
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
خَلُّـوا السـجُوفَ تُـذِعْ مَجْلَـى مُحَيَّاها
وتَنْشـُرُ المسـكَ مـن أنفـاسِ رَيَاهـا
عقيلــةٌ فــي جلال المُلْــكِ ناعمـةٌ
النبــلُ يحرُســُها واللَـهُ يَرْعاهـا
ودُرَّةٌ لــم تَــرَ الأصــدافُ مُشـْبههَا
بيـنَ الكُنـوز الغَوالي من خباياها
وزهـرة مـا رأى النيـل الوفي لها
بيـن الأزاهـر فـي واديـه أشـباها
ترنـو إليهـا نجـومُ الأفْـقِ مُعْجَبَـةً
تَــوَدُّ لـو قَبَسـَتْ مـن نـورِ مرْآهـا
كأنَّمــا قَطَــراتُ المــزْنِ صــافيةً
فـوقَ الخمـائلِ طُهْـرٌ فـي سـجاياها
أميــرةَ النيــلِ والأيــامُ مُسـْعِدة
بلغـتِ مـن ذِرْوةِ العليـاءِ أقصـاهَا
إنْ يسطَعِ الصبح قلنا الصبح أشبههَا
أو يسطع المسكُ قُلنا المسكُ حاكاها
مجـدٌ تمنَّـتْ سـماءُ الأفْـقِ لـو ظَفِرتْ
بلمحـــةٍ مـــن ثُرَيَــاه ثُريَاهَــا
ونفــسُ طــاهرةِ الجــدَّينِ يَســَّرَها
ربُّ البَريَّـــةِ للحُســـنَى وزَكَاهــا
اليُسـْرُ يختـالُ تيهـاً حَـوْلَ يُسْراها
واليُمْـنُ يجـري يمينـاً حَوْلَ يُمناها
نَمَــتْ بظـلِّ فـؤادٍ خيـرِ مَـنْ وَجَـدَتْ
بظِلـــه زُمـــرُ الآمــالِ مَثْواهــا
أحيـتْ لـه مصـرُ ذِكْـراً خُـطَّ من ذَهَبٍ
علـى جَـبينِ الليـالي حيـنَ أَحْياها
وكـان عُنْوانَها الغالي الذي اتجَهَتْ
إليــه باســطةَ الأيــدِي فأعلاهــا
أميـرةَ النيـلِ غَنَّـى الشعْرُ من طَرَبٍ
فـي ليلـةٍ غَنَـتِ الـدنيا بِبُشـْراها
طـافتْ كُئوسُ التهـاني وهـي مُتْرَعـةٌ
مـن المُنَـى فانتشـينا مـن حُمَيَاها
تجمَــعَ الأنـسُ حـتى لـم يَـدَعْ أملاً
للنفــسِ تَبْعَـثُ شـوقاً خَلْفَـه واهـا
فـي ليلـةٍ من سوادِ العينِ قد خُلِقَتْ
جَـلَّ الـذي مـن سـوادِ العيـنِ جَلاَّها
يخالهـا الفجـر فجـراً حين يَطْرُقُها
فيختفــي مـن حَيـاءٍ فـي ثناياهـا
كأَنَهــا بَســَماتُ الغِيــدِ قـد ملأَتْ
بـالحبِّ والبِشـْرِ أحـداقاً وأفواهـا
كـانت يداً من أيادي الدهر أرسلها
بيضــاءَ مُشـْرِقةَ النُعْمَـى وأسـْداها
هنــا زِفــافٌ وفــي الأفلاكِ هاتفـةٌ
مــن الملائِك تــدعو ربَّهــا اللَـه
لهـا أناشـيدُ فـي الأسـماعِ سـاحرةٌ
لـو كـنَّ مـن لُغَـةِ الدنيا رَوَيْناهَا
لكنهــا نَفحــاتُ اللَــهِ خَـصَّ بهـا
مــن البرِيَّــة أنْقاهــا وأصـْفاها
فوزيــةٌ دُرَةُ التــاجِ الـتي لمعـتْ
فــوقَ الجــبينِ فحيَّتْــه وحيَاهــا
شــعُوب مصــْرَ تُفـدِّيها ولـو نطقـتْ
للنيـــلِ ألســنةٌ فُصــْحٌ لفــدَاها
أميـرةَ النيـلِ غَنَّـى الشعرُ من طَرَبٍ
لــولا قِرانُــك مـا غَنَـى ولا فاهـا
إنَــي وألحـانَ شـعري صـُنْعُ بيتِكُـمُ
فكــم مـن الفضـلِ أولانـي وأولاهـا
لـولا مـدائحُكم مـا كـان لـي قَلَـمٌ
يومـاً علـى الأيْكِ وابنِ الأيك تيَّاها
تـــأَلَقي بَســْمةً زَهْــراءَ مُشــْرِقَةً
بـأرضِ إيـرانَ أنـتِ اليـومَ دُنياها
كــوني بهــا قُـرَةً للعيـنِ غاليـةً
فــأنتِ أكــرمُ مـن لاقتْـه عَيناهـا
ومثِّلـي مصـرَ والشـَأوَ الـذي بلغَـتْ
فــأنتِ أصــْدَقُ بُرهــانٍ لــدَعْواها
لقــد قطفنـا لـكِ الأزهـارَ باسـمةً
وفـي عقـودٍ مـن الفصـْحَى نظمناهـا
وقــد جمعنـا مـن الألحـانِ أُغْنِيـةً
لـو يفهـمُ الطيـرُ معناهـا لغنَّاها
ولـم نَـدعْ مـن رمـوزِ السحْر سانحةً
طــافت بمعنــى العُلا إلاَ لمحناهـا
قـد ذكَرَتْنـا لياليـكِ الـتي سـَطَعَتْ
أفـراحَ قَطْـرِ النَّدَى والعزَّ والجاها
عُــرْسُ الأمـانِّي أحيـا كـلَّ ذي أمـلٍ
وطــافَ بالغُلَّــةِ الظَمْـأَى فروَّاهَـا
وليلــةٌ ظَفِـرَ الشـَّعْبُ الـوَفيُّ بهـا
وكـم علـى الـدهرِ مَشـْغُوفاً تمنَّاها
فــي كــلِّ بيــتٍ أغاريــدٌ مُـرَدَّدَةٌ
سـَرَت فجـاوز نجْـمُ الليـل مَسـْراها
وكــلُّ روضٍ يُرَجِّــي لــو سـعتْ قَـدَمٌ
بــه ليُهْـدِي مـن الأزهـارِ أذْكَاهـا
وكـم تمنَـى الربيعُ النَضْرُ لو سَعِدَتْ
بحلَّـــةِ العُــرْسِ كَفَــاهُ فَوَشــَاها
البِشــْرُ يضــحكُ والــدنيا مُصـَفِّقةٌ
يهتَـزُّ مـن نَشـْوة الأفـراحِ عِطْفاهـا
يـا ابن الأماجدِ من إيرانَ نلتَ يَداً
أصـفى مـن الكـوكب الـدُرِّيِّ أمْواها
بَنيْتـمُ الملـكَ فـوقَ الشمسِ من هِمَمٍ
شــمَاءَ مَـنْ خَلَـقَ الأطـوادَ أرْسـاها
لـم يَتَّخـذْ مـن مَنـارٍ يستضـيءُ بـه
لـدَى الشـدائِد إلاَّ العَـزْمَ والشاها
جلالــة كــم تَغَنَـى البُحتُـريُّ بهـا
وكـــم تَرَنَّــمَ مِهْيــارٌ بِــذكْراها
ودولـــةٌ للعُلا والســبقِ حاضــِرُها
وللخلــــودِ وللإبـــداعِ أولاهـــا
لنـــا صـــِلاتٌ قـــديماتٌ مُحَبَّبــةٌ
لخدمـةِ الـدينِ والفُصـْحَى عقـدناها
ثقافـةُ الفُـرْسِ قـد كـانت ثقافَتنا
فــي كــلِّ ناحيـةٍ عنهـم أخـذناها
تــأَلَقَتْ فــي بنـي العبـاسِ آونـةً
مـا كـانَ في أعْصُرِ التاريخِ أزْهاها
فـاروقُ كـم لـكَ عندَ النيلِ من مِنَنٍ
كصـفحةِ الشـمسِ بيـضٍ ليـس ينسـاها
وصــلْتَ مِصـْرَ بـإيرانٍ كمـا اتصـلتْ
فــرائدُ العِقْــد أغلاهــا بأغلاهـا
مصـرُ المَجيـدةُ تُزْهَـى فـي حِمَى ملكٍ
لـولاه لـم تُشـْرِق الـدنيا ولولاهـا
سـعَى إلـى المجـد نهَاضـاً فأنهضها
للَــهِ والحــقِّ مَســْعاه ومســعاها
فــي كــلِّ نفـسٍ لـه ذِكْـرَى مُخلَـدةٌ
وصــورةٌ مــن جلالٍ فــي حناياهــا
شــمائلُ الســلَفِ الأطهــار شـِيمتُهُ
لمَــا تجلَّــت بفــاروقٍ عَرَفناهــا
ســَجيَّةٌ مـن فـؤادٍ فيـه قـد رَسـَخَتْ
إذا دعــتْ للعُلا والمجــد لبَاهــا
فــي سـاحةِ الجيـش حَيَّتْـه فوارسـُه
وفـــي المســاجدِ حَيَّــاه مصــلاَها
لــه أيــاد علــى الأيـامِ سـابغةٌ
فـي كـلِّ جيـدٍ مـن الأيـام نُعْماهـا
يـا أُسـْرَةَ المُلْكِ صاغ الشعْرُ تهنئةً
مـن حبَّـةِ القلـب معناهـا ومبناها
أهـدَى الوفـاءَ جميلاً حِيـن أرسـلها
وأرسـل الـوُدَ محْضـاً حيـن أهـداها
لا زال مُلْكُكُـــمُ جَمَـــاً بشـــائرُه
ونـال مـن بَسـَماتِ الـدَهرِ أسـْناها
وعــاش للنيــلِ ربُّ النيــلِ سـَيِّدُه
وللرعيَّــــةِ والآمــــالِ مولاهـــا
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.