
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بَهَــرَ الوُجُــودَ بلؤلــؤيِّ ضــِيَائهِ
نَجْــمٌ تــألَّقَ فــي بَــدِيع سـَمائِه
لَبِــسَ المَســَاءُ بــه غِلاَلـةَ مُسـْفِرٍ
حَتَّــى كَــأَنَّ الصــُّبْحَ مِـنْ أَسـْمائه
وتَطَــامَنَتْ زُهْــرُ الكَــواكِبِ هَيْبـة
لِلْمُشــْرِقِ الوَضــَّاحِ فــي عَلْيــائه
هَيْهــاتَ أَيْــنَ ضـِياؤُها مِـنْ ضـَوْئِه
وســنَاؤُها مِــنْ بُعْــدِ أوْجِ سـَنَائه
عَجَبـــاً يَزيـــد ظُهــورهُ بِعُلُــوِّهِ
والنَّجْـــمُ يُعْــرَفُ إِنْ عَلاَ بخَفــائه
مـا جَـالَ فـي الآفـاقِ أصـْدقُ جَوْهراً
مِنْــه وأَصــْفَى مِــنْ نَقــي صـَفائِه
يَلْقَــاكَ نُــورُ الْحَـقِّ فـي لَمحَـاتِه
ويَفِيــضُ مَــاءُ البِشــْر مِــنْ لأْلاَئِه
أَيْــن النُّجُــومُ جَلاَلُهــا ورُوَاؤُهـا
مِــــنْ عَبْقَــــرِيِّ جَلالِـــه ورُوَائه
نَجْــمٌ أطَــلَّ عَلَـى الوُجُـودِ فكَبَّـرَتْ
زُمَــرُ الوُجُــودِ وهَلَّلــتْ لِلِقَــائه
وَرَنَــتْ لَــه الآمَــالُ ظَمْـأَى حُوَّمـاً
مَعْقُــــودةً أَبْصـــارُها برَجَـــائه
والنِّيــلُ ســَارَ يَجُـرّ مِـنْ أَذْيـالِهِ
تِيهــاً ويَمْــرَحُ فــي مَــدَى خُيَلاَئه
يَخْتَــالُ مـا بَيْـن الرِّيـاضِ وكُلُّهـا
مِــنْ نَســْجِ كَفَّيْــه ومِــنْ إِيحَـائه
ويُفَتِّــحُ الأَزْهــارَ فــي أَكْمامِهــا
ويُنَبِّـــه القُمْــرِيَّ مِــنْ إِغْفَــائه
يُصــْغِي إِلَيْـه يَهُـزّ أَعْطَـافَ الـدُّجَى
ويُجَـــدِّدُ الآمَـــالَ ســِحْرُ غِنَــائِه
إِســْحَاقُ لــم يُـوهَبْ عُذوبـةَ صـَوْتِه
وعِنَــانُ لــم تُمْنَــح جَمَـالَ أَدَائه
أَيْـن الصـِّنَاعَةُ والفُنُـونُ ومـا حَوَتْ
فـي جَنْـب صـُنْع اللّـهِ فـي أَحْيَـائه
النِّيــلُ بالفَــارُوقِ أَعْـذبُ مَـوْرِداً
مــاءُ الْحَيــاةِ ثُمَالَـةٌ مِـنْ مَـائه
علّمتَــه صــِدْقَ الوَفَــاءِ فأَصــْبَحتْ
تَتَحــدَّث الــدُّنْيا بصــِدْق وَفَــائه
ومَنَحْتَــه خُلُــقَ العَطَــاءِ فَغَــرَّدتْ
صــَدَّاحَةُ الــوَادِي بفَضــْلِ عَطَــائه
لمّــا عَلَــوتَ مَطَــاهُ صــَفَّقَ مَـوجه
بِشـــْراً وأَســْكَتَ وَجْــدَه برُغَــائه
يَبْـدو السـَّفِينُ به كما تَبْدو المُنَى
لليَــائِس الْحَيْــران فــي ظَلْمـائِه
أو كَالْحَيَـاة تَـدِبُّ فـي جِسـْمِ امْرِىءٍ
أَفْنـــتْ شــِكَايتُه فُنــونَ إِســَائه
أَوْ كَالصــَّبَاحِ لمُدْلِـجٍ خَبَـطَ الـدُّجَى
فَطَــوَاهُ وادِي التِّيـه فـي أَحْشـَائه
أَوْ كَالغَمَـام رأَتْـه أَزْهَـارُ الرُّبَـا
مِـنْ بَعْـدِ مـا أَحْتَرقَـتْ لطُولِ جَفَائه
أَوْ كابْتِســَامِ السـَّعْدِ بَعْـدَ قُطُـوبِه
أَوْ كانْقِيَــادِ الـدَّهْرِ بَعْـدَ إِبَـائه
يَجْـرِي السـَّفِينُ وفَـوْقَه الملِكُ الَّذِي
صــَفِرتْ يــدُ الأَيَّــامِ مِـنْ نُظَـرائه
الـــدِّينُ والأَخلاقُ مِلـــءُ جَنـــانِه
وجَلالَـــــةُ الأَمْلاكِ مِلـــــءُ رِدَائه
يَهْتَــزُّ فــي بُــرْدِ الشـَّبَابِ كَـأنَّهُ
ســـَيْفٌ يُـــدِلّ بِمَـــائِه وَمَضــَائِه
والنِّيــلُ يَجْتــازُ المُـروجَ مُبشـِّراً
فتُـــرددُ الأطْيَــارُ مِــنْ أَصــْدائه
وخَمَــائِلُ الــوَادِي تَمُــدُّ غُصـُونَها
وتَــوَدُّ لَــوْ فَــازَتْ بلَمْـحِ ضـِيائِه
قَـالُوا لَهَـا جَـاءَ الغَمَـامُ فأَقْبَلتْ
تَســـْتَقْبِل الآمــالَ فــي أَنْــدَائه
والزَّهْــرُ يَختَــرِقُ الكِمَـامَ لنَظْـرةٍ
فَيـــرُدُّه للكِـــمِّ فَـــرْطُ حَيَــائه
قَـدْ كَـانَ يُزْهَـى فـي الرِّياضِ بحُسْنِه
فــرَأَى بَهــاءً فَــوْقَ حُسـْنِ بهَـائه
ورَأَى نُصــَاراً مِــنْ شــَبَابٍ يَنْحَنـي
أَزْهَــى الغُصــُون نَضــَارةً بـإِزَائه
ســَعِدَ الصــَّعِيدُ وأَهْلُــه بزِيَــارَةٍ
بَلَّــتْ غَلِيــلَ الشـَّوْقِ فـي أَرْجَـائه
سـَالَتْ إِلَيْـكَ بـه المَـدَائنُ والقُرَى
والبَــدْرُ يُغْـرِي العَيْـنَ باسـْتِجْلاَئِهِ
ســَدُّوا الشـِّعَابَ وأَقْبَلَـتْ أَرْسـالُهم
كــالزَّاخِرِ الهَــدَّارِ فــي ضَوْضـَائه
مــا بَيــنَ حامِــلِ قَلْبـه بيَمِينِـه
ومُثَـــوِّب هَـــزَّ الرُّبَــا بــدُعَائه
فانظُر إِلى الوَادي الفَسِيح فَهَلْ تَرَى
إِلاَّ قُلوبـــاً فــي فَســِيح فَضــائه
كُـلٌّ دَعَـاهُ الشـَّوْقُ فـانْتَهَبَ الْخُطَـا
فــي نَظْــرَةٍ تَشــْفِيه مِـنْ بُرَحَـائه
وَطَلَعْــتَ كالأَمِــل الوَســِيمِ يَحُفُّــه
نُـــورُ المَهابـــة فــي جَلالِ جَلائه
كالبَـدْرِ فـي إِشـْرَاقِه والـرَّوْضِ فـي
إِزْهــارِه والغَيْــثِ فــي إِســْدَائه
فــي مَــوْكِبٍ بهَـرَ الزَّمَـانَ فحُيِّـرتْ
عَيْنَـــاهُ بيــنَ جَمَــالِهِ وَســَرَائه
عَجَــزَ المُــؤَرِّخُ أَنْ يَــرَى أًشـْبَاهَه
فِيمــا طَـوَاه الـدَّهْرُ مِـنْ أَنْبـائِهِ
مــا نـالَه المَنْصـُور فـي بَغْـدادِه
يَوْمـــاً ولا الأَمْلاكُ مـــن خُلَفَــائه
والنِّيــلُ لــم يَشـْهدْ جَلاَلـةَ حَفْلِـه
فـــي عَهْــدِ خَفْرعــهِ ولا مِينَــائه
أَرَأَيْـت آثـارَ المُلـوكِ ومـا بَنَـوا
مِمَّــا يَضــِيقُ الْجــنُّ عَـنْ إِنْشـَائه
وُلِـدُوا وشـَمْسُ الأُفْـقِ فـي رَيعَانِهـا
والــدَّهْرُ يَرْفُـل فـي ثِيـابِ صـِبَائه
دَرَســُوا كِتَــابَ الكَـوْنِ أَوَّلَ طَبْعـةٍ
ووَعَــوْه مِـنْ أَلـفِ الوُجُـود لِيَـائه
وأَتْـوا مِـنَ الإِعْجَـازِ ما تَرَكَ النُّهَى
حَيْــرَى فَلــمْ تَمْلِـكْ سـِوَى إِطْـرَائه
ذَهَبُـوا ولَـمْ تَـذْهَبْ صـَحَائِفُ مَجْـدِهِمْ
وطَــواهُمُ المِقْــدَارُ فــي أَطْـوَائِهِ
المَجْــدُ فــي الـدُّنْيا سـِجِلٌّ خَالِـدٌ
تَتَعـــاقَبُ الأَجْيــالُ مِــنْ قُــرَّائه
فــارُوقُ أنْـتَ مَنـاطُ آمَـالِ الْحِمَـى
وَســـُلالَةُ الأَمْجَــادِ مِــنْ نُصــرَائه
أَعْلَــى أَبُـوكَ بِنَـاءَ مِصـْرَ فزَاحَمـتْ
زُهْــرَ الكَــواكِبِ رَاســِياتُ بِنَـائه
وَأَرَى فُــؤَاداً فِيــكَ فــي قَسـَماتِه
وَمَضــــَائِه وذَكَــــائِه وســـَخَائِه
تَبْـدُو أَيَـادِي الغَيْثِ في زَهْرِ الرُّبَا
وَيَعِيــشُ ســِرُّ المَـرْءِ فـي أَبْنَـائه
أَشـْرِقْ عَلَـى الْـوَادِي فَـأَنْتَ حَيـاتُه
وعِمَـــادُ نَهْضــَتِه ومَجْــدُ لِــوَائه
أَحْيَيْــتَ دِيــنَ اللّـهِ فـي محرَابـه
شــُكْراً عَلَـى مـا تَـمَّ مِـنْ نَعْمـائه
وَوَقَفْــتَ بَيْــنَ يَـدَيْه وِقْفَـةَ خاشـعٍ
يَرْجُـــو مَثُــوبَتَه وحُســْنَ جَــزَائِهِ
الــدِّينُ طِــبُّ النَّفْــسِ مِـنْ آلامِهـا
وهِدَايَــةُ الْحَيْــرَانِ فــي بَيْـدَائه
مـا أَجْمَـلَ التَّوْفيـقَ في شَرْخِ الصبَا
والعُمْــرُ فَيَّــاضُ الســنَى بفَتـائه
للّـــه مَوْلِــدُكَ الســَّعِيدُ ويَــوْمُه
وتَســـَابُقُ الآمَــالِ فــي أَجْــوَائه
يَــومٌ بــه بَســَطَ السـُّرُورُ شـُعَاعَه
وأَعَـــار ثَــوْبَ صــَباحِه لِمَســَائه
يَــوْمٌ أَغَــرُّ كَــأَنَّ صــَفْوَ ســَمَائِه
صـــَفْوُ النَّعِيــمِ بِظِلِّــه ورَخَــائه
يَــوْمٌ ســَرَتْ فيـه البَشـَائِر حُوَّمـاً
تُفْضــِي إِلــى الــدُّنْيَا بسـِرُّ عَلاَئه
مَــوْلاَي عَهْــدُكَ فــي البِلادِ مُــؤَزَّرٌ
بـاليُمْنِ فَاهْنَـأْ فـي مَدِيـدِ هَنَـائه
قطفــتْ بــه مِصـْرٌ جَنَـى اسـْتِقْلاَلِهَا
وأظَلَّهــا المُمْتَــدُّ مِــنْ أفْيــائِهِ
وأَطَــاحَتْ القَيْـدَ العَنيـفَ وطَالَمـا
عــاذَتْ بِــرَبِّ النَّـاس مِـنْ إِيـذَائه
والشـُّكْرُ فـي السـَّرَّاءِ يَعْظُـمُ كُلَّمـا
ذَكَــرَ الفَتَـى مـا مَـرَّ مِـنْ ضـَرَّائه
مَــولاَي عِــشْ للمُلْــكِ نَجْـمَ سـُعُودِه
وارْفَـعْ لِـواءَ المَجْـدِ فـي أَنْحَـائه
أنْـتَ الـذي تَحْيـا المُنَـى بحَيـاتِه
وتَســُودُ مِصــْرُ وتَعْتَلــي ببَقَــائه
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.