
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَيْـنَ صـَحْوِ الْمُنَـى وحُلْمِ الخَيالِ
سـَبَح الشـعرُ فـي سـماءِ الجمالِ
ومضــَى ســانحاً يهُــزُّ جَنـاحَيْهِ
عَلَـى شـاطىء السـِنينَ الخـوالي
لمـح الدهرَ وهو يحبو من المَهْدِ
عليـــه غَــدائرٌ مــن ليــالي
وأزاح التاريـخُ عن عَيْنِهِ الحُجْبَ
فَمَـــرَّتْ تخــوض فــي الأجيــال
ورأى الشـمسَ طِفْلةً تُرْسِلُ الأضواءَ
فــــوقَ الكُهـــوفِ والأدْغـــال
صــَفَحاتٌ مــن الزمــانِ تـوالَى
وهـو يتلـو سـُطورَها بـالتوالي
وتصـــاوير للحـــوادثِ تبــدو
فــي شــَتيتِ الألـوانِ والأشـكال
وإذا رَنَّـــةٌ كمــا تضــحَك الآ
مـالُ بعـد النـوى وطولِ المِطالِ
وقـف الشـعرُ شاخصـاً حيـن مَسَّتْهُ
بســــحرٍ مـــن الفُنـــونِ حَلال
نَغَمـاتٌ لـم يعهَـدِ الـروضُ مِثْلاً
لِصــَدَاها بيــن الربـا والظلال
ولُحـــونٌ لهــا مِثــالٌ عجيــبٌ
أو إِذا شــِئْتَ قُـلْ بغيـرِ مِثـالِ
بَيْـنَ عُـودٍ كـم هَزَّ أعطافَ رَمْسِيسَ
وحَيَّــــا مَــــواكِبَ الأَقْيـــالِ
ودُفــوفٍ عَزَفْــنَ لابْنَــةِ فِرْعَــو
نَ فماسـَتْ بيـن الهَـوى والـدلالِ
ومَزاميـرَ أُطْلِقَـتْ مـن فَمِ السحْرِ
فمــادَتْ لهــا رَواسـِي الجِبـالِ
وَرَنَـتْ كُـلُّ سـَرْحَةٍ تَسـْرِقُ السـمْعَ
وتَعْطُـــو بغُصـــْنِها الميَّـــالِ
وأهازيــجَ رَدَّدَتْهــا الأزاهيــرُ
وغَنَّــى بهــا نســيمُ الشــمَال
ذُهِــلَ الشـعْرُ فاسـتفاق فـألفَى
موكِبــاً حُــفَّ بالســنا والجلال
سـاطعاتُ الشـمُوس فيـه مَشـاعِيلُ
وأَضـــــْواؤُهُ بنـــــاتُ الهِلال
زَحَـــمَ الأرضَ بالجِيــادِ وغَشــَّى
صـَفْحَةَ الجَـوِّ بالظُبـا والعَوالي
وهَفَـتْ رايـةٌ علـى قِمَّـةِ النجْـمِ
وَرَفَّــتْ فــوقَ السـحابِ الثقـال
مَــوْكِبٌ يجمــعُ الشـعوبَ وتمشـي
تحــت أعلامِـهِ العُصـورُ الأَوالـي
سـار فيـه المُلـوكُ مـن كُلِّ جِيلٍ
في احتفاءٍ ضافي السنا واحتفالِ
ذاكَ مِينـا وذاك عَمْرٌو فَتَى العُرْ
بِ وهــذا المُعِــزُّ جَـمُّ النـوال
وَبَــدا بينَهُــمْ محمــدٌ الأَكْبَـر
مُحْيِــي البلادِ مُنْشــِي الرجــال
صـادعُ الجهـل هـادمُ الظلـمِ في
مِصــْرَ مُبيــدُ القُيــودِ والأَغلال
خَلْفَـــهُ زِينــةُ الخلائفِ إِســْما
عيـلُ ذُخْـرُ المُنَـى أبـو الأشبال
وفـــؤادٌ مُجــدِّدُ الجِيــلِ والآ
مـــالِ ســـِرُّ العُلا والاســتقلال
سأل الشعْرُ أينَ يقصِدُ هذا الركْبُ
بعـــد الطـــوافِ والتجْـــوال
فأجــابَتْ مِــنْ فــوقِهِ هاتفـاتٌ
تملأُ الجــوَّ واضــِحَاتُ المَقــال
أَســْرِعُوا نحــوَ عابـدينَ مَقـامِ
الْمُلْـكِ والنُبْلِ والنجارِ العالي
وَقَــفَ الرَكْـبُ عِنْـدَ سـُدَّةِ فـارو
قٍ فكـــانَتْ نهايــةَ الترْحــالِ
ورأَى الشــــعْرُ مَحْفِلاً لمُلـــوكِ
الــدَّهْرِ مـا مَـرَّ مِثْلُـهُ بِخَيـال
جلســوا جـاذلِينَ بَيْـنَ ابتهـاجٍ
ضــاحكٍ كـالمُنَى وبَيْـنَ ابتهـال
ثـمَّ نـادَى ذو أمْرِهِمْ نحن في يو
مٍ ســـعيدِ الغُـــدُوِّ والآصـــال
يَـوْمُ يُمْـنٍ لمِصـْرَ ليـس لـه مِثْلٌ
ولا جَــــالَ للـــدهُورِ ببـــال
وُلِـدَ المجـدُ فيـه والشرَفُ السا
مِـي ونُـور الحِجـا ونُبْـلُ الخِلالِ
نَجَــلَ الســيِّدُ المُمَلَّــكُ فيــهِ
فَهَنــــاءً بـــأكْرم الأنجـــال
قــد ســَعَيْنا لِســُوحِهِ فقضـَيْنا
حاجــةً فــي نفوسـِنا للمعَـالي
بُهِـرَ الشـعْرُ فـانْثَنَى يَلثِمُ الأرْ
ضَ ويَـــدْعُو بــالعِزِّ والإِقبــال
وشــدا مِثْلَمـا شـَدَتْ بِنْـتُ أيْـكٍ
بَيْـــنَ ظِـــلٍ وكَــوْثرٍ سَلْســالِ
نَعِمَــتْ بــالأَليفِ لا هــو نــاءٍ
إِن دَعَتْــهُ يوْمـاً ولا هُـوَ سـَالي
لـم تَـرَ النسْرَ في مَخالِبِه الزرْ
قِ ولا رُوِّعَـــتْ بصـــَيْدِ حِبـــال
تحتَهـا الزهْـرُ فاتِنُ اللونِ رَفَا
فٌ جَميـمُ النـدَى دَمِيـثُ الرمـال
صــَدَحَتْ للــدُجَى وللَّيْــلِ حُســْنٌ
حيـنَ يَطْـوِي الوُجـودَ فـي سِرْبال
صـَدَحَتْ للصـباحِ يلمَـعُ فـي الشرْ
قِ طَهُـــوراً كَبَســـْمَةِ الأطفــالِ
إِنَّ للطبْــعِ والبَديهَــةِ ســِحْراً
فــوقَ طَــوْقِ الجُهُـودِ والإِيغـال
غَـرِّدِي كيـفَ شـِئْتِ يا سَرْحَةَ الوا
دِي وهُـزَي فَضـْلَ الغُصـونِ الطوال
واجْمَعِـي اليـومَ كُـلَّ ذاتِ جَنـاحٍ
إِنَّ يومَ الفاروقِ في الدهرِ غالي
أرسـِلِي البُلْبُـلَ الفَرِيـدَ يُنَادي
تَســْتَجِبْهُ الطُيــورُ فـي أرْسـال
إِنَّ يـومَ المِيلادِ يَوْمٌ على الدهْرِ
قليـــلُ الأَنْـــدادِ والأَمْثـــال
صـَفَّقَ النيـلُ فيـه زَهْـواً وعُجباً
وجــرَى فــي تَخَطُّــرٍ واختيــال
سـاحباً ذَيْلَـه يَمُـرُّ علـى الزهْرِ
فَتَمْضــِي الزُهــورُ فـي الأَذيـال
لا يُبــالي فقــد تَمَلَّكَـهُ الْحُـبُّ
وأوحَـــى إِليـــهِ ألاَّ يُبـــالي
وهـو لـولا عُذوبـةُ الْحُـبِّ ما فا
ضَ بعَـــذْبٍ مـــن النَّمِيــرِ زُلال
أنـتَ مَـوْلاهُ أنـتَ عَلَّمْتَـهُ البَـذْ
لَ وبَـذْلُ العبيـدِ فَضـْلُ الموالي
غمَرَتْنــا نُعْمـاكَ فـي كـلِّ حـالٍ
فحمــدْنا نُعْمـاكَ فـي كـلِّ حـالِ
أيُّهـا الراكبـونَ في طَلَبِ الْغَيْثِ
ســِراعاً والغيـثُ مِلْـءُ الرِحـالِ
لا تَرِيمــوا مكـانَكُمْ لا تَرِيمـوا
ســاحةُ المُلْــكِ مَـوْرِدُ السـُؤَال
يـا لَها فَرْقَداً أطلَّ عَلَى الدُنْيا
فأمســـتْ نجومُهـــا كالــذُبالِ
سـطعتْ بالسـعُودِ تسـتقبلُ الكَـوْ
نَ فتحظَـــى بأشــرفِ اســتقبال
اِسـْتَهلَّتْ بالسِلْمِ واليُمْن والعِيدِ
فكــــانتْ بَرَاعَـــةَ اســـتهلال
أُغْمِـدَ السـيْفُ بعـدَ طُـولِ جِـدالٍ
وجــدالُ الســُيوفِ شــَرُّ جِــدال
أنـا فـي السِلْمِ عَبْقَرِيُّ القَوافي
ليس لي في الظُبَا ولا في النِصال
أنـا شـعري كـالطَيْرِ يُفْزِعُهُ الَخُّ
ويرتــاعُ مــن حَفيــف النِبـال
لا تعيــشُ الفُنــونُ بيـنَ كِفـاحٍ
راكـــبٍ رأْســَهُ وبَيْــنَ نِضــال
خِفْـتُ إنْ أُشـْعِلَتْ لَظَـى الحَرْبِ أَنْ
أُنْشـِدَ بَيتـاً جـرَى مـعَ الأمثـال
لـم أكُـنْ مِـنْ جُناتِها عَلِمَ اللهُ
وإنَــي بِحَرِّهــا اليــومَ صـالي
فمتَـى تَهْـدَأُ القُلُـوبُ إلى الْحُبِّ
وتُهْــدَى النفــوسُ بعــد ضــَلال
أشــْرِقي عَابِــدينُ فالمُلْـكُ زاهٍ
صــاعِدُ الْجَـدِّ والزمـانُ مُـوالي
أنـتِ أطلعـتِ فـي سـمائِكِ بَـدْراً
عَلَّـمَ ابـنَ السماءِ معنَى الكمال
دَوْحَـةُ المجْـدِ أَنْـتِ كَمْ من أصولٍ
راســياتٍ ومــن فُــروعٍ هِــدال
دَوْحَـةٌ أَرضـُهَا من الطِيبِ والمِسْكِ
وأثمارُهـــا ســـُمُوط اللآلـــي
كـم أظلَّـتْ مِصـْراً وحـاطَتْ بَنِيها
مــن هَجيــرِ الْخُطُـوبِ والأهـوال
أنــتِ يـا عابـدينُ خَيْـرُ بنـاءٍ
مَــدَّ أفْيــاءَهُ علــى خَيْــرِ آل
صـَفَّقَتْ مِصـْرُ حينما جَاءتِ البُشْرَى
فــــأهلاً بمولــــدِ الآمــــال
كـم بسـطنا الأكُـفَّ نَضْرَعُ لِلرَحْمنِ
والليــــلُ مُســـْبِلُ الأســـْدال
وســبَقْنا دَقَّ البشــائرِ شــَوْقاً
وبعثْنـا السـُؤالَ إِثْـرَ السـُؤال
ووَدِدْنــا لــو اسـتقرَّ التَّمَنِّـي
واســتراح الرَجــاءُ بعــدَ كَلال
وإِذا أَنْعُـــمُ الإِلَـــهِ تَــوَالَى
بعميـــم الإِحســـانِ والإِفضــال
وإذا الفجــرُ صـادقٌ يَمْلأُ الشـَرْ
قَ فَيَمْحُـــو غَيـــاهِبَ الأَوْجــالِ
وإذا المَهْــدُ فيــه دُرَّةُ مَجْــدٍ
لِكَرِيـــمِ الْجُـــدودِ والأَخْــوال
وإِذا مِصـــْرُ أَعْيُنــاً وقُلوبــاً
تَقْبِـسُ النـورَ مـن سـَنا فِرْيـال
فهنَـاءً مَليكـةَ النِيـل كم حَقَّقْتِ
للنيـــلِ مــن أمــانٍ غَــوالي
وَهنــاءً مَليــكَ مِصــْرَ المُفَـدَّى
نِلْــتَ فَاشـْكُرْ للَـهِ خَيْـرَ مَنـال
عِـشْ وعاشـَتْ أمِيرَةُ المُلْكِ واسْلَمْ
للمعـــالي وصـــالِح الأعمــال
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.