
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
أوصـــيكُمو يـــا أيهــا العُقلاءُ
بوصــيَّة تعنــو لهــا الحُكمــاءُ
فهِـي الهُـدَى لمـن اهتدَى ببيانِها
وهِــي الــتي للمُهتــدين ضــِياءُ
فتـــدبَّروا آياتِهـــا وتفكَّــرُوا
فهـــي الـــدَّواءُ وللقلــوبِ جلاءُ
لا تَرْكَنـوا يومـاً إلى الزَّرع الذي
يُــزْرِى بمــن وَافَـاهُ وهْـو بَـرَاءُ
وهـو الـذي يَـدَعُ الـدِّيار بَلاقِعـاً
والأغنيــاءُ بــه هــمُ الفقــراءُ
ذاكَ الــذي ســمَّاهُ صــحبي سـُكَّراً
وإذا صــَفَا عُمِلَــتْ بـه الحَلْـوَاءُ
لا تُكْثِــرُوا مــن زرعـه وتنكَّبـوا
عــن حرثــه يـا أيهـا البُصـَرَاءُ
إن كــان ذا لابُـدَّ منـه فـانعلوا
فــي حرثــه مـا يفعـلُ الفُطَنَـاءُ
فـإذا أتَـى الخِصْبُ الكثير تنبَّهوا
وتنكبَّـــوا إن قَلّـــت الأنـــواءُ
لا تزرعـوا فـي المَحْـلِ يوماً سُكراً
أن لا يَحُــلَّ بكــم أَســىً وشــَقاءُ
إن الشـَّقاءَ لفـي الزراعـة مطلقاً
إن أجْـــدَبَت أرضٌ وقَـــلَّ المــاءُ
لا آمُـــرَنَّ بــه فــتىً ذا عُســْرة
إلا امـــرأً معــه غِنــىً وثــرَاءُ
لكــن علــى نَظَــرٍ لــه وبصـيرةٍ
أن لا يُقِـــلَّ ويفـــرحُ الخُصــماءُ
لا غـرَّ ذا المـالَ الكـثير بربحـه
أمســى فقيــراً خــانَهُ الإثْــرَاءُ
هـا فـانظُرُوا إن كنتـم فـي مِرْيةٍ
مـــا قـــدَّمَ الآبــاءُ والأبنــاءُ
لــو فــي زراعتــه نصـيبٌ وافِـرٌ
مــا أطنبــت فـي ذَمِّـهِ الصـُّلحاءُ
لــو ذَمَّ كــل الــذَّمِّ فهـو محبَّـبُ
معهــم وكــان مِــدادَهُ الأهــواءُ
يعطــى فَيُســْلبُ مـا أفـادَ كـأنه
ذو العقـل يفعـلَ مـا يَـرَى ويشاءُ
إن كنـتَ ذا عَقْـل فـأعرض عنـه لا
تزرعـــه قطعـــاً إنــه لَعَنــاء
لـو كـان حلـواً فـي المذاق فإنه
مُــرٌّ ومــا فــي شــُرْبه اسـتحلاءُ
فكـــأن صـــاحبه مُصــاحب حَيَّــةٍ
رقطـــاءَ بئســـت حَيَّــةٌ رقطــاءُ
لا ينقُــصُ المـالَ الكـثير زراعـةٌ
أَتُــرَى بشــربٍ ينقُــصُ الــدَّأْماءُ
أمَّــا الملـوكُ فلا يُعـارَضُ رأْيُهـم
فلهـــم بـــه دون الــوَرَى آراءُ
لا تُظْهِــرَنَّ خلاف مــا عملــوا بـه
فـالرَّأْىُ دعْهـم يفعلـوا ما شاءوا
فهــمُ يـرون حقائقـاً مـا لا نـرى
ســـَلِّمْ لأمرهـــم فهـــم كُبَــرَاءُ
إن كنــتَ ذا ســمعٍ وذا عَقْـلٍ وذا
بَصــَرٍ فخــذ مـا قـالت الشـُّعَراءُ
فمقــالُهم فــي كــل شـيءٍ حِكمـةٌ
ومقـــالُ غيرهــم لَغّــى وهَبــاءُ
أو كنــتَ أحمـق لا تميِّـزُ فاسـتمع
مــا قــاله فــي السـُّكَّرِ الجُهلاءُ
أمســت مســاكنهم لغيرهــم وَفـا
رَقهـــم لـــذلك أَعْبُــدٌ ونســاءُ
وتشـــتّتت أمـــوالهم وتحيَّـــرت
آراؤهـــم وتخـــاذلَ الحكمـــاءُ
وتهـوَّروا فـي الفقـر حـتى إنهـم
صـــاروا ذوى ذُلٍّ وهـــم كُرمــاءُ
أضـحَوا أقَـلَّ مـن القليـل وقَدْرُهم
عنــد البَرِيّــة مثلــه الغَوْغـاءُ
إن كنـتَ يـا هـذا تريـد كمِثلهـم
هــذى الخُيــولُ وهــذه البيـداءُ
فــاركض وجَـرِّب سـبق خيلـك إننـي
مُتَرَقِّـــبٌ مـــا يصــبُغ الحِنَّــاءُ
واللــه إن خــالَفْتَني ونَصــيحتي
فلسـوف تجنـى مـا جَنَـى السـفهاءُ
ولَتَنْــدَمَنَّ ندامــةَ مــا فوقهــا
أو مثلُهـــا الكُســَعِيُّ أو حَــوَّاءُ
فــانظُر ندامــةَ هــؤلاء بفعلهـم
فإليــك فافعـل مـا تَـرَى وتشـاءُ
وإليـك زاهِـرَةَ المحاسـن إن بَـدَتْ
أزهارُهــا مـا الرَّوضـةُ الزَّهـراءُ
وإذا بَــدَتْ يومــاً وفُـضَّ خِتامُهـا
ينضـــاعُ منهــا عَنْبَــرٌ وشــَذاءُ
نتنــاثَرُ الأزهــارُ مـن حافاتِهـا
إن غَـــرَّدَت بقريضــها الشــُّعراءُ
تُبــدى وتقطُــرُ لؤلـؤاً متنـاثراً
رطبــاً كمــا تتنــاثَرُ الأَنْــدَاءُ
نزّهتهــا عــن فعـل أهـل الكُفـر
والتَّضــْليل أن لا يضـحكُ السـُّفَهاءُ
فـإذا اسـتهنت بهـا كأنـك سـارحٌ
فـي الشـمس تُطغـى ضـوءَك الأضـواءُ
أو أن تكَرِّمهــا وترفَــعَ قَــدْرَها
فهــى الــدَّواءُ وللمريــض شـِفاءُ
تَســقيكَ كـأس مُدامـةٍ مـن ثَغْرِهـا
ما الشّهْدُ ما السَّلسالُ ما الصهباءُ
هــي بهجــةٌ للنــاظرين وســَلْوَةٌ
لِلْهَــمِّ وهــي الرَّوضــةُ الغَنَّــاءُ
وكأنهــا مــن حُســنها وجَمالهـا
وكمالهــــا حُورِيّــــةٌ حســـناءُ
تنُســيكَ بــل تُسـليكَ بـل تُحييـكَ
لا أمثالُهـــا ليلَــى ولا أســماءُ
خُـــذها أبوهــا مُعْــوَلِيٌّ ناصــحٌ
مــا النُّصـح منـه شـابَه الأقـذاءُ
محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ملوكه وأئمته الخالدين. وقد كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره. ووعى كل الثقافات الإسلامية والعربية مما جعل منه شاعراً كبيراً يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ.