
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
بحـرُ الفصـاحةِ غـاضَ يا إخواني
وأخـو الإبانـة لـفَّ فـي الأكفانِ
جبـلٌ مـن الأجبـال أضـحْىَ ساقطاً
متهـــدمَ الأرجـــاءَ والأركــانِ
كلا هـو البحـرُ الغزيـرُ عَنَت له
فصــحاء هـذا الـدهرِ بالإذْعَـانِ
لا زالَ مفتاحــاً لكــلِّ غريبــة
تُتْلــى مــن الآثــارِ والقـرآن
ولقـد شـغلتَ عيونَنـا وقلوبنـا
مُــذْ هِمـتَ بـالهمَلانِ والخفقَـانِ
وعمـرتَ أفئدةَ الرجـال وأهلهـا
بـــالهم والأوصــاب والأحــزانِ
ولقـد نزلـتَ بمنـزلٍ فـرداً بـه
مــع جيــرة متقـاربي الأوطـان
لـو يعلمـون بـأن شخصـك عندهم
فرحـوا بمـا تحـويه مـن تِبيانِ
عجبــاً لقــبر يحتويـك بلحـدِه
ويضـــيقهِ وبصــدرِكَ البحــرانِ
أبكــى فراقُـك كـلَّ حـبرٍ عـالمٍ
مــن جملـةٍ الزهّـادِ والرَّهْبـانِ
مـن حيـثُ إنَّـك للفصـاحةِ مَعْـدِن
وملخِّـــص لغـــرائبِ الفرقــان
وغـدَا محيّـا العلمِ أعمى بعدما
قــد كـانَ تحـت جـبينه عينـانِ
وصـممُ علـمِ النحـو أصبحَ ذاوياً
بعـد اخضـرارِ العـودِ والأغْصـانِ
يَـا نَـازلاً بعـد التنعمِ والغنى
فـي بـرزَخٍ مـا عنـده مـن ثـانِ
مـن قبـل كنـت منعمـاً بلـذاذةِ
مـــع رتبــة الأصــحابِ والخلانِ
هـل بعدك الدنيا تطيب لهمْ وهم
كــالرأسِ أحيــاءٌ بغيـرِ لسـانِ
لـو يقبـلُ المـوت الفداءَ فدوْك
بـــالأموالِ والأولادِ والوِلْــدَانِ
يـا غـائبَ الجثمـانِ ذكرك حاضرٌ
مــن سـابقٍ فـي أعصـرِ الأزْمـانِ
هـلْ مـن فصـيح في الورى كمحمدٍ
نسـلِ الصـفىّ ابـن الفتى عمرانِ
هجمـت عليـه الحادثـات بكلكـل
فطــواه صـرفُ حـوادِثِ المَلَـوانِ
إنّ المنيَّــةَ لا تــردّ إذا أَتَـتْ
مــأمورةً مِــنْ ربنــا المنَّـانِ
إخواننـا ى تحزنـوا واستَمسِكوا
وتوثَّقُــوا بِعُـرى عظيـمِ الشـانِ
صــبراً فــإن اللـهَ جـلَّ جلالـهُ
قـد قـالَ أجمـعُ مـن عليها فانِ
حقّـاً ويبقَـى وجه ربك ذُو العلى
والطــــولِ والآلاء والإحســــانِ
إنــا خلقنــا للتصـبرِ والأسـَى
والنــوحُ والأحــزانُ للنِّســْوَانِ
أعــداءَنا لا تشـمتوا بمصـابِنا
فــالموت مـورد جملـةِ القُطَّـانِ
إنــا لنلهــو والمنايـا شـُرَّعٌ
لا بــدَّ تأتينــا علــى الغَفَلانِ
إن كنـتَ ذا عقـلِ فلا تنسَ المُنَى
واذكــر فـراقَ الأهـلِ والسـكَّانِ
واتـركْ هـواكَ فـإن عمـركَ منقضٍ
وترقبـــنَّ لحـــادثِ الحــدَثانِ
من قبلِ أنُ يلقوكَ في بيتِ البلى
فــي بـرزخِ الأهـوالِ والديـدانِ
مـاذا تقـولُ إذا حللـتَ بِبَلْقَـعٍ
فـرداً بـه إمـا أتـى المَلَكـانِ
وهمـا النكيـرُ ومنكـرٌ حتى إذا
مـــا أقصـــداك وأقبَلا يَســَلاَنِ
إن كنـتَ مـن أهل السعادة بُشْرا
ك برحمـــةٍ ومســـرةٍ وجنـــانِ
وبراحـــــةٍ ولــــذاذة وحلاوةٍ
وبرأفــة مــن ربنــا وأمــانِ
أو كنـتَ مـن أهـلِ الشـقاوة بش
راك بغصـــة ومذلـــةٍ وهَــوانِ
وبِكُرْبـــةٍ وبحســـرةٍ وندامــةٍ
وإقامــةٍ فــي جَـاحِمِ النَّيـرانِ
ثـم الصـلاةُ علـى النـبيِّ محمـدٍ
خيـرِ الـورَى المبعوثِ مِنْ عَدْنَانِ
صــلّى عليــه مـا وسـقَ الـدُّجَى
أو لاحَ فــي خضـرائها القَمـرَانِ
محمد بن عبد الله بن سالم المعولي. أحد أعلام الشعر العمانيين الخالدين عاش في أواخر القرن الحادي عشر وفي القرن الثاني عشر الهجري. وخلد في شعره ومدائحه مجد شعبه وعظمة حكامه وانتصارات ملوكه وأئمته الخالدين. وقد كان المعولي يملك موهبة شعرية قوية وملكة لغوية قادرة على التعبير عن عواطفه ومشاعره. ووعى كل الثقافات الإسلامية والعربية مما جعل منه شاعراً كبيراً يهز الجماهير العربية في عصره بشعره البليغ.