَ نُورُهَا
وإِنْ كــانَ مِـنْ قَلْـبٍ فإِنّـكَ آهلُـهْ
وإِنْ كـانَ مِـنْ دَهْـرٍ فـأنتَ نَعيمـهُ
وإِنْ كـانَ مِـنْ فَضـْلٍ فإِنّـكَ بَـاذِلُهْ
رَأَى فِيـكَ هَـذَا الشَّعْبُ آمَالَهُ الّتي
تَمَنَّـى عَلَـى الأيـامِ وَهْـيَ تُمَـاطِلُهْ
أَحَبَّــكَ حَتَّــى صــَارَ حُبُّــكَ رُوحَـهُ
ونُــورَ أمَـانِيه الـذِي لاَ يُزَايلُـهْ
فَمَـنْ شَاءَ بُرهاناً عَلَى صَادِقِ الهَوَى
فهـذِي الْجُمُـوعُ الزاخـراتُ دَلائلُـهْ
نَثْـرتَ بُـذُورَ الْحُـبِّ فـي كُـل مُهْجَةٍ
وَتِلْـكَ الـتي تَهْفُـو إِليـكَ سَنَابِلُهْ
حَياتُـكَ يَـا فَـاروقُ لِلـدِّينِ عِصـْمةٌ
وأَعْمَالُـكَ الغُـرُّ الجِسـَامُ مَعـاقلهْ
مَنَــابرُهُ تَهْتَــزُّ بِاْســمِكَ فَوقَهَـا
وَتَلْتَــفُّ مِـنْ شـَوْقٍ عَلَيْـكَ مَحَـافِلُهْ
تُعَفِّـرُ بِـالتُّرْبِ الْجَبِيـنَ الَّذي عنَا
لَـهُ الشـَّرْقُ وانْقَادَتْ إِلَيْه جَحَافِلُهْ
لَـهُ لمَعَـاتُ المشـرَفي ازْدَهَـتْ بِـهِ
عَلَـى كـلِّ أَبْنَـاءِ الغُمُـودِ صَيَاقِلُهْ
لَيَاليــكَ أقمـارُ الزَّمَـانِ وسـَعْدُهُ
وأيَّامُـكَ البِيـضُ الْحِسـَانُ أَصـَائلُهْ
قَـدِ اخْتَـارَكَ الرَّحْمَـنُ مَوْضـِعَ فَضْلِهِ
إِذَا عَـزَّ مَوْصـُولٌ فَقَـدْ جَـلَّ وَاصـِلُهْ
هَنِيئاً لكَ اليومَ السَّعِيدُ الَّذي زَهَا
عَلَى الدَّهْرِ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مَا يُشَاكِلُهْ
يُــذَكِّرُنَا المــأمونَ يـومَ زِفـافِهِ
وَقَـدْ مَشـَتْ الـدُّنْيَا إِلَيْـهِ تُجَامِلُهْ
وَســَالَ بِـهِ سـُيْلُ النُّضـَارِ كأَنَّمَـا
تَفَجَّـرَ مِـنْ بَيْـنِ السـَّحائِبِ وَابلُـهْ
وَأيْـنَ مِـنَ المـأمونِ أوْ مِنْ زِفَافِهِ
جَلالَــةُ مَلـكٍ أعْجَـزَتْ مَـنْ يُطَـاوِلُهْ
أَبَـى الدهرُ أَنْ يَلقَى ليومِكَ ثَانياً
يُقَــارِبهُ فــي نُبْلِـهِ أوْ يُعَـادِلُهْ
تَخيَّـرْتَ مِـنْ وَادي الكنانـة زهـرةً
تَتِيـــهُ بِهَــا جَنَّــاتُهُ وَظَلاَئِلُــهْ
فَرِيـدَةُ مَجْـدٍ يَعْـرِفُ المجْـدُ قَدْرَهَا
وتُزْهَـى بِهَـا يَـوْمَ الفَخَارِ عَقَائلُهْ
ودُرَّةُ خِــدْرٍ أَقْســَمَ الْخِــدْرُ إنَّـهُ
عَلَـى مِثْلِهَـا لَمْ تُلْقَ يَوْماً سَدَائلُهْ
يَتِيـهُ بِهَـا ضـَافي الشـبابِ ونَضْرُهُ
وَتَســْمُو حَــوَاليهِ بِهَـا وعَـوَأطِلُهْ
تَخَيَّرْتَهَــا فــوْقَ السـَّحابِ مَكانـةً
وَأَصـْفَى مِـنَ الماءِ الَّذي هُوَ حَامِلُه
حَبَاهـا إلـهُ العَـرْشِ أَكْبَـرَ نِعمـةٍ
فجَلَّــتْ أَيَــادِيه وعَمَّــتْ جَلائِلُــهْ
فَعِـشْ فـي رِفَـاءٍ بـالبنينَ مُمَتّعـاً
يُضـِيءُ بِـكَ الـوادِي وَيَخْضـَرُّ مَاحِلُهْ
وَدُمْ لِبَنِــي مِصــْرٍ أَمانـاً ورحمـةً
فـأنْتَ حِمَـى النِّيـلِ الوَفي وَعَاهِلُهْ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.