
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أَســَمِعْت شــَدْوَ الطـائر الغِرِّيـدِ
هَزِجـاً يُنَـاغي فَجْـرَ يَـوْمَ العِيـدِ
وَبَـدَا عَمُـودُ الصـُّبح أَبْيَضَ ناصِعاً
كالسَّلْســَلِ الضَّحْضـَاحِ فَـوْق جَلِيـدِ
أو كاليـدِ البَيْضَاءِ تَنْضَح بالنَّدَى
والغيـث أو جِيـدِ العَذَارَى الغِيدِ
أَو كاقْتِبَـالِ الْحُسـنِ بعـد تَحَجُّـبٍ
أو كابتســام الـدَّلِّ بعـد صـُدُودِ
وإِذا لَمحْـتَ الشـَّرْقَ خِلْـتَ عَرَائِساً
مَاســَتْ بثــوبٍ كالشــَّباب جَدِيـدِ
يَرْفُلْـنَ فـي ضَافِي الضِّيَاءِ نَوَاعِماً
فــي ســِحْرِ أنغـامٍ وَليـنِ قُـدُودِ
وَدَمُ الشــّباب لــه روائعُ نَشـْوَةٍ
مــا نَالَهـا يومـاً دَمُ العُنْقُـودِ
مـا بيـن طَـرْفٍ بالخديعـة نـاعِسٍ
ثَمِلٍـن وآخَـرَ فـي الهـوى عِرْبِيـدِ
وَدَّعْــتُ أيــام الشـباب حَـوَافِلاً
مـن بعـدها عَصـَفَ المشـِيبُ بعُودِي
فــإِذا خَطَـرْنَ فَهُـنَّ رُؤْيَـا نَـائِمٍ
وإِذا هَمســْنَ فَهُــنَّ رَجْــعُ نَشـِيدِ
أَرْنُــو إِلــى عَهْـدٍ لَهُـنَّ كأَنمَـا
أَرْنُـو لِنَجْـمٍ فـي السـَّمَاءِ بَعِيـدِ
وأَرَى الحيــاة بلا شـَبَابٍ مِثْلَمَـا
لَمَــعَ السـَّرابُ بِمُقْفِـرَاتِ البِيـدِ
إنَّ الشـَّبَابَ رَحِيـقُ أَزْهَـارِ الرُّبا
وَحَفِيــفُ غُصــْنِ الْبَانَـةِ الأُمْلُـودِ
ومَطِيَّــةُ الآمــال فــي رَيْعَانِهَـا
وســِرَاجُ لَيْـلِ السـَّاهِدِ المَجْهُـودِ
وبَشَاشـَةُ الـدُّنيا إذا مـا أقْبَلَتْ
ونجــاةُ وَعْــدٍ مِــنْ أَكُـفِّ وَعِيـدِ
هـو فـي كتـاب العمـرِ أَوَّلُ صَفْحَةٍ
بُــدِئتْ بِبِســْمِ اللّـهِ وَالتَّحْمِيـدِ
وربيــعُ أيَّــام الحيـاةِ تَبَسـَّمَتْ
رَوْضـــَاتهُ عـــن ضــَاحِكاتِ وُرُودِ
أَهْــدَى لهـا الوَسـْمِيُّ نَسـْجَ غَلاَئِلٍ
وَأتَـى الـوَلِيُّ لهـا بوَشـْيِ بُـرُودِ
وسـَرَى النَّسـِيم بهَا يُغَازِلُ أَعْيُناً
مــن نَرْجِــسٍ ويَشــَمُّ وَرْدَ خُــدُودِ
إِنَّ الشــباب ومَـا أُحَيْلَـى عَهْـدَه
كالواحَـةِ الْخَضـْرَاءِ فـي الصَّيْهُودِ
تَلْقَــى بهــا مــاءً وظِلاً حَــوْلَهُ
جَــدْبُ الْجَفَـافِ وقَسـْوَةُ الْجُلْمُـودِ
إِنّــي طَرَحْـتُ مِـنَ الشـباب رِدَاءَهُ
وثَنَيْـتُ عَـنْ لَهْـوِ الصـَّبَابَةِ جِيدِي
وَاخْتَـرْتُ مـن صـُحُفِ الأَوائِلِ صَاحِبي
وجَعَلْــتُ مـأثُورَ البَيَـانِ عَقِيـدِي
ومَــرَرْتُ بالتاريــخِ أَملأُ نَـاظِرِي
منــه وأُحْيِــي بالفنـاءِ وُجُـودِي
كَــمْ عَـالمٍ قـابَلْتُ فـي صـَفَحَاتِه
ولَكَــمْ ظَفْــرتُ بفاتِــحٍ صــِنْدِيدِ
وإِذا التمسـْتَ مِـن الدُّهورِ رِسَالةً
فصــَحَائِفُ التَّاريــخِ خَيْـرُ بَرِيـدِ
أَحْنُـوا إلـى قَلَمـي كـأنّ صـَرِيرَه
فـي مِسـْمَعي المكْـدُودِ رَنَّـةُ عُـودِ
وأَعيـشُ فـي دُنْيَـا الْخيـالِ لأنَّني
أَحْظَــى بهـا بالفـائت المفْقُـودِ
كَــمْ لَيْلَـةٍ سـامَرْتُ شـِعْرِيَ لاَهِيـاً
وَالنَّجــمُ يَلْحَظُنَــا بعيـن حَسـُودِ
حِينــاً يُراوغُنِـي فـأَنْظُرُ ضـَارِعاً
فَيَلِيـــنُ بعــد تَنَكُّــرٍ وجُحُــودِ
ولقــد أُغَـرِّدُ بـالقرِيض فَيَنْثَنِـي
فأَنَـــالُ قَــادِمَتَيْهِ بالتَّغْرِيــدِ
طَهَّرْتـه ةمـن كـلِّ مَا تأبى النُّهَى
ويَعَــافُهُ ســَمْعُ الحِسـَانِ الْخُـودِ
وَبَعَثْــتُ فِيــهِ تَجَارِبـاً مَـذْخُورَةً
هِــيَ كــلُّ أَمْـوَالي وكـلُّ رَصـِيدِي
وَجعلْــتُ تَشـْبِيبِي بمِصـْرَ ومَجْـدِهَا
وشــمَائِلَ الفَـارُوقِ بَيْـتَ قَصـِيدِي
مَلِــكٌ زَهَـا الإِسـلامُ تَحْـتَ لِـوَائِه
وَأَوَى لِرُكْــنٍ مــن حِمَــاهُ شـَدِيدِ
إِنْ فَـاتَ عَهْـدُ الراشدينَ فَقَدْ رَأَى
فـي دَوْلَـةِ الفَـارُوق خَيْـرَ رَشـِيدِ
قَرَنَـــتْ مَنَـــابِرُه جَلاَئِلَ ســَعْيِهِ
وَجِهَـــادِهِ بِشـــَهَأدَةِ التَّوْحِيــدِ
وصــَغَتْ مَســَاجِدُه لتَرْدِيـدِ اسـْمِهِ
فكأنمــا يَحْلُــو عَلَـى التَّرْدِيـدِ
مَـنْ يَجْعَـلِ الإِيمَـانَ صـَخْرَةَ مُلْكِـهِ
رَفَــعَ البِنَـاءَ عَلَـى أَشـَمَّ وَطِيـدِ
كَـمْ وقفـةٍ لـك في المَحَارِبِ جَمَّلَتْ
عِــزَّ المُلــوك بِخَشـْيَةِ الْمعبُـودِ
ســَجَدَتْ لـك الأيَّـامُ حِيـنَ تَلَفَّتَـتْ
فرأتـــك بيــنَ تَشــَهُّدٍ وســُجُودِ
وتَطَلَّــعَ الإِســْلاَمُ فــي أَمْصــَارِهِ
يَهْفُــو لِظــلِّ لِــوَائِكَ المَعْقُـودِ
ســَعِدَ الصــِّيَامُ وشـَهْرُهُ بمُجَاهِـدٍ
عَبِــقَ الوُجُـودُ بِـذِكْرِهِ المَحْمُـودِ
فَنَهـــارُه للصـــَّالحاتِ ولَيْلُــهُ
لِلْبَاقيـــاتِ وللنَّــدَى والْجُــودِ
حَيَّيْــتَ فـي المِـذْيَاعِ أَوَّلَ لَيْلَـةٍ
مِنْــهُ بقَــولٍ مُحْكَــمِ التَّســْدِيدِ
جَمَـعَ السِّيَاسـَةَ كُلَّهـا فـي أَحْـرُفٍ
كالعِقْــدِ أَلَّــفَ بَيْـنَ كُـلِّ فَرِيـدِ
وكَقَطْـرَةِ العِطْـرِ الّـتي كَـمْ جَمَّعَتْ
مــن نَــوْرِ أَغْـوَارٍ وَزَهْـرِ نُجُـودِ
قَـوْلٌ بِـهِ الْحِكَـمُ الغَـوَالي نُسِّقَتْ
مــا بيــنَ منْثُـورٍ وبَيـنَ نَضـِيدِ
أصـْغَى إليـه الشـَّرْقُ يَسـْمَعُ دَعوَةً
قُدْســـِيَّةً للبَعْـــثِ والتَّجْدِيـــدِ
وَزَهَـتْ بـهِ العَزَمَـاتُ بَعْدَ ذُبُولِهَا
وَصــَحَتْ بــه الآمـالُ بَعْـدَ رُقُـودِ
للّــهِ صــَوْتكَ فـي الأَثِيـرِ فَـإِنّه
أَخَــذَ الهُـدَى والْحُسـْنَ عَـنْ دَاوُدِ
لَبَّيْـكَ يـا مَلِـكَ القلوب فَمُرْ نَكُنْ
لَــكَ طاعَــةً واللّـهُ خَيْـرُ شـَهِيدِ
إِنَّـا بـدَرْسِ الدِّينِ أَبْصَرْنَا الهدَى
نُــوراً يُشــِعُّ بِجَمْعِــهِ المحشـُودِ
وَبــدَا المْلِيـكُ بـهِ يُمَجِّـدُ رَبَّـهُ
للّــهِ مِــنْ نُســْكٍ وَمِــنْ تَمْجِيـدِ
أَبْصــَرْتُه والشــَّعْبُ حَـوْلَ بِسـَاطِهِ
كَــالطَّيْرِ رَفَّ لِــوَرْدِهِ المَــوْرُودِ
مَــا أَسـْمَحَ الإِسـْلامَ يَجْمَـعُ رَحْبُـهُ
فــي اللّــهِ بَيْـنَ مُسـَوَّد ومَسـُودِ
حَرَســـَتْهُ أَفْئِدَةٌ تُفْـــدِّي عَرْشــَهُ
وَالْحُـــبُّ أَقْــوَى عُــدَّةٍ وعَدِيــدِ
إِنَّ الْجُنُــودَ بِـه تَلُـوذُ وَتَحْتَمِـي
وَلَكَــمْ عُــرُوش تحْتَمِــي بِجُنُــودِ
يُصــْغِي ويُنْصــِتُ للكِتَــابِ وَآيِـهِ
فــي ســَمْتِ مَوْفُـورِ الجَلاَلِ حَمِيـد
يـا قُـدْوَةَ الجِيـل الْجَديِدِ وَذخْرَهُ
عِــشْ لِلْمُنَـى فَـرْداً بِغَيـرِ نَديـدِ
حَـارَ القَرِيـضُ وكيـفَ أَبْلُـغُ غَايةً
هـي فَـوْقَ طَـوقِ يِرَاعَـتي وجُهُـودِي
أَعْــدَدْتُ أَلْــوَانِي لأَرْســُمَ صـُورَةً
أَيْـنَ السـُّهَا مـن سَاعِدِي المكْدُودِ
حِلْـمٌ كمـا تُغْضـِي الأُسـُودُ تَكَرُّمـاً
وَعَــزائِمٌ فِيهَــا نِجَــارُ أُســُودِ
وَفِرَاســَةٌ ســَبَقَتْ حَـوادِثَ دَهْرِهَـا
حَتَّــى كَــأنَّ الغَيْــبَ كالمَشـْهُودِ
وإِرَادَةٌ تَفْــرِي الصـِّعَابَ شـَبَاتُهَا
وَتَهُــدُّ عَــزْمَ الصـَّخْرَةِ الصـَّيْخُودِ
وَذكَـاءُ قَلْـبٍ لَـوْ رَمَى حَلَكَ الدُّجَى
لَمضـَى يُهَـرْوِلُ فـي المُسُوحِ السُّودِ
مَــوْلاَي إِنَّ الشــِّعْرَ يَشــْهَدُ أَنَّـهُ
بَلَـغَ المَـدَى فـي ظِلِّـكَ المَمْـدُودِ
أَلْفَـــى خِلاَلاً لقَّنَتْـــهُ بَيَـــانَهُ
فَأَعَادَهَـــا كَالصــَّادِحِ الغِرِّيــدِ
فَلكَـمْ بَعَثْـتُ مَـعَ الأَثِيـرِ وَحِيـدَةً
فــي فَنِّهَــا تَشـْدُو بِمُلْـكِ وَحِيـدِ
فَاهْنَــأْ بِمِيلاَدِ الأَمِيــرَةِ إِنَّهَــا
عُنْـــوَانُ مَجْــدٍ طَــارِفٍ وَتَلِيــدِ
وانْعَمْ بِعِيدِ الفِطْرِ واسْعَدْ بالمُنَى
فـي طـالِعٍ ضـَافي النَّعيـمِ سـَعِيدِ
علي بن صالح بن عبد الفتاح الجارم.أديب مصري، من رجال التعليم له شعر ونظم كثير، ولد في رشيد، وتعلم في القاهرة وإنجلترة، واختير ليكون كبير مفتشي اللغة العربية بمصر.ثم وكيلاً لدار العلوم حتى عام (1942)، مثل مصر في بعض المؤتمرات العلمية والثقافية، وكان من أعضاء المجمع اللغوي.وتوفي بالقاهرة فجأة، وهو مصغ إلى أحد أبنائه يلقي قصيدة له في حفلة تأبين لمحمود فهمي النقراش.له (ديوان الجارم-ط) أربعة أجزاء، (قصة العرب في إسبانيا - ط) ترجمة عن الإنكليزية.و(فارس بن حمدان-ط)، (شاعر ملك-ط)، وقد شارك في تأليف كتب أدبية منها: (المجمل-ط)، و(المفصل-ط) وكتب مدرسية في النحو والتربية.