
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
المــوتُ أبكــى جملــةَ الأقــوامِ
طُـــرّاً وأحــزنَ جملــة الحكَّــامِ
وأقــام فــي منـجٍ نعيّـاً دائمـاً
فــي كــل منزلــة وكــلِّ مقــامِ
وســَقَى جميـعَ الخلـقِ كأسـاً مـرةً
وأذاقَهــم شــرباً وطعــمَ ســِمَامِ
وأراهــمُ بعــد النعيــمِ ولــذةٍ
بؤســا وألبســهم ثيــابَ ســقامِ
بوفـــاة ذى الإيمــانِ والإحســانِ
والإعطـــــاءِ والآلاء والإنعــــامِ
والفضلِ والصدرِ الرَّحيبِ وذى التقى
والجـــــودِ والإجلالِ والإعْظَــــامِ
والعـزّ والشرف الرفيع وذى الحِجى
والعـــدلٍ والمعــروف والأحكــامِ
ذاكَ الأشــدُّ علــى العـدوّ ووجهُـه
طلـــق لأهـــلِ الــدينِ والإســلامِ
ذاكَ الـولىُّ الزاهـدُ الفطنُ الرضىّ
العابــدُ البحـرُ الخضـمُّ الطّـامِى
العــالمُ العلَــمُ المعلَّـمُ عمَّنَـا
بعلــــومِه علمـــاً عـــن العلاَّمِ
أعنـي بـذلك راشـداً نسـلَ الفتَـى
خَلَـف بـن راشـدٍ العقيـدِ السـَّامِى
ذاكَ الكريـمُ المـوردُ العذبُ الذي
شــهدت لــه الأعــداءُ بــالإكرامِ
ذاكَ الــذي قـال الأنـامُ جميعُهـم
هــذا النزيــهُ كريـمُ كـلِّ كِـرَامِ
هَـذا هُـو الشخصُ المقدسُ ابن راشد
مـــن كــلِّ عيــبٍ بــاطنٍ أَوْ ذَامِ
هَـذا هُـو العدلُ المطهرُ ابنُ راشدٍ
مـــن جملــةِ الأفــذارِ والآثَــامِ
يـا محيـيَ السـيْبِ الكـثيرِ بجودِه
بــل يـا مميـتَ الفقـرِ والإعـدامِ
يـا موثـل الضـعفاء بـل يا ملجأ
الفقـراءِ بـل يـا مـوردَ الأيتـامِ
يـا سـيدَ الأربـابِ بـل يـا صـفوةَ
الأصــحابِ بــل يـا كعبـةَ الإسـلامِ
يـا قـدوةَ الأُمـراءِ بـل يـا خيرةَ
الـــوزراءِ بـــل قـــادة الأَعْلامِ
عمّــتْ مصـيبتُك الـورَى حـتى لقـد
لبــس النهــارُ بهــا ثيـابً ظلامِ
يـا عيـنُ جـودى بالـدموعِ فـإنني
ألقيــتُ جَـرْى الـدمعِ غيـرَ حَـرَامِ
وأرَى البكـاءَ عليـك فرضـاً لازمـا
وعلـــىّ حـــق إقامــة الإلــزامِ
مِــنْ حيــث إنً اللـهَ عظَّـم شـأنَه
واختــارَهُ مــن جملــةِ الأقــوامِ
مَـنْ فـي جميـع الخلـق يشبه خلقه
فــي الحـالتين النقـضِ والإبـرامِ
والعــــدلِ والآراءِ والتــــدبيرِ
والتقــديرِ والتشــميرِ والأحكـامِ
ماضــى العزيمــة لا يـرد مقـالُه
والــرأىُ منــه كضـربة الصَّمْصـَامِ
أبكيــك يــا مـن عـدلُه ونـوالُه
قـد شـاعَ فـي الأمْصـَارِ حتى الشامِ
أبكيـك يـا كهـفَ اليتامى والورى
بمـــدامعٍ تهمــى كوبــلِ غمــامِ
وتحســُّرِي مــا دمــتُ حيّــاً دائمٌ
يَتْــرَى عليــك قبــل بـدء كلامِـى
المــوتُ أحــرقَ مهجـتي وحَشاشـتي
حـــتى أَذاب مفاصـــلِي وعِظــامي
والمــوتُ أفجعنــي وكـدَّر عيشـتي
بــأمولِ بــدرِ التِّـم بعـد تمَـامِ
والمـوتُ وأروثنـى البُكـا بنزولِه
بعـد الصـفاءٍ علـى الزكى السامِى
والمــوتُ أطفــأَ كـلَّ نـورٍ سـاطعٍ
والمــوتُ أيبــسَ كــلَّ بحـرِ طـامِ
صـدقَ الـذي قـالَ الصـوابَ وقـولُه
مــا هــذه الــدنيا بـدارِ دَوَامِ
وجميــعُ مَـا فيهـا ولـذة عيشـها
إلا كأضــــــغاثٍ مــــــن الأحلامِ
يتتـابعونَ إلـى المنايَـا بالمنى
كتتـــابعِ الأقـــدامِ بالأَقـــدامِ
فتفكــرُوا وقــد بـرُوا وتـدكرُوا
مــا دامــتِ الأَرواحُ فـي الأَجسـامِ
قبـلَ انقطـاعِ الصـوت من أفواهكم
ومـــرارةِ الأَوصـــاب والأَســـْقَامِ
وحلــولُ عزرائيــلَ فــي جُمْـانكم
ومذلــــــة الأَمــــــراضِ والآلامِ
مـا خلتُ أن البدرَ يقبر في الثرَى
وأراه طــــىَّ جنـــادلٍ ورَغـــامِ
ســقياً لقــبرٍ ضـَمَّ بحـراً زاخـراً
وســقاهُ وَســْمِىّ السـحابِ الهـامِى
ســقياً لقــبر ضــمَّ أفضـل عـادل
ومــــؤازرٍ ومرافــــق قــــوَّامٍ
ســقياً لقــبر ضــمَّ خيـرَ ولاتنـا
مِـــنْ فاضـــلٍ أو عابــدٍ صــوّامِ
ســقياً لقــبر ضــمَّ أفضـل صـالحٍ
وإمــامِ عــدلٍ وهْــو خيـرُ إمـامِ
محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ملوكه وأئمته الخالدين. وقد كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره. ووعى كل الثقافات الإسلامية والعربية مما جعل منه شاعراً كبيراً يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ.