
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
يــا إلـهَ الوُجُـودِ هـذي جِـراحٌ
فـي فُـؤادي تَشْكو إليكَ الدَّواهي
هــذهِ زفــرةٌ يُصــَعِّدها الهــمُّ
إلــى مَســْمَعِ الفَضـَاء السـَّاهي
هــذهِ مُهْجَــةُ الشـَّقاءِ تُناجيـكَ
فهــلْ أَنْــتَ ســامعٌ يـا إلهـي
أَنْـتَ أَنْزَلْتَنـي إلـى ظُلْمَةِ الأَرضِ
وقَـــدْ كنــتُ فــي صــباحِ زَاهِ
كالشـُّعاعِ الجميلِ أَسْبَحُ في الأُفْقِ
وأُصــْغي إلــى خَريــرِ الميـاهِ
وأُغنِّـي بَيْـنَ اليَنـابيعِ للفجـرِ
وأَشـــدو كالبلبـــلِ التَّيَّــاهِ
أَنْـتَ أوصـَلْتَني إلى سُبُلِ الدُّنيا
وهــــذي كـــثيرَةُ الاشـــْتِباهِ
ثــمَّ خَلَّفْتَنــي وحيــداً فريـداً
بَيْــنَ داعٍ مــن الرِّيـاحِ ونَـاهِ
أَنْـتَ أوقفتنـي علـى لُجَّةِ الحُزْنِ
وجَرَّعتنــــــي مَــــــرارَةَ آهِ
أَنْــتَ أنشـأْتني غريبـاً بنفسـي
بَيْـنَ قـومي في نَشْوَتي وانتباهي
أَنْـتَ كرَّهْتَنـي الحَيَاةَ وما فيها
وحبَّبْتَنـــي جُمـــودَ الســـَّاهي
أَنْــتَ جَبَّلْـتَ بَيْـنَ جنْـبيَّ قلبـاً
ســـَرْمَديّ الشــُّعورِ والانتبــاهِ
أَنْـــتَ عــذَّبتني بَدِقَّــة حِســِّي
وتعقَّبْتَنـــي بكُـــلِّ الــدَّواهي
بالأَسـى بالسَّقام بالهمِّ بالوحشة
باليــأسِ بالشــَّقا المُتنــاهي
بالمنايـا تَغْتـال أَشـْهى أَمانيَّ
وتُـــذوي محـــاجري وشـــِفاهي
فــإذا مَــنْ أُحِــبُّ حُفْنَـةُ تُـرْبٍ
تـــافهٍ مِــنْ تَــرائبٍ وجِبَــاهِ
وإذا فتنـةُ الحَيَاة وسِحْرُ الكونِ
ضــَرْبٌ مــن الغَمــامِ الزَّاهــي
يتلاشـى فَـوْقَ الخضـَمِّ ويبقـى ال
يَــمُّ كالعهــدِ مُزْبــدُ الأَمـواهِ
يـا إلـه الوُجُود مَا لَكَ لا ترثي
لحُــــــزْنِ المُعَـــــذَّبِ الأَوَّاهِ
قَـدْ تـأَوَّهْتُ فـي سـكونِ اللَّيالي
ثـمَّ أَطبقـتُ فـي الصـَّباحِ شِفاهي
وَتَغَزَّلْـــتُ بالحَيَـــاةِ وبالــح
بِّ وغنَّيـــتُ كالســَّعيدِ اللاَّهــي
وزَرَعْـتُ الأَحلامَ فـي قلـبيَ الـدَّا
مــي وحوَّطْتُهــا بكـلِّ انتبـاهي
ثــمَّ لمَّـا حَصـَدْتُ لـمْ أَجْـنِ إلاَّ
الشــَّوكَ مَـا تُـرى فعلـتُ إلهـي
يـا رِيـاحَ الوُجُـود سـيري بعنفٍ
وتغنِّــــــي بصـــــَوْتِكِ الأَوَّاهِ
وانفحيني مِنْ روحِكِ الفَخْمِ مَا يُبْ
لــغُ صــَوْتي آذَانَ هــذا الإِلـهِ
فهْـو يُصـغي إلـى القـويِّ ولا يُص
غــي لصـَوتٍ بَيْـنَ العَواصـِفِ واهِ
وانثُـري الـوَرْدَ للثُّلـوجِ بدَاداً
واصـــعقي كــلّ بُلبــلٍ تَيَّــاهِ
فــالوُجُودُ الشــقيُّ غيـرُ جـديرٍ
بالأَغــاني وبالجمــالِ الزَّاهـي
واسـحقي الكَائِنـاتِ كوْنـاً بكَوْنٍ
قبـــل أنْ تنتهــي أذلّ تَنَــاهِ
فـالإِلهُ العَظيمُ لم يخلُقِ الدُّنيا
ســِوَى للفنــاءِ تَحْـتَ الـدَّواهي
يا ضميرَ الوُجُود يا عالمَ الأَروا
حِ يــا أَيُّهـا الفضـاءُ السـَّاهي
يـا خضـَمَّ الحَيَـاةِ يَزْخَرُ في الآ
فـاق في التُّرْبِ في قرارِ المياهِ
خبِّرونــي هـلْ للـورى مـن إلـهٍ
راحـــمٍ مِثْـــلُ زَعْمِهِـــمْ أَوَّاهِ
يَخْلُــقُ النَّـاسَ باسـماً ويواسـي
هــم ويرنـو لهـم بعطـفٍ إِلهـي
ويـرى فـي وجـودهِمْ رُوحَـهُ الـسَّ
امــي وآيــاتِ فنِّـهِ المتنـاهي
إنَّنـي لـم أجـدْهُ في هاتهِ الدُّن
يـا فهـلْ خَلْـفَ أُفْقِهـا مـن إِلهِ
مَا الَّذي قَدْ أَتيتَ يا قلبيَ البا
كـي ومـاذا قَـدْ قُلْتِهِ يا شِفاهي
يـا إلهـي قَـدْ أَنْطَقَ الهمُّ قلبي
بالـذي كـانَ فـاغتفر يـا إِلهي
قَــدَمُ اليــأْسِ والكآبَـةِ داسـتْ
قلـبيَ المتْعَـبَ الغريـبَ الواهي
فتشــظَّى وتلــكَ بعــضُ شــَظَايَا
هُ فَســامِحْ قُنُــوطَهُ المتنــاهي
فَهْـــوَ يــا ربِّ مَعْبَــدُ الحــقِّ
والإِيمانِ والنُّورِ والنَّقاءِ الإِلهي
وَهْـوَ نـايُ الجَمـالِ والحبِّ والأَح
لامِ لكــنْ قَـدْ حَطَّمَتْـهُ الـدَّواهي
أبو القاسم بن محمد بن أبي القاسم الشابي. شاعر تونسي في شعره نفحات أندلسية، ولد في قرية الشابية من ضواحي توزر عاصمة الواحات التونسية في الجنوب. قرأ العربية بالمعهد الزيتوني بتونس وتخرج من مدرسة الحقوق التونسية وعلت شهرته. ومات شاباً بمرض الصدر ودفن في روضة الشابي بقريته. له (ديوان شعر -ط) و(كتاب الخيال الشعري عند العرب) و(آثار الشلبي -ط) و(مذكرات -ط).مولده 24 فبراير 1909 ووفاته 9 اكتوبر 1934 .