
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
العَيْــشُ مُخْضــَلُّ الْجَـوانِبِ أَخْضـَرُ
واليـومُ مـن نَسـْجِ السّحائبِ أَنْضَرُ
والـرَّوضُ يَصـْدَحُ بالبَشـائِرِ أيْكُـهُ
فــالعُودُ عُــودٌ والأَزاهِـرُ مِزْهَـرُ
يَجْـرِي النَّسـيمُ به فَيَجْتازُ الرُّبا
صــُعُداً وتَجْـذِبهُ الغُصـونُ فَينْفِـر
كــم زَهْــرةٍ عَلِقَـتْ بفَضـْلِ رِدَائه
فــالوردُ مِلــءُ ردائِه والعَبْهـر
إن ضــجَّ مــن آبٍ وحَــرِّ وَثــاقِهِ
فـاليومَ يَـدْرُجُ مـا يشـاءُ ويَخْطِر
يَطْفُـو علـى وَجْـهِ الْجَدَاوِلِ طائراً
غَــرِداً يُصــَفِّقُ بالْجَنَـاحِ ويَطْفِـرُ
فـي كفِّـهِ البُشـْرَى وفـي هَمسـاتِهِ
نُعْمَـى الحيـاةِ وعـزُّ مِصـْرَ الأَوْفر
والشــمسُ ضــاحكةٌ كـأنّ شـُعاعَها
أَمـلُ الوُجـوه المُشـْرقُ المُسْتَبْشِر
تَخْتــالُ فـي يـومٍ تَرَقَّبـتِ العُلا
مِيلادَه ورَنـــتْ إِليـــه الأَعْصــُرُ
نَهَضــت بـه آمـالُ مِصـْرَ وأَقْسـمتْ
مِـنْ بعـد هـذا اليـومِ لا تَتَعثَّـرُ
فَلكَـم تَمنَّـى الـدينُ طـالِعَ صُبْحِه
واهْـتزَّ مـن شـَوْقٍ إِليـه الْمِنْبَـرُ
تَمْشـِي المُنَـى فيـه تجُـرُّ خِمارَها
خَفَـراً ويَزْهُوهـا الْجَمـالُ فَتسـْفِر
فــازتْ بــه مِصــْرٌ بخَيْـرِ مُتَـوَّجٍ
يَنْهَـى كمـا يرضـَى الإِلـهُ ويـأمر
يــومٌ إِذا زُهِـيَ الزمـانُ بِمثْلِـه
فبمِثْلِــه يُزْهَـى الزمـانُ وَيفْخَـر
الســَّعْدُ فــي ســاعاتِهِ مُسـْتَوطنٌ
والعِــزُّ فــي جَنَبَــاتِه مُتَبخْـترُ
هـو فـي فَـمِ الـدُّنْيا حَدِيثٌ خالِدٌ
يَحْلُــو علـى الأَيَّـامِ حيـن يُكَـرَّر
هـو طَلْعـةُ الـرَّوْض النَّضـِيرِ وظِلُّه
ونَمِيـــرُه ونســـيمه المُتَعطِّــر
أمـــلُ البلادِ تمســّكَتْ بحبــاله
فـي الحادثـاتِ وعيـدُ مصرَ الأكبر
عيـــدُ بـــأَنْوار الْجَلالِ مُتَــوَّجٌ
وبمُنّــة النَّصــرِ العَزيـزِ مـؤَزَّر
هـو صـُورةٌ للبِشـْرِ أُحْكِـم رَسـْمُها
لــو أنَّ أَيَّــامَ الســُّرورِ تُصـَوَّر
لانَـتْ بـه الـدُّنيا وأَخْصـب عَيْشُها
وبيُمْنِـهِ اخْضـرَّ الزمـانُ المُقْفِـر
وشــَدَتْ لِمَطْلعِـه القُلـوبُ كأنّهـا
طَيْــرٌ تُغــرِّد للرِّيــاضِ وتصــْفِر
هـو فـي كِتَـاب الدَّهْر سَطْرٌ مَجَادَةٍ
خَشـَعَتْ لِهَيْبَـةِ مـا حَـواه الأسـْطُرُ
وثَبَـتْ بـه مِصـْرٌ وقـد طال الكَرَى
وَمَضـَتْ إِلـى قَصـَب الفَخَـارِ تُغَبِّـرُ
وَعَلَـتْ بفَضـْل مَلِيـك مِصـرَ مَكَانـةً
لـم تَقْتَعِـدْها فـي السَّماءِ الأَنْسُر
تَتَقطّـــعُ الآمــالُ دون بُلوغهــا
وتَــوَدّ رُؤْيتَهـا العُيـونُ فَتحْسـرُ
تَرْنُـو لهـا الْجَـوْزاءُ نَظْرةَ حَاسِدٍ
وبِـذكْرِها تَلْهـو النُّجـومُ وتَسـْمُر
وإذا سـَما الملِـكُ الهُمامُ لغايةٍ
فالصــَّعبُ هَيْــنٌ والعَسـيرُ مُيَسـَّر
عيــد الجلـوسِ وأنـت عِـزةُ أمـةٍ
تَعْلــو بمَوْلاهـا العَظِيـم وتَكْبُـر
غنَّــاكَ شــِعْري فاسـتَمعْ لِغنَـائِه
إِنَّ البَلابــلَ فـي الْخَميلـةِ نُـدَّر
مـا كـلُّ مـن عَـرَك المَزَاهِرَ مَعْبَدٌ
يَوْمــاً ولا كــلُّ المَواضـِع عَبْقَـر
إن الرمـــاحَ حَــدائدٌ مَنْبُــوذَةٌ
حــتى يُثقِّــفَ جِانِبيْهــا ســَمْهَرُ
حيَّــتْ طلائِعَــكَ القــوافِي هُتّفـاً
وشــَدَتْ لمَقْـدَمِكَ الكريـمِ الأَشـكُر
والشــعرُ مـرآةُ النُّفـوسِ وصـُورةٌ
مَحْسوســـةٌ ممَّــا تُكِــنُّ وتشــعر
يـا عِيـدُ كَـمْ بـك من جَمالٍ زاهرٍ
يَبْهَــى بإِشـْراقِ المَليـك وَيبْهَـر
كــم مِـنْ مَـواكبَ وارداتٍ تَرْتَجـي
شـَرَفَ المُثُـولِ ومِـنْ مَـواكبَ تَصْدُر
والشـعبُ يَزْحَـمُ بالمَنـاكبِ طامِعاً
فـي نَظْـرةٍ تُحْيِـي القلـوبَ وتَجْبُر
ضـاقتْ بـه السـَّاحاتُ حـتى أصبحتْ
كـالبَحْرِ يَقْـذِف بالعُبَـاب وَيزْخَـر
حــتى إِذا ظَهــر المَليـكُ كـأنَّه
بَــدْرٌ بـه انجـابَ الظَّلامُ الأَخْـدر
فـي بُـرْدِهِ أمـلُ الكِنانـةِ باسـِمٌ
وبِــوَجْهه نــورُ الْجَلالَــةِ مُسـْفِر
شَخصـتْ لـه الآمـالُ تُسـرِع خَطْوَهـا
ودنَــا لرُؤيتـه العدِيـدُ الأكْـثرُ
تَرْنُـو العُيـونُ فَتَجْتلـي من نوره
فَيْضــاً ويَغْلِبُهـا السـَّنا فَتَحَيَّـر
والنــاسُ بيــن مُســَبِّحٍ ومُكَبِّــرٍ
لَبّـــى نِـــدَاه مُســبِّحٌ ومُكَبِّــر
والبِشـْرُ قـد ملأ الوُجـوهَ نَضـارةً
فتكـادُ مـن فَـرْطِ النَّضـارةِ تَقْطُر
والقُطُـرُ يهتـفُ أن يعيـشَ فـؤادُهُ
والشـَّعْبُ يجهَـرُ بالـدعاءِ وَيَجـأَر
فـي مَـوْكِبٍ لـم يَلْـقَ كِسـْرَى مثلَه
فـي السـَّابقين ولـم يَنَلْـه قَيْصَر
قَـدَرُوا مـآثرَك النَّبيلـةَ قَـدْرَها
وكــذاك مَحْمــودُ المـآثرِ يُقْـدَر
أَحْســنتَ للشـَّعب الكَرِيـمِ رِعَايـةً
فَشــَدا بنعمتِــكَ الـتي لا تُكْفَـر
اللّـهُ قـد خَلَـقَ المكارمَ والنَّدَى
شـَجَراً يُظَلِّـلُ فـي الهَجِيـر ويُثْمِر
إِنّ الــذي ملـك القُلـوبَ بعَطْفـه
أَوْلَــى بتَمْجيـدِ القُلـوبِ وأجـدَر
شِعْري استبقْ في الحاشِدين مُبادِراً
لا يُــدرِكُ الآمــالَ مَــنْ يتــأَخّرُ
وانـزِلْ برَأْس التّين واخْشَعْ مُطْرِقاً
ممّــا تُحِــسُّ مِــنَ الْجَلال وتُبْصـِرُ
فهنالـك المَجْـدُ المُؤَثَّـلُ سـامِقاً
والملْــك حولَــكَ واسـعٌ مُسـْتَبْحِر
هـذا ابـنُ إِسـماعيل فانثُر حولَهُ
دُرَراً تَـدُومُ علـى الزَّمـانِ وتُذْخَر
ســـاسَ البلادَ بِحكْمـــةٍ عَلَويّــة
بســَدادِها تعــتزُّ مِصــْرُ وتُنْصـَر
عَــزْمٌ كمـا صـَال الْحُسـام وهِمّـةٌ
أَسـْمَى مـن النَّجـم البَعيدِ وأَبْهر
ومَضـاءُ رَأْي لـو رَمَـى حَلَكَ الدُّجى
لَمضــى الـدُّجَى مُتَعثِّـراً يَتَقَهْقـر
بلغـتْ بـه مِصـْرُ مَنازِلَهـا العُلاَ
يُــومِي إِليهــا طَرْفُــه فَتُشــَمِّر
تَمْضـِي كمـا يَمْضـِي الشـّهابُ مُجِدَّةً
لا يبلــغُ الشـأوَ البعيـدَ مُقَصـِّر
مَلأ البِلادَ عوارِفـــاً ومَعارفـــا
تُزْجَـى إلـى أَقْصـى البلاد وتنْشـَر
وأعَــاد مجـدَ الخالِـدين بنَهْضـةٍ
تَجْتَــاح شــُمَّ الرَّاسـياتِ وتُقْهَـر
فتلفَّـتَ التارِيـخُ مشـْدوهَ النُّهَـى
وتَطلّعــتْ مــن حُجْبِهــنّ الأدْهُــر
لا تَــدْهَشِ الـدُّنيا فصـَوْلَةُ عَزْمِـهِ
أَقْـوَى علـى كَبْـح الصـِّعابِ وأقدَرُ
الخالـدون علـى الزمـان جـدودُهُ
والســابقون قــبيلُه والمعشــَر
النهضـةُ الكـبرَى إِليهـم تنتمِـي
وجلائلُ الآثـــارِ عنهـــم تُــذْكر
درجــوا وأمّــا مجــدُهم فمُخلَّـدٌ
بـــاقٍ وأمــا ذِكْرهــم فمُعَمَّــر
أفـؤادُ عـش للنيـلِ ذُخـراً إِنمـا
بِنَـدَا كمـا تحيـا البلادُ وتنضـُر
قـد فـاض فـي طول البلاد وعرضها
لكنّــه فــي جنــبِ فَيْضـِك يَصـْغُر
يتــبرّكُ الــوادي بلَثْـم بنـانِهِ
فيعـودُ وهـو المعْشـِب المُخْضَوضـِرُ
الْخِضــْبُ والإِغــداقُ فيـضُ يمينـه
والمســكُ كُـدْرَةُ مـائِهِ والعنـبر
تِبْــرٌ إِذا غَمَــر البلادَ رأيتَهـا
والــدرُّ مِلـءُ نُحورِهـا والْجَـوْهَر
والأرض وَشـــْيٌ طُـــرِّزتْ أفــوافُه
والزهــرُ منــه مُــدَرْهَم ومُـدَنَّر
أَنَّـى جـرَى هَمـس الخمـائلُ باسمه
وتبســَّم النّســرينُ والنِّيلُــوفَر
وســرت بمقَـدمِه البشـائرُ حُوَّمـا
السـُّحْبُ تُنْبِىـءُ والنسـائمُ تُخـبر
إن أصــبحتْ مصـرُ الخصـيبةُ جنَّـةً
فـي عهـدك العُمَـريِّ فهـو الكَوْثَرُ
عِـشْ فـي حِمَـى الرَّحمـنِ جـلّ جلالُه
ترعــاك عيــنٌ لا تنــامُ وتخفُـرُ
واهنـأ بعيـدك إنـه فـألُ المُنَى
فَــبيُمْنه تعلــو البلادُ وتظْفَــر
لا زلــتَ ترفُـلُ فـي مطـارفِ صـحّةٍ
هـي كـل مـا يرجو الزمان ويُؤْثِر
واسـلَمْ لمصـرَ فـأنتَ أنتَ فؤادُها
وحياتُهــا ولُبابُهــا المتخَيَّــر
فـاروقُ زَيْـنُ الناشـئين المرتجَى
كَرُمــت أوائِلُــهُ وطَـاب العُنصـُر
مجـدُ الشـبابِ مَنَـاطُ آمالِ العُلا
وسـَنَا الحيـاةِ ونَجْـمُ مصرَ النيّر
أَنبتَّــه خيــرَ النبــاتِ يزَيِنُـه
خُلُــقٌ كــأمواهِ الســحابِ مُطَهَّـرُ
الفضـلُ يلمَـعُ فـي وضـيء جـبينه
زهـواً كما ابتسم الربيع المُبْكِر
إنّ الصـــعيدَ لمُــزْدَهٍ بــأميرِهِ
جَــذْلانُ يصــدَحُ بالثنـاء ويجهـر
لــو تَسـْتطيعُ الباسـقاتُ بأرضـه
سـَعْياً لجـاءت نحـو بابِـكَ تشـكُر
عـاش المليـكُ وعاش فاروقُ الْحِمَى
يزهــو بطلعتـه الوجـودُ ويُزْهِـر
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.