
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مـاء العيـونِ علـى الشـهيدِ ذرافِ
لــو أنّ فيضـاً مـن معينـك كـافي
إنْ لـم يَـفِ الـدمعُ الهتونُ بسيبهِ
فلمـن يَفـي بعـدَ الخليـل الوافي
شـيئان مَـا عيـبَ البكـاءُ عليهما
فقـــدُ الشـــباب وفرقَـــةُ الأُلافِ
أغْرَقْــتُ همــي بالـدموعِ فخـانني
وطفَــا فــويلي مـن غريـقٍ طَـافي
وإذا بكَـى القلـبُ الحزين فما له
راقٍ ولا لبكـــائِه مـــن شـــافي
والـدمعُ تهمـي فـي الشدائدِ سحبُه
ومــن الــدموع مماطــل ومـوافي
حَــارتْ بــه كفــي تحـاولُ مسـحهُ
فكأنَّهــــا تُغْريـــه بالإيكـــافِ
وأجـلُّ مـا يلقـى الشـريفُ ثـوابَه
إنْ غســـّلَتْه مـــدامعُ الأشـــرافِ
طيــرُ المنيـةِ صـحْتَ أشـأم صـيحةٍ
وهـــززتَ شــرَّ قــوادِم وخــوافِي
وعلقــت بالأمــلِ العزيـز محصـّناً
بظـــوامِىء الأرمـــاحِ والأســيافِ
والجنــدُ والأعـوانُ ترعـى موكِبـاً
مــا حــازه ســابُورُ ذو الأكتَـافِ
يفــدون بالمهجــاتِ مهجـة قـائدٍ
فــي كــلِّ منعــرجٍ وكــلِّ مطَــافِ
رانَ الــذهولُ فكــل عقــل حـائر
وجــرى القضـاءُ فكـل طـرف غـافي
والمـوتُ أعمـى فـي يـديه سـهامه
يرمــي البريــةَ مـن وراء سـجَافِ
والمـوتُ قـد يخفـى حَمـاهُ بنسـمةٍ
هفّافـــةٍ أو فـــي رحيــقِ ســُلافِ
يغشـَى الفـتى ولـو اطمـأنّ لموئلٍ
فـي الجـو أو فـي غمـرةِ الرجّـافِ
ويـحَ الكنانـةِ بعـد نـزعِ شِغافِها
أتعيـشُ فـي الـدنيا بِغيـر شـِغافِ
قــد عـاشَ يحمـل رُوحَـه فـي كفِّـهِ
مـا قَـالَ فـي هـولِ النضـال كفافِ
يلقَــى الكــارثَ باسـماً متألقـاً
والــدهرُ يعصـِفُ والخطـوبُ سـَوافي
والمـوت يكشـرُ عـن نُيـوبِ مَشـانقٍ
غُــبرِ الوُجــوهِ دميمــةِ الأطـرافِ
بيـنَ الريـاح الهُـوجِ يزأر مثلَها
ويثــورُ فــي غَضــَبٍ وفـي إعْنـافِ
يَرنـو إلـى اسـتقلال مصر كما رنَتْ
عيــن المحــب لطــارقِ الأطيــاف
مـا ارتـاعَ مِـن حبـسٍ ولا أسرٍ ولا
زَجْــــرٍ ولا قتــــلٍ ولا إرجَـــافِ
وإذا دهتــهُ الحادثــاتُ بفــادحٍ
لـــم تلــق إلاّ هَــزّةَ اســتخفافِ
هــابتْهُ أســبابُ المنيــةِ جَهَـرةً
فَرمتـــهُ خائنـــةً بِمـــوت زُؤافِ
مَـوتُ الكـرامِ الـبيضِ فوقَ جيادِهم
لا فَـــوقَ نُمرقَــةٍ وتحــتَ طِــرافِ
فلكـم تَمنَّـى ابـنُ الوليـد مَنِيـةً
بيــنَ الصـواهِل والقَنـا الرعّـافِ
ذهــبَ الجريـءُ النـدبُ ذخـرُ بلاده
غَــوْثُ الصــريخِ ونُجعـةُ المعتـافِ
خُلــقٌ كــأمواهِ الســحابِ مُطَهَّــرٌ
وســــَريرة كلآلِىــــء الأصـــدافِ
وتَبســــمٌ للمعضــــِلاتِ كــــأنّه
إشــراقُ وجــهِ الروضـةِ المئنـافِ
ونقَــاءُ ســُكَّان الســماء يحـوطه
رَبُّ الســــماءِ بعـــزّةٍ وعَفـــافِ
ونزاهـة سـِيقَتْ لهـا الـدنيا فما
ظفِـــرتْ بغيـــر تنكُّــرٍ وعِيــافِ
عُمَـرٌ حـوى الـدنيا ولم يملك سِوَى
شـــاءٍ كــأعوادِ القِســيِّ عِجَــافِ
والمرءُ إن يَخشى الدنيةَ في الغِنَى
يقنَــعْ بِعيـشٍ فـي الحيـاة كَفـافِ
قـد كـانَ فـي غيـرِ التحـرُّج مَنفذٌ
ســــــَهلٌ إلــــــى الآلافِ والآلافِ
مَهمــا يَقُــلْ مـن خـالفوه فـإنّه
فـــي نُبلـــهِ فــردٌ بِغيــر خِلافِ
وعَزيمــةٌ لا الصـعبُ فـي قاموسـِها
صــَعبٌ ولا خــافِي الطريـقِ بخـافِي
فـــإذا أرادَ فكــل شــيءٍ آلــةٌ
وإذَا رمَـــى فالويـــلُ للأهــدافِ
يـزدادُ فـي ظُلَـمِ النـوازلِ بِشـْرهُ
كـمْ كُـدرةٍ تحـتَ النميـرِ الصـافي
يُخْشــى ويُرهــبُ كالمنيـةِ مُرهفـاً
عَــدْلٌ لــدَى الإرهــابِ والإرهــافِ
فــإذا طلبـتَ الحـقَّ منـه وجـدتَهُ
ســهل الرحــابِ مُوَطّــأ الأكنــافِ
ذِكــرى كحاليـةِ الريـاضِ شـميمُها
راحُ النفــوسِ وراحــةُ المســتافِ
إنّ الفَــتى مـا فِيـه مـن أخلاقـهِ
فــإذا ذَهبْــنَ فكُــلُّ شـيءٍ مـافي
مـا زانَـه الشـرفُ المنيفُ بِغيرِها
ولــو انتَمـى لسـراةِ عبـدِ منـافِ
عِشـنا علـى الأسـلافِ طـولَ حياتِنـا
حـــتى ســـئمنا عِشــرةَ الأســلافِ
العبقـــريُّ حيــاتُه مــن صــُنعِه
لا صــــنِع أســـماءٍ ولا أوْصـــَافِ
يَكفيــهِ مِـنْ شـَرفِ المجـادة أنّـه
درسَ العصــــور وقُــــدوةَ الأخلافِ
عـابوا السـكوتَ عليـهِ وهو فضيلةٌ
لغَــطُ الحــديثِ مَطيّــةُ الإســفافِ
صـَمْتُ الهمـام النجـدِ أو إطراقُـه
خُطَـــبٌ مُجلْجِلَـــةٌ بِغيــر هُتــافِ
قـولُ الفتَـى مـن قلبـهِ أو عقلـهِ
فــإذا ســَمَحْت فلا تَبــعْ بِجُــزافِ
حَسـبُ الـذي ألقَـى اللجـامَ لِسانُه
مــا جـاء مِـن زَجْـرٍ بسـورةِ قـافِ
خـاضَ السياسـةَ ملـءُ جُعبتِـه هَـوى
مصــرَ ومَحــوُ الظلــمِ والإجحــافِ
مـا كـانَ فـي الجُلَّـى بحابِسِ سَرجِه
عَـــن هَوْلِهــا يَوْمــاً ولا وَقَّــافِ
يَمضـي ويتبعُـه الشـبابُ كمـا جرتْ
جُــرْدُ المـذاكي فـي غُبَـار خَصـافِ
نــادَى مُلِحّــاً بِــالجلاءِ منـاجِزاً
مــــاذا وراءَ الوعــــدِ والإخلافِ
ودعَـا بـوادي النيـلِ غيـرَ مقَسـَّمٍ
ســُودان مصــرَ كشـاطىءِ المُصـطافِ
يـا يـومَ أمريكـا وكـم بـكَ موقف
أعيــا النُّهــىَ وبراعـةَ الوصـّافِ
هِـيَ صـيحةٌ لـم يَرْمِهـا مِـنْ قَبلـهِ
بَطـــلٌ بـــوجه الســـادةِ الأحلافِ
صــَوتٌ إذا هــزّ الأثيــرَ جهيــرُه
فلَكــم بمصــرٍ هَــزّ مِــن أعطـافِ
فــي كُــلِّ أذنٍ مِنـهُ شـَنْفٌ زانَهـا
مـــا أجمـــلَ الآذانَ بالأشـــنافِ
أصـغى لـه جمـعُ الـدهاةِ وأطرقوا
شــَتّان بيــن الســمع والإنصــافِ
ســَمِعوا بيانـاً عبقريّـاً مـا بِـه
فــي الحــقِّ مِـن شـططٍ ولا إسـرافِ
وجــدالَ وثّــابِ البديهــةِ ثـابتٍ
فــي يــوم ملحمــةٍ ويـومِ ثِقـافِ
وصــراحةً بهــرت عيــونَ رجـالِهم
لمّـــا بــدتْ نُــوراً بِلا أســدافِ
قـالوا الرثـاء فقلتُ دَمعُ محاجِري
بحــر وأنّــات الحزيــن قــوافي
شـِعر مِـنَ الـذهب النُّضـار حُروفـه
ولكــم بســوقِ الشـعر مـن زَيّـافِ
محمــودُ قـد لقـي المجاهـدُ ربَّـهُ
فــي جنَّــةِ النفحَــاتِ والألطــافِ
نَــمْ هَــادِئاً إنَّ الغِـراسَ وريفـةٌ
تُزهـــى بــأكرم تُربــةٍ وقِطــافِ
وانـزِلْ إلـى مَثوى الصديق تَجد بهِ
مــا شــِئتَ مِـنْ حُـبٍّ ومـن إشـرافِ
قَــبرُ الشــهيد ســَماحةٌ فيَّاحــةٌ
ومَديـــدُ ظِـــلِّ حــدائقٍ أَلفــافِ
مـا مَـات مَـن كتـبَ الخلودُ رثاءَه
ووشـَى لـه حُلـلَ الثنـاءِ الضـَّافي
حُيِّيــتَ مِـن مُـزنِ العُيـون بوابـلٍ
ومِـــنَ الحنــانِ بِنــاعم رَفّــافِ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.