
الأبيات320
خَليلَـــيَّ هَــل ربــعٌ بحُفّــاثَ مُقفِــرُ
بــرِق لشــَكوى ذي الجــوا أو يُخَبَّــرُ
مَــــتى جَــــدّ بــــالحَيِّ الرحيـــلُ
لطِيَّتِهِـــم للبَيــنِ أم قيــل بكّــروا
وهَــل تُخبِـرُ السـفعُ الرواكِـدُ سـائلاً
أم الأشــعثُ المشــجوجُ بـالخَطب يشـعُرُ
أمَنزِلُنــا هَــل عيشــُنا بــكَ راجــعُ
أم الشـــملُ دانٍ أم جنابُـــكَ يعمُــرُ
فيَســـلو ذو حـــزنٍ ويَـــبرا معمــد
ويُشـــفى غليـــلٌ بـــالنَوا يَتَســَعَّرُ
أم اليــأسُ أولــى مــن حـبيبٍ مـوَدَّعٍ
أتَـــت دون منـــأه شـــهورٌ وأعصــُرُ
فلَــولا اللــواتي كُــنَّ فيـك قواطِنـاً
لمــا كــان دمعــي دائبــاً يتحــدّرُ
ليالينـــا إذ شـــملُنا بــكَ جــامِعٌ
وغُصــنِيَ أملــودٌ مِــنَ اللهــوِ أخضـَرُ
وفيـــكَ غـــزلانٌ كالبـــدور كــواعِبٌ
بهــا العَيــشُ يصــفو تــارَةً ويُكَـدَّرُ
إذا وصـــَلت فــالأريُ ليــسَ كوصــلِها
ولا الشــريُ يحكـي هجرهـا حيـن تهجُـرُ
وإن فــــــــــوَّقَت نبالَهـــــــــا
فمِنّــــا أســــيرٌ موثَـــقٌ ومُقَطَّـــرُ
تقــــولُ إذا أتلَعُـــنَ أُدمٌ تـــدلها
خيـــالٌ وإن أعرَضـــنَ بـــانٌ مُهَصــَّرُ
وإنـا أدبَـرَت قلـتُ العثاقـل مـا أرى
وإن ضــــحكت فـــالأقحوانُ المنـــوِّرُ
فكَــم ناهِــدٌ نهــدٌ وكـم فـاحِمٌ جعـدٌ
وكـــم نـــاظرٌ وردٌ لـــدَيهِنَّ ينظُــرُ
وكـــم نـــاعمٍ غــضٍّ وذي هيَــفٍ نــضٍّ
لهَـــوتُ بـــه والليــلُ داجٍ ومقمِــرُ
وناعِمَـــةِ الأطــرافِ مدمَجَــةِ الشــوا
لهـــا كفَـــلٌ رابٍ وأهيَـــفُ مضـــمَرُ
وأخثـــم الأطـــراف وأشـــنَبُ واضــحٌ
وأزرق فتـــــان وخَـــــدٌّ معصــــفرُ
إذا عثَــرَت فـي المـرطِ قـالت لفَتنـةٍ
أنـا ابنـةُ قسـطنطينَ فـي الروم أشهَرُ
تقـــولُ أرى فــي عارضــَيكَ بــوادِراً
مـن الشـبيب حـتى لـم تكُـن فيك تقدَرُ
وأنّــي يشــيبُ العارضـانِ مـن امريـءٍ
وأعــــوامُهُ دون الثلاثيـــنَ تقصـــُرُ
فقُلــتُ لهــا لا تعجَــبي للــذي بَـدا
فشـَيبُ فـؤادي يـا ابنـةَ الـرومِ أكثَرُ
إذا أصــبَحت آبــاؤُكِ الغــرلُ تنتَمـي
إلــــى آلِ إبراهيـــمَ جهلاً وتفخَـــرُ
فشـــَيبي قليـــلٌ إن تعَمَّمَنــي بمــا
أتــوا وأظُــنُّ الشــمسَ ســوفَ تُكَــوَّرُ
ومــا خلــتُ أنَّ الـرومَ تسـمو لمَفخَـرٍ
ولا أنَّهُــم فــي النــاسِ ممّــن يثقـر
ومــن عبَــر الــدنيا تكَبُّــرُ جاهِــلٍ
يُفــــاخِرُ قحطـــانَ بمَـــن يتَنَصـــَّرُ
فلا غــروَ إنّ العيــرَ ينهَــقُ خاليــاً
فيُــؤذي ويُـؤذي إن رأى الليـثَ يـزأرُ
فَيا ابن ذوي الصلبان أقصر على القذى
وأمســِك لســاناً ظــلَّ بــالغَيِّ يهـدر
صــَهٍ أيُّهـا المغـرور بـالزعمِ صـاغِراً
فإنَّــكَ مــن قــومٍ أُذِلّــوا وأُصـغروا
فجَهلُــكَ قــد أرداكَ مــن رأسِ حــالقٍ
وألقــاكَ فـي بحـرٍ مـن المـوتِ يزخَـرُ
أمثلُــكَ يســمو نحــو أعــراضِ حميَـرٍ
وطرفُــكَ فــي ســبلِ المكــارمِ أعـوَرُ
أثعلَــبُ لــؤمٍ صــارَ كفُــواً لضــَيغمٍ
وحفـــضُ مخــازٍ عــنّ للقَــومِ يهــدُرُ
أسـَكرانُ يـابنَ القلـفِ كنـتَ فقُلـتَ ما
رويــت بــهِ أم أنــتَ وســنانُ تهجُـرُ
لـكَ الويـلُ مـا دلّاكَ فـي هـوَّةِ الـردى
وفَرعُـــك مجـــذومٌ واصـــلُكَ أبتَـــرُ
بزَعمِــك أنّ الــرومَ والفُــرسَ إخــوَةٌ
وأنّ أبــا الكُــلِّ الخليــلُ المُطَهَّــرُ
فكُنــتَ كمَــن يــدعو الضـبابَ قرابَـةً
مـنَ النـونِ جهلاً أو بـذي الجهـلِ يسخَرُ
قَفاهــا لفيـكَ اليـومَ مـن ذي جهالَـةٍ
ولا زلــتَ فــي ليــل العَمــا تتحيَّـرُ
إذا أنــتَ بالأنبــاءِ لـم تـكُ خـابراً
فســـائِل أخــا علــمٍ فإنَّــكَ تُخبَــرُ
ولادَة إبراهيــــم أبنــــاءُ قيـــذَرٍ
وأبنــاء إســرائيلَ والحَســقُّ أنــوَرُ
وأمّــا بنــو ساســانَ فاسـأل فجَـدُّهُم
كيــو مــرتَ وانظــر أيّهـا المتحيّـرُ
أبـــوهُ أمَيـــمٌ والمطَمطَـــمُ صــنوهُ
خرســـانُ ثُـــمَّ الطالقــانُ المُعَمَّــرُ
وصـــنوهُمُ ملـــخٌ وكرمــانُ والفَــتى
سجســتانُ يبــديهِ الكتــابُ المشــَجَّرُ
وجرجـــانُ لكـــن أصـــبهان فعــدَّهُم
ثمانِيَــةٌ فـي الشـرقِ ساسـوا ومصـَّروا
وعمَّهُـــــــم عملاقُ وارِثُ معشـــــــَرٍ
فراعِنَـــةٍ كــانوا قــديماً تكبّــروا
وجــدّهُم جــدُّ الحبــاب بــن لاوذ بـنِ
ســامِ بــن نــوحٍ فاسـتمِع مـا يُفَسـَّرُ
وللـــرومِ جـــذمٌ فـــي ولادَةِ يــافِثٍ
ووالـــدُهُم ليطِـــيُّ والعَـــمُّ جــوهَرُ
وإخوَتُهـا يـأجوجُ والـتركُ والألـى الص
قـــالِبُ والنســـناسُ منهــا وبَلغَــرُ
وللخَـــزَرِ البُلـــقُ الأخُـــوَّةُ منهُــمُ
ويجمَعُمهــم جــدٌّ عــنِ المجــدِ يطحَـرُ
أولاكَ العلــوجُ الـزرقُ ليسـوا لِفـارِسٍ
بشـــَكلٍ ولا إخوانُهـــا إن يُعَشـــّروا
ولا فــارِسٌ مِــن نســلِ اسـحاق فـاتّئد
وأبصــِر طريـق الرشـدِ إن كنـتَ تبصـِرُ
فإنَّـكَ يـابنَ القلـفِ أعمـى عـنِ الهُدى
كعَشـــواءَ أعشــاها الظلامُ المُعَســكرُ
أتزعُــــمُ أنّ الحميَريــــنَ أذِلَّــــةٌ
وأنَّهُــمُ عــن غايَــةِ المجــدِ قصـّروا
وأنســيتَ مــن أيــامهِم أنَّهُـم حمَـوا
أبــاكَ عــنِ الــدهماءِ والنـاسُ حضـَّرُ
غـــداة ثَــوى مــولاهُ يصــفَعُ رأســَهُ
كـــان مـــن طُغيــانهِ وهــوَ يقــدِرُ
فــأفلَتَ منــه قــابَ شـبرٍ فصـار فـي
ذُري حميَـــــر الفراقــــد تنظــــرُ
حمــاه الحــوالِيُّ الأميــرُ الـذي لـهُ
أقَـــرَّ بفَضــلِ الفعــلِ مــن يتــأَمَّرُ
فلَــولا ابــنُ قحطــان الأميـرُ وصـنعُهُ
لعَمَّمَـــهُ الســـيف الأميــرُ المُظَفَّــرُ
فعــاشَ إلــى أن مــاتَ وسـطَ ديـارِهم
وأنـــتَ مقيـــمٌ بينَهُـــم تَتَبَختَـــرُ
بعِزِّهِــمُ تنجــو مــن البـأسِ والـردى
وفــي ظلِّهِــم تحيــا هُبِلــتَ وتُقبَــرُ
فكافَــــأتَهُمُ بالصـــالحاتِ إســـاءَةً
وذو اللـؤمِ مـا إن زالَ يطغـى ويكفُـرُ
وأعراقُكُــــم بالصـــالِحاتِ إســـاءةً
وذو اللـؤم مـا إن زالَ يطغـى ويكفُـرُ
ولــو كنــتَ كفــواً كافأتـكَ سـيوفهُم
بضــَربٍ بــهِ تقــويمُ مــا هـوَ أصـعَرُ
ولكِنَّــكَ الجــارُ الــذليلُ حمــاهُ أن
أن يحــازي ذمـام عنـدنا ليـسَ تُخفَـرُ
تـــوارَثَهُ آباؤُنـــا عـــن أبيهِـــمُ
وهمّــاتُ أنجــادٍ عــن الــرذلِ تكبُـرُ
لـك التعـسُ هـل حـدِّثتَ عـن ملـكِ حميَرٍ
فحــاوَلتَ سـترَ الصـبحِ والصـبحُ أسـفَرُ
ألَــم تـدرِ يـابنَ القلـفِ أنّ سـيوفَهُم
لهــا أثَــرٌ فـي غـابِرِ الـدهرِ يـؤثَرُ
كســَرنَ بنــي كســرى قــديماً وآخِـراً
وأقصــَرنَ باعــاً مــدّهُ العلـجُ قيصـَرُ
وســارت لهُــم نحــوَ العــدُوِّ مقـانِبٌ
إذا مــا تقَضــى عســكَرٌ جــاء عسـكَرُ
مـع الحـارث الملـكِ المتَـوَّجِ إذ سـما
إلـى الشـرقِ الجـردِ العناجيـجِ تصـبِرُ
وراشَ بنـــي قحطـــانَ أســلابَ فــارسٍ
فصــارَ لـهُ اسـماً فـي البريّـةِ يُشـهَرُ
وَلَــم يــكُ عنهـا ذو المُنـارِ بِعـاجِزٍ
ولا العبــد لَمّـا جـاءَ بِالسـَبي يُـذعِرُ
وإفريقيــس البــاني مدينــةً مُلكِــهِ
وَياســِرُ ذو الحًلــمِ الــذي لا يُعَيَّــرُ
وَشــَمَّرُ قــد داخــت ســمرقند خيلــه
وكــان لــه فـي السـُغدِ يـومٌ مُـدَعثَرُ
وألقــى بهــا لَوحــاً علَيــه كتابَـةٌ
لـــهُ ســـيرةٌ فيهــا وذِكــرٌ مســَطَّرُ
وآب بكَيقــــاويشَ مالــــكَ فــــارِسٍ
وقَـــد ضـــمَّهُ غِـــلٌّ وكُـــلٌّ مُســـَمَّرُ
فأســـكَنَهُ فـــي بِئرِ مـــأرِبَ فينَــةً
مــنَ الـدهرِ مسـجوناً والصـفحُ ويزفـر
علـى الرغـمِ سـبعاً مـن سـنينَ تجَرَّمَـت
وأعتَقَــهُ مــن بعــدُ والصــفحُ أفخَـرُ
والأقــــــرَنُ لمّـــــا أن تَيَمَّـــــمَ
فــي بلادَ الــرومِ حــاموا وأدبَــروا
فأســأرَ مــن خلــفِ الخليــجِ مـآثِراً
كمـــا فعَــل الأملاكُ قبــلُ واســأروا
وكـــان لـــدى اليـــاقوت جماعَـــةِ
وكُـــلٌّ لـــه حتـــفٌ ويـــومٌ مقَــدَّرُ
وَتُبَــعُ داخَ الصـينَ حـتى اسـتباحً مـا
يَصــونُ بــه المُلــكَ المعظــم يَعبُـرُ
وأســعَدُ ذو الجــدِّ السـعيدِ فـذاكَ لا
يُـــــوازِنُهُ مســــتقدِمٌ أو مُــــؤَخَّرُ
فتَــاً ســارَ للظلمـاءِ حتّـى اسـتَباحا
فلَـــم يبـــق عـــود للأدلّاءِ يُزهِـــرُ
وعَبّــا إلـى الفُـرسِ الجحافِـلَ قاصـِداً
فضــاقَ بهِــم رحــبُ الفلاحيـنَ سـيّروا
مُصــــــَنَّفَةٌ الجيـــــادِ فـــــأدهَمٌ
وأبلَـــــقُ موشــــِيٌّ ووَردٌ وأشــــقَرُ
وكُمــتٌ وشــُهبٌ ليــسَ يُحصــى عديـدُها
بحَصــرٍ وهَــل يُحصـى الجـرادِ المثـوّرُ
يريـد المرجّـا الكلاع يمينهـا وشمرها
ومـــن عـــترَةِ المُنتـــابِ ســـايقاً
وذومَـــــــــــــــــــــــــــــرّ
وأســعَدُ مثــلُ البــدرِ حُــفَّ بــأنجُمٍ
أو الليــثُ بيــنَ الأُسـدِ وهـوَ يُزَمجِـرُ
وكــانَت لهُــم فيهــم ببابــلَ وقعـةٌ
بلابِلُهُــم منهــا عَلــى الـدهرِ يعبَـرُ
بأســيافِنا خَــرَّ ابـنُ سـابورَ سـاجداً
لغَيـــرِ خشـــوعٍ يـــومَ ذاكَ وجــؤذَرُ
وطـــارَ قُبـــاذٌ للمشـــارِقِ هارِبــاً
فشـــَمَّرَ فــي آثــارِهِ القَيــلُ شــَمَّرُ
وكــان لــهُ فــي أرضِ كرمــانَ صـولَةٌ
وفــي قنــدهارٍ جهــرةً ليــس يُســبَرُ
فمــا زالَ فــي آثــارِهِ وهَــو هـارِبٌ
إلـى الشـرقِ يقفـو حيـثُ كـان ويقفِـرُ
إلــى أن أتــى مـن أرضِ بلـخٍ برَأسـهِ
علــى رأسِ رُمــحٍ ظَــلَّ بالبنـدِ يخطُـرُ
وقــد حـازَ مـا صـانوهُ مـن كُـلِّ نضـَّة
حـــرودٍ ومـــن مــالٍ يُعَــدُّ ويــدخَرُ
وكــانَ لــهُ فـي الـتركِ يـومٌ عصَبصـَبٌ
وفــي الخَــزَرِ الأعلاجِ والجَــوُّ أغبَــرُ
وَوَجَّــهَ نحــوَ الصــين جَيشـاً عرَمرَمـاً
يقـــودهُمُ عمـــرو الـــذي يتحَبًّـــرُ
وســارَ لأرضِ الشــام بالخَيــلِ قاصـِداً
لـــزُرقِ بنـــي ليطِــيِّ ليــس يفــتر
فوافَــوهُ مــن قبــلِ الوصـولِ إليهِـمُ
يخرِجِهــــم يُجــــبى لـــهُ ويُثَمَّـــرُ
وأهــدوا إليــهِ كُــلَّ بيضــاءِ كـاعِبٍ
وقــــالوا تاعُـــد فإنَّـــكَ أقـــدَرُ
فــأقسََ أن لا بُــدَّ مــن وطىـء أرضـِكُم
وذلــكَ نَــذرٌ كــانَ مِــن قبـلُ يُنـذَرُ
وإنّــي علـى إمصـاءِ مـا كنـتُ مضـمِراً
مـــنَ القســـَمِ المــذكورِ لا أتَــأخَّرُ
وقــالوا لــهُ قــدِّم وخــانوهُ غَـدرَةً
ومـــا زالَــتِ الأعلاجُ تخــزى وتَغــدرُ
فَقــالَ لــذاكَ الجيـشِ ميلـوا علَيهِـمُ
فمـالوا كمـا مـالَت علـى عـادٍ صرصـَرُ
فــذاقَ بهــا مــوليس كيســان حتفَـهُ
وجـاؤوا بقِسـطَنطينَ فـي القيـدِ يعثُـرُ
وفـــاؤوا بَســـبي منهـــمُ ومراكِــبٍ
وأثــــوابِ قَــــزٍّ نســـجُهُنَّ مُنَيَّـــرُ
وأنفَــذَ نحــوَ الغــربِ ابنــاءَ مُـرَّةٍ
فقــال لهُــم قَــرّوا هنـاك وأعمِـروا
فهُــم أهلُـهُ حتّـى إلـى اليـومِ سـادَةٌ
لمَـــن حلَّــه أيّــامُهُم ليــسَ تُنكَــرُ
كُتامَـــةُ ثـــم صـــنهاجَةٌ وزناتَـــةٌ
ولواتـــــــة ليــــــس تقصــــــُرُ
وتُبَّـــعُ عمــرو كــانَ منــهُ بيَــثرِبٍ
علـــى آل إســـرائيلَ يـــومٌ مُكَــدَّرُ
غُدَيَّــــةَ إلـــى أن يُحَـــرَّقَ منهُـــمُ
ثلاثَ مئيـــــنٍ والنيــــارُ تســــعَّرُ
فظَلّـــوا كأمثــالش الأضــاحيِّ قُرِّبَــتِ
بشــعبِ منــىً مــن أهــلِ نسـكٍ تُنَحَّـرُ
أولَئِكَ أملاكـــي الأُلــى وســمُ عزِّهِــم
علــى الـدهرِ بـاقٍ واضـحٌ ليـسَ يـدثُرُ
أقَــرَّ لهُــم بالشــرقِ تــركٌ وفــارِسٌ
ودانَ لهُـــم بــالغَربِ قِبــطٌ وبَربَــرُ
ومـا رامَـتِ الـرومُ امتناعـاً بشـأنها
ولا الهنـــدُ عمّــا وظفــوه تــأخّروا
مكـــارِمُ غُـــرٌّ لا يـــدافعُ كونهـــا
ســـوى أغلَـــفِ المعقــول لا يتفَكَّــرُ
ولا يســـتطيعُ العـــالمونَ مثالَهـــا
ولـو أنجـدوا فـي السـعي فيها غوّروا
فهـذا لهـم فـي الشـركِ والكفـرُ غالِبٌ
فلَمّـا دعـا الهـادي النـذيرُ المُيَشـِّرُ
دعــا بمُعــاذٍ ثُــمَّ قـال ائتِ حميَـراً
وخــاطبهُمُ بــالرفقِ يصـغوا ويبصـروا
فقَــد وعــدَ الرحمــانُ واللَـهُ منجِـزٌ
بـأن سـوفَ يعلـو الـدينُ فيهـم ويُنشَرُ
وثـابوا إلـى الـدين الحنيـفِ إنابَـةً
لرَبِّهِــم مــن بعــدِ مـا قـد تجبّـروا
فلَمّـــا أتـــاهم ســـارعوه إجابَــةً
وصـــلّوا وصـــاموا للإلــه وكبّــروا
وقــالَ النبِــيُّ المصــطفى إنّ حميَـراً
بهــم يُعضــَدُ الـدينُ الحنيـفُ ويُنصـَرُ
إذا أقبَلــوا يومــاً إليكُـم بنَسـلهِم
ونســوانهم فاســتيقنوا ثُـمَّ أبشـِروا
بِفَتـــح بلادِ الــروم فهــيَ أساســهم
تــدينُ لهُــم كرهــاً وتحيــى وتُعمَـرُ
وهُــم أهلُهـا طـولَ الليـالي وسـكنُها
مـدى الـدهر حتماً أو يموتوا ويُحشَروا
وقــال لـهُ فـي لعـنِ حميـرَ بعـضُ مَـن
يكُـــنُّ لهـــا البغضــاءَ إذ يتمَضــَّرُ
فـــأعرَضَ عنـــهُ كارِهـــاً لمقـــالهِ
فعـــاودَ أخــرى ثــمَّ أُخــرى يُكَــرِّرُ
وقــال لهُـم بـل يرحـم اللَـه حميَـراً
فمـا مثلُهـم فـي سـائرِ النـاس معشـَرُ
مقـــاوِلُ أيـــديهم طعــامٌ ولفظهُــم
ســـلامٌ وهُـــم حَــيٌّ كــرامٌ تخيّــروا
وصــلّى علــى الأملــوكِ فضــلاً يخُصـُّهم
وفَخــراً علــى الأيّــام يبقـى ويُـذكَرُ
وأجلـــسَ منّــا ســادَةً فــوقَ ثــوبهِ
لإكرامِهِـــم لمّـــا أتَــوا وتَبَــرّروا
وأُنـــزِلَ جبريـــلٌ شــبيهاً لبَعضــِها
علـــى أحمَـــدٍ بــالوَحي إذ يتصــوَّرُ
ولمّــا دعــا الفــاروقُ أيّـامَ حريـهِ
لقُلــفِ النصــارى نحونـا وهـو يـذمُرُ
تجهّــــز منّـــا ذو الكلاع مجاهـــداً
وســارِ بُجَيــرٌ فــي الجيـوشِ فشـَمّروا
يقـــودانِ أبنـــاءَ الكلاع ويحصـــُباً
وذا أصـــبَح فيهــا كرَيــبُ المُــؤَمَّرُ
وأبنــاءُ ذي الشــَعّبَينِ لمّـا يعرجـوا
ومِـــن حضـــرَموتٍ دارعـــونَ وحُســـَّرُ
إلــى يــثرِبٍ حتّــى تــوافى بقاعِهـا
ثلاثــونَ ألفــاً منهــمُ حيــنَ ينفِــرُ
وقــالوا نريـدُ القصـدَ أبنـاءَ فـارِسٍ
فقــالَ لهُــم بــل للشــامِ فـأبكروا
وقــالوا لـه بـل للعـراقِ فلَـم يـزَل
يُلايِنُهُـــم حتّـــى أطــاعوا وفكّــروا
فحَلّــت بــأرضِ الــرومِ منهـم سـحايِبٌ
فظَلَّـــت علَيهِـــم بالمصــائبِ تمطِــرُ
فكــانَ لــدى اليرمـوكِ منهُـم مواقِـفٌ
وقائِعُهــا فيهِــم علـى الـدهرِ تكـبرُ
هـوَوا فـي هوىً كانوا أرادوا اتّخاذها
لمَكـــرٍ وكُـــلُّ هالِــكٌ حيــثُ يمكُــرُ
ومــا زالَ منهُــم موقِــفٌ بعـدَ موقِـفٍ
ورايَـــةُ نصـــرٍ بالهدايَـــةِ تُنشــَرُ
إلــى أن حَــووا أرضَ الشـامِ وقتّلـوا
علــوجَ بنــي ليطِــيّ فيهــا ودَمَّـروا
وجــازوا بهـا حمصـاً والأردن واغتـدَت
علــى الحكــمِ منهُـم قنسـرينَ وتـدمُرُ
وأرضُ فلَســـطينَ وحـــازوا دمَشـــقِها
وأضــحى هرَقــلٌ وهــوَ بالــذُلِ مُجحَـرُ
وقَـــد ســـُلِبَت تيجـــانهُ وتُقُســـِّمَت
مســـاكِنهُ فيهــا الصــليبُ المُكَســَّرُ
وأضــحَت بنـاتُ الـرومِ فيتـا مغانِمـاً
مقَســــَّمَةً فيهـــا ضـــناكٌ ومعصـــِرُ
تجـــالُ علَيهِـــنَّ الســهامُ وتغتــدي
عــرائِسَ فــي عُزّابنــا ليــسَ تمهَــرُ
ومــا مهــرُ أبكـارِ الغـرائِبِ عنـدَنا
لعِزَّتِنـــــا إلّا حُســـــامٌ وأســــمرُ
وفــي عصــرِ عثمــان غزاهُـم يزيـدُنا
ومــن حــولِهِ أنجــادُ حميَــرَ تخطُــرُ
فــوَلّى هِرَقــلٌ منــهُ إذ ذاكَ معصــَماً
برومِيَّـــةٍ يَضـــوي إليهـــا ويحضــُر
وتلــكَ لعَمــري عــادَةٌ مــن أكفُفِّنـا
لهُـــم كـــلَّ عــامٍ لا تــزالُ تكَــرَّرُ
لنـــا كـــلُّ عــامٍ جحفَــلٌ وكتيبَــةٌ
تَبـــاري مـــذاكيها ومجــرٌ ومِنســَرُ
أقَمنــا علـى الثغـرِ المخـوفِ لحفظِـه
فلَيــسَ بحَمــدِ اللَــه مـا دام يتغَـرُ
نســــوقُهُمُ ســــوقَ القلاص ويغتـــدي
لنــا مغنَـمٌ منهُـم بـه الـدهر نحبَـرُ
إذا مـا رأيـت السـبي منهُـم بأرضـِنا
مـــــؤَنَّثُهُ مســـــتجمِعٌ والمُــــذَكَّرُ
تقــولُ لــذاتِ القُــرطِ هاتلـكَ ظبيـةٌ
وذي الطرطُــقِ المشــدود ذلــك جـؤذُرُ
ففـي تلـكَ إمتـاعٌ لـذي الـبرّ والثُقى
وفــي ذاك إمتــاعٌ لمَــن كـان يفجُـرُ
وقَــــرَّ قبيــــلٌ منهُـــم ببلادِهِـــم
لَــدينا وقـالوا الـذُلُّ أعفـا وأسـتَرُ
فقــال لــه الرحمـان حـوزوا جزاهـمُ
فكُـــلٌّ يــؤدّي وهــوَ الكلــبِ أصــغَرُ
وإخوتُنــا ســاروا إلــى أرضِ فــارِسٍ
أكــــارِمُ كهلانٍ ولَمّــــا يعــــذّروا
أذاقــوا بهـا مهـراز كيسـانَ علقَمـاً
ذُعافــاً ونجــلَ المرزبــانِ وقطّــروا
وداخــوا خُراســاناً وأجبــالَ فــارِسٍ
فــذاقَت بهــا ونــدُ النكـالَ وديـدَرُ
وكـــانَت لهـــم بالقادســِيَّةِ وقعَــةٌ
تكـــادُ لهــا شــُمُّ الجبــالِ تفَطَّــرُ
فســائِلٌ بيــومِ الفيـلِ إذ حـزَّ رأسـَهُ
حســامُ أبــي ثــورٍ وقـد بـان عنيَـرُ
فتلـــكَ المعـــالي لا ســُلافةَ قهــوَةٍ
لأعلاجِكُـــم فيهـــا معـــاشٌ ومتجَـــرُ
وأكلُكُــم الخنزيــر والقُــسُّ والــذي
تــرَونَ لــه أعمــى وأدهــى وأنكَــرُ
تزُفّـــونَ أبكـــاراً إلَيــهِ نواعِمــاً
يُبـــارِكُ فيهـــا والقمَـــدُّ مـــؤثَّرُ
أجــاوَلتَ يـابنَ القلـفِ قرنـاً لحميَـرٍ
وقَــد نزَلــت بيــنَ السـماكَينِ حميَـرُ
ولــم يســتطع أكفاؤُهـا نيـلَ شـأوِها
فكَيــفَ وبــاعُ الــرومِ أوهـى وأقصـَرُ
ومــا ضــرتُمُ إلّا كمــا ضــارَ نابــحٌ
نجـــومَ الثرَيّـــا إذ يهِــرُّ ويكشــُرُ
وعيَّرتَهُـــم يـــومَ الرعـــاع فـــرَّةً
وهــل أنـت يـابنَ القلـفِ ممّـن يعيِّـرُ
ألَـم تـدرِ يـا مغـرورُ مـا كان شأنُهُم
فتُقصــــِرُ عمّـــا تفتَـــرِيَ وتُـــزَوِّرُ
بَنــو عمِّهــم حاشـوا إليهـم فهَوّنـوا
عَزيمَتَهُــم والنبــعُ بــالنَبع يُقســَرُ
يميـــلُ الكرَنــدِيُّ الهُمــامُ وحــولَهُ
مَضــَت حميَــرٌ تحــت العجـاج وعُفِّـروا
وشـــَمَّرَ فيهــا مــن قضــاعَةَ ســادَةٌ
لهُــم مــن مجيــدٍ فـرعُ مجـدٍ وعُنصـُرُ
وذاك لعمـــرِي كــان بيــنَ معاشــِري
منافَســــَةً والأمـــرُ بعـــدُ مـــدَبَّرُ
وتَمــدَحُ آل الهَيثَــمِ السـادَةَ الأولـى
نصـــيبُهُمُ فـــي فخـــرِ كهلانَ أوفَــرُ
وهُـــم أهـــلُ مـــا حبّـــرتَ فيهــم
لعَمــرُكَ ممّــا قلــتَ أســنى وأبهَــرُ
ومـــدحُكَ لا يــدني التميــم زيــادة
وقـــدرُهُمُ فــي قــدرِ شــعركَ يكبَــرُ
أتمـــدَحُ كهلانـــاً وتعضـــَهُ حميَــراً
هُبِلـــتَ لقَــد ســيَّرتَ مــا لا يُســَيَّرُ
وهَــل يقنِــعُ الإنســانَ مــدحٌ لنَفسـهِ
ويُهجـــى أخـــوهُ إنّ هـــذا لمُنكَــرُ
أتــدخُلُ مــا بيــنَ العصـا ولحائِهـا
بنَفســِكَ يــا نجــلَ العلــوجِ تُغَــرِّرُ
بنـو الهيثَـمِ السـاداتُ منّـا ونحنُ من
ذُراهُــم وذو الطغيــان يعصـى ويـدحَرُ
وحميَـــــــرِ كهلانٌ وكهلانُ حميَــــــرٌ
يضـــُمُّهُما عنـــدَ التناســـُبِ جــوهَرُ
وصـــُلبٍ أبٍ عـــن كــلِّ فحــشٍ يطَهَّــرُ
وتَزعُــمُ أنّ الفــرسَ فكّــوا رِقابَنــا
عــنِ الـذُلِّ فـي غُمـداننا إذ تجـوّروا
فعَرَضــــتَهُم للــــذَمِ ولـــم نَكُـــن
لنَبـــدأَ فــي قَــرفٍ ولكِــن ســنَثأرُ
وهــا إنّنــا نُنحــي إليــكَ جوابَنـا
قَــذُف غِــبَّ مــا قــدَّمتَهُ فهـو مقمِـرُ
كَـذَبتَ ابـنَ شـرِّ النـاس نفسـاً ووالداً
والأمَ مـــن أضـــحى لشـــِعرٍ يُحَبِّـــرُ
أيقــدِرُ جمــعُ الجيــشِ يــدخُلُ بيضـَةً
مــنَ العــزِّ تحميهــا ســيوفٌ وضــُمَّرُ
وأُســدٌ أذَلّـوا النـاسَ فـي كـلِّ بلـدَةٍ
فكَيــفَ إلــى أبيــاتِهِم لـم يغَيِّـروا
وأنّــا يُطيــقُ الجيــشُ يــدخُلُ بلـدَةً
ومـــن دونِهــا أطــوادُ عِــزٍّ تــوَغَّرُ
ممـــالاه عـــن كـــلِّ جيــشٍ عرَمــرَمٍ
كــأنَّ الزهـا منـهُ السـحابُ الكنهـورُ
وتخرجهُـــم أبنـــاءُ فـــارسَ عنــوَةً
زعَمــتَ وهُــم جمـعٌ لـدى العـدّ ينـزُرُ
لـكَ الويـلُ لم تسأل لك العيش لم تُجل
مــنَ الفِكــر تمييــزاً رآهُ المُفَكِّــرُ
إذاً تكــــذيب مـــا قـــد ظنَنتـــهُ
وثُبــتَ عــن الــذلّاتِ إذ هــيَ تخطِــرُ
فغــابَ عليــك الرشــد فيمـا حكَيتَـهُ
وأنــتَ بجهــلِ الرشــدِ أحـرى وأجـدَرُ
فهــاكَ اهتبلهــا مــن مفيـدٍ كفـاوَةً
علــى كــلّ مــن يمنــى بــه متعـذر
تعيـــب ســـيفٌ حيــن عــاينَ زرعــةً
عليـــه لمـــا فــي نفســه يتَنَمَّــرُ
فـــأزمع فيـــه ذو نـــواسٍ عظيمَــةٍ
فنجّـــاهُ منـــهُ يـــومُهُ المُتَـــأخِّرُ
فجــاءَ إلــى كســرى وأظهَــرَ ســخطَهُ
علــى قــومِهِ فيمــا أتَــوهُ وغَيّـروا
فجَــرَّمَ فــي أرضِ المــدائِنِ إذ أتــى
إلَيهـــا ســـنينَ تقتَفيهِـــنَّ أشــهُرُ
إلــى أن أتــاهُ مــن مقــاوِلِ حميَـرٍ
كتـــابُ ودادٍ خــالصٍ حيــنَ أصــدروا
يقولــونَ عـاود قـد أتـى لـكَ أمرُنـا
بمــا كنــتَ ترجــوهُ وأنــتَ المخَيَّـرُ
وأشـــكَدَهُ كســـرى لــوَقتِ انصــرافهِ
أُناســـاً ووافـــى قاصــِداً لا يغّــررُ
فأصـــبحَ ربُّ الملــكِ يملِــكُ حميَــراً
ويـــوردُ فــي أرضِ الجنــوبِ ويصــدِرُ
وبيــــنَ ملــــوكِ الأرضِ آلٌ وذمَّــــةٌ
بهــا بعضــُهُم بعضــاً يعيــنُ ويَنصـُرُ
كمــا نصــَر النعمـان بهـرامَ جـورِهِم
غــداة أتــاهُ وهــوَ يشــكو ويجــأرُ
فقـــادَلَهُم عشـــرينَ الفــاً كــأنَّهُم
أُســـودٌ حماهـــا الهيجتــانِ وعثَّــرُ
تخِــبُّ بهِــم مثــلُ الســعالي شـوازِبٌ
فقَحَّمَهـــا وســـطَ الأعـــاجمِ منـــذِرُ
فخـــازَلَهُم بالســـيفِ ميــراثَ جــدِّهِ
فأصــبَحَ بعــدَ الــذُلِّ يحمــيَ ويقسـِرُ
وفُرســانُ طَــيٍّ يــومَ سـاتيدَما حمَـوا
بهـــا أبرويـــزَ والأســـِنَّةُ تقطُـــرُ
وكـانت سـيوفُ الـرومِ قـد أحـدَقَت بـه
وقــد بلــد الســدان والنقـعُ أكـدَرُ
فـــأردَفَهُ ربُّ الضـــبيبِ وعــاثَ فــي
بنــي الــروم يــومٌ للمنَيِيَّـةِ أحمَـرُ
وكــــان لحســـّانٍ يرجّيـــه عنـــده
بــــذلك معــــروفٌ يجَـــل ويُشـــكَرُ
فلا تجلــونَ مــا ليــسَ يعــرَفُ كنُــهُ
فــأنتَ بنَفــخِ الكيــرِ أولـى وأبصـَرُ
أنــا ابــنُ الكلاعيّيــنَ أهـلِ وحاظَـةٍ
بهِـم يـا ابـنَ قلفِ الروم أزهى وأفخَرُ
أبونـا أبـو الملـكِ العرنجَجِ والدِ ال
مملـــوكَ ورب المعربيـــنَ المُشـــَهَّرُ
لنـــا الســـبآنِ الأكرمــان وأيمَــنٌ
وحيــدانُ والغــوثُ المغيــثُ المُـدَمِّرُ
وفخـــرُ عريـــبٍ ذي النـــوال ووائلٌ
ولــي مـن زهَيـرٍ أبيـضِ الـوجهِ أزهَـرُ
وفـي قطَـنِ العـالي وجـدي الهميسع ال
متَـــوَّجُ لــم يــبرَح ســناءٌ ومفخــرُ
وفــي عبــد شــمسٍ إرثُ ملــكٍ ووُلـدهُ
إذا عُــدَّ يومــاً ملكُهُــم فهـوَ يكثُـرُ
لــذي العِــزَّةِ الصــوّارِ مجـدٌ وسـؤدُدٌ
يظَــلُّ لــهُ عــزَّ الــورى وهـوَ أصـوَرُ
ذكَـــرتُ بنِيـــه التُبَّعيّيــنَ فارِطــاً
لأنَّهُـــمُ قـــاموا وَلَمّـــا يُـــؤَخّروا
وإخــــــوتهم آل العلاقِ وموكِــــــفٌ
ومجـــدُ القفــاعيّينَ يُــروى ويُســطَرُ
وزُرعـــةُ منهـــم ذو منــاخٍ وينكَــفٌ
وفــي جشـَمِ العُظمـى السـناء المُـوَقَّرُ
ووالِـــدُنا ســـعدٌ وعـــوفٌ ومالِـــكٌ
وكعـــبٌ وســـهلٌ ذو العلاءِ الجمهــورُ
بنـــوهُ الرعينيـــونَ عبــد كلالهــمِ
وأملــــوكهم واليـــافِعِيُّ المعســـَّر
وزيــدٌ وعمــرو ثــم قيــسٌ جــدودنا
بصـــيتهم ســـمعُ المنـــافسِ يُــوقَرُ
وفــي الســلف الــذرى كهـول وفتيَـةٌ
كـــرامٌ بهـــم يستعصـــمُ المتجَــوِّرُ
وأقيـــانُ منّـــا والخضــارمُ قصــرهُ
وأبنــاءُ صــيفِيٍّ وذو الملــكِ خنفَــرُ
وفــي جـرشِ السـاداتُ والهجـر الأولـى
لنـــا والقشـــيبَيّين نصـــرٌ مــؤزَّرُ
وبــــالحجَرات والـــذرى آلِ مـــدركٍ
وزرعتنــــا والمــــاذنيّيَن أنقُـــرُ
وأصـــبَحُ منّـــا الأكرَمـــونَ ويحصــِبُ
وفــي ذي حــوالٍ واضـِحُ الفخـرِ يبهَـرُ
وآســــــادُنا آل الكلاعِ لخَـــــوفِهِم
تَـرى الأسـدَ فـي يـومِ الكريهَـةِ تحجِـرُ
وفـــي الثُجَّـــةِ الأنجــادِ آلُ مثَــوَّبٍ
وجبلانَ ضـــربٌ فـــي الملاحــمِ مبهِــرُ
وذو جـــدَنٍ منّـــا وأبنـــاءُ ترخُــمٍ
وذو يـــزَنِ الســـامي أعَــزُّ وأقهَــرُ
ومِنّـــا نضـــارٌ ثــم تيــسٌ وبــاقر
وأبنــاءُ ذي الشــعبَينٍ اسـنا وأنضـَرُ
وحَـــيُّ حُفـــاشٍ ثــمَّ ملحــانُ صــنوهُ
وفـي العصـَدِ الجَـمُّ الكـثيرُ المُجَمهَـرُ
وهـــوزَنُ والأخــروجُ فــافخَر بعِزِّهِــم
وعِــزُّ حــرازِ احــرز ومــا تحيّــروا
وبعـــدانُنا أهـــلُ العلا وســـحولُنا
وعُنًَّـــةُ مِنّـــا الغاصـــِبُ المُتَجَبِّــرُ
ومُقــــــرا وألهـــــانٌ وعُـــــبرة
وعـــزوانُ منّــا والوصــابونَ أخطَــرُ
وذويَهَــــرٍ مِنّـــا وشـــمرٌ وماطِـــخ
ومـــأذنُ منّـــا والمحـــح المضــَبَّرُ
ووازعنــــا والمعللــــي وصــــوفا
نهيــل وشــعبانٌ لــدى البـأسِ أحضـَرُ
ومنــا الصــهيبيّونَ فاســأل بفَخرِهِـم
وفـــي بُـــرَعٍ منّـــا تليــدٌ معَــزِّرُ
والأكلــوبُ والأحــول والصــيد رنجَــعُ
وريمانُنــا مــن رامهــا فهـوَ يحسـُرُ
وآلُ حضـــورٍ عــترَةُ الفاضــل الــذي
غــدا وهــوَ ينهــيَ الأثميــنَ وينـذرُ
وإن حــاش مــن حــيّ الحواشـَةِ عـارِضٌ
فهــم ســحبٌ فيهــا الحمــامُ وأبحُـرُ
وإخوانُنــــا الأدنـــونَ آل قُضـــاعَةٍ
فعــودُهُمُ مــا فيــه للعَيــبِ مكســَرُ
بفُرســانِ نهــدٍ ناهـدينَ إلـى الـردى
يــــرَدُّ شــــباعيلانَ حيـــنَ تنَـــزَّرُ
وكلـبٌ ذوُو الغـاراتِ أكلَـبُ فـي الوَغا
لأنَّهُــــمُ فيــــه ضــــراغِمُ تهصـــُرُ
وســاداتُ خــولانَ بــن عمـروٍ نضـالُهُم
حتــوفٌ لمَــن نــاواهمُ حيــنَ يحســُرُ
وجــــرمٌ وبهـــراءٌ وغُـــرُّ جهَينَـــةٍ
وحَـــيُّ بلِــيٍّ فــي البليّــات أصــبَرُ
وشـــُمُّ ســـُلَيح المـــالكون لعزِّهِــم
أزمَّــــة قـــومٍ والخـــدودُ تصـــَعَّرُ
وآلُ تنــــوخٍ والســــراةُ خشـــَينُها
وعُــذرةُ ســعدٍ فــي المكــارمِ أعـذَرُ
لنــا كُــلُّ ملــكٍ مــن طريـفٍ وتالـدٍ
يُــرى الضــدُّ مــن حومــاته يتَحَســَّرُ
لنـا فـي ذُرى الغُـرُّ المثامِنَـةِ الأولى
هــمُ عضــَّدوا الأملاكَ قــدماً ودبّــروا
لنــا ذو خليــلٍ ثـمَّ عمـروٍ وهـم هـمُ
وقيقـــانَ والقَيــلُ المُكَلَّــلَ حزفَــرُ
ويحمـــــد ذو مقـــــار برينـــــة
قواعِـــدُها حيــثُ الغمــامُ المُســَخَّرُ
وذو ســـحرِ العـــالي وذو عثكلانِنــا
وذو ثعلبـــانٍ كــان يُــروي ويُخمِــرُ
لنـا السـادةُ الأقيـال مـن كـلِّ ماجـدٍ
يقـــودُ الســرايا للملــوكِ ويــؤمِرُ
جحــاجعُ منهُــم ذو الكبــاسِ ويُعفِــرُ
وذو فـــــائِشٍ عمـــــرو النـــــدى
ومِنّـــا ســليلُ المكرثمــاتِ يهصــدقٌ
وشـــهرانُ بينـــونٍ وشــعرانُ أوبَــرُ
وشــــــمَّر تــــــارن وشــــــمائِرٌ
وشـــَمَّرُ أيضــاً ذو الجنــاح وأشــمَرُ
وعلهــانُ نهفــانٍ ونجــرانُ ذو العُلا
وعبـــدُ كلالٍ ثـــمَّ فهـــدُ الغضــنفَرُ
وذو حُــــرَثٍ منّــــا ومشـــروقُ وائلٍ
ومــن ذي ســحيمٍ صـادقُ البـأسِ مسـعَرُ
ومنّــا الــذي ابقــى بضـَهرٍ مكارِمـاً
مؤَبَّـــدَةٌ أنباؤُهـــا الــدهرَ تظهَــرُ
لـــهُ صـــدقاتٌ لا يـــوازي بمثلِهــا
بهــا عــاشَ ذو ضــَرٍّ وأيســَرَ معســِرُ
ومنّـا الفـتى المـدعوُّ للجـودِ منهِبـاً
أبــو مــرَّةٍ يمنــاهُ الغيــثِ أغــزَرُ
وأروعُ فــــاداهُ أبــــوهُ بســــبعَةٍ
ألوفــاً ولـم يسـمَع بمـن كـان يؤسـَرُ
وأعتــــقَ كفّـــاذي الكلاعِ مواليـــاً
لإســـلامِهِ عشـــرينَ الفـــاً فحُــرّروا
لنــــا التــــاجُ تــــاجُ الملـــكِ
تراثـاً لنـا عَـن غيرِنـا الـدهرَ يحصَرُ
وفـــي عِــزَّةِ الإســلامِ منّــا مقــاولٌ
وكُـــلُّ أميــرٍ كــان يرجــى ويُحــذَرُ
مُلـــوكُ شــامٍ مــن حــوالٍ بعــدلِهم
تزَيَّنَـــت الـــدنيا فكــادَت تمَرمَــرُ
أطـابوا بهـا نهـجَ السـبيل وأبـدعوا
مكـــارمَ ليســـَت للإقامـــةِ تـــدثُرُ
مــــآثرُ منهـــا منهَـــلٌ متغَطمِـــطٌ
ومســـجدُ أحيـــا وقصـــرق ومنبَـــرُ
وذو المثلـةِ المشـهورُ مـن نسـلُهُ لنا
مقـــاولٌ إبراهيـــمُ منهــمُ وجعفَــرُ
وعركَبَـــةٌ فيهــا الشــراحةُ طيّبــوا
وكـــان بمُقـــرى تُرخُمِـــيٌّ عشـــَنزَرُ
ومنّـــا ملـــوك الأصـــبَحين بــأبيَنٍ
وفـــي جُبّـــإٍ منّــا ملــوكٌ تغَشــمَرُ
ومِنّـــا بـــدَمثٍ فـــاعلَمَنَّ ومـــأرِبٍ
وتنداحَـــةٍ أربـــابُ عـــزٍّ تــأمّروا
وأربــابُ هــذا العصـرِ مـن كـلّ سـيّدٍ
وقيــــلٍ يُـــردّى بـــالعلا ويـــؤزَّرُ
أميـــــرٌ بكَحلانٍ طويــــلٌ نجــــادهُ
لــهُ وَطَّــدَ الملــكَ المهَــذَّبُ يعفِــرُ
إذا مــا ملــوكُ الأرضِ عُـدّوا رأيتُهـم
وهُـــم ضــِلعٌ عمــا احتــواه وحُســَّرُ
وفـــي منكِـــثٍ مِنّــا أغَــرُّ ســمَيدَعٌ
بُغرَّتـــهِ تجلـــى الخطـــوبُ فتُســفِرُ
تمُكَّــنَ مــن سـخطِ بـن زرعـةَ فـي ذَراً
يَــرى الطــرفُ حاســِئاً حيــنَ ينظُــرُ
وأبلَـــجُ خـــرقٌ بـــالزواحي مهَــذَّبٌ
يحــامي علــى الأحســابِ أهيَـسُ قسـُوَّرُ
نمــاهُ يزيــدٌ ذو الكلاعِ بــنُ يعفِــرٍ
وعَـــرَّقَ فيـــه الأســدُوانِ وأغــوَروا
ومنّـــا هزَبـــرٌ بالمعـــافِرِ أضــبَطٌ
ومحتِـــدُ صــدقٍ فــي ثمامــةَ أكبَــرُ
لـــهُ مَنــزِلٌ فــي آلِ أبيَــضَ مُعــرِقٌ
وَمَحتِـــدُ صــِدقٍ فــي ثُمامَــةَ أكبَــرُ
ومنّــا بــأعلى مســوَرٍ ليــثُ غابــةٍ
بنــا مجـدَهُ المنتـابُ والقَيـلُ مسـوَرُ
نمــاهُ العلافِيّــونَ مــن عيــصِ سـادةٍ
ســروا فــي طلاب المكرمــاتِ وهجّـروا
ومــن ذي منــاخٍ حــلّ هـرّانَ فـاعلَمَن
رئيسـان فـي ملـكٍ لهُـمُ حيـنَ أزهَـروا
نوالُهُمـــا فــي كــلّ محــلٍ وأزمَــةٍ
بــه ينعَــشُ المــرءُ الكسـيرُ ويُجبَـرُ
وفـي الموكِـفِ المعمـورِ مـن آل موكـفٍ
هصـــورٌ وغَيـــثُ بالقفاعَـــةِ ممطِــرُ
محلُّهُمـــا مــن عبــدِ شــمسٍ بمَرقــبٍ
يَــرى ضــوءَهُ فــي الحنـدسِ المُتَنَـوِّرُ
وفــي عُتمَــةٍ مــن ذيَ رُعَيــنٍ ضـراغِمٌ
وفـــي ريمَــةٍ منّــا صــقورٌ وأنســُرُ
بعُتمَــــة آلُ المهـــدي الكـــاليّون
وبرَيمَـــــةَ الأشــــبُطِ الســــبئيّونَ
بهِــم يمنَــعُ الثغـرُ المخـوفُ وعزَّهـمُ
لــهُ حجــرَةِ عـن فـاحِش الضـيم تحجُـرُ
وفــي أرضِ غســّانٍ لناشــيد حمــى ال
معـالي كمـا حـامي عـنِ الخيـسِ مخـدِرُ
لــه فــي بيـوتِ العـزّ مـن سـبَإٍ ذُرىً
بنــاهُنَّ قيــلٌ كــان يــردي ويعفِــرُ
وأرضُ حـــرازٍ ثُـــمَّ ملحــانَ فيهمــا
أغَــرٌّ أبــي عــن كــلّ مــن يتَجَبَّــرُ
وفـــي يـــزَنِ منّـــا وحَنَّــةَ ســادَةٌ
كـــرامٌ وآل البــان أنــدى وأجســَرُ
وفــــي حضــــرَموت أشـــبا مهَـــذَّبٌ
ومِنّـا الفـتى ابـنُ العوامِ فيها يعمُرُ
ومِنّــا لَــدى الأســعا أميــرٌ سـيوفُهُ
مجَـــرَّدَةٌ فيهـــا الحمــامُ المســَخَّرُ
لنــا قصــرُ غُمــدانَ المنيـفُ بنـاؤُهُ
تــرى كُــلَّ قصــرٍ دونَــهُ وهـوَ يقصـُرُ
لنـا قصـرُ زيـدان الشـهيرُ ومـا حـوَت
ظفـار الـتي فيهـا ذوو الملـك ظفّروا
لنـــا ذو الأهجــرِ الشــامِخُ الــذُرى
وبينــونَ إذا ســقفاهُ ســاجٌ وعَرعَــرُ
وصـــرواحُ أيضــاً والقشــيبُ بمــأربٍ
وســـلحينُها صـــيفان شــيدَ ومرمَــرُ
فمــا خُطَّـةٌ فـي المجـدِ إلّا وقَـد غـدَت
وحـــظُّ قـــبيلي مــن عُلاهــا يُــوَفَّرُ
ولســتُ بمُحــصٍ مــا اختبتـه معاشـري
ولــو أنّنــي عمــر النســور أُعَمَّــرُ
وأعمِلــهُ فــي وصــفِ مـا فضـلوا بـه
لأفنيتــهُ جهــراً ولــم تحــصَ أنســُرُ
ومـا كنـتَ يـابنَ القلـفِ أهـلَ إجابـةٍ
لأنّــكَ عــن قــدرِ المجــازاةِ تحقَــرُ
ولكنّــــهُ نــــذرٌ علَــــيَّ حتمتـــهُ
ومثلِــيَ أوفــى بالــذي كــان ينـذُرُ
مـدى الـدهرِ لا أنفَـكُّ أكعُـمُ كُـلَّ مَـن
تعَــــرِّضَ يهجـــو معشـــَري ويُصـــَغِّرُ
فــدونكَ ذُق غــبَّ الــذي كنـتَ صـانِعاً
ستَحصــُدُ كــفُّ المـرءِ مـا كـان يبـذُرُ
سيَكشـِفُ عـن عينَيـك شـعري دجـى العَمى
وتُصـــبِحُ مــن حــرِّ الوســومِ تحَــرَّرُ
ولــم ينــةِ ذابغــي كمثــلِ جــزائِه
وفــي البطـشِ إصـحاءٌ لمَـن هـوَ مسـكَرُ
وعنـــديَ أمثـــالٌ لهـــا لا تعِزُّنــي
وغَيــــريَ يعمـــى دونَ ذاكَ ويحصـــَرُ
محمد بن الحسن الكلاعي
العصر العباسيمحمد بن الحسن الكلاعي.ينتسب إلى قبيلة الكلاع اليمنية المشهورة.شاعر من شعراء اليمن في القرن الرابع الهجري، له علم بالأحاديث والأسانيد ورواية لكتب الأدب عن مصنفيها، والسير وأيام العرب وتوارخها، والرواية للنظم والنثر مع العلم بفقه الإمامية، له قصيدة تدعى الكلاعية أو القاصمة ناقض بها زيد بن محمد العدوي صاحب القصيدة العدوية التي رد بها على الدامغة للهمداني.له كتاب فضائل قحطان، توفي في حصن كلاع.
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025