
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
هــاج شـوْقَ الـوالِهِ المُضـطربِ
حُلُــــمٌ شــــَقَّ ظَلامَ الحُجُـــبِ
جــرّدَ الليــلُ عليــه غَيْهبـاً
فتخطَّـــى عقَبـــاتِ الغَيْهـــبِ
زارنــي والليــلُ فـي غَفْـوتِه
يَتَمطّــى عــن دِثــارِ الســُّحُب
طــائفٌ إنْ رُمتَــه لــم تلْقَـه
وهــو مـن جفنِـكَ بيـن الهُـدُب
بــارعُ الريشــةِ حتّــى لَتَـرَى
غــائبَ الشـخصِ كـأنْ لـم يَغِـب
بســَماتُ الــروضِ مـن ألـوانِه
وســـَنا الكــأسِ ودُرُّ الحُبَــب
فــي يــديه مِجْهَــرٌ مـن عَجَـبٍ
تُفَتَــحُ العيــنُ بـه عـن عَجـبِ
قلــتُ هــذِي جَنَّـةٌ أم مـا أرَى
أم تهاويـــلُ خَيـــالٍ كَـــذِبِ
أم أنــا غيْـري وإلاّ مَـنْ أنـا
أم هـو السـحْرُ غـدا يلعَـبُ بي
مـا الـذي يبـدو لعيني سامِقاً
يتحـــدّى ســـَبَحاتِ الكـــوكب
أرضـــُه مِســْكٌ وفــي تُرْبتِــه
ينبُــتُ الفَــنُّ مكــانَ العُشـُب
وإذا شــــاد يُغنِّـــي مَـــرِحٌ
لُؤلــؤيُّ الصـوتِ حُلْـوُ المـذهب
صـاح ذا لُبْنـانُ فـانْزِلْ سـَفْحَه
قلــت مــالي غيــرَه مـن أَرَب
هـــو عِرِّيــسٌ لآســادِ الْحِمَــى
وكِنـــاسٌ لِظبـــاءِ الربْـــرَب
قــد تمنّـاه الهـوَى مـن بُعـد
كيــف لــو أبصــَرَه عـن كَثـبِ
الأزاهيـــرُ بـــه مــن قُبَــلٍ
والينـــابيعُ رَحيــقُ العِنــب
وقــدودُ الهِيــفِ فـي رَوْضـاتِه
قُضـــُبٌ تمْــرَحُ بيــن القُضــُب
جُمِعـــتْ لَيْلاتُـــه مــن دَعَــجٍ
وســـَنا إصــباحِه مــن لَبَــب
وَســـجايا أهلِـــه أنْســـامُه
كــم نعِمْنــا بِشـذاها الطيـب
كتَــبَ المجــدُ لهـم تـاريخَهمْ
فـي جـبينِ الـدهرِ لا في الكُتبِ
كـــلُّ شـــهمٍ أَرْيَحِــيّ أغْلَــبٍ
مـــن كريــمٍ أريحِــيّ أَغْلَــب
بيــن عَــدنانَ وغَســّانَ لهــم
نســـَبٌ يرفَــعُ شــأوَ النســب
نصــبوا فــي كـلِّ أرضٍ رايَهـم
ما دَروْا في المجد معنى النصَبِ
وأذلُّــوا الصـعبَ فـي رِحْلاتِهـم
أيُّ صــعبٍ عنــدهم لــم يُرْكَـب
وطَــوْوا شــرقاً بشــرقٍ وجـرَى
ســيلُهم يزحَــمُ شــطَّ المغْـرِب
ينـزَحُ النـازحُ مـا فـي رَحْلِـه
غيـــرُ إقـــدامٍ وعـــزمٍ ذَرِبِ
ورَجــــاءٍ برجـــاءٍ يلْتقـــي
وكِفــــاحٍ للقـــاءِ النُّـــوَب
رأسُ مـالِ المـرءِ مـا في رأسِه
مــن ذكــاءٍ لا حُطــامُ النَشـُب
ملكــوا الـدنيا فلمـا جَمَحـتْ
ملكوهـــــا برفيـــــعِ الأدب
ليـــس للســيفِ علــى حــدَّته
صــَوْلةُ الشــعْر ووَخْـزُ الخُطَـب
هـذّبوا الفُصـْحَى ولمُّـوا شَمْلَها
بعـد أن كـانت صـَدىً فـي سَبْسَبِ
جمّعوهــا حُلْــوةَ الجَـرْس كمـا
تجمَــعُ النحلــةُ حُلـوَ الضـَّرَب
أنــتَ يـا لُبْنـانُ عَـزْمٌ ونُهـىً
لســتَ مــن صـخرٍ ولا مـن حَصـَب
كلّمـــا أطلعـــتَ ليلاً شــَفَقاً
مُــــوِّهتْ صـــفحتُه بالـــذهب
ظنّــتِ الغيــدُ ومــا أجرأَهـا
أنّــه مــن خــدِّها المختضــِب
ســْحْرُ شــِعْرٍ ومَجــالي فِتنــةٍ
وعيـــونٌ أُغْرِمـــتْ بـــاللعب
وابتسـامٌ فيـه أشـراكُ الهَـوى
وحــديثٌ فيــه عُــذْرُ المـذنب
أيــن قلـبي غصـبوه فاسـألوا
جــارةَ الـوادي عـن المغتصـب
واشـفعوا لـي واحذروا غضْبَتها
آهِ مــن صــَوْلة هــذا الغضـبِ
ثــم قولــوا مُســْتَهامٌ وَصــِبٌ
وَيْلَتـــا للمســتهامِ الوَصــِب
طـــائرٌ غــرّدَ فــي دَوْحَتكــم
علّــم الأطيــارَ معنـى الطـرب
طــار مــن مصــرَ يُحيِّـي أمّـةً
تَــوّجَتْ بالمجــدِ هـامَ الْحِقَـب
قـــاهريٌّ أخجلـــتْ ألحـــانُه
رنَّــة العُــودِ وشــَدْوَ القَصـَبِ
خُلِقَــــتْ أوتـــارُه قُدْســـِيّةً
مــن حَنـانِ الحـبِّ لا مـن عَصـَب
فــارحمي مُغترِبـاً ليـس اسـمُه
فــي رُبــا لُبنـانَ بـالمغترب
جـاء يبغِـي الْحُـبَّ لا الْحَبَّ فهل
جــاوز المســكينُ حـدَّ الطلـب
فنصــبتِ الفــخَّ خـدّاعَ المُنَـى
خَشــِنَ الكــفِّ حديــدَ المِخْلـبِ
وأتَــى هَيْمــانَ يشـدو واثبـاً
ليتــه فــي يــومه لـم يثـب
فــارْتَمى بيــن جَنــاحٍ هـائضٍ
وَجنــــاحٍ خــــافقٍ مضـــطرب
واجِــبَ القلــبِ ولــولا نظـرةٌ
عرضـــتْ لاهيـــةً لـــم يَجِــب
اطلقيـــه وابعـــثي آمــالَه
وثــوابَ اللّــهِ فيـه احتسـبي
هـل علـى الهـاتفِ بالحسن إذا
مــا شــدا مـن حَـرجٍ أو عَتَـب
قــد بــراه السـُقْمُ إلاّ فَضـْلَةً
مـــن فــؤادٍ حــائرٍ ملتهــب
كـم هفـا القلـبُ للُبنـان وكم
عــاقه صــَرْفُ الزمـانِ القُلّـب
أصــبح الحكـمُ بـه فـي نُخْبـةٍ
مــن بنيــه الكرمـاءِ النُّجُـبِ
كلُّهـــم حـــرُّ أبــيُّ ينتمــي
فـي ذُرا المجـدِ إلـى حـرٍ أبي
وهبــوا الـروحَ للُبنـان فِـدىً
وضــَنينٌ كــلُّ مَــنْ لــم يَهَـب
خُلُــقٌ مثــلُ أزاهيــرِ الرُّبـا
ضـــحِكت للعـــارضِ المنســكب
وسياســـــاتٌ ورأيٌ ســـــاطعٌ
يضــَعُ الحــقَّ مكــانَ الرِيَــب
قـــادهم خيــرُ رئيــسٍ للعُلا
شــمريِّ العــزم عـالي الحَسـَب
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.