
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نـــورُكَ الكُــلُّ وَالــوَرى أَجــزاءُ
يــا نَبِيّــاً مِــن جُنـدِهِ الأَنبِيـاءُ
رَحمَــةَ الكَــونِ كُنـتَ أَنـتَ وَلَـولا
كَ لَــدامَت فــي غَيبِهــا الأَشــياءُ
مُنتَهـى الفَضـلِ فـي العَـوالِمِ جَمعاً
فَـــوقَهُ مِـــن كَمالِــكَ الإِبتِــداءُ
لَــم تَــزَل فَــوقَ كُـلِّ فَـوقٍ مُجِـدّاً
بِــالتَرَقّي مــا لِلتَّرَقّــي اِنتِهـاءُ
جُــزتَ قَــدراً فَمــا أَمامَــكَ خَلـقٌ
فَوقَـــكَ اللَـــهُ وَالبَرايــا وَراءُ
خَيـــر أَرضٍ ثَـــوَيتَ فَهــيَ ســَماءٌ
بِــكَ طــالَت مــا طاوَلَتهـا سـَماءُ
يــا رَعـى اللَـهُ طَيبَـةً مِـن رِيـاضٍ
طـابَ فيهـا الهَـوى وَطـابَ الهَـواءُ
شــاقَني فــي رُبوعِهــا خَيــرُ حَـيٍّ
حَـــــلَّ لا زَينَــــبٌ وَلا أَســــماءُ
وَعَـــدَتني نَفســي الــدُنُوَّ وَلَكِــن
أَيــنَ مِنّــي وَأَيـنَ مِنهـا الوَفـاءُ
غادَرَتهــا الـذُنوبُ عَرجـاء وَالقَـف
رُ بَعيـــدٌ مــا تَصــنَعُ العَرجــاءُ
وَبِحـــارٌ مـــا بَينَنـــا وَقِفــارٌ
ثُـــمَّ صـــَحراء بَعـــدَها صــَحراءُ
فَمَـــتى أَقطَـــعُ البِحــارَ بِفُلــكٍ
ذي بُخـــــارٍ كَــــأَنَّهُ هَوجــــاءُ
وَمَـــتى أَقطَـــعُ القِفــارَ بِبَحــرٍ
مِــن ســَرابٍ تَخــوضُ بــي وَجنــاءُ
فــي رِفــاقٍ مِــنَ المُحِبّيــنَ كُــلٌّ
فَـــوقَهُ مِـــن غَرامِـــهِ ســـيماءُ
جَســــَدٌ ناحِـــلٌ وَطَـــرفٌ قَريـــح
ظَـــلَّ يَهمـــي وَهامَـــةٌ شـــَعثاءُ
أَضـــرَمَ الوَجــدُ نــارَهُ بِحَشــاهُم
وَلِثِقــلِ الغَــرامِ نـاحوا وَنـاؤُوا
شــَرِبوا دَمعَهُــم فَــزادوا أُوامـاً
مــــا بِــــدَمعٍ لِعاشــــِقِ إِرواءُ
لا تَســَل وَصــفَ حُبِّهِــم فَهــوَ ســِرٌّ
بِســوى الــذَوقِ مــا لَــهُ إِفشـاءُ
ســــاقَهُم لِلحِجــــازِ أَيُّ حنيـــنٍ
ضـــَمَّهُ مِـــن ضـــُلوعِهِم أَحنـــاءُ
أُحُـــدٌ شـــاقَهُم وَأَكنـــافُ ســَلعٍ
لا رَوابـــي نَجـــدٍ وَلا الـــدَهناءُ
نَســـَمات القَبــول هَبَّــت عَلَيهِــم
رَنَّحَتهُـــــم كَأَنَّهــــا صــــَهباءُ
هِــيَ كــانَت أَرواحُهُــم وَبِهـا كـا
نَ لَهُـــم بَعـــدَ مَــوتِهِم إِحيــاءُ
قُبــضَ القَبــضُ مِنهُــم بُسـِطَ البَـس
طُ لَهُـــم حيــنَ بــادَتِ البَيــداءُ
بِاِنتِشـــاقِ النَســيمِ كُــلٌّ عَــراهُ
حيــنَ جـازَت أَرضَ الحَـبيبِ اِنتِشـاءُ
لا بِبِنـتِ الكُـرومِ هـاموا وَلَـم يَـع
بَـــث بِهِـــم أَهيَـــفٌ وَلا هَيفــاءُ
إِنَّمـــا اللَّــهُ وَالنَبِــيّ هَــواهُم
وَجَميـــعُ الأَكـــوانِ بَعــدُ هَبــاءُ
شـاهَدوا النـورَ مِـن بَعيـدٍ قَريبـاً
ســـاطِعاً أَشــرَقَت بِــهِ الخَضــراءُ
مِنــهُ بَــرقٌ لَهُــم أَضــاءَ وَمِنهُـم
كُــــلُّ عَيــــنٍ ســـَحابَةٌ ســـَحّاءُ
لَيتَنـــي مِنهُـــم وَمــاذا بِليــتٍ
مــا بِلَيــتٍ ســِوى العَنـاءِ غَنـاءُ
قَرَّبَتهُــــم أَحِبَّــــةٌ أَبعَــــدوني
بِـــذُنوبٍ تَنــأى بِهــا الأَقرِبــاءُ
عَينـيَ اِبكـي مَهمـا اِسـتَطَعتِ وَماذا
لَـو أَدَمـتُ البُكـاءَ يُغنـي البُكـاءُ
لَـو بَكَيـتُ العَقيـقَ بِالسـَفحِ ما كا
نَ لِوَجــدي غَيــرَ اللِقــاءِ شــِفاءُ
لَـــو أَرادوا لَواصـــَلوني وَلَكِــن
أَحسـَنوا فـي قَطيعَـتي مـا أَسـاؤوا
لَســــتُ أَهلاً لِوَصــــلِهِم فَظَلامـــي
حـــائِلٌ أَن يَحُـــلَّ مِنهُــم ضــِياءُ
هَجَرونـــي وَلَســـتُ أُنكِـــرُ أَنّــي
لَـــم أَزَل مُــذنِباً وَكُلّــي خَطــاءُ
غَيــرَ أَنّـي اِلتَجَـأتُ قِـدماً إِلَيهِـم
وَعَزيــزٌ عَلــى الكِــرامِ اِلتِجــاءُ
وَرَجَـــوتُ النَــوالَ مِنهُــم وَظَنّــي
بَــل يَقينــي أَن لا يَخيـبَ الرَجـاءُ
إِن أَكُــن مُــذنِباً فَهُـم أَهـلُ عَفـوٍ
وَعَلــى الكَـونِ إِن رَضـوني العَفـاءُ
أَو أَكُــن أَكــدَرَ المُحِبّيــنَ قَلبـاً
فَلِمِثلــي مِنهُــم يَكــونُ الصــَفاءُ
أَو يَكُــن فــي الفُـؤادِ داءٌ قَـديمٌ
فَلَــــــدَيهِم لِكُــــــلِّ داءٍ دَواءُ
أَو أَكُـــن فاقِـــداً فِعــالَ مُحِــبٍّ
فَلِقَلــبي عَلــى الــوِدادِ اِحتِـواءُ
أَو يَرَونـي أَفلَسـتُ مِـن عَمَـلِ الـبر
رِ فَمِنهُــم نــالَ الغِنـى الأَغنِيـاءُ
أَو أَكُـــن مُثرِيــاً وَلَســتُ بِهَــذا
فَمَــعَ الهَجــرِ مـا يُفيـدُ الثَـراءُ
أَو أَكُــن نــازِحَ الــدِيارِ فَمِنهُـم
لَحَظـــاتٌ تَــدنو بِهــا البُعَــداءُ
لَيـتَ شـِعري كَيـفَ الوُصـولُ إِلـى طي
بَـــةَ وَهــيَ الحَبيبَــةُ العَــذراءُ
فَتُـــداوي ســـَوداءَ قَلـــبٍ مُحِــبٍّ
أَثَّـــرت فيــهِ عَينُهــا الزَرقــاءُ
حَبَّـذا العيـدُ يَـومَ يَبـدو المُصـَلّى
وَالنَقـــا وَالمَناخَـــةُ الفَيحــاءُ
يَنحَنـي المُنحَنـى هُنـاكَ عَلـى الصَب
بِ حُنُــــوّاً وَتَعطِــــفُ الـــزَوراءُ
وَلَــهُ تَضــحَكُ الثَنايــا إِذا مــا
ثــارَ مِــن شـِدَّةِ السـُرورِ البُكـاءُ
حَــيِّ يــا بَــرقُ بِالحِجـازِ عُرَيبـاً
مِـــن نَـــداهُم لِكُــلِّ روحٍ غِــذاءُ
حَــيِّ يــا بَــرقُ بِالمَدينَــةِ حَيّـاً
لِعُلاهُـــم قَـــد دانَـــتِ الأَحيــاءُ
مِنهُــمُ الغادِيــاتُ نــالَت حَياهـا
وَاِســــتَمَدَّت حَياتَهـــا الأَحيـــاءُ
حَــيِّ عَنّــي عُربــاً بِطَيبَـةَ طـابوا
طــابَ فيهِـم شـِعري وَطـابَ الثَنـاءُ
حَـيِّ عُربـاً هُـم سـادَةُ الخَلـقِ طُـرّاً
لَهُـــمُ النـــاسُ أَعبُـــدٌ وَإِمــاءُ
خَيَّمــوا ثــمَّ فــي رِيــاضِ جِنــانٍ
حَســـَدَتها الخَضـــراءُ وَالغَــبراءُ
حَــيِّ عَنّــي ســَلعاً وَحَـيِّ العَـوالي
حَبَّــــذا حَبَّــــذا هُنـــاكَ العَلاءُ
حَــيِّ عَنّــي العَقيــقَ حَــيِّ قُبــاء
أَيــنَ مِنّــي العَقيــقُ أَيـنَ قُبـاءُ
حَـيِّ عَنّـي البَقيـعَ وَالسـَفحَ وَالمَـس
جِــدَ حَيــثُ الأَنـوارُ حَيـثُ البَهـاءُ
حَيــثُ روحُ الأَرواحِ حَيــثُ جِنـانُ ال
خُلــدِ حَيــثُ النَعيــمُ وَالنَعمــاءُ
حَيـثُ بَحـرُ اللَـهِ المُحيـطُ بِكُـلِّ ال
فضـــلِ كُــلُّ الــوُرّادِ مِنــهُ رِواءُ
حَيـثُ رَبـعُ الحَـبيبِ يَعلـوهُ مِـن نو
رٍ قِبــــابٌ أَقَلُّهــــا الخَضـــراءُ
حَيــثُ يَثــوي مُحَمَّــدٌ ســَيِّدُ الخَـل
قِ وَفـــي بــابِهِ الــوَرى فُقَــراءُ
يَقســِمُ الجــودَ بَينَهُـم وَمِـنَ الـلَ
هِ أَتــاهُم عَلــى يَــدَيهِ العَطــاءُ
وَهـوَ سـارٍ بَيـنَ العَـوالِمِ لَـم تَـح
صـــُرهُ مِـــن رَوضِ قَــبرِهِ أَرجــاءُ
فَلَــدَيهِ فَــوقَ الســَماءِ وَتَحـتَ ال
أَرضِ وَالعَـــرشُ وَالحَضـــيضُ ســَواءُ
هُـــوَ حَـــيٌّ فــي قَــبرِهِ بِحَيــاةٍ
كُـــلُّ حَــيٍّ مِنهــا لَــهُ اِســتِملاءُ
مَلَأَ الكَـــونَ روحُـــهُ وَهــوَ نــورٌ
وَبِــــهِ لِلجِنــــانِ بَعـــدُ اِمتِلاءُ
هُـــوَ أَصـــلٌ لِلمُرســـَلينَ أَصــيلٌ
هُـــم فُـــروعٌ لَـــه وَهُـــم وُكَلاءُ
يَـــدَّعي هَـــذِهِ الرِســـالَةَ حَقّــاً
وَعَلَيهــــا جَميعُهُــــم شــــُهَداءُ
قُــدوَةُ العــالَمينَ فــي كُـلِّ هَـديٍ
لِهُـــداةِ الــوَرى بِــهِ التَأســاءُ
شــَرعُهُ البَحــرُ والشــَرائِعُ تَجـري
مِنـــهُ إِمّـــا جَــداوِلٌ أَو قِنــاءُ
بَهَـرَ النـاسَ مِنـهُ خَلـقٌ فَمـا الشَم
سُ وَخُلــقٌ مــا الرَوضــَةُ الغَنّــاءُ
بَحـرُ حِلـمٍ لَـو قَطـرَةٌ مِنهُ فَوقَ الن
نــارِ ســالَت لَـزالَ مِنهـا الصـلاءُ
وَلَــو الرُحــمُ حيــنَ يَغضــَبُ لِــلَ
هِ عَــــداهُ لَــــذابَتِ الأَشــــياءُ
أَعقَــلُ العــاقِلينَ فــي كُـلِّ عَصـرٍ
عُقِلَــــت عَــــن لحـــاقِهِ العُقَلاءُ
عَقلُــهُ الشــَمسُ وَالعُقــولُ جَميعـاً
كَخُيــوطٍ مِنهــا حَواهــا الفَضــاءُ
أَعلَـــمُ العــالَمينَ أَعــذَبُ بَحــرٍ
لِســِوى اللَّــهِ مِـن نَـداهُ اِسـتِقاءُ
فَلِأَهــلِ العُلــومِ مِنــهُ اِرتِشــافا
تٌ وَلِلأَنبِيــــاءِ مِنـــهُ اِرتِـــواءُ
أَعـدَلُ الخَلـقِ مـا لَهُ في اِتِّباعِ ال
حَـــقِّ فـــي كُـــلِّ أُمَّـــةٍ عُــدَلاءُ
أَعــرَفُ الكُــلِّ بِــالحُقوقِ وَلا تَــث
نيــهِ عنهــا الأَهــوالُ وَالأَهــواءُ
مَصــدَرُ المَكرُمــاتِ مَورِدَهـا العَـذ
بُ كِـــرامُ الـــوَرى بِــهِ كُرَمــاءُ
أَفــرَغَ اللَــهُ فيـهِ كُـلَّ العَطايـا
وَالبَرايــا مِنــهُ لَهــا اِسـتِعطاءُ
صــَفوَةُ الخَلــقِ أَصــلُ كُــلِّ صـَفاءٍ
نــــالَهُ الأَتقِيـــاءُ وَالأَصـــفِياءُ
كَــم لَـهُ فـي أَماثِـلِ الـدَهرِ شـِبهٌ
إِن تَكُــن تُشــبِهُ البِحــارَ الإِضـاءُ
أَفضــَلُ الفاضــِلينَ مِــن كُـلِّ جِنـسٍ
وَاِتــرُك اِلّا فَمــا هُنــا اِسـتِثناءُ
إِنَّمـا مـا حَـوى الزَمـانُ مِـنَ الفَض
لِ وَمـــا حـــازَهُ بِـــهِ الفُضــَلاءُ
كُلُّــهُ عَنــهُ فــاضَ مِـن غَيـرِ نَقـصٍ
مِثلَمــا فــاضَ عَـن ذكـاءَ الضـِياءُ
كُــلُّ فَضـلٍ فـي النـاسِ فَـردُ أُلـوفٍ
نالَهـــا مِــن هِبــاتِهِ الأَولِيــاءُ
وَنِهايــــاتُهُم قُبَيــــلَ بِـــدايا
تٍ عَلاهــا فَــوقَ الــوَرى الأَنبِيـاءُ
وَلَــدى الأَنبِيـاء مِـن فَضـلِهِ الجُـز
ءُ وَلَكِــــن لا تُحصــــَرُ الأَجـــزاءُ
وَهـــوَ وَالرُســلُ وَالمَلائِكُ وَالخَــل
قُ جَميعــــاً لِرَبِّهِــــم فُقَــــراءُ
هُــوَ بَعــدَ اللَــهِ العَظيـمِ عَظيـمٌ
دونَ أَدنـــى مَقـــامِهِ العُظَمـــاءُ
هُــوَ أَدنــى عَبيــدِ مَــولاهُ مِنــهُ
مــا لِعَبــدٍ لَــم يُــدنِهِ إِدنــاءُ
مَــن أَرادَ الــدُخولَ لِلَّـهِ مِـن بـا
بٍ ســــِواهُ جَــــزاؤُهُ الإِقصــــاءُ
يَرجِـعُ الحُـبُّ مِنـهُ فيـهِ إِلـى الـلَ
هِ تَعـــالى وَمِنـــهُ فيـــهِ القَلاءُ
مَــن يُحِــبُّ الحَــبيبَ فَهــوَ حَـبيبٌ
وَعُـــداةُ الحَـــبيبِ هُــم أَعــداءُ
قُــل لِمَــن يَسـأَلُ الحَقيقَـةَ لا يَـن
فَــكّ مِنــهُ عَــن أَحمَــدَ اِسـتِفتاءُ
هِــيَ ســِرٌّ بِعِلمِــهِ اِســتَأثَرَ الـلَ
هُ وَحـــارَت فـــي شــَأنِها العُقَلاءُ
قَــد عَلِمنــاهُ عَبــدَ مَــولاهُ حَقّـاً
لَيــــسَ لِلَّـــهِ وَحـــدَهُ شـــُرَكاءُ
ثُــمَّ لَسـنا نَـدري حَقيقَـةَ هَـذا ال
عَبــدِ لَكِــن مِــن نــورِهِ الأَشـياءُ
صــِفهُ وَاِمــدَح وَزَكِّ وَاِشـرَح وَبـالِغ
وَليُعنـــكَ المَصـــاقعُ البُلَغـــاءُ
فَمُحـــالٌ بُلوغُـــكَ الحَــدَّ مَهمــا
قُلــتَ أَو شــِئتَ مِـن غُلُـوٍّ وَشـاؤوا
لَــو رَقــى العــالمونَ كُـلَّ ثَنـاءٍ
فيــهِ مَهمــا عَلا وَعــالَ الثَنــاءُ
لَـــدَعاهُم إِلـــى الأَمــامِ مَعــانٍ
عَرَّفَتهُـــــم أَنَّ الجَميـــــعَ وَراءُ
قَـد تَسـاوى بِمَـدحِهِ الغايَـة القُـص
وى قُصـــوراً وَالبَـــدءُ وَالأَثنــاءُ
أَيُّ لَفـــظٍ يَكــونُ كُفــؤاً لِمَعنــا
هُ وَفــي الخَلــقِ مــا لَـهُ أَكفـاءُ
هـــو واللَــه فــوق كــلّ مديــحٍ
أَنشـــَدتهُ الـــرواةُ والشـــعراءُ
كـــلُّ مَــدحٍ لــه وللنــاس طــرّاً
كــان فيــه مــن مــادحٍ إطــراءُ
هـوَ منـهُ مثـل النـدى سـيقَ لِلبـح
ر وأيــــنَ البحـــارُ والأنـــداءُ
ليـس يـدري قـدر الحـبيب سوى اللَ
هِ فَمــــاذا تقـــولهُ الفصـــحاءُ
غـالِ مَهما اِستطعتَ في النظمِ والنث
رِ وأيــــنَ الغلـــوُّ والغلـــواءُ
مــا بِتطويـلِ مـدحهِ ينتهـي الفـض
لُ فَقصــّر أو قــل بــهِ مـا تشـاءُ
عظَّــم اللَّــه فضــلهُ عظّــمَ الخـل
قَ ومنـــــــهُ بعَمـــــــرهِ إيلاءُ
فَمديــحُ الأنــامِ مِــن بعــدِ هـذا
خَـــبرٌ صـــحّ مُنتهـــاه اِبتــداءُ
خَيــرُ وَصــفٍ لــه العبــودة لــلَ
هِ فَمــــا فوقهــــا بمـــدحٍ علاءُ
وَتأمّــل ســُبحان مَــن منـه فضـلاً
كــــانَ ليلاً بعبــــدهِ الإســـراءُ
هــوَ نـورُ الأنـوارِ أصـلُ البرايـا
حيـــــــنَ لا آدمٌ ولا حـــــــوّاءُ
هــوَ فــردٌ بــاللَّه والكــلّ منـه
ليــس ثــانٍ هنــا وليــس ثنــاءُ
منــهُ عــرشٌ ومنــه فــرشٌ ومنــه
قلــــمٌ كـــاتبٌ ولـــوحٌ ومـــاءُ
منــهُ كــلّ الأفلاكِ كــانت ومـا دا
رَت بــــهِ والـــذواتُ والأســـماءُ
منـهُ نـورُ النجـومِ والشـمسِ والبد
رِ وَمثـــلُ البصـــائرِ البُصـــراءُ
فَهــو للكــلِّ والِــدٌ وَأبـو الخَـل
قِ جَميعـــاً وهـــم لـــه أبنــاءُ
رَحمـــةُ العــالمينَ كــلٌّ نصــيباً
نـــالَ لَكـــن تفــاوتَ الأنصــباءُ
فــازَ مِنهـا الـروحُ الأميـن بسـهمٍ
قَــد أصــابَ الأمـانَ وهـو الثنـاءُ
وَبـــهِ آدمٌ جنــى العفــوَ حلــواً
فهــو جــانٍ قــد جـاءه الإجتبـاءِ
وبـــهِ النــارُ للخليــلِ جِنانــاً
قَـــد أُحيلـــت وعكســهُ الأعــداءُ
خيــرةُ اللَّــه مُنتقــى كــلّ خلـق
وَلكـــلٍّ مـــنَ الأصـــولِ اِنتقــاءُ
خـــارهُ واِصـــطفاهُ فهــو خيــارٌ
مِــن خيــارٍ ومــن صــفاءٍ صــفاءُ
حــلَّ نــوراً بـآدَمٍ فاِسـتَنارَ الـص
صـــلبُ منــه والجبهــة الغــرّاءُ
وَســَرى فـي الجـدودِ كـالروح سـرّاً
صـــــانهُ الأمّهــــات والآبــــاءُ
هــو كنــزُ الرحمـنِ فـي كـلّ عصـرٍ
هُـــم جميعــاً أرصــادهُ الأمنــاءُ
كنــزُ درّ قــد فــاقَ فهــو يـتيمٌ
وعليــــهِ جميعهُــــم أوصــــياءُ
قَـــد تحـــرّى كَرائمــاً وكرامــاً
مـا اِبتغـى قـطّ فـي حمـاهُم بغـاءُ
بِصــــحيحِ النكـــاحِ دون ســـفاحٍ
فهــوَ نعـم النكـاحُ نعـمَ الرفـاءُ
حــلَّ شــَيثاً إدريـس نوحـاً وإبـرا
هيــمَ نــوراً ومَـن أَتـاهُ الفـداءُ
ثــــمَّ عـــدنان نـــاله ومعـــدٌّ
وَنـــــزارٌ وهكـــــذا نجبــــاءُ
مُضـَرُ الخيـرِ واِبنـه اِليـاسُ والمُد
ركُ مِــن كــلّ رفعــةٍ مــا يشــاءُ
وخزيــمٌ كنانــةُ النضــرُ والمــا
لـــكُ فهـــرٌ وغـــالبٌ واللــواءُ
ثـــــمَّ كعـــــبٌ ومـــــرّةٌ وكلابٌ
وقصـــــيٌّ وكلُّهـــــم كرمـــــاءُ
ثــمَّ بــدرُ البطحــاءِ عبـدُ منـافٍ
هاشــمٌ شــيبةُ الفــتى المعطــاءُ
وَأَبــو المُصـطفى الحلاحـلُ عبـد ال
لَـــــهِ والكــــلّ ســــادةٌ نبلاءُ
هَكَـــذا المجــدُ وَالمفــاخرُ وَالأن
ســـابُ تَعلــو وَهكــذا النســباءُ
هَكَــذا المجـدُ والجـدودُ فنـادِ ال
خلـــقَ أيــنَ الأشــباه والأكفــاءُ
كــلُّ فَــردٍ منهـم فريـدٌ ولـم يُـن
ظَـــر لــهُ فــي زمــانه نظــراءُ
وَلــــهُ الأمّهـــات كـــلُّ حَصـــانٍ
تَتبــــاهى بِمجــــدِها الأحمـــاءُ
حبَّــــذا أمّهـــاتُ خيـــر نـــبيٍّ
شـــرّفَ الكـــون حبّـــذا الآبــاءُ
لَـم يَـزل سـارياً سُرى الشمسِ والده
رُ مــــنَ الشــــركِ ليلـــةٌ ليلاءُ
مِــن ســَماءٍ إلــى ســماءٍ وأعنـي
كـــلَّ أصــلٍ لــه بقــولي ســماءُ
لَــم يَــزَل سـارياً إلـى أَن تجلّـت
شـــمسُ أنــوارهِ وفــاض الضــياءُ
وَهــبَ اللَّــه بنــتَ وهـبٍ بـه كـل
لَ هنـــاءٍ وزالَ عَنهـــا العنــاءُ
كَــم رَأت آيــةً لــه وهــيَ حُبلـى
وَبمَـــولى كـــلِّ الــورى نفســاءُ
جاءَهـا الطلقُ وهيَ في الدارِ من دو
نِ أنيـــسٍ وقَــد نــأى الأقربــاءُ
فَأتَتهــا قوابــلٌ مــن جنــانِ ال
خلــدِ منهــا العـذراء والحـوراءُ
وَتَـــدلّت زهــرُ النجــومِ إليهــا
كَالمصــابيحِ ضــاءَ منهـا الفضـاءُ
حَمَلتـــه هَونـــاً وقـــد وضــعتهُ
أَنظــفَ النــاسِ مــا بــه أقـذاءُ
وَلَـــدتهُ كالشــمسِ أشــرقَ مســرو
راً وتمّــــت بختنــــه الســـرّاءُ
أَبصـــَرَت نـــورهُ أنــارَ بِبُصــرى
فَرَأتهــــا كأنّهــــا البطحـــاءُ
وَلَقــــد هــــزّت الملائكُ مَهـــداً
كــانَ مِــن فــوقهِ لــه اِسـتلقاءُ
حـادثَ البـدرَ وهـو كـان له في ال
مهـدِ كـالظئرِ طـابَ منهـا الغنـاءُ
خَــــــدَمتهُ عـــــوالمُ الملأ الأع
لـــى وهــل بعــد ذا لعبــدٍ علاءُ
وَاِستَفاضــت أخبـارهُ فـي البرايـا
فَحَكاهــــــا الملّاح والحـــــدّاءُ
غيــرَ أنّ القلــوبَ فيهــا عيــونٌ
بَعضـــها عـــن رشـــدِها عميــاءُ
ليــسَ لــي حيلــةٌ بتعريـفِ أعمـى
كنــهَ شــيءٍ خصــّت بــه البصـراءُ
وَإِذا مـــا هَــدى الإلــهُ بَهيمــاً
كــانَ مِــن دونِ فهمــه الأذكيــاءُ
أَحجـمَ الفيـلُ عَـن حِمـى اللّـه لمّا
قَصـــَدَت هـــدمَ بيتــه الأشــقياءُ
وَبطيـــرٍ جـــاءت لنصـــرةِ طـــهَ
وَهـو حمـلٌ بـادوا وبالخسـرِ باؤوا
وَبميلادهِ لقــــد فــــاض نــــورٌ
ضـــاقَ عَـــن وســعهِ الملا والخلاءُ
فــاضَ طوفــانهُ فغاضــَت ميـاهُ ال
فـــرسِ وَالنــارُ عمّهــا الإطفــاءُ
شــُرفات الإيــوانِ إيــوان كســرى
منــهُ خــرّت واِنشـقّ هـذا البنـاءُ
وَرَأى الموبَـــذانُ رُؤيــا حكاهــا
هــيَ حــقٌّ وليــس فيهــا اِمـتراءُ
هَجَــمَ العُــربُ بـالعرابِ ولـم يـم
نَــع هُجومـاً مـن نهـرِ دجلـة مـاءُ
وبميلادهِ تنكّســــــــــــــتِ الأص
نـــامُ جُنّـــت أم مســّها إغمــاءُ
حـلّ فيهـا داءُ الـرَدى فأسـاءَ الش
شـــركَ داءٌ أودَت بـــه الشــركاءُ
جــاءَ كالــدرّةِ اليتيمــةِ فــرداً
تيّـــمَ الكـــونَ حســنهُ الوضــّاءُ
فَـأَبتهُ كـلُّ المراضـعِ لليتـمِ وقـد
ذلَّ فــــي الــــوَرى اليتمــــاءُ
أَرضـــَعته فتـــاةُ ســعدٍ فَفــازت
برضـــيعٍ مـــا مثلـــه رضـــعاءُ
أَرضــَعته وَالعيــشُ أغــبر فاِخضـر
رَ وَبئس المعيشـــــة الغــــبراءُ
رَكِبــت فــي المجيــء شــرَّ أتـانٍ
ســــَبَقتها لضـــعفها الرفقـــاءُ
ثـمَّ عـادَت تعـدو علَيهـا فلـم تـد
رِ أتــــانٌ أم ســــابقٌ عــــدّاءُ
وَشـــياهٌ لَهـــا بمحـــلٍ شـــديدٍ
مــصَّ مــاء الـثرى أتـاه الـثراءُ
أَقبَلــت لُبّنــاً شــباعاً وأهـل ال
حــيِّ مَــع شــائِهم جيــاعٌ ظمــاءُ
بَركـــاتٌ أرخَـــت عليهــا رخــاءً
فــي زمــانٍ غــالَ الجميـع الغلاءُ
شــقَّ منــهُ جبريــلُ أفـديهِ صـدراً
قَــد وَعــى العـالمينَ منـه وعـاءُ
وَحَشـــــاه بِحكمــــةٍ وبإيمــــا
نٍ وتـــمَّ الختــام تــمّ الوكــاءُ
هــوَ بحــرٌ ولســتُ أدري وقـد شـق
قَ لِمـــاذا لَــم تغــرقِ الأرجــاءُ
هــوُ بحـرُ التوحيـدِ فـاضَ وكـلّ ال
أرض بالشــــرك بقعـــةٌ جـــدباءُ
فَأَتاهــا مِــن فيضـهِ الخصـب حتّـى
حَيِيَـــت بعـــد مَوتهــا الأحيــاءُ
مــاتَت أمُّ النــبيِّ وهـو ابـن سـتٍّ
وَأبـــــوه وبيتــــهُ الأحشــــاءُ
ثــمَّ أَحياهُمــا القــديرُ فحــازا
شـــرفَ الـــدين حبّــذا الإحيــاءُ
وَهُمــا ناجيــانِ مــن غيــر شــكٍّ
فَــــترةٌ أو حيـــاةٌ أو حنفـــاءُ
رضــيَ اللَّــه عنهُمـا وكـرام الـن
نـــاس منّــا ولتســخطِ اللؤمــاءُ
لَيــسَ يرتــابُ فــي نَجاتهمــا إل
لا رَقيــعٌ فــي الــدين أو رقعـاءُ
كيــفَ تُرجـى النجـاةُ للنـاس ممّـن
مــا أتــى والـديه منـه النجـاءُ
كَــم أَتانــا بــأمرِ بِــرٍّ ونهــيٍ
عَــن عقـوقٍ وهـو الفـتى المئتـاءُ
وَمحــالٌ تكليفــهُ النــاس خيــراً
هــوَ منــهُ حاشــا وحاشــا بـراءُ
أَيَــرون الــدعاءَ مــا كـان منـهُ
لَهُمــا أو دعــا وخــاب الــدعاءُ
بَـل دَعـا اللَّـه واِسـتجاب لـه اللَ
هُ فحيّــا تلــكَ القبــور الحيـاءُ
خصـــّهُ اللَّـــه بــالنبوّة قــدماً
وَســـِوى نـــورهِ الكريــم فنــاءُ
كــلُّ خلــقِ الرحمــنِ أمّتـهُ النـا
سُ رَعايـــــا والأنبيـــــا وزراءُ
هـــوَ ســـُلطانهم وكـــلٌّ أميـــرٌ
غيـــرُ بــدعٍ أن تســبق الأمــراءُ
بَشــَّروا أَحســنوا البشــائرَ لكـن
جــاءَ قــومٌ مـن بعـدهم فأسـاؤوا
بعضــــُهم صـــرّح الكلامَ كعيســـى
وَكلامُ الكليـــم فيـــه اِكتفـــاءُ
وَبســـفرِ الزبــورِ أقــوى دليــلٍ
وَأشـــاعَ البُشـــرى بــه شــعياءُ
وَأَتــت عَــن ســواهم كــلّ بشــرى
عطّــر الكـونَ مـن شـَذاها الـذكاءُ
أَظهَـــــروه وبيّنــــوهُ ولكــــن
كَتمتـــــهُ معاشـــــرٌ ســــخفاءُ
سـَتروا الحـقّ حرّفـوا اللفظَ والمع
نــى وَكــم ذا بــدت لهـم عـوراءُ
جَعلـــوه مـــا بينَهـــم أيّ ســرٍّ
وإِلــى الحشــرِ مــا لــه إفشـاءُ
وَبرغــمٍ مِنهــم فشــا وبأهــل ال
علــمِ مِــن قَومنــا لهــم إبـداءُ
وَبِكـــلِّ الأعصـــارِ أظهــره الــلَ
ه بِقـــومٍ منهــم هــم النبهــاءُ
نِعــمَ بحـرُ العلـومِ منهـم بَحيـراً
وَنصــــيرُ الإيمــــانِ نســـطوراءُ
نعــمَ حَــبرٌ قـد أسـلمَ اِبـن سـلامٍ
حيـــنَ جــاءَت ببهتــهِ الســفهاءُ
وَلَنِعــم الحــبرُ الكريــم مخيـري
قٌ شـــهيدُ المعـــارك المعطـــاءُ
وَعـــنِ الجـــنِّ كــم بشــائر للإن
سِ رَواهـــا الكهّـــان والعلمــاءُ
وَبشـــهبٍ حمــراء أشــرقتِ الغــب
راءُ لمّــــا رمتهـــمُ الخضـــراءُ
وَبإلهـــــامِ يقظــــةٍ ومنــــامٍ
دَرتِ الأرضُ مـــا درتـــه الســماءُ
قبلـــهُ عمّــتِ البرايــا جَهــالا
تٌ وضـــلّ المَـــرؤوسُ والرؤســـاءُ
لا حــــــــــــرامٌ ولا حلالٌ ولا دي
نٌ صــــحيحٌ ولا هـــدىً واِهتـــداءُ
كــانَ فــي النــاسِ ملّتــان وكـلٌّ
مِنهُمـــا مثـــل أختهــا عوجــاءُ
أَهـــلُ أصـــنامِهم وأهــل كتــابٍ
شـــَيخُهم فـــي دروســهِ الغــوّاءُ
بَــــــدّلوهُ وحرّفــــــوه وزادوا
فيــهِ مـا شـاء مـن ضـلالٍ وشـاؤوا
فَهُــم يَخبطــونَ فيــه وهــل تــب
صـــرُ رُشــداً بخبطهــا العشــواءُ
بَينَمـا الكفـرُ هكـذا أحـرقَ الخـل
قَ لظــــاهُ واِشـــتدّت الظلمـــاءُ
وَاِشـــتَكت كعبــةُ الإلــه أذاهــم
وَاِســتَغاثَت مِــن شــركهم إيليـاءُ
أَطلــعَ اللَّـه شـمسَ أحمـدَ فـي الأر
ضِ فَعمّــــت أقطارهـــا الأضـــواءُ
قَــد أَتـى المُصـطفى نبيّـاً رسـولاً
طِبــقَ مــا بشــّرت بــه الأنبيـاءُ
لِجميـــعِ الأنـــامِ أرســله الــلَ
هُ خِتامــاً للرســل وهــو اِبتـداءُ
أَطلــعَ اللَّــهُ شمســه فاِســتنارَت
قبـــلَ كـــلِّ الأمــاكنِ البطحــاءُ
مَلأ العـــالمينَ نـــوراً ولـــولا
نــورهُ لاِســتحالَ فيهــا الضــياءُ
وَقلـــوبُ العتــاةِ فيهــا عيــونٌ
طَمَســـتها مِـــن شــركهم أقــذاءُ
إِنّمـــا هَـــذه القلــوبُ مرايــا
فَوقَهـا مِـن ظلالٍ لكـلِّ مـرأى مـراءُ
كلَّمـــا جـــاءَهم بآيـــةِ صـــدقٍ
كَــذّبوه فيهــا وبالإفــك جــاؤوا
جـــاءَهم هادِيـــاً بأفصــحِ قــولٍ
عَجـــزت عـــن أقلّـــهِ الفصــحاءُ
طـــالَ تَقريعُهــم بــهِ والتحــدّي
أَيــنَ أيــنَ المصــاقعُ البلغــاءُ
وَهــمُ القـومُ أفصـحُ النـاس طبعـاً
شـــُعراءٌ بيـــنَ الــورى خطبــاءُ
عَــدَلوا عنــهُ للشــتائمِ والحــر
بِ اِفـــتراقٌ جـــوابهم واِفــتراءُ
أَتُراهــم لــو اِســتطاعوا نَظيـراً
راقَهـــم عنــهُ أن تــراق دمــاءُ
فيـــهِ إعجــازُهم وفيــه هــداهُم
فَهــو ســُقمٌ لهــم وفيــه شــفاءُ
فيـــهِ إِخبــارُهم وفيــهِ هُــداهم
فَهــو ســُقمٌ لهــم وفيــه شــفاءُ
فيـهِ إخبـارُهم بِمـا كـان في الده
رِ وَيــــأتي تســــاوَتِ الآنــــاءُ
وَالنـــبيُّ الأمّـــيُّ قـــد علمــوهُ
مـــا لــهُ فــي كمــالِه قرنــاءُ
أَصــدقُ النــاسِ لهجــةً مـا أتـاه
قـــطّ مــن قــومه بكــذبٍ هجــاءُ
لقّبــوهُ الأميــنَ مــن قبــل هـذا
وقليـــلٌ بيــن الــورى الأمنــاءُ
لا كِتــــابٌ ولا حســــابٌ ولا غـــر
بَـــةَ طـــالت ولا لــه اِســتخفاءُ
بِكتـــابٍ مـــنَ المليــكِ أَتــاهم
كــــلُّ لفـــظٍ بصـــدقه طغـــراءُ
حجّــةُ اللَّــهِ فــوقَ كـلّ البرايـا
فيـــهِ عـــن كــلّ حجّــةٍ إغنــاءُ
كــلُّ علــمٍ فــي العـالمين فمنـهُ
عنــهُ فيــه لــهُ عليــهِ اِرتقـاءُ
غَلـــبَ الكــلّ بــالبراهينِ لكــن
بَعضـــُهم غــالبٌ عليــه الشــقاءُ
حـــارَبَ العُــرب وَالأعــاجمَ منــه
بِســــلاحٍ لـــه الســـلاح فـــداءُ
كـــلُّ حــرفٍ ســيفٌ ورمــحٌ وســهمٌ
وَمِجـــــنٌّ ونـــــثرةٌ حصـــــداءُ
لَيـسَ يهـدي القـرآنُ مِنهـم قلوبـاً
مــا أَتاهــا مِـن ربّهـا الإهتـداءُ
لا يُطيــقُ الإفصــاحَ بــالحقِّ عبــدٌ
روحــــهُ مِـــن ضـــلالهِ خرســـاءُ
إِنّ قُرآنـــه الكريـــم لكـــلّ ال
كتــبِ مِــن فيــضِ فضـله اِسـتجداءُ
كــلُّ فــردٍ قَـد حـازَ أقسـام فضـلٍ
دونَ فشـــلٍ وقـــد يكــون وطــاءُ
جمـــعَ الكـــلَّ وحـــدهُ فلـــديهِ
لِجميــــعِ الفضـــائل اِســـتيفاءُ
زادَ عَنهــا أَضــعافها فهــو فـردٌ
ضـــِمنهُ العـــالمون والعلمـــاءُ
وَاِنقَضـــت مُعجـــزات كـــلِّ نــبيٍّ
باِنقِضــاه ومــا لِهــذا اِنقضــاءُ
واِهتَــدى سـادةٌ فصـارَ لهـم بـالس
ســـبقِ وَالصـــدقِ رتبــةٌ عليــاءُ
ســـَبَقتهم خديجـــةٌ وأبـــو بــك
رٍ علـــــــيٌّ زيـــــــدٌ بلالٌ وِلاءُ
وَتَلاهــم قــومٌ كــرامٌ كَـذي النـو
رَيــــن عُثمــــان ســــادةٌ نبلاءُ
عـــامرٌ طلحـــة الزبيــر وســعدٌ
واِبـنُ عـوفٍ مـع صاحب الغارِ جاؤوا
وَســـَعيدٌ عُبيـــدةٌ حمــزة المــر
غــمُ أنــفَ الضــلال منـه اِهتـداءُ
أَســدُ اللَّــهِ والرســول الّـذي دا
نَـــت لــهُ بِالســيادة الشــهداءُ
وَالإمـامُ الفـاروقُ بعـدُ مـنَ المـخ
تــارِ فــي حقّـة اِسـتجيب الـدعاءُ
كــانَ إِســلامهُ عَلـى الشـركِ خفضـاً
وَبـــهِ صـــارَ للهـــدى اِســتعلاءُ
عُمَـرُ القـرمُ ذو الفتـوح الّـذي عز
رَ بــهِ الــدين حيـنَ عـزّ العـزاءُ
وَنِســـــاءٌ أمّ الجميــــلِ وأمّ ال
فضـــــل أمٌّ لأيمـــــنٍ أســــماءُ
وَســـِواهُم مـــن ســـادةٍ وعبيــدٍ
ســــابقَتهم حــــرائرٌ وإمــــاءُ
ثـــمّ لمّـــا تَظـــاهروا لقريــشٍ
حيــنَ زالَ الخفــاء زاد الجفــاءُ
نوَّعــوا فيهــمُ العــذابَ وكــانت
مِــن لَظــاهم بالأبطــح الرمضــاءُ
لَهــفَ قَلــبي علــى بلالٍ فقـد صـُب
بَ عليــــهِ وفـــاض عنـــه البلاءُ
لَهـف قلـبي علـى الـوليِّ أَبي اليق
ظــــان إذا آل ياســـرٍ أســـراءُ
لهـفَ قَلـبي علـى الجميـعِ ومـا ين
فــعُ لَهفــي ومــا يفيـد البكـاءُ
رَحمــةُ اللَّــه صــاحَبَت خيـر صـحبٍ
حيــنَ عــزّت فــي مكّــة الرحمـاءُ
أَحســنَ اللَّــه صــَبرهم فاِسـتلذّوا
بِالبَلايــــــا وخفّــــــت اللأواءُ
وَلهَـذا تحمّلـوا مـا الجبـال الـش
شـــمُّ عَــن حمــلِ بعضــه ضــعفاءُ
هـاجَروا للحُبـوش خوفـاً علـى الدي
نِ فَهُـــم مثـــل دينهــم غربــاءُ
وَالنـبيّ الأمّـيُّ كـالليثِ يُـردي الش
شـــركَ منـــهُ تقـــدّمٌ واِجــتراءُ
لَـم تَرُعـه الأهـوالُ فـي نشـر ديـنٍ
هـــوَ وَحـــيٌ ومــا بــه أهــواءُ
كَــم أســاؤوهُ كَـي يكـفَّ فمـا كـف
فتــهُ عَــن أمــرِ ربّــه الأســواءُ
وَاِســـتَوى منهـــمُ لــديه جفــاءٌ
وَوفــــاءٌ والضــــرّ والســــرّاءُ
ربّ يــومٍ أتــاهُ عقبــةُ أشـقى ال
قــوم يَســعى وفــي يــديه ســلاءُ
بِخــبيثٍ أتــى خــبيثٌ وهــل يــأ
تــي بِغيــر الخبــائثِ الخبثــاءُ
قَــد رمــاهُ حيــنَ السـجودِ عليـه
وَاِنثنــى منــه تضــحكُ الأشــقياءُ
فَأطـــالَ الســـجودَ حتّــى أتتــهُ
فَــــأزالتهُ بنتــــه الزهـــراءُ
ليــتَ شـِعري إِذ ذاكَ مـا منـع الأر
ضَ مــنَ الخســف أو تخــرّ السـماءُ
قَـومُ نـوحٍ لـم يَفعلـوا مثـل هـذا
وَلَقـــد أغـــرقَ البريّـــة مــاءُ
غيــرَ أنّ الغَريــمَ كــانَ كريمــاً
وَحليمــــاً فــــأُخّرَ الإقتضــــاءُ
راحَ شــمسُ الوجــودِ يَـدعو عليهـم
وببـــدرٍ قــد اِســتُجيب الــدعاءُ
صـــُرِعوا كلّهـــم هنــاكَ ومنهــم
فــي قليــبٍ قــد أُلقيــت أشــلاءُ
كلَّفـــوهُ بشـــقِّه القمــر الــزا
هـــرَ ليلاً تكليــفَ مــا لا يشــاءُ
فَــدعا فاِسـتبانَ شـقّين فـي الحـا
ل ِوبيـــنَ الشــقّين بــان حــراءُ
فاِســتَرابوا بــأنّه الســحرُ حتّـى
جـــاءَ مِـــن كـــلّ واردٍ أنبــاءُ
أَخبَروهـــم بصـــدقهِ فاِســـتَمرّوا
وَالعَمــــى لا تفيـــدهُ الأضـــواءُ
هــالَهم أمــرهُ فَخـافوا ومـا هـم
بعــدَ حيــنٍ مــن فتكــه أمنــاءُ
عرَضــوا أن يكــونَ فيهــم مليكـاً
وَإِليــــــه الأمــــــوالُ والآراءُ
ثــــمَّ يَــــدنو ولا يســـفِّه أحلا
مــاً فمــا هــم بزعمهــم سـفهاءُ
فَــأبى مُلكَهــم ولَـو لهـوى النـف
سِ دَعـــاهم لمــا تــأتّى الإبــاءُ
ثــمّ نــاداهُم فقــالَ وهــل يــس
مِــعُ أهــلَ القبـور منـه النـداءُ
لَـو وَضـَعتم بـدرَ السـما في شمالي
وَبِيُمنـــايَ كـــانَ منكــم ذكــاءُ
مــا تَركــتُ الــدعاءَ للّــه حتّـى
يحكــمُ اللَّــه بينَنــا مـا يشـاءُ
فَأَســــاؤوهُ بالمقـــالِ وبـــالأف
عـــالِ واِشــتدّ منهــم الإعتــداءُ
فَــرَأوهُ مثــلَ الهزبــرِ وهـل صـَد
دَ هزبــــراً مـــن الكلابِ عـــواءُ
قَــد دَعــا قــومهُ لتســليمهِ لـل
قتــلِ بَغيــاً فخـابَ هـذا الـدعاءُ
هَجروهُـم فـي الشـِعبِ لا قـرب لا حـب
بَ وَلا بيــــعَ منهــــمُ لا شـــراءُ
وَمَضـــــت هكــــذا ســــنون ثلاثٌ
جــارَ فيهـا العِـدا وراج العـداءُ
وَأرادَ الرحمــنُ تفريــجَ هــذا ال
كـــربِ عَنهــم فاِنشــقّت الأعــداءُ
خـالفَ البعـضُ مِنهـم البعـضَ والقو
مُ جَميعـــاً فــي شــركهم شــركاءُ
وَاِســتَمرّوا علــى الخلافِ إلــى أن
فــرّ ذاكَ الجفــا وقــرّ الوفــاءُ
ينصــرُ اللَّـه مَـن يشـاءُ بمـا شـا
وَمــنَ الســمّ قــد يكـون الشـفاءُ
وَأَتـــى عمّـــهُ الحميـــمَ حمــامٌ
مــا لِحــيٍّ مــن الحمـام اِحتمـاءُ
كــانَ تُرســاً يقيــهِ عاديــة الأع
داءِ رأســـاً تهـــابهُ الرؤســـاءُ
مُســـتقيماً علـــى الـــولاءِ وللأض
لاعِ منــهُ علــى الحنُــوِّ اِنحنــاءُ
قَـــد رَأى صـــدقَهُ بِمــرآة قلــبٍ
صــــَقَلَتها رويّــــةٌ واِرتِيــــاءُ
غيــرَ أنَّ الخفــاءَ كــانَ مُفيــداً
ربَّمــا يجلــبُ الظهــورَ الخفــاءُ
مـــدحَ المُصـــطفى بنظــمٍ ونــثرٍ
كَـــم لـــهُ فيــه مدحــةٌ غــرّاءُ
وَلَــدى الإحتِضــارِ أصــفى قريشــاً
خيــرَ نُصــحٍ فلــم يكــن إِصــغاءُ
أَوضـــحَ الحـــقّ فــي كلامٍ طويــلٍ
كــانَ فــي قلبــهِ عليـه اِنطـواءُ
وَمَضــى راشــِداً وقـد أسـمع العـب
بــاسَ قَــولاً بــه يكــون النجـاءُ
فَاِســتمرّت علــى العنــاد قريــشٌ
مـــا لــديها رعايــةٌ واِرعــواءُ
وَبمــوتِ الشـيخِ المهيـبِ اِسـتطالت
بِـــأذاهُ وزادَ منهـــا البـــذاءُ
وَهـوَ فـي صـدعِها بمـا أمـرَ الجـب
بــارُ مــاضٍ كالســيفِ فيـه مضـاءُ
ليلـــهُ مثـــلُ يــومهِ باِجتهــادٍ
فــي هُــداها وكالصــباحِ المسـاءُ
ثـــمَّ مـــاتَت خَديجـــةٌ فأتـــاهُ
أيُّ رُزءٍ جلَّــــــت بـــــه الأرزاءُ
كَــم رَأت ســيّد الـورى فـي عنـاءٍ
وَبِهـــا زالَ عنـــه ذاك العنــاءُ
كُلَّمـــا جاءَهـــا بعبـــءٍ ثقيــلٍ
هـــــوّنتهُ فخفّـــــت الأعبــــاءُ
مــا أتـاهُ مِـن قـومهِ السـخطُ إلّا
كـــانَ مِنهـــا لقلبـــه إرضــاءُ
كـــلُّ أَوصــافِها البديعــة جلّــت
عَـــن شـــبيهٍ وكلّهـــا حســـناءُ
فهــيَ هـارونهُ بِهـا اللَّـه شـدّ ال
أزرَ منــــه ومـــا بهـــا إزراءُ
وَهـيَ كـانت وزيـرهُ الناصـحَ الصـا
ئبَ رَأيــــاً وهكـــذا الـــوزراءُ
وازَرتـــه علـــى النبــوّة لمّــا
جـاءَهُ الـوحي كـان منهـا الوحـاءُ
إِذ أَتــاه الأميـنُ جبريـلُ فـي غـا
ر حـــراءٍ فـــزاد فخــراً حــراءُ
غطّـــهُ مـــرّةً وأُخـــرى وأُخـــرى
قــائل اِقــرأ ولــم يكـن إقـراءُ
فَاِبتـــدا وحيــهُ بســورةِ إقــرأ
ثـــمّ فـــاضَ القــرآنُ والقــرّاءُ
فَــاِنثنى ترجــفُ البــوادرَ منــه
لِخديــــجٍ وحبّــــذا الإنثنــــاءُ
فَرَأتــــه فاِســــتَفهمته فلمّـــا
علمَـــت أمــرهُ أتاهــا الهنــاءُ
عَلِمـت أنّـه النـبيّ الّـذي فـي الن
نــاسِ عنــهُ قــد شــاعت الأنبـاءُ
آمَنــت أســلَمَت أعــانَت وقــد زا
دَ لَــديها فــي شــأنه الإعتنــاءُ
خصـــّها اللَّــه بِالســلامِ وجِــبري
لُ المـــؤدّي ونعـــم هــذا الأداءُ
كـــلُّ أولادِ صـــلبهِ غيــرَ إبــرا
هيــم منهــا ومــا لهــا ضــرّاءُ
رضــيَ اللَّــه والنـبيُّ وهـذا الـد
ديــن عنهـا فليـسَ يكفـي الثنـاءُ
لَـو رأيـتَ النـبيّ من بعدُ في الطا
ئفِ ســالت بالحصــبِ منـه الـدماءُ
وَســمِعت التخييـرَ فيهـم مـن الـلَ
هِ فكــــانَ اِختيـــاره الإبقـــاءُ
كنــتَ شـاهدتَ أعظـمَ الخلـقِ حلمـاً
وَتمنّيــــت أن يعــــمّ الفنـــاءُ
كــانَ يَلقــى عنـهُ الحجـارةَ زيـدٌ
إنّ روحـــي لنعـــلِ زيــدٍ فــداءُ
قــرّب اللَّــه ســيّد الخلــقِ حتّـى
غَبَـــطَ العــرش قُربــه والعمــاءُ
لا جِهـــاتٌ تَحــوي الإلــه تعــالى
ليـــسَ شَخصـــاً لـــذاته أنحــاءُ
فَلَــديهِ كــلُّ الجِهـات وقبـلَ الـد
دهــرِ والــدهرُ والمعــاد ســواءُ
أَينَمــا كــانَ خلقــهُ فهـوَ مَعهـم
لا مَكـــــانٌ لـــــه ولا آنــــاءُ
وعَلــى عرشــهِ اِسـتوى ليـس يـدري
غيـــرهُ كيـــفَ ذلِـــك الإِســتواءُ
لا كشــيءٍ فــي العــالمينَ ولا تـش
بهــــهُ جـــلّ قـــدرهُ الأشـــياءُ
لا غنيّــــاً مــــن الخلائقِ عنـــه
وهــوَ عــن كلّهــم لــه اِسـتغناءُ
كـلُّ آتٍ فـي البـالِ فهـو سـوى اللَ
هِ تَعــالى وأيــن أيــن الســواءُ
كـــلُّ نقــصٍ عنــه تنــزّه قــدماً
وَكمـــالُ الســنا لــه والســناءُ
وَلـــهُ الخلــقُ وحــدَهُ ولــهُ الأم
رُ وَيَجــري فــي ملكــهِ مـا يشـاءُ
خــالقٌ كــلّ مــا عــداه ولا بــد
ءَ لـــهُ فــي وجــودهِ لا اِنتهــاءُ
واجــبٌ كــالوجودِ كــلُّ الكمــالا
ت محـــالٌ أضـــدادها والفنـــاءُ
واحــدُ الــذاتِ وَالصـفاتِ والأفعـا
لِ وفــي الكــلّ مــا لــه شـركاءُ
عـــالمٌ قـــادرٌ مريـــدٌ ســـميعٌ
وبصــــيرٌ حـــيٌّ لـــه الأســـماءُ
ذو كلامٍ بقــول كُــن منـهُ كـان ال
خلـــقُ ســـيّان عرشــهُ والهبــاءُ
كــلُّ عِلـمٍ يكـونُ أَو كـان مـع مـا
أَنتَجتــــــهُ الأفكـــــار والآراءُ
هـــوَ مِــن علمــهِ كقطــرةِ بحــرٍ
لَــو عـدا البحـرَ غايـةٌ واِبتـداءُ
مالــكُ الملــكِ ذو الجلال لــه ال
كــلُّ اِســتحالَ الشـريك والـوزراءُ
حــارَ فــي كنهــهِ الملائكُ عجــزاً
عنــــهُ والأنبيـــاءُ والأوليـــاءُ
بَهَرتهُــــم أنــــوارهُ حيّرتهـــم
حبّـــذا حَيـــرةٌ هـــي الإهتــداءُ
ليــسَ يــدريهِ غيــرهُ فجميــع ال
خلـــقِ فـــي كنـــهِ ربّهــم جهلاءُ
مَـــن رَأى بانيـــاً دراه بنـــاءٌ
أيـــنَ هَــذا البنــاء والبنّــاءُ
مَـن رَأى الشـمسَ فـي النهارِ دَرتها
وهـــيَ عَنهـــا الظلالُ والأفيـــاءُ
أَثـــرٌ مـــا دَرى المــؤثِّر فيــهِ
وَلهــــذينِ بالحـــدوثِ اِســـتواءُ
أَتُــرى الحادثــات تَــدري قـديماً
كيـــفَ تَـــدري خلّاقهــا الأشــياءُ
قَـد رَقـى العـارِفون بـاللَّه مرقـى
مـــا لخلــقٍ إلــى عُلاه اِرتقــاءُ
فَـــأقرّوا مِــن بعــدِ كــلّ تعــلٍّ
وَتَجــــلٍّ أنّ الخفــــاء خفــــاءُ
وَلَقــد ضــلّ معشــرٌ حَكمـوا العـق
لَ ومـــا هُـــم بحكمهــم حكمــاءُ
حينَمــا ســافَروا علـى غيـر هـديٍ
عُقِـــلَ العقــلُ منهــم والــذكاءُ
كيــفَ تَــدري العقــولُ كنـهَ إلـهٍ
كـــانَ مِــن بعــضِ خلقــهِ العقلاءُ
مــا لــهُ مــا عليــهِ نفـعٌ وضـرٌّ
مِــن برايـاهُ أحسـَنوا أَو أَسـاؤوا
كـــلُّ شـــَيءٍ مـــنَ الخلائق فــانٍ
وَلـــهُ وحـــدهُ تعــالى البقــاءُ
أَرســـلَ الرســلَ للأنــام ليمتــا
زَ لَــــديهم ســــعادةٌ وشــــقاءُ
صـــِدقُهم واجـــبٌ وفهــمٌ وتبلــي
غُ هـــــداهُ وكلُّهــــم أمنــــاءُ
وَمُحــــالٌ أضــــدادها ومعاصـــي
هِ وَغيــرَ العيــوبِ جــازَ السـواءُ
رُســُلُ اللَّــه هُـم هـداةُ البرايـا
وَلكــــــلٍّ محجّـــــةٍ بيضـــــاءُ
خــصَّ مِنهــم محمّـداً بالمزايـا ال
غــرّ منهــا المِعــراجُ والإســراءُ
أَرســلَ الـروحَ بـالبراقِ كمـا تـف
علــــهُ لِلكرامــــة الكرمــــاءُ
فَعلاهُ البــدرُ التمـام أبـو القـا
ســـمِ لَيلاً فضــاء منــه الفضــاءُ
راحَ يَهـوي بـهِ وحـدُّ اِنتهـاءِ الـط
طــرفِ منــهُ إلــى خطـاهُ اِنتهـاءُ
مــرّ فــي طيبــةٍ وموســى وعيسـى
ولَقـــد شـــَرُفت بـــه إيليـــاءُ
ثـــمّ صـــلّى بالأَنبِيــاءِ إمامــاً
وبـــهِ شـــَرّفَ الجميــعَ اِقتــداءُ
وَمَضـى سـارياً إِلـى العـالمِ العـل
وِيّ حيـــــثُ العلا وحيــــث العلاءُ
ســـَبَقته إلِــى الســمواتِ كيمــا
ثــمَّ تُجــري اِســتقباله الأنبيـاءُ
فَعلا فَوقَهــــا كشــــمسِ نهــــارٍ
أَطلَعتـــه بعــدَ الســماء ســماءُ
رحّـــب الرســـلُ بــالحبيبِ وكــلٌّ
فيـــهِ إمّـــا أبـــوّةٌ أو إخــاءُ
وَجَميـــعُ الأفلاكِ مــع مــا حــوتهُ
قَــد تَبــاهَت وزاد فيهـا البهـاءُ
وَالســـفيرُ الأميــنُ خيــر رفيــقٍ
لَــم يُفــارِق مــا مثلــه سـفراءُ
وَلَــدى الســدرةِ الجــوازُ عليــهِ
صــارَ حظــراً فكــان ثـمّ اِنتهـاءُ
فَــدَعاه النــبيّ حيــن عَلا الســد
رةَ نـــورٌ منـــهُ عليهــا غشــاءُ
هَهُنـــا يـــتركُ الخليـــلُ خليلاً
أَيــنَ ذاكَ الصــفاءُ أيـن الوفـاءُ
قــالَ عُــذراً فلَــن أُجــاوزَ حـدّي
لَــو تقــدّمت حــلّ فــيَّ الفنــاءُ
وَبــهِ زُجّ فـي البهـاءِ وفـي النـو
ر إِلـــى حيـــثُ كــلّ خلــقٍ وراءُ
وَرَأى اللَّــــه لا بِكيـــفٍ وحصـــرٍ
لا مَكــــانٌ يحــــويه لا آنــــاءُ
فَــوقُ فــوقٍ وتَحــتُ تحــتٍ لــديه
قبــلُ قبــلٍ وبعــدُ بعــدٍ ســواءُ
إنّمـــا خصـــّصَ الحـــبيبَ بســـرٍّ
لِســِواه مــا زالَ عنــه الخفــاءُ
وَعليـــهِ صـــبَّ الكمــالَ وزالَ ال
كيــفُ والكــمّ حيــن زاد الحبـاءُ
وَســـَقاهُ بُحــورَ علــمٍ فَعِلــمُ ال
خَلــق منهـا كالرشـح وهـو الإنـاءُ
وَحبـــاهُ أنـــواعَ كـــلِّ صـــفاءٍ
نَفحــةٌ منــه مــا حـوى الأصـفياءُ
لا نــــبيٌّ ولا رســــولٌ ولا جــــب
ريــلُ يَـدري العطـاءَ جـلّ العطـاءُ
ثـمَّ عـادَ الضـيفُ الكريـمُ إلى الأه
لِ وَتمّـــت مـــن ربّــه النعمــاءُ
عـادَ قَبـل الصـباحِ فاِرتـابَ في مك
كَـــةَ قــومٌ مــن قــومه بلــداءُ
أَعظَمــوا الأمــرَ وهـو فعـلُ عظيـمٍ
لَـــم تُشــابه صــفاته العظمــاءُ
جـــلَّ قَــدراً فالكائنــاتُ لــديهِ
حُكمُهـــا ذرّةٌ حواهـــا الفضـــاءُ
لَــو أَرادَ القــديرُ كــانَ بلحــظٍ
كـــلّ هَــذا ولــم يكــن إســراءُ
وَلَكــم طــافَ فـي القبـائلِ يسـتن
صـــِرُها حيـــن عـــزّت النصــراءُ
أيُّ قَـــومٍ أَبنـــاءُ قيلــةَ لا الأق
يــــــالُ تَحكيهـــــم ولا الأذواءُ
بايَعوا المُصطفى فَفازوا وباعوا ال
لَـــهَ أَرواحَهـــم وتــمّ الشــراءُ
أَســـعدٌ رافــعٌ عبــادةُ عبــد ال
لَـــه ســـَعدٌ ومنـــذرٌ والــبراءُ
وَأُســـيدٌ ســعدٌ رفاعــة عبــد ال
لَــه ســعدٌ يــا حبّــذا النقبـاءُ
وَلِكــــلٍّ بالمكرُمـــات اِئتـــزار
ولِكــــلٍّ بالمكرمـــاتِ اِرتـــداءُ
زادَ أهــلُ الضــلالِ فيــه لجاجــاً
حينَمــا قَــد أُتيـح هـذا اللجـاءُ
وَعَلــى صــحبهِ الأذى ضـاقَ عنـه ال
وســعُ مِنهــم واِســتحكم الإعتـداءُ
كــانَ عنـدَ الأنصـارِ إذ أقحـط الأم
نُ عَليهــــم فــــي طيبـــةٍ أكلاءُ
وَهــوَ فــي قــومهِ ينــادي وقــل
بُ الشــركِ أَعمــى وأذنــهُ صــمّاءُ
ثـــمَّ لمّــا رَأوه يــزدادُ صــحباً
كــلّ يــومٍ مِنهــم إِليـه اِنتمـاءُ
وَإِذا أســــلمَ الفَـــتى فـــأبوهُ
مِنهـــمُ عنـــدهُ وكلـــبٌ ســـواءُ
راعَهــم مــا رَأوهُ منــهُ فرامـوا
قتلــــهُ كيــــفَ تقتـــلُ القتلاءُ
وَأَتــــاهُ بِمَكرهــــم جبرئيــــلٌ
فَبـــدا كيــدُهم وخــابَ الــدهاءُ
فَفـــداهُ بنفســـهِ ذلـــك اللــي
ثُ علـــيٌّ ونعـــم هــذا الفــداءُ
حَصــَروهُ فمــرّ عَنهــم ولــم يــخ
لُــص لِــذاك الــوليِّ منهـم عنـاءُ
نَثَـــرَ الـــتربَ بـــالروسِ فكــلٌّ
عَينـــه مثـــل قلبـــه عميـــاءُ
وَمَضــى نحــوَ طيبــةٍ أطيـبُ الخـل
قِ فَطــــابَت بطيبــــهِ الأرجـــاءُ
كــانَ صــدّيقهُ الكــبيرُ أبـو بـك
رٍ رفيقـــاً إذ عـــزّت الرفقـــاءُ
وَاِقتفــاهُ فِتيــانهم وَذوو النــج
دةِ منهــــم وقُبّــــح الإقتفـــاءُ
وَاِســتكنَّ البــدرُ المنيــرُ بثـورٍ
لَــم يضــرهُ مِــن العــدا عــوّاءُ
شــَرّفَ اللَّــهُ غـارَ ثـورٍ فَغـارَ ال
كهـــفُ منــهُ واِستشــرفت ســيناءُ
وَبِمـــرِّ الســنينَ يَــزدادُ مَجــداً
حَســـــَدتهُ لأجلـــــهِ زيتـــــاءُ
مـا لِزيتـاءَ مـا لسـيناءَ مـا لـل
كهــفِ كالغــارِ بـالحبيبِ اِلتقـاءُ
وَأَتــاهُ الكفّــارُ مِــن كــلِّ نحـوٍ
واِســـتمرّ التحـــذيرُ والإغـــراءُ
وَالرفيـقُ الرفيـقُ مِـن عينـهِ الوط
فـــاء ســـالَت ســـَحابةٌ وطفــاءُ
وَالنــبيُّ الأميــنُ أَغفـى لبعـد ال
خــوفِ منــه واِزدادَ فيـه الرجـاءُ
نَســجَ العنكبــوتُ دِرعــاً حَصــيناً
ضــــاعَفَتهُ ببيضـــها الورقـــاءُ
تــاهَ بِـالتيهِ قَبلهـم قـومُ موسـى
وَهــــوَ أَرضٌ فســــيحةٌ فيحــــاءُ
وَقُريــشٌ مــن أجلـهِ فـي فنـاءِ ال
غــارِ تــاهَت ومـا يكـون الفنـاءُ
ثــمَّ ســارَت شــمسُ الوجـودِ بليـلٍ
معَهــا البــدرُ أفقهــا البيـداءُ
وَاِقتَفاهــا ســُراقةٌ لاِسـتراقِ الـن
نـــورِ مِنهـــا كــأنّه الحربــاءُ
وَعَـــد النفــسَ بــالثراءِ ولكــن
ربَّ فقـــرٍ أَشـــرّ منــه الــثراءُ
صــَيَّرَ الخســف تحتــهُ الأرضَ بحـراً
غَرِقـــت فيـــه ســـابحٌ جـــرداءُ
فَفَـــدى نفســـهُ ببـــذلِ خضـــوعٍ
حيــنَ مِنهـا لـم يبـق إلّا الـذماءُ
وَحبـــاهُ وَعــداً بإِســوارِ كســرى
فَأتــاهُ مِــن بعــدِ حيــنٍ وفــاءُ
وَأَتتـــهُ مِـــن أمّ مَعبـــدٍ إذ أع
وَزَهـــا القـــوتُ حــائلٌ عجفــاءُ
حلــبَ الضـرعَ أشـبعَ الركـب منهـا
بإِنــــاءٍ وزادَ عنهــــم إنـــاءُ
وَلــهُ اِشــتاقَت المدينــةُ فــالأن
صــارُ فيهــا مِــن شـَوقهم أنضـاءُ
وَهُنــــاكَ المهـــاجرونَ لَـــديهم
مُهـــجٌ برّحـــت بهـــا البُرَحــاءُ
بَينَمــا هُــم بالإنتظــارِ وَمِنهــم
كـــلُّ وقـــتٍ لشـــأنه اِســتِقراءُ
فَاجَــــأتهم أَنـــوارهُ فَـــأزالت
كــــلَّ حـــزنٍ وعمّـــتِ الســـرّاءُ
حــيِّ أنصــارَهُ فَلا حــيّ فـي العُـر
بِ ســـِوى حيِّـــه لهـــم أكفـــاءُ
عاهــدوهُ فَمــا رَأَينــا وَلَـم نَـس
مَــع بِقــومٍ هــم مثلهـم أوفيـاءُ
أَحســَنوا أحســَنوا بغيــرِ حســابٍ
مِثلَمــا قــومهُ أســاؤوا أسـاؤوا
مِنهــمُ ســيّدٌ لــهُ اِهـتزّ عـرشَ ال
لَـــهِ شـــَوقاً ومنهــم النقبــاءُ
وَكفــــاكَ المُهــــاجرونَ كفـــاةً
أيّ مَـــدحٍ لمـــا أتـــوه كفــاءُ
آمَنــوا النــبيِّ حيــنَ جــزاءُ ال
مـــــرءِ قتـــــلٌ أو ردّةٌ أو جلاءُ
فـارَقوا الـدارَ والأحبّـة فـي الـلَ
هِ وللَّــــه هجرهــــم واللقـــاءُ
مِنهــمُ الســابقونَ للـدينِ وَالعـش
رَةُ مِنهــــم ومنهـــمُ النجبـــاءُ
كـــلُّ أصـــحابهِ هُــداةٌ فمــا أخ
ســَرَ قومــاً بهــم لهــم إغــواءُ
بَينمـا هُـم في الجهلِ غرقى إذا هم
لِلبَرايـــــا أئمّــــةٌ علمــــاءُ
لَحَظـــاتٌ أحــالَتِ الجهــلَ علمــاً
مِنهــم فهــيَ الإكسـيرُ والكيميـاءُ
كـلُّ علـمٍ فـي النـاسِ قَد فاضَ منهم
هُـــم بحــورُ العلــوم والأنــواءُ
شـــُهبٌ أحرَقـــوا شــياطينَ قــومٍ
وَلِقَـــومٍ نـــورٌ بهـــم يستضــاءُ
هَكـــذا الـــوردُ للأطــايبِ طيــبٌ
وَشـــــــفاءٌ وللخبــــــائثِ داءُ
حبُّهــم وَالشــقاءُ ضــدّان لـن يـج
تَمِعــــا وَالنجـــاة والبغضـــاءُ
حبُّهـــم جنّــةُ المحــبّ وبغــض ال
بَعــضِ نــارٌ والمبغــض الحلفــاءُ
كُلُّهـــم ســـادةٌ عـــدولٌ ثقـــاتٌ
صـــــلحاءٌ أئمّـــــةٌ أتقيــــاءُ
أَفضــلُ النــاسِ غيــر كــلِّ نــبيٍّ
بِســــواهم لا يحســـن اِســـتثناءُ
كــلُّ هــديٍ مــنَ النــبيّ فَعَنهــم
مــا لَنــا غيرهُــم طريــقٌ سـواءُ
شــاهَدوا صــِدقهُ فَكــانوا شـهوداً
هُــم لَــدى كــلِّ مســلمٍ أزكيــاءُ
أَتَقــولُ الضــلّالُ مــا هــم عـدولٌ
مَــن تُــرى ثــابتٌ بــه الإدّعــاءُ
هُـم نجـومٌ فـي أفـقِ شَرع أبي القا
ســمِ بــانوا للمُــؤمنين أضـاؤوا
بَعضــُهم كــالنجومِ أضـوأُ مِـن بـع
ضٍ وَبعــضٌ مثــل الســها أخفيــاءُ
هُـــم ســـُيوفٌ للمُصــطفى ورمــاحٌ
وَهـــوَ رَأسٌ وهـــم لـــه أعضــاءُ
أيّـــدوهُ وبلّغــوا الــدين عنــهُ
فهــــمُ الناصـــِحون والنصـــراءُ
وَبِهــم حــاربَ البريّــة مــا قـا
لَ هلمّـــوا إلّا أَجــابوا وجــاؤوا
قــادَ مِنهُـم نحـوَ العـداةِ أسـوداً
رَجَفـــت مِـــن زئيرهــا الأنحــاءُ
كــلُّ لَيــثٍ لا يرهـبُ المـوتَ لا تـن
فَــكّ منــهُ إلــى الــوغى رغبـاءُ
عَجِـــلٌ إِن دُعـــي وإن فــرّ قــرنٌ
فبــــهِ عَـــن لحـــوقه إبطـــاءُ
وَإِذا مـــا اِدلهــمّ ليــلُ حــروبٍ
أَســـفَرت مِنـــه طلعـــةٌ غـــرّاءُ
هُـــم ســُيوفٌ للَّــه جــلّ تعــالى
وَلَهــا فــي يــدِ النـبيِّ اِنتضـاءُ
قَطعـوا المُشـركينَ والشـركَ لـم تث
لــم ظُبـاهم ومـا عراهـا اِنثنـاءُ
فَــبروحي أَفــدي الجميـعَ وإن جـل
لَ المُفــدّى وقــلّ منّــي الفــداءُ
رَضــيَ اللَّــه والنــبيّ وأهــل ال
حــقّ عَنهــم وإِن أبــى البُغَضــَاءُ
قَــوِيَ المُصــطفى بصـحبٍ بـلِ الصـح
بُ بـــهِ بـــل بربّـــه أقويـــاءُ
أَذنَ اللَّــه بِالقتــالِ ومنـهُ الـن
نصـــرُ قلّـــت أَو جلّــت الأعــداءُ
بَعضـــُهم للنـــبيّ أَصــغى وبعــضٌ
لِســوى الســيفِ مــا لــه إصـغاءُ
كـــلُّ قــومٍ يــأتيهمُ كــلّ يــومٍ
منـــهُ شـــرعٌ أو غــارةٌ شــعواءُ
قَـد دَعـا النـاسَ بِالكتابِ وبعضُ ال
حــــقّ يَخفــــى إن ضـــلّت الآراءُ
شـَرَحت فـوقَ أحمـرِ المتـنِ سـمرُ ال
خـــطّ حتّــى بَــدا وزال الخفــاءُ
فَســـّرته لَهُــم خطــوطُ العــوالي
فَـــأقرّوا أَن ليــسَ فيــه خطــاءُ
أَوضـــَحَته لطـــاعنٍ ضــاقَ فهمــاً
طَعنـــــةٌ فــــي فــــؤاده نجلاءُ
صـــَدِئَت منهُـــم القلــوبُ فصــدّت
وَلَهـــا مــن ظُبــا الســيوف جلاءُ
ربَّ ســيفٍ مُــذ قــام يشـرح شـرحاً
عَلِمَــــت ديــــنَ أحمـــد الجهلاءُ
كَــم قلــوبٍ لهــم قســَت رقّقتهـا
مِـــن ســـيوفٍ لصـــحبهِ خُطَبـــاءُ
طَلَعــوا فــي ســماءِ بـدرٍ نُجومـاً
بَينَهـــم ســـيّدُ الأنـــامِ ذكــاءُ
أَحرَقـــت شـــُهبُهم عتــاةَ قريــشٍ
وَلهيــبُ الحريــقِ تلــك الــدماءُ
كــلُّ قِــرنٍ منهــم بغيــر قريــنٍ
وَلَنِعــــمَ الثلاثــــةُ القرنـــاءُ
حَمــــزةٌ مـــع عبيـــدةٍ وعلـــيٍّ
طَحَنــوا الشـركَ والرحـا الهيجـاءُ
هُـم أَساسـاً للنصـرِ كـانوا وهل يث
بُـــتُ إلّا عَلــى الأســاس البنــاءُ
وَأَتـــاهُ عونـــاً ملائكـــة الــلَ
هِ وَعنهــــم بنصـــره اِســـتغناءُ
وَرَمـــاهم خيــرُ الــورى بســهامٍ
راشـــَها ربُّـــه هـــي الحصــباءُ
فَأَصـــابت بكفّـــه الجيــشَ طــرّاً
إِذ مــنَ اللَّـه ليـسَ منـه الرمـاءُ
كَعَصـــاةِ الكليـــمِ كـــلّ حصــاةٍ
كــانَ مِــن دونِ رَميهــا الإلقــاءُ
يَــدُ خيــرِ الـوَرى رَمتهـم ففـرّوا
إنّ هـــذي هــيَ اليــدُ البيضــاءُ
هُــزِمَ الجمــعُ مِثلَمـا أخـبر الـلَ
ه وفــــرّت حيـــاتهم والحيـــاءُ
صــــَفَعَتهم ســــيوفهُ أيّ صــــفعٍ
حيـــنَ ولّـــوا وبــانتِ الأقفــاءُ
وَعَليهــم قَســت صــدورُ العــوالي
وهـــيَ لَـــولا عقـــوقهم رحمــاءُ
أَفَلا يَــــذكرونَ أيّــــام يـــؤذي
ســـيّدَ الخلــقِ منهــمُ اِســتهزاءُ
قـال إنّـي بُعثـتُ بالذبـحِ يـا قـو
مُ إِليكـــم هـــل صــحّت الأنبــاءُ
عيّـــنَ المُصـــطفى مصــارع قــومٍ
فَجَـــرى بالّــذي قضــاه القضــاءُ
وَمَشــى صــحبهُ عليهِــم فَمــن هـا
مِ الأعـــادي لكـــلّ رجــلٍ حــذاءُ
حينَمـــا اِنقـــضّ جنــدهُ كنســورٍ
نُبِــذَت بِــالعراءِ تلــك الحــداءُ
عُوِّضـوا فـي القِفـار بعـدَ الحشايا
فُـــرُشَ الــتربِ وَالقتــامُ غطــاءُ
وَشـــَكَت مِنهــمُ البلاقــعُ إِذ خــي
فَ جــوىً مِــن جســومهم واِجتــواءُ
فَرُمــوا فــي القليــبِ شـرِّ وعـاءٍ
بِئســَما قَــد حَــواه ذاك الوعـاءُ
أَودعــــوهُ أَشــــلاءَهم أتُراهـــم
ذَكَـــروا كيـــفَ تطـــرحُ الأســلاءُ
شـــَحنوهُ منهُـــم بشـــرّ ظـــروفٍ
حَشــوُها الشــركُ حشـوُها الشـحناءُ
وَنَحـــا طيبـــةَ النـــبيُّ بجيــشٍ
ضــــاعَفته الأســــلاب والأســـراءُ
غَـــزوةٌ آذَنَـــت بفتـــحٍ مـــبينٍ
رافعــاً للهُــدى بهــا الإبتــداءُ
هـيَ بَـدرٌ والفتـحُ شـمسٌ وبـاقي ال
غَــــزَوات النجــــوم والأضـــواءُ
غَيــرَ أنَّ الضــلالَ مِنهــم أَحــاطت
بقريـــــشٍ ســـــَحابةٌ دكنــــاءُ
ســَترت عــن عُيونهــا نــورَ بـدرٍ
قَــــد رآهُ مُشــــيرها الغـــوّاءُ
ثــمَّ جــاؤوا مُحــاربينَ لــه فـي
أُحـــدٍ حيـــثُ هـــاجت الهيجــاءُ
صــــَدّهم أيّ صــــَدمةٍ آلمَتهــــم
ســالَ مِنهــا دُمــوعهم والــدماءُ
أَلحَــق اللَّــه بــالقليبِ وأهلــي
هِ عتــاةً منهــم عناهــا اللـواءُ
فَعَراهُــم كَســرٌ بــهِ حصــلَ الجـب
رُ وخفـــضٌ بـــهِ لنـــا اِســتعلاءُ
ثـــمَّ لمّـــا أَرادَ ربُّــك أن يــأ
تيــــه مِـــن جنـــوده شـــهداءُ
خــالَفوا المُصــطَفى بــتركِ مكـانٍ
منـهُ جـاءَت خيـلُ العـدا مـن وراءُ
فقضــى مــن قضــى شـهيداً ولا حـي
لَــة تُنجــي ممّــا يسـوق القضـاءُ
وَحَلا الصـــبرُ النــبيَّ وقَــد شــد
دَ عليــــــه بِســـــاعديه البلاءُ
كَسـَرَ القـومُ منـهُ إِحـدى الثنايـا
فَزكـــا حُســـنها وزاد الثنـــاءُ
هَشــَموا فيــه بيضـةَ الـدرعِ حتّـى
دَمِيــــت منـــهُ جبّـــةٌ بيضـــاءُ
وَمَضـــى حَمــزة شــَهيداً فجــلّ ال
خَطـــب فينــا وأُخــرسَ الخطبــاءُ
عَينـيَ اِبكـي علـى الشـهيدِ أبي يع
لــى دمــاءً وقــلّ منّــي البكـاءُ
عَينــيَ اِبكـي وأسـعديني فَقـد عـي
لَ اِصــطباري وعــزّ منّــي العـزاءُ
عَينــيَ اِبكــي عليــهِ فحـلَ قريـش
جــلّ قَــدراً فجــلّ فيــه الرثـاءُ
قَتلـــوهُ بقَـــومهم يـــومَ بــدرٍ
وَبشِســعٍ مِــن نعلــهِ هــم بــواءُ
بَطــــلٌ صـــالَ فيهـــم كَهزبـــرٍ
ضــرَّ ســِربَ الوحـوشِ منـه الضـراءُ
قَتلتـــهُ بالغـــدرِ حربــةُ عبــدٍ
قَتلتـــهُ مِـــن بعـــد ذاك الطلاءُ
لســتُ أَدري مــاذا أَقــولُ ولكــن
مــا لِــذاكَ لوحشــيّ عنـدي رعـاءُ
إنَّ هَــــذا مــــنَ الإلـــهِ اِبتلاءٌ
وَمــــنَ اللَّــــه يحســـنُ الإبتلاءُ
كــــلُّ قتلاهــــم بنــــارٍ وقتلا
نـــا لَــديه فــي جنّــةٍ أحيــاءُ
كَــم عُيــونٍ بَكـت عليهـم وكَـم ذا
ضـــَحِكت مِـــن لقـــائهم عينــاءُ
عَجَبـــاً تضـــحكُ الجِنــانُ لشــيءٍ
طَـــرفُ طَـــه مِــن أجلــهِ بكّــاءُ
قَــد بَكــى حَمــزةً بكــاءً قضــتهُ
رِقّــــةٌ فـــي فُـــؤاده وصـــفاءُ
لَــم يَرُعــهُ مِــن قبلـه قـطّ شـيءٌ
مثلــهُ إِذ أحيــل منــه الــرواءُ
طَلَبَـــت صــحبهُ الــدعاءَ عَليهــم
وَبغفــرِ الــذنوبِ كــان الــدعاءُ
ذلــكَ الحِلــمُ لا يقــاسُ بــه حـل
مٌ وإِن جــلّ فــي الـورى الحلمـاءُ
خَشـــِيَ القــومُ أَن تهــبَّ بنكبــا
تِ الرزايـــا عليهـــمُ النكبــاءُ
عَلِمـوا الحـربَ شـرّ نارٍ فخافوا ال
حَـــرقَ إِن دامَ منهـــم الإصـــطلاءُ
وَدَروهُ الليــثَ الجريــءَ فــإن أُح
رِجَ زادَ الإقـــــدام والإجــــتراءُ
وَرَأوا صــحبهُ أُســوداً وأَقــوى ال
أســـدِ بَأســاً مــا نــاله إزراءُ
فَتَــداعَوا إِلــى الفــرارِ وفـرّوا
وَلهُـــم خشـــيةَ الأســـودِ عــواءُ
وَاِقتَفَتهــم تلـكَ الصـقورُ فَطـاروا
وَلَهُـــم كالبغــاثِ يَعلــو زقــاءُ
ثـــمَّ هــاجَت خزاعــةٌ بالمريســي
عِ فَـــأخزَت جُموعَهـــا الهيجـــاءُ
قَتَـــل اللَّــه عشــرةً ورئيــسُ ال
قـــومِ والقـــومُ كلّهــم أســراءُ
وَاِصــطفى بنتــهُ النــبيُّ عَروســاً
هُـــم جَميعـــاً لأجلهـــا عتقــاءُ
وَبيـــومِ الأحــزابِ جــاءت جيــوشٌ
خَلَطوهـــا وقــد بَغــى الخلطــاءُ
هُـــم يهـــودٌ هــوازنٌ والأحــابي
شُ قريــــشٌ وبئســــت الحلفـــاءُ
وَالنــبيِّ الأمّـيُّ لـو جـاءَ أهـلَ ال
أرضِ حَربـاً مـا اِختـلّ فيـهِ الرجاءُ
وَعَــدَ اللَّــه أَن يُمكّـن هَـذا الـد
ديـــنَ حتّــى يُســتخلفَ الخلفــاءُ
وَوَفــى اللَّــه وعــدهُ ولـه الحـم
دُ وَحتّــى المعــاد هــذا الوفـاءُ
غَيــرَ أنّ الأصـحابَ زادوا اِضـطراباً
إِذ بَـــدا النِفـــاقُ داءٌ عيـــاءُ
خَنــدَقوا حــولَهم وكــم معجــزاتٍ
شـــاهَدوها فكــانَ فيهــا عــزاءُ
وَأَتـوهم مِـن فـوقُ مـن تحـتُ فـالأب
صـــارُ زاغــت وحــارتِ الحوبــاءُ
وَدَعــا للــبرازِ عمــرٌو وهـل يـب
رُزُ إلّا مــــن الشـــقيّ الشـــقاءُ
فَــبراهُ بـذي الفقـارِ أبـو السـب
طيـــنِ ليــث المعــاركِ العــدّاءُ
ســَيفُ خيــرِ الــورى بكــفِّ علــيٍّ
ليــسَ شــَيئاً تَقــوى لـه الأشـياءُ
وَأَتــى النصــرُ بالصــبا وجنــودٍ
لَــم يرَوهــا سـيئت بهـا الأعـداءُ
زَلزلــوهم وَالريــحُ هــاجت فكــلٌّ
كُفِئَت قــــدرهُ وخــــرّ الخبـــاءُ
شـــتَّت اللَّـــه شــَملهم فتولّــوا
مِثلَمـا سـارَ فـي السـيوف الغُثـاءُ
ثـــمّ صـــدّوه ســـائِراً لاِعتمــارٍ
حيـــثُ ضـــمّت جمــوعَهُ الحــدباءُ
بـايَعتهُ الأصـحابُ فيها فنالوا الر
رِبــحَ لَكــن بالصـلحِ تـمّ القضـاءُ
عاهـــدَ القــومَ صــابِراً لشــروطٍ
هــيَ صــَبرٌ والصـبرُ فيـه الشـفاءُ
وَتَأمّـــل نـــزولَ إنّـــا فَتَحنــا
لــكَ فَتحــاً يــزولُ عنـك الخفـاءُ
وَأَتـــى عمـــرةَ القضــاءِ بجيــشٍ
أيُّ جَيــشٍ للفتــح لــولا الوفــاءُ
دَخلـــوا مكّـــة ففـــرّت أســـودٌ
مِــن قُريــشٍ كأنّمــا هــم ظبــاءُ
وَأقــاموا بِهــا ثلاثــاً وطــافوا
حلّقـــوا قصــّروا وَســيقت دمــاءُ
ثــمَّ عــادَ النــبيُّ يتبعـهُ السـع
دُ وَتَمشــــي أمــــامه الســـرّاءُ
خــانتِ المُصــطفى اليهـودُ ومنهـم
ليـــسَ بـــدعاً خيانـــةٌ وخنــاءُ
فَغَزَاهــم وســطَ الحصــون وفيهــم
كــــثرةٌ نجـــدةٌ ســـلاحٌ ثـــراءُ
حــلَّ فيهــم جيشــانِ رعــبٌ وصـحبٌ
واحـــدٌ منهمـــا بــه الإكتفــاءُ
أَســـلَمتهم حُصـــونُهم لِرســول ال
لــهِ يُجـري فـي شـأنِهم مـا يشـاءُ
لِنضـــيرٍ ضـــيرٌ قريضـــة قـــرضٌ
خَرِبَــــت خيــــبرٌ وعــــمّ البلاءُ
وَجَلا قبلهــــم بنــــو قينقـــاعٍ
وَبِــوادي القــرى أُريقــت دمــاءُ
مـا شـَفى النفـسَ بعـدَ هـذا وهـذا
غيــرُ فتــحٍ بــه اِسـتمرّ الشـفاءُ
فَتــحُ أمِّ القــرى وســيّدة الكــل
لِ ســـِوى طيبـــةٍ فكـــلٌّ إمـــاءُ
أيُّ فَتـــحٍ للمُصــطفى كــان فيــه
فـوقَ عـرشِ الـبيتِ الحـرامِ اِستواءُ
أيّ فتــحٍ للمصــطفى كــان عرســاً
ولأمّ القـــــــرى عليــــــه جلاءُ
أيّ فتــحٍ للمصــطفى كــان دينــاً
فَــــوفتهُ الغرامـــة الغرمـــاءُ
أيّ فَتـــحٍ لـــوقعهِ اِهـــتزّت الأر
ضُ ســـروراً وشـــاركتها الســماءُ
أيّ فَتــحٍ منــه أتــى كــلّ فتــحٍ
مُنِحَتــــه الغـــزاةُ والأوليـــاءُ
أيُّ فَتــحٍ بــهِ علــى كـلّ خلـق ال
لَــهِ للمُصــطفى اليــد البيضــاءُ
أَشـــرَقَت شمســـهُ بـــبرجِ كــداءٍ
فاِســتنارَت علــى البطــاح كـداءُ
حَســَدتها كُــدىً فلمّــا اِستشــاطت
هــاجَ فيهــا الغــواة والغوغـاءُ
ثـــارَ فيهــا أوباشــُهم كوحــوشٍ
بــانَ مِنهــا للقــانصِ الأخفيــاءُ
فَلَهُــم بــالحرابِ كــانَ اِصــطيادٌ
وَبِنـــارٍ مــنَ الحــروبِ اِشــتواءُ
أَشــبَهَت قضــبهُ المناجــلَ إذ قـا
لَ اِحصــُدوهم والهـام منهـم غثـاءُ
وَرَدت مِنهـــم أفـــاعي العــوالي
فــي حيــاضِ الــدماء وهـي ظمـاءُ
وَلَغــت فــي نجيعِهــم ثــمّ صــدّت
راويـــــاتٍ كـــــأنّه صـــــدّاءُ
لانَ صــَخرٌ وأَبغــضَ القــومُ حربــاً
حيــنَ ســاءَت دُمــىً وسـالت دمـاءُ
ســَألوهُ عطــفَ الحَميــم وقــالوا
مِـــن قريـــشٍ أبيــدتِ الخضــراءُ
فَعَفـــا عَنهـــم فَبــاؤوا بِســلمٍ
وَاِســـتَحالت حـــاءٌ وراءٌ وبـــاءُ
قــوَّمتهُم نـارُ الـوغى فاِسـتَقاموا
ربَّ كـــيٍّ صـــحّت بـــه العرجــاءُ
وَلَقـــد خـــرّتِ الطـــوغيتُ إذ أو
مــــا إِليهــــا كأنّهــــا عقلاءُ
زالَ عــزُّ العــزّى ولــم يبـقَ للأص
نـامِ مِـن سـاكني البطـاح اِعـتزاءُ
لَــو أرادَ النــبيّ ســالت دمــاءٌ
مِـــن قريـــشٍ كأنّهـــا دأمـــاءُ
لَــو أرادَ اِشـتفى كمـا شـاء لكـن
مـا لـه فـي سـِوى هُـداها اِشـتفاءُ
قَـد تَغاضـى عـن كـلِّ مـا كان لا تص
ريـــحَ فـــي عتبهــم ولا إيمــاءُ
كـــلُّ أَمـــوالهم غنــائمُ أعطــا
هـــا إِليهـــم وكلّهـــم عتقــاءُ
قــالَ والكــلّ فــي يـديه أسـارى
دون تقييـــدٍ أنتـــم الطلقـــاءُ
ذلــكَ الحلـمُ ذلـك العفـوُ ذاك ال
فضــلُ ذاكَ الإفضــالُ ذاك الســخاءُ
فَاِســـتَحالت مَحاســناً ســيّئاتُ ال
قــومِ حتّــى كــأنّهم مـا أسـاؤوا
وَاِنجلــى عــن قُلــوبهم كـلُّ غيـمٍ
مِـــن ضـــلالٍ وَزالـــت الغمّـــاءُ
ثــمَّ صـاروا لـهُ وللـدينِ مِـن بـع
دُ هـــمُ الناصـــرون والنصـــحاءُ
فَســلِ العُــربَ وَالأعــاجم والنــا
سَ جَميعـــاً فهـــم بهــم علمــاءُ
أيُّ نــارٍ للحــربِ شــبّت ومـا كـا
نَ لَهـــم بالجهــاد فيهــا صــلاءُ
أيُّ فَتـحٍ قـد كـانَ في الشرقِ والغر
بِ وَمــا فيــه مــن قريــشٍ لـواءُ
وَكَفاهـــا أنّ الإِلـــه اِصـــطَفاها
وَلخيــرِ الأنــامِ منهــا اِصــطفاءُ
حـــيِّ أمَّ القــرى فَقــد قــابلتهُ
بِقِراهـــا وجــلّ منهــا القــراءُ
أَكرَمتـــه بذبـــحِ بعــض بنيهــا
ومقــامَ الــترحيب قــامَ النعـاءُ
فَلَكـــم بـــالحطيمِ حُطِّـــمَ قــومٌ
نــدَّ عنهُـم فـي النـدوة الجلسـاءُ
حــلَّ فـي المسـجدِ الحـرامِ وجوبـاً
كــــلُّ نَـــدبٍ مكروهـــهُ ســـرّاءُ
قَــد علا كعـبُ كعبـةِ اللَّـه والمـر
وة مثــلَ الصــفا أتاهـا الصـفاءُ
أَجلســته فــي حِجرِهــا ولقَـد كـا
نَ لــه فيــهِ قبــلُ نعـمَ الربـاءُ
مـا اِكتَفـت بالجلوسِ في الحجرِ حتّى
ضـــمّه مِـــن حنوّهـــا الأحشـــاءُ
أَرضــــَعته لبـــانَ زمـــزمَ طفلاً
فهــيَ مِنهــا اللبــانُ والإلبــاءُ
وَغَـــذتهُ بـــدرّها اليــومَ حتّــى
قــالَ هـذا الطعـامُ هـذا الشـفاءُ
وَمقـــامُ الخليــلِ كــان مقامــاً
للأعـــادي فــزالَ عنــه العــداءُ
بَيعـةُ الركـنِ منـه وهـو يميـنُ ال
لَــــهِ تمّـــت فتـــمّ الاِســـتيلاءُ
عَرفــاتٌ مِــن أجلــهِ عُــرفَ الحـق
قُ لَهــا فاِســتنارَ منهـا العـراءُ
ومنـــىً نــالَت المُنــى وأضــاءت
جَمَـــراتٌ بهـــا وفاضـــت دمــاءُ
كــلَّ عــامٍ عيــدٌ لَـديها وبـالمش
عَـــرِ للعيـــدِ ليلـــةٌ قمـــراءُ
وَليـــالي التشــريقِ أشــرقتِ الأر
ضُ بِهــا واِســتفاض فيهـا الهنـاءُ
كـــلُّ وحـــشٍ وكــلّ طيــرٍ ونبــتٍ
نـــــالَ أَمنــــاً فعمّــــتِ الآلاءُ
كـانَ دَينـاً فـي ذمَّة الدهرِ هذا ال
فتــحُ وَاليــومَ حــلّ منــه الأداءُ
كَفلتـهُ الـبيضُ اليمـانونَ مـن قـب
لُ فـــــأدّى الكفالـــــة الكفلاءُ
وَبســـُمرِ الخــطّ الــبراءةُ خطّــت
كَتَبتهـــا الكتيبـــةُ الخضـــراءُ
ثــمَّ ســارَ النــبيُّ نحــوَ حُنيــنٍ
بِخَميـــسٍ مـــا ضـــرّه أربعـــاءُ
وَالأعـــادي مِـــن عـــدّةٍ وعديــدٍ
لَعِبَـــت فـــي عقـــولهم صــهباءُ
ركـــبَ البغلــةَ النــبيُّ فزالــت
مِـــن خيـــولِ الفـــوارس الخيلاءُ
فــرّ صـَحبٌ إذ أعجَبـوا ثـمّ عـادوا
وَهــوَ نحــوَ العــدا بهــا عـدّاءُ
وَرَمــاهم بكــفِّ تــربٍ فصـارَ الـص
صــدرُ ظَهــراً وكــلّ وجــهٍ قفــاءُ
وَهنــاكَ الســيوفُ جــالَت فجـادوا
بِنفـــــوسٍ وهــــم بِهــــا بخلاءُ
أَقبَلــوا كــالحبوبِ عــدّاً فـدارت
فَـــوقَهم مِـــن حروبـــهِ أرحــاءُ
طَحَنَتهــــم ونارُهــــا خَبَزَتهـــم
لِلعَــوافي والطيــر منهــم غـذاءُ
وَلخيـرِ الرسـلِ الكـرامِ أبـي القا
ســمِ صــارَت أَمــوالُهم والنســاءُ
شـــَقيَت بِــالوغى هــوازنُ لــولا
جـــودهُ لاِســتمرّ فيهــا الشــقاءُ
ســـيّبَ الســبيَ للرضــاعِ وفــازت
بأيــــاديهِ أختــــهُ الشـــيماءُ
وَأَفــاضَ العطـاءَ فـي النـاسِ حتّـى
كَثُـــرَت مِـــن هبــاتهِ الأغنيــاءُ
حاصــَرَ الطــائفَ النــبيُّ علـى إِث
رِ حُنيــــنٍ وصــــحبهُ الأقويـــاءُ
فَقَضـــَت حكمـــةُ الحكيــمِ بعجــزٍ
عنــهُ كَــي لا ينــالهم الاِزدهــاءُ
وَنَهــاهُم فَمــا اِنتهــوا فَأتـاهم
مــا ثَنــاهُم فكـان بعـدُ اِنتهـاءُ
وَلَقـــد مـــرّتِ المَوانـــعُ لكــن
ربَّ مُـــرٍّ يكـــون فيــه الشــفاءُ
آمَنَـــت بَعـــدها ثقيــفٌ وجــاءَت
لا هيــــاجٌ منهــــا ولا هيجـــاءُ
إنَّمــا الخلــقُ خلــقُ ربّـك يجـري
فيهــمُ الأمــرُ فــاعِلاً مــا يشـاءُ
وَتــذكّر مِــن بعــدِ نصــرةِ بــدر
أُحـــداً كيــفَ كــان فيــه البلاءُ
كَــم بَكـت فـي تبـوكَ للـرومِ عيـنٌ
بَــذلوها وفــاضَ منهــا الــرواءُ
أَدهَشــــتهم أخبــــارهُ كشـــياهٍ
راعَهـــا قســورٌ وغــاب الرعــاءُ
أَجفَلـوا فـي البلادِ مـن غيـر حـربٍ
وَعَنــــاهم تحصــــّنٌ واِنــــزواءُ
ربّ رُعـــبٍ منهـــم لعجــمٍ وعُــربٍ
دونَ حـــربٍ بــه العــدا حربــاءُ
عَلِمـــوا أنّـــه النـــبيُّ ولكــن
نَفَـــذَ الحكــم فيهــم والقضــاءُ
وَأَتــاهُم مــن صــحبهِ بعــدُ جنـدٌ
كـــانَ منهُـــم لحكمـــهِ إجــراءُ
كـــلُّ لَيــثٍ أمــامهُ ألــفُ ثــورٍ
بَــل ألــوفٌ منهـم وزد مـا تشـاءُ
كَنَســـوهم مِـــنَ الشـــآم ولَكــن
بَقِيَـــت فــي القمامــةِ الأخثــاءُ
لَــو أَطــاعوا هِرقلهُـم إِذ نهـاهم
بِنهـــاهُ لمّـــا هُريقـــت دمــاءُ
وَأَتـــى المُصــطفى هنالــك قــومٌ
كــانَ مِنهــم بالجزيــةِ الإجـتزاءُ
دُومــــةٌ أيلــــةٌ وأذرحُ أعطـــا
هُـــم أَمانـــاً ومثلهــم جربــاءُ
وَبِهـــذي الغــزاةِ كــم معجــزاتٍ
شـــاهدَتها مِــن أحمــد الغــزّاءُ
كــانَ لِلــدينِ حيــنَ تجــري رواجٌ
وَنَفــــاقٌ وللنفــــاقِ اِنتفـــاءُ
ثــمّ عـادَ النـبيُّ وَالصـحبُ بـالفو
زِ وَطــــابت بطيبــــةَ الأنـــداءُ
وَتَســـاوى بِطــوعهِ الأســدُ الــور
دُ خُضـــوعاً والظبيـــة الأدمـــاءُ
وَاِســتَقامت لــهُ الأنــامُ وقــامَت
بِرضـــاهُ الخضـــراءُ والغـــبراءُ
قــادَهُم للرشــادِ طوعــاً وكرهــاً
ســــيفهُ وَالشــــريهةُ الغـــرّاءُ
غطفــــانٌ ذاتُ الرقـــاعِ بـــواطٌ
دومــــةٌ والعشــــيرة الأبـــواءُ
بــدر الأولـى بـدر الأخيـرةُ بحـرا
نُ ســــُلَيمٌ لحيـــانُ والحمـــراءُ
غَـــزوةُ الغابــةِ الســويق بلا أَد
نــى قتــالٍ فــرّت بهــا الأعـداءُ
وَســـَراياه نحـــوَ ســبعينَ ثمّــت
كــانَ فيهــا مِــن صـحبهِ الأمـراءُ
أَرســلَ الرســلَ لِلملــوكِ فَفـاهوا
بِلُغــاتٍ مــا هُــم بهــا علمــاءُ
صــانَعوه مِــن خَــوفهم بِالهـدايا
ليــسَ يُغنــي عـن الهـدى الإهـداءُ
وَأَتــاهُ الوفــودُ مِــن كــلّ وجـهٍ
ســــَرواتُ القبـــائلِ الوجهـــاءُ
فَحَبــاهُم بــرّاً وبُــرءاً فَعــادوا
وَهُــــم مــــن خلافـــهِ بـــرءاءُ
حَــجَّ حــجّ الـوداعِ إذ كَمُـلَ الـدي
نُ وغــبّ الــوداع كــان اللقــاءُ
صـــَحِبَته صــَحبٌ إلــى كــلّ خيــرٍ
هُــم ســراعٌ عَــن كــلّ شـرٍّ بطـاءُ
يمَّمــوا فـي البِطـاح للَّـه جـلّ ال
لَــه بَيتــاً لــه الــبروجُ فـداءُ
هــوَ منــهُ مَثابــةٌ يرجــعُ النـا
سُ إِليـــهِ وهُـــم بـــهِ أمَنـــاءُ
قِبلــةُ المُــؤمنينَ فــي الأرضِ لـلَ
هِ تَعــالى وهــو الصـراط السـواءُ
ســيّد الأرضِ غيــرَ بقعــةِ خيـر ال
خلــقِ فهــيَ الفريــدة العليــاءُ
هــوَ قلــبُ الأرضــين والحجـرُ الأس
وَدُ لِلقلـــــبِ حبّــــةٌ ســــوداءُ
وَســـَوادٌ لمكّـــةٍ وهــيَ عيــنُ ال
أَرَضــــين الكحيلـــة الـــدعجاءُ
قَـد كَسـتهُ القلـوبُ والأعيـنُ الحـو
رُ لِباســـاً بــه يــروق اِكتســاءُ
فَثَــوى كالمليـكِ مِـن حـوله النـا
سُ رَعايــا لهــم إليــهِ اِلتجــاءُ
وَإِذا مــا اِصـطفى المُهيمـنُ شـيئاً
شـــَرّفَ الشـــيءَ ذلــك الإصــطفاءُ
وَالصـــفا مَـــروةٌ منــىً عرفــاتٌ
مثــلُ جَمــعٍ عـمّ الجميـعَ الصـفاءُ
خيــرُ حـجٍّ فـي الـدهرِ حجّـوه لمّـا
كــانَ مِنهــم بالشــارعِ الإقتـداءُ
قَــد قضــَوا دَيــنَ نُسـكهم لكريـمٍ
عَــن جميــعِ الـوَرى لـه اِسـتغناءُ
لَهــمُ الحــظُّ لا لــه فــي ديــونٍ
قَــد وَفوهــا لــهُ ومنـه الوفـاءُ
فَرضـــــهُ أيُّ نعمـــــةٍ وأداءُ ال
فَــــرضِ أُخــــرى لا تُحصـــرُ الآلاءُ
فَلـهُ الحمـدُ وهـو منـهُ علـى الرف
دِ فمنــهُ النعمــى ومنـه الثنـاءُ
أكمــلَ اليــومَ دينَهــم رضـيَ الإس
لام دينــــاً وتمّــــت النعمـــاءُ
ثــمّ مــاتَ النـبيُّ بَـل أفلَـت شـَم
سُ الهُـــدى واِســـتمرّت الظلمــاءُ
فَجَميــعُ الأنــامِ منـهُ إلـى الحـش
رِ بليــــلٍ نجــــومهُ الأوليـــاءُ
كــانَتِ الكائنـاتُ تفـديهِ لـو يـق
بَــلُ مِنهــا عنــه لـديهِ الفِـداءُ
خَيّـــروهُ فاِختــارَ أَعلــى رفيــقٍ
لَــو أرادَ البقــاءُ كـان البقـاءُ
وهــو بــاقٍ بـاللَه فـي كـلّ حـالٍ
قبــل مــوتٍ وبعــد مــوتٍ ســواءُ
لقـــيَ اللَّـــه دون ســبقِ فــراقٍ
إنّمـــا أكّـــدَ اللّقـــاءَ لقــاءُ
مَـــوتهُ نَقلـــةٌ لأعلـــى فــأعلى
كـــلُّ عليـــاءَ فوقهـــا عليــاءُ
مــا أُصــِبنا بِمثلــهِ والبرايــا
لَـــن يُصـــابوا وهَــل لــه مثلاءُ
هـــوَ حَـــيٌّ فــي قــبرهِ ولهــذا
حُرِمَـــت مِـــن تراثــهِ الزهــراءُ
وَرّثَ العلــمَ والشــريعة لا المــا
لَ وَوُرّاثــــه هــــم العلمــــاءُ
خصــّه اللَّــه بالحيــاةِ علــى أك
مـــلِ حــالٍ يســيرُ حيــث يشــاءُ
كَـــــم رآهُ بيقظــــةٍ ومنــــامٍ
مِـــن محبّيـــه ســـادةٌ أصــفياءُ
ليــسَ تَبــدو للعيــنِ شـمسٌ بمـاءٍ
أَو هــــواءٍ إلّا وثــــمّ صــــفاءُ
واِستفاضــــَت بصـــدقهِ معجـــزاتٌ
بعضــُها كــلُّ مــا أتـى الأنبيـاءُ
عمّــتِ العــالَمين علــواً وســفلاً
وَأطــــاعتهُ أرضـــُها والســـماءُ
مَنـعَ الجـنّ في السماءِ اِستراقً الس
ســمعِ مــن بعــدِ بعثــه خُفَــراءُ
طَردوهــم بالشــهبِ عنهــا ففـرّوا
مِثلمـــا يطـــردُ الظلامَ الضــياءُ
وَدَعــا اللَّـه أَن تعـودَ لـه الشـم
سُ فَعــــادت كمـــا روت أســـماءُ
وَعَليـــهِ الغمـــامُ ظلّـــل حتّــى
مِثــلَ بـردِ الأصـيل أضـحى الضـحاءُ
عَلـــمَ الغيـــبَ فالــدهورَ كــآنٍ
هـــو فيـــهِ والكائنــاتُ إنــاءُ
مــا دَعــا اللَّـهَ ربّـه فـي أمـورٍ
كيــفَ كــانَت إلّا اِسـتجيب الـدعاءُ
طالَمـــا أُحييَـــت بــدعوتهِ مــو
تـــى ومـــاتت بـــدعوةٍ أحيــاءُ
كَــم عيــونٍ عُمــيٍ ورمــدٍ شـفاها
حَســــَدتها ســـوادَها الزرقـــاءُ
وَبِلمـــسٍ شــَفى الجــراحَ وأَبــرا
كــــلَّ داءٍ وليــــسَ ثــــمّ دواءُ
ســَمِعته الحجــارةُ الصــمُّ يــدعو
ســَلّمت حيــن صــحّ منــه اِدّعــاءُ
لَــو رآهــا المســيحُ قـال مُقـرّاً
هـــيَ حــقٌّ لــم يلحــق الإبــراءُ
قَــد حباهـا الحـيُّ القـدير حيـاةً
مَـع نطـقٍ مـا الميـتُ مـا الإحيـاءُ
حــنّ جـذعُ النخيـلِ حيـن نـأى عـن
هُ حَنينـــــاً كــــأنّه عشــــراءُ
لَـــو قَلاهُ ولَـــم يصـــلهُ بضـــمٍّ
أحرَقتـــهُ مِــن وجــده الصــعداءُ
وَأَتــــاهُ مــــنَ الفلا شــــجراتٌ
إِذ دَعاهــا كالســفنِ والأرض مــاءُ
وَعَليـــه الفيــءُ اِنحنــى بحنــوٍّ
كَيفَمـــا مـــالَ مــالت الأفيــاءُ
وَالحَصـــى ســـبّحت لعظـــمِ بنــيٍّ
جـــلَّ قَـــدراً وجلّـــت الخلفــاءُ
مِثلَمـــا ســبّح الطعــامُ ســروراً
حيـــنَ همّـــت بضـــمّه الأحشـــاءُ
وَغَــدا تحـتَ رجلـهِ الصـخرُ كـالرم
لِ وَكالصــــخرِ رَملــــةٌ وعســـاءُ
لا تَلومـــوا لرجفـــةٍ واِضـــطرابٍ
أُحـــــداً إذ علاه فالوجــــد داءُ
أُحـــــدٌ لا يلام فهـــــو مُحــــبٌّ
وَلَكـــم أطـــربَ المحـــبّ لقــاءُ
رعــدةٌ مِــن هــواهُ هــاجت كحُمّـى
بَـــرَدَت بعـــدَ حرّهـــا الأعضــاءُ
مُــذ شــفاهُ بضــربِ أبــركِ رجــلٍ
قــائلَ اِثبُــت لــم تعـره عـرواءُ
حَــذّرتهُ شــاةُ اليهـود مـن السـم
مِ بنطــــقٍ إخفــــاؤه إبــــداءُ
حَييـــت شـــاتُهم بِســـمٍّ مميـــتٍ
حيــنَ مــاتوا غيظـاً وهـم أحيـاءُ
غيـرُ بـدعٍ أَن أَفصـحت ظبيـةُ القـا
عِ بنطــــقٍ فإنّهــــا الخنســـاءُ
قَــد أتتـهُ الضـبابُ تشـهدُ بالصـد
قِ وَزكّــت بــالحقّ تلــك الظبــاءُ
وَالبعيــرُ اِدّعـى فكـانَ لـه الحـك
مُ لـــديهِ إِذ جـــارتِ الخصـــماءُ
وَبــهِ اِختــارتِ المقـامَ علـى مـس
جـــدهِ يـــومَ هـــاجرَ العضــباءُ
فَعَلـــت بـــالبروكِ مثــل صــناعٍ
ثـــمّ ثـــارَت كأنّهـــا خرقـــاءُ
ســابَقت بعضــَها المهــاري لنحـرٍ
فَكـــأنّ الـــدماء للــوِرد مــاءُ
جَـــدولاً ظنّـــتِ الحديـــدَ فعبّــت
فيـــهِ كومـــاءُ بعــدها كومــاءُ
قَــد أَطــاعتهُ فـي منـىً للمنايـا
كيـــفَ تَعصـــيه للمُنـــى العقلاءُ
زَهِــدَ الـذئبُ راحَ يَرعـى المواشـي
أَســــَمِعتم أنّ الـــذئاب رعـــاءُ
فقّـــهَ النـــاسَ بــالنبيّ بِنطــقٍ
أَذِئابٌ بيــــن الـــورى فقهـــاءُ
كَـــم ميــاهٍ لَــه بنبــعٍ وهمــعٍ
أَرســـَلتها الغــبراء والخضــراءُ
ربَّ جــدبٍ قَــد جـرّد النبـتَ فـالأر
ضَ مـــنَ الجـــدبِ ناقــةٌ جربــاءُ
وَالـــورى كلُّهـــم جِيــاعٌ عطــاشٌ
بــردَ الفــرنُ واِستشــنّ الســقاءُ
زالَ لمّـا اِسـتقى النـبيُّ فَفـاض ال
خصـــبُ فَيضـــاً وغــاض ذاك الغلاءُ
قَــد دَعــا اللَّــه قالبـاً لـرداهُ
جــلّ مَـن قَـد حـواهُ هـذا الـرداءُ
قَلــبَ اللَّــه ذلـكَ الحـالَ بالحـا
لِ لَــديهم فصــار يُشــكى الشـتاءُ
وَأَشـــارَ النـــبيُّ للســحبِ كفّــي
حَيِيَــت أَرضــُنا فمــاذا البكــاءُ
ضـــَحكَ النــاسُ للغيــاثِ وصــارت
تضـــحكُ الأرضُ منهـــم والســـماءُ
طَــربَ الكــلُّ شــاربين حميّــا ال
غَيــــثِ والأرضُ روضــــةٌ غنّــــاءُ
نَبَــع المــاءُ مِــن أصــابعِ طــه
أيـــنَ موســى وأيــن الاِستســقاءُ
أَصــــدَرت ركــــوةٌ مئيـــن رِواءً
وَرَدوهـــا وهُـــم عطـــاشٌ ظمــاءُ
وَإِنــــاءٌ لـــديهِ أروى ألوفـــاً
فــي تَبــوكٍ للَّــه هــذا الإنــاءُ
وَعيــــونٌ تبـــضُّ مثـــلَ شـــراكٍ
ليــسَ يُحصـى فـي وردهـا الشـركاءُ
ربَّ قــوتٍ لا يُشــبعَ الرهــطَ منــه
كـــانَ للألــفِ والألــوف اِكتفــاءُ
قَــد كَفــى جيشــهُ بِصــاع طعــامٍ
فَتعجَّـــب أَمـــا لهـــم أمعـــاءُ
وَعَنــاقٌ كفَــت ولَــو مِــن ســواهُ
مــا كَفتهــم لَـو أنّهـا العنقـاءُ
عــاشَ دهــراً أبـو هريـرةَ والمـز
وَدُ منــــهُ طعــــامهُ والعطـــاءُ
وَببـــدرٍ لَـــدى عكاشـــةَ صــارَت
منـــهُ ســـَيفاً جريـــدةٌ جــرداءُ
وَلِـذي النـورِ أشـرقَ السـوطُ كالمص
بـــاحِ منــهُ والجبهــةُ الغــرّاءُ
وَلســـلمانَ كَـــم بَــدت معجــزاتٌ
فــوقَ مــا قــاله لــه العلمـاءُ
مـــائةٌ أربـــعٌ وعشــرونَ ألفــاً
صــــحبُ طـــه وكلّهـــم ســـعداءُ
لَيـسَ مِنهـم مَـن لـم يشـاهد دليلاً
كـــانَ منـــهُ بنــوره الإهتــداءُ
كَثُــرت مُعجزاتــهُ فــالنجومُ الـز
زهــرُ تُحصــى وَمــا لهــا إحصـاءُ
وَتَعــــدّت آيــــاتهُ كـــلَّ عـــدٍّ
وَقَصـــى عــن حِســابها اِستقصــاءُ
وَالكرامــــاتُ كلّهـــا مُعجِـــزاتٌ
منــهُ كــانت لَهـا الغيـوب وعـاءُ
أَظهَرتهـا الأخيـارُ كالقـادحِ الـزن
دِ مَـتى اِحتـاجَ بـان منـه الضـياءُ
وَلــــهُ مُعجــــزات كـــلّ نـــبيٍّ
هــــيَ حــــقٌّ وكلّهـــم أمنـــاءُ
هُـــم جَميعـــاً أَضــواؤهُ ســبَقوه
وَعَلـــى الشــمسِ تســبق الأضــواءُ
وَأَتــى بعــدَهم فأحيــا البَرايـا
مِثلَمــا يَتبــعُ الــبروقَ الحيـاءُ
وَاِســتمرّت ولايــةُ اللَّــه إذ تــم
مَ بــــهِ للنبــــوّة الإرتقــــاءُ
فَهـوَ كـانَ الوسـيط فـي خيـر قـومٍ
حــــولهُ الأنبيـــاءُ والأوليـــاءُ
كَمليـــكٍ بـــه أحـــاطت جيـــوشٌ
منهــــمُ الحارســـونَ والأمـــراءُ
أَجمــلُ العــالمينَ خَلقــاً وخُلقـاً
مـــا لــهُ فــي جمــاله نظــراءُ
جــاوزَ الحــدَّ بالجمـالِ فلا الطـر
فُ مُحيــــطٌ بــــه ولا الإطــــراءُ
يوســفُ الحسـنِ أُعطـيَ النصـفَ منـه
وَبِــذاك النصــفِ اِفتتــن النسـاءُ
وَحَبـــاهُ اللّــه الجميــعَ ولكــن
مـــــا جَلاه النـــــاظرينَ اِجتلاءُ
قَـــد وَقـــى حُســـنه جلالاً وقــاه
ذا لِهــــذا وذا لهـــذا وقـــاءُ
مَنــعَ البعــضُ ســطوةَ البعـض كـلٌّ
كفـــؤُ كـــلٍّ هـــذا لهــذا إزاءُ
خَــوفُ هــذا يُـدني المنيّـة لـولا
ذاكَ يُبقــي الحيـاةَ فيـه الرجـاءُ
كــلُّ مـا فيـهِ غايـةُ الحسـنِ فيـه
وَمَزايـــــاهُ كلُّهــــا حســــناءُ
قامـــةٌ رَبعـــةٌ ووجـــهٌ جَميـــلٌ
لِحيـــةٌ مـــع جَمالِهـــا كثّـــاءُ
لَــم يُكلثَـم ولَـم يَطُـل منـه وجـهٌ
وَبِخـــــدّيه رقّــــةٌ واِســــتواءُ
أَبيــــضٌ مشــــربُ اِحمـــرارٍ علاهُ
جُمّــــةٌ فـــوقَ جيـــده ســـوداءُ
رَأســهُ الضـخمُ فـاحمُ الشـَعرِ رجلاً
ليــسَ ســبطاً وليـس فيـه اِلتـواءُ
أَبهــــجٌ أَبلـــجٌ أزجُّ أســـيل ال
خـــدِّ أَقنـــى وَجبهـــةٌ جلـــواءُ
أَكحــلُ الجفـنِ أدعـجُ العيـنِ نجلا
شـــُكلةٌ فـــي ســـوادها هــدباءُ
أَشـــنبٌ أفلـــجٌ ضــليعٌ إذا فــا
هَ تَلالا كـــالنورِ منـــه البهــاءُ
أَشــبَهَت جيــدهُ اِعتــدالاً وحســناً
دُميـــةٌ مَـــع بياضـــِها جيــداءُ
واســِعُ الصــدرِ فيــه شـعرٌ دقيـقٌ
معــهُ البطــنُ فـي اِرتقـاعٍ سـواءُ
ظَهـــرهُ خـــاتمُ النبـــوّة فيــهِ
أَســـفلَ الكتـــفِ حليــةٌ حســناءُ
أَجــردُ الجســمِ لحمــهُ باِعتــدالٍ
أَزهــرُ اللــونِ كـاللّجين الصـفاءُ
وَهــو شــثنُ الأطـرافِ ضـخمُ الكـرا
ديــــسِ لكـــن رجلـــهُ خمصـــاءُ
كـانَ نـوراً فـي الأرضِ ليـسَ لـه ظل
لٌ وهــــل أَنشـــأ الظِلالَ ضـــياءُ
كـانَ فـي الليـلِ ينظـرُ الشيء سيّا
نَ لـــديهِ الضـــياءُ والظلمـــاءُ
كـانَ مـن خلفِـهِ يَـرى الناسَ فالخل
فُ لـــــديهِ كـــــأنّه تلقــــاءُ
كــانَ كالمسـكِ يقطـرُ الجسـمُ منـه
عَرقــاً عَــن مـداهُ يكبـو الكبـاءُ
كــانَ ليــنُ الحريـرِ فـي راحـتيهِ
وَشــَذا المســكِ فيهمــا والـذكاءُ
كــانَ إن مــرّ ســالكاً فـي طريـق
أَرِجَـــت مِـــن أريجـــهِ الأرجــاءُ
كــانَ هَــذا مـن غيـر طيـبٍ أتـاهُ
إِذ هــو الطيــبُ والأديــم وعــاءُ
كــانَ يُرضــيه كــلّ طيــبٍ ولكــن
زادَ فَضــــلاً بزهــــره الحنّـــاءُ
كـانَ إِن فـاهَ أحسـنَ النـاسِ صـوتاً
وَبعيـــدَ المـــدى رواه الــبراءُ
كـانَ يفـترُّ عَـن سـنا الـبرق بسـّا
مَ الثنايـــا وضـــحكهُ اِســتحياءُ
كــانَ يَبكـي بـدونِ صـوتٍ كمـا يـض
حَــكُ قَــد طــاب ضــحكهُ والبكـاءُ
كــانَ يحكــي الكلامَ أبيَــنَ قــولٍ
ليــسَ ســَرداً وليــس فيــه هـراءُ
كــانَ لا يــأنفُ التواضــعُ مهمــا
جــلَّ قَــدراً ومــا لــه كبريــاءُ
كـانَ أَعلـى الأنـامِ في الكونِ زُهداً
قَــد تَســاوى الإقتــارُ والإثــراءُ
كــانَ لَــو شـاءَ أَن تكـونَ لَكـانت
ذَهَبـــاً مــع جِبالهــا البطحــاءُ
كـانَ يُعطـي الـديباجَ والخـزَّ للنا
سِ وَتكفيــــهِ شــــملةٌ وكســــاءُ
كــانَ يَبقــى شـَهراً وأكـثر لا يـو
قِــدُ نــاراً والعيــش تمـرٌ ومـاءُ
كـانَ يَرضـى بالأسـودَين ويُرضي النا
سَ منـــهُ البيضـــاء والصـــفراءُ
كـانَ لَـم يجتَمـع لـديهِ مـن الخـب
زِ بلحــــمٍ غــــداؤهُ والعشـــاءُ
كــانَ يَكفيــهِ عَــن عشــاءٍ غـداءٌ
وعَشـــاءٌ بـــه يكـــون اِكتفــاءُ
كــانَ مثــلَ المســكينِ يجلـس للأك
لِ فَلا مُتّكــــا لــــه لا اِتّكـــاءُ
كـــانَ يُرضـــيهِ كـــلُّ طعــم حلالٍ
وَلـــديهِ المحبوبـــةُ الحلـــواءُ
كــانَ يَهـوى اللحـومَ طَبخـاً وشـيّاً
عَـــن يســـارٍ ومثلُهــا الــدبّاءُ
كـانَ يَهـوى بعـضَ البقـولِ كَمـا جا
ءَ وَمِنهـــا الشــمارُ والهنــدباءُ
كــانَ يَهــوى زُبــداً بتمـرٍ وممـا
كــانَ يَهــوى البطّيــخ والقثّــاءُ
كــانَ يَهـوى عـذب المِيـاه فَيسـتع
ذِبهـــا مِـــن بيوتهــا الســقّاءُ
كــانَ يهـوى الشـرابَ مـاءً وشـهداً
فهـــوَ لِلجســـمِ لـــذّةٌ وشـــفاءُ
كــانَ فــوقَ الحصـيرِ يرقُـد زهـداً
أَو أديـــمٌ حشـــي بليــفٍ وطــاءُ
كــانَ هَــذا فِراشــهُ ومــنَ الصـو
فِ دِثـــارٌ بـــهِ يكــون الغطــاءُ
كــانَ إن نـامَ نـامَ يـذكُر مَـولا
هُ تَعــــالى ونــــومُه إغفــــاءُ
كــانَ يَسـتَيقظ الكـثيرَ مـنَ اللـي
لِ يصــــلّي لا ســــمعةٌ لا ريـــاءُ
كـانَ يَمشـي هونـاً فيسـبقُ كلّ الصح
بِ والكـــــلّ مُســـــرعٌ مشــــّاءُ
كــانَ قَــد يركـبُ الحمـارَ عُفَيـراً
وَمَشـــى حافيــاً وغــاب الــرداءُ
كــانَ خيــرَ الأنــامِ خُلقـاً فلا ال
فحـــشُ ملـــمٌّ بــهِ ولا الفحشــاءُ
كــانَ مـن سـاءَهُ حبـاهُ وأبـدى ال
عــذرَ حتّــى ظـنّ المسـيء المسـاءُ
كــانَ عــن قُــدرةٍ صـفوحاً سـموحاً
ليــسَ فــي النــاس مثلـه سـُمَحاءُ
كـانَ يَرضـى بالفقرِ زُهداً ويعطي ال
وفـــرَ حتّــى تســتغنيَ الفقــراءُ
كـانَ بـالخيرِ يسـبقُ الريـحَ جـوداً
أيــنَ منــهُ الجنــوب والجربيـاءُ
كـانَ أَنـدى الأجـوادِ كفّـاً ومـا كف
فتــهُ عـن حاجـةِ الـورى الحوجـاءُ
كــانَ لَــم يـدّخر سـِوى قـوت عـامٍ
ثــمَّ يَــأتي عليــه بعـدُ العطـاءُ
كـانَ أَقـوى الأنـام بطشـاً وإن صـا
رَعَ ذلّــــت لبطشــــه الأقويـــاءُ
كـانَ خيـرَ الشـجعانِ فـي كـلّ حـربٍ
كيــفَ يَخشــى واللَّــه منـه الكلاءُ
كــــانَ للَّـــه ســـخطهُ ورضـــاهُ
بِرضـــى ربّـــه لـــه اِسترضـــاءُ
كــانَ بــرّاً بــالمؤمنينَ رؤوفــاً
وَرَحيمـــــاً وصــــحبهُ رحمــــاءُ
كــانَ فيـهِ القـرآنُ خُلقـاً كريمـاً
شــــدَّةٌ فـــي محلّهـــا ورخـــاءُ
كـانَ خيـرَ الأخيـارِ رِفقـاً وكلُّ الل
لطــفِ منــه قَــد نـاله اللطفـاءُ
كــانَ أَتقــى للَّــه مِـن كـلِّ عبـدٍ
أيــنَ منــهُ العبــادُ والأتقيــاءُ
كــانَ خيــرَ الأنـامِ فـي كـلِّ خيـرٍ
مــا لِخلــقٍ ســِواه معـه اِسـتواءُ
كـــانَ مَغفــورَ كــلِّ ذنــبٍ ولا ذن
بَ وَلكــن بالصــفحِ تــمّ الصــفاءُ
سـيّدَ الرسـلِ يـا أبـا الكـونِ يـا
أوّل خلــقٍ يــا مـن بـه الإنتهـاءُ
سـَوفَ يَبـدو فـي الحشرِ جاهُك كالشم
سِ مَــتى أعــوزَ الأنــام الضــياءُ
سـابِقُ الخلـقِ أَنـت بـالبعثِ والرس
لُ جنـــودٌ وفــي يــديك اللــواءُ
خصـــَّك اللَّــه بالشــفاعةِ فَــرداً
فـــي مقـــامٍ يخــافه الأنبيــاءُ
أَنــتَ فيــه الإمــامُ تســجدُ لــلَ
هِ وكــــلّ الـــورى هنـــاك وراءُ
وَلَـك الحـوضُ دونـهُ الشـهدُ والمـس
ك وَمــا الشــاربونُ منــه ظمــاءُ
وَلـــكَ الأمّـــةُ المحجّلــةُ الســا
بقـــةُ الخلـــق خلفــك الغــرّاءُ
أَنـتَ أصـلُ الجنـانِ يـا سابق الكل
لِ إليهــا يهنيــك منــك الهنـاءُ
خصـــّكَ اللَّــه بالوســيلةِ فيهــا
رُتبـــةٌ فـــوق خلقـــهِ عليـــاءُ
فَوقــكَ اللَّــه عــزّ جــلّ تعــالى
ثـــمَّ أنـــتَ الأمّـــارُ والنهّــاءُ
كــلُّ خلــقٍ هنــاك دونـك فـي كـل
لِ كمـــــالٍ تعــــذّرَ الإحصــــاءُ
ســيّدي يــا أبــا البتـولِ سـؤالٌ
مِـــن فَقيـــرٍ جـــوابه الإعطــاءُ
جِئتُ أَبغــي منــكَ النـوال وعنـدي
منــكَ يـا أعلـمَ الـورى اِسـتفتاءُ
مــا تقولــونَ ســادَتي فــي محـبٍّ
مَطـــلَ الصــيفُ وعــده والشــتاءُ
يَبتَغــي قُربَكــم فينــأي كـأنّ ال
عَبـــدَ منــهُ للإبتعــاد اِبتغــاءُ
كُــلّ عــامٍ يقـولُ كِـدنا وكـانَ ال
وَصــلُ يَــدنو وَمـا لكـادَ اِنتهـاءُ
قَصــرَت عَــن خُطــا الكـرامِ خُطـاه
فــي سـبيلِ الهـدى وطـال الحفـاءُ
وَهـوَ عـارٍ ممّـا يقـي الحـرّ من أع
مـــالِ خيـــرٍ لا كســوةٌ لا كســاءُ
وَفقيــرُ الأعمــالِ والمـالِ والحـا
لِ فَقيـــرٌ فـــي ضـــمنهِ فقــراءُ
مـا اِجتَـدى قـطُّ مِـن سـِواكم نوالاً
ســـيّءٌ مِـــن ســـواكمُ الإجتــداءُ
وَأَتــاكُم يَبغــي نـداكم وقـد عـم
مَ البرايــا مـن بحركـم الإجتـداءُ
يَبتَغـي الحـبَّ يَبتغـي القُـرب يبغي
كــلَّ خَيــرٍ قــد نــاله السـعداءُ
يَبتَغــي أَن تحيــلَ منـهُ الخطايـا
حَســـناتٍ مــن جــودكَ الكيميــاءُ
يَبتَغــي عيشـةً لـديكُم يطيـب الـس
ســـرُّ فيهـــا وتحصـــل الســرّاءُ
يَبتَغــي فــي جِــواركم خيـرَ مـوتٍ
نـــالهُ الصـــالِحون والشـــهداءُ
وَأَتــــاكُم مُستَشـــفعاً بِـــأخيكم
جِبرئيـــلٍ ومــن حــوَتهُ الســماءُ
وَبِــــأولادِكم رُقيّــــة عبـــد ال
لَـــهِ مِنهــم وللبتــول اِرتقــاءُ
أمُّ كلثــوم زينــب القاسـم إبـرا
هيـــمُ نعــمَ البنــات والأبنــاءُ
وَبِأهـــلِ العبـــاءِ أنـــت علــيٌّ
حَســــنٌ والحســــين والزهـــراءُ
وَبنيهِـــم ومَـــن تناســلَ منهُــم
فَلَهــم حكــمُ مَــن حـواهُ العبـاءُ
أَذهــبَ اللَّــه رِجســهم فهــم مِـن
كــلِّ عَيــبٍ عــاب الـورى أبريـاءُ
حبُّهـــم جنّـــةُ المحــبِّ إذا لــم
تَصــــحَبَنهُ لصــــحبك البغضـــاءُ
ســادَتي يــا بنــي النـبيّ نـداءٌ
مِــن عُبيــدٍ يُرضـيه هـذا النـداءُ
ســـادةُ النــاسِ أنتُــم باِتّفــاقٍ
وَخلافٌ فــــي غيركـــم أو خفـــاءُ
مـا اِدّعيتُـم فضـلاً علـى الخلق إلّا
ســــلّمتهُ الأعـــداء والأصـــدقاءُ
إنّمـــا يحصــرُ الإمامــةَ بــاِثني
عشـــرَ الخـــاطئون وهــو خطــاءُ
فَلَقـــد قــلَّ ألــفُ ألــفِ إمــام
مِنكـــم جـــائزٌ بهــم الاِقتــداءُ
أنتُـــم كلّكـــم أمــانٌ لأهــلِ ال
أرضِ إِن زلتـــمُ أتاهــا الفنــاءُ
وَبِكـــم تــؤمنُ الضــلالةُ كــالقر
آن فيكـــم للمقتـــدين اِهتــداءُ
أَنتُـــم للنجـــاةِ خيـــرُ ســفينٍ
كلَّمــا فــاضَ فـي البرايـا البلاءُ
أَنتُـــم بضــعة النــبيّ فكونــوا
كيــفَ كُنتــم فمــا لكــم أكفـاءُ
جَــدُّكم شـاءَ أن تَكونـوا كمـا كـا
نَ بِعيــشٍ هــو الكفــاف الكِفــاءُ
لـــو أَراد الغِنـــى لأنبتــتِ الأر
ضُ نُضـــاراً وأمطرتـــه الســـماءُ
فَتأســــّوا بِســــادةٍ ســــَبقوكم
فَارَقوهــا ومنيــةُ النفــس مــاءُ
قَـد مضـَوا غـارقينَ فـي رحمـةِ اللَ
هِ وَبــــاءت بســــخطه الأعـــداءُ
وَبعمّيـــكَ حمـــزةٍ وأبــي الفــض
ل أخيـــه ومــن حــواه الكســاءُ
وَبِأهــلِ التوحيـدِ مـن أهـلِ قربـا
كَ وَبالشـــركِ تبعـــد القربـــاءُ
مَـن سـألتَ الـودادَ بالحصـرِ فيهـم
لــكَ أجــراً وقــلّ هــذا الجـزاءُ
وَبِزوجاتــــكَ الألـــى عمّهـــنَّ ال
فَضـــلُ إِذ ضــمّهنّ منــك البنــاءُ
ســــَبقتهنّ والجميــــعُ جيــــادٌ
للمَعــــالي خديجــــة الغـــرّاءُ
وَبروحــي فخــرُ النسـاءِ علـى الإط
لاق ذات الفضـــــائل الحمــــراءُ
بنــتُ صــدّيقكَ الأحــبّ مــن الكـل
لِ إِليـــك الصـــدّيقة العـــذراءُ
أَعلـمُ العالِمـات فـي النـاس عنها
قَــد روى شــطرَ ديننــا العلمـاءُ
ذاتُ فضـلٍ لـو كـان يقسـمُ فـي كـل
لِ نِســاءِ الــورى فضــلن النسـاءُ
مَــن أراكَ الرحمــنُ صــورَتها قـب
لُ حَوتهـــا الحريـــرة الخضــراءُ
بيــنَ ســحرٍ لهــا ونحــرٍ وفــاةٌ
لـكَ كـانَت يـا نعـمَ هـذا الوفـاءُ
سـهّلَ المـوتُ رؤيـةَ اليـد في الجن
نَــةِ مِنهــا وهـيَ اليـد البيضـاءُ
رضــيَ اللَّــه عَــن أَبيهـا وعنهـا
وَرضــــــيتُم فَلتســـــخط الثقلاءُ
حبّــذا حفصــةٌ فقَـد جـاءَ عـن جـب
ريــلَ فيهــا عــن الإلـهِ الثنـاءُ
حبّـــذا زينــبُ الّــتي زوّج الــلَ
هُ وطــالَ الجميــع منهـا السـخاءُ
ســــَودةٌ زينــــبٌ جويريــــةٌ رَم
لـــةٌ هنـــدٌ ميمونــةٌ والصــفاءُ
هـــنّ كالســـابقاتِ خيــر نســاءٍ
خيّـــــراتٍ أصـــــولها أصــــلاءُ
أمّهــــاتٌ للمُـــؤمنين بهـــنّ ال
فخـــر نــالت أمّ الــورى حــوّاءُ
وَبصــدّيقكَ الكــبيرِ إمــام الــص
صـــحبِ والكـــلّ ســـادةٌ كــبراءُ
وهِزبــرٍ بــهِ الملــوك بنــو الأص
فـــرِ بــادوا وفــارسُ الحمــراءُ
وبـــزوجِ النـــورَين خيــر حيــيٍّ
منـــهُ يـــأتي الملائك اِســتحياءُ
وَبِمَـــولىً خلّفـــت يـــوم تبــوكٍ
منــكَ فــي خيــبرٍ أتـاه اللـواءُ
فَضـــلهُم هكَـــذا اِســتقرّ ولكــن
زادَ عـــدّاً فمــا لــه اِســتقراءُ
وَبِكـــلِّ الأصـــحابِ والتـــابعيهم
وَالأُلــــــى بعــــــدَهم ثلاثٌ ولاءُ
وَبِأهـــلِ الحـــديثِ مَــن بلّغــوه
وِلنعــــمَ الأئمّــــة الفقهــــاءُ
حَفِظـــوا بعــدكَ الشــريعةَ حتّــى
صــارَ مِنهــا للــواردينَ اِرتـواءُ
وَالأُلــى ســهّلوا المــذاهبَ فيهـا
حيــثُ تَجــري ســاداتنا العلمـاءُ
وَالأُلــى أَظهــروا الطـرائقَ منهـا
بِســـلوكٍ مـــا شـــانهُ إغـــواءُ
وَهــمُ العــارفونَ بـاللَّه أهـل ال
حَـــقّ أهــلُ الحقــائق الأوليــاءُ
فَهَــدى النــاسَ لَفظُهــا وَمعــاني
هـــا وَأَســـرارها وكـــلٌّ ضــياءُ
بِمحبّيــكَ مِــن فَنــوا بــكَ حبّــاً
وَلَهُــم بِالفنــاءِ كــان البقــاءُ
وَبكــلِّ الأخيــارِ مِــن أمّــة عــي
ســى خِتــامٌ لهــا وأنـت اِبتـداءُ
حالـةُ العبـدِ يـا شـفيعَ البرايـا
وَهُــــم كلُّهــــم لـــه شـــفعاءُ
أتُــراهُ وَالحـالُ هـذا أبـا القـا
ســـمِ حِــلٌّ عــن مثلــهِ الإغضــاءُ
أَتُـــراه يجــوزُ مــن غيــر بــرٍّ
وَيجـــوزُ القِلــى لــه والجفــاءُ
أَو يكــونُ القبــولُ منكـم جوابـاً
وَجَـــزاءً لـــه ونعـــم الجــزاءُ
لَكُــمُ الفضــلُ كيــف كنتـم ولكـن
مـــا تقــولُ الشــريعةُ الغــرّاءُ
جئتَ فيهـــا بكـــلِّ خلــقٍ كريــمٍ
يـا سـِراجاً بـهِ الكـرامُ اِستضاؤوا
ســيّدَ العــالمينَ يــا بحـرَ جـودٍ
قَطـــرةٌ مـــن ســخائهِ الأســخياءُ
هَـــذهِ طيبــةٌ بمــدحكَ قــد طــا
لَـــت وَطــابَ الإنشــادُ والإنشــاءُ
كلَّهــا وهــيَ ألــف بيــتٍ قصــورٌ
عنـــكَ ضـــاقت وإنّهـــا فيحــاءُ
ســَكَنتها أبكــارُ غــرِّ المعــاني
منــكَ فهــيَ المدينــة العــذراءُ
كــلُّ معنــىً بلقيـسُ والـبيت صـرحٌ
ومــنَ الــدرّ لا الزجــاج البنـاءُ
ســِرتُ فيهــا بــإثر شــيخٍ إمـامٍ
قَـــد أقـــرّت بســبقه الشــعراءُ
وَبِحَســـبي أنّــي المصــلّي وأنّ ال
مُنشـــــديها كــــأنّهم قــــرّاءُ
أَنــتَ عنّــي وعَــن ثنــائي غنــيٌّ
مـــا لعليـــاكَ بالثنــاءِ اِعتلاءُ
إنّمــــا أَنـــتَ ســـيّدٌ أريحِـــيٌّ
لــكَ قَبلــي بالمــادحين اِحتفـاءُ
وَإِذا لَـــم أكُـــن بمــدحكَ حســّا
نـــاً فَهـــذي قصـــيدتي حســناءُ
لَــو رَآهــا كعــبٌ لقــال ســعادٌ
أمَـــةٌ مـــن إمائهـــا ســـوداءُ
مـا لَهـا فـي الكِـرامِ غيـرك كفـؤٌ
بــانَ عنهــا الأكفــاءُ والإكفــاءُ
لَـم تـزِد قـدركَ الرفيـعَ سـوى مـا
زادَ فـي الشـمس مـن سناها البهاءُ
هــيَ أوصــافُكَ الجميلــةُ إن كــا
نَــت قَصــيداً أو لـم تكنـه سـواءُ
أَنــا أدريـكَ سـابق المـدحِ مهمـا
بـــالَغت فــي مــديحكَ البلغــاءُ
لا وصـــولٌ لغيـــرِ مبــدأِ عُليــا
كَ ومــا للعقــول بعــد اِرتقــاءُ
قاصــرٌ عــن بلــوغِ فضــلكَ مــدح
هـــوَ فـــي كــلّ فاضــلٍ إطــراءُ
كــلُّ وصــفٍ فــي العـالمين جميـلٍ
لـــكَ مَهمـــا تعـــدّد الأســـماءُ
فَلَــك الحمــدُ يــا محمّـدُ يـا أح
مَــدُ مِــن كــلّ حامــدٍ والثنــاءُ
أنــتَ أَزكـى الأنـامِ فـي كـلّ خيـرٍ
لِلمزكّيـــنَ منــك جــاء الزكــاءُ
فــي ثنـاءِ المثنيـنَ نعمـاء لكـن
منـــكَ كــانت عليهــم النعمــاءُ
لــم يُزاحِـم مـدّاحكَ البعـضَ بعضـاً
أنــــتَ بحـــرٌ والمـــادحون دلاءُ
وَعَجيـــبٌ دعـــواهمُ فيــك مــدحاً
منــــكَ فيـــه الإمـــداد والإملاءُ
كـانَ مِنهـم إنشـادهُ حينَ يسري الس
ســـرُّ فيهـــم فينشـــأ الإنشــاءُ
وَاِعتقــادي أَن لــو مُــدحتَ بسـفرٍ
عَرضـــهُ الأرضُ كلّهـــا والســـماءُ
مــا حَــوى مِــن غزيـرِ فضـلكَ إلّا
مثــلَ مــا حـازَ مـن بحـارٍ ركـاءُ
مَثَلــي فيـكَ فـي مَـديحي كمـا لـو
وصــــفَ العــــرشَ ذرّةٌ عمشــــاءُ
وَصــَفت مــا رَأتــهُ منــه ولكــن
فــاقَ منــهُ العلــوّ منــك العلاءُ
غَيــر أنّــي أدريــكَ سـمحاً سـخيّاً
عربيّـــاً يرضــيك فيــك الثنــاءُ
وَدَواعـــي حـــبٍّ دَعتنـــي دعــاوٍ
هـــيَ منّــي ومــا لهــا شــهداءُ
واِحتِيـاجي إليـكَ فـي كـلّ مـا يـأ
تـــي وجلّـــت فيمــا مضــى الآلاءُ
وَبِقلــــبي وَقــــالبي كـــلّ داءٍ
شــفَّ روحــي وأنــتَ أنـت الشـفاءُ
فَحَــداني هــذا علــى خيــرِ مـدحٍ
هــزّ منــه الأرواح نعــم الحـداءُ
لِقليـــلٍ ممّـــا منحـــتَ قضـــاءٌ
هـــو منّـــي وللكــثير اِقتضــاءُ
لَــم أَكُـن أَسـتطيع لـو لـم يُعنّـي
منــــكَ ســـرٌّ وســـيرةٌ حســـناءُ
فَتَقبّــل واِعطِــف وكُـن لـي شـفيعاً
يـــومَ تحتــاجُ فضــلك الشــفعاءُ
وَأَجِرنـــي وعــترَتي مــن زمــاني
فَـــــدواهيهِ كلّهــــا دهيــــاءُ
عـادَ فيـهِ الـدينُ المـبينُ كما قل
تَ غَريبــــاً وأهلــــه غربــــاءُ
فَتـــداركهُ قبـــلَ أن تَخطُــرَ الأخ
طـــارُ فـــاليومَ مســّه الإعيــاءُ
وَتكـــــرّم بشـــــدّهِ فقُـــــواه
نالَهـــا بالشـــدائدِ اِســـترخاءُ
صــارَ للشــركِ فــي أذاهُ اِشـتراكٌ
حيــنَ مــا للنِفـاق عنـه اِنتفـاءُ
كَـم أبـو جهـل اِسـتطالَ علـى الدي
نِ وكَــــم ذا أزرت بــــه الجهلاءُ
وَلَكــم فــي ثيــابهِ ابــن سـلولٍ
شــــاكهُ مِــــن نفـــاقه ســـلّاءُ
مــا اِغــتراري بمَـن تلـوّن منهـم
وَالأفــــاعي أشـــرُّها الرقطـــاءُ
مِلـــءُ قَلـــبي محبّـــةٌ لمحبّـــي
كَ وإِن قــلّ فــي فــؤادي الصـفاءُ
وَاِرتِيــاحي فـي بغـضِ قـومٍ لـديهم
لــكَ يــا ســيّد الــورى بغضــاءُ
لا أُواليهـــمُ الزمـــانَ ولا هـــم
لـــيَ مـــا ذرّ شـــارقٌ أوليــاءُ
لا يرانـــي الرحمـــن إلّا عـــدوّاً
لأعاديـــكَ أحســـنوا أم أســاؤوا
رضــيَ اللَّــه مَـن رضـيتُ ومـن لـم
تــرضَ عنــهُ فــاللَّه منــه بـراءُ
فَـاِرضَ عنّـي بـاللَّه واِسـمح وقُل لي
قَـــد قَبِلنـــاك أيّهــا الخطّــاءُ
وَمــنَ الفــوزِ أن أكــونَ لــديكم
ثاويـــاً لا يمــلّ منّــي الثــواءُ
ليـتَ شـِعري هـل يقبـلُ اللَّـه شعري
وَجَميعـــي عُجـــبٌ وكلّـــي ريــاءُ
بـــكَ أرجـــو قبـــولَهُ وقبــولي
محــض فضــلٍ ولــن يخيـب الرجـاءُ
أنــتَ شــمسٌ وفــي ســناكَ ظهـوري
غيـــرُ مُســـتغربٍ لأنّـــي هبـــاءُ
كَــم فقيــرٍ بلَحظــةٍ منــك أضـحى
عَــن جميــعِ الـوَرى لـهُ اِسـتغناءُ
قَــد أجـزت المـدّاحَ قبلـي فكـانت
ســـُنّةً واِقتـــدى بــك الكرمــاءُ
فَــأجِزني بِمــا تطيــبُ بــهِ نــف
ســكَ فضــلاً يــا سـمحُ يـا معطـاءُ
لَســتُ أَبغـي قـدري ولا قـدرَ شـعري
قـدرَ جـود المعطـي يكـون العطـاءُ
وَبِحســـبي صـــلاحُ دينــي ودنيــا
يَ وحســُن الختــام فيــه اِكتفـاءُ
فَعَليــكَ الصــلاةُ تبقــى مـن الـلَ
هِ كَمـــا شـــاء كـــثرةً وتشــاءُ
وَعليــكَ الســلامُ منــهُ علــى قَـد
رك قــــدرٌ لا يعــــتريه فنـــاءُ
وَعَلـــى الأوليــاءِ آلــك والصــح
بِ ومــــن للجميــــع فيـــه ولاءُ
مـا قَضـى اللَّـه في الورى لكَ مدحاً
ولـــهُ الحمـــدُ كلّــه والثنــاءُ
يوسف بن إسماعيل بن يوسف النبهاني.شاعر أديب، من رجال القضاء، نسبته إلى بني نبهان من عرب البادية بفلسطين.استوطنوا قرية (إجزم) التابعة لحيفا في شمالي فلسطين، وبها ولد ونشأ وتعلم في الأزهر بمصر سنة (1283 - 1289هـ)، وذهب إلى الأستانة فعمل في تحرير جريدة (الجوائب) وتصحيح ما يطبع في مطبعتها.ثم عاد إلى بلاد الشام (1296هـ) فتنقل في أعمال القضاء إلى أن أصبح رئيس محكمة الحقوق (1305هـ) وأقام زيادة على عشرين سنة، ثم سافر إلى المدينة مجاوراً ونشبت الحرب العامة الأولى فعاد إلى قريته وتوفي بها.له كتب كثيرة منها: (جامع كرامات الأولياء - ط)،(رياض الجنة في أذكار الكتاب والسنة - ط)، (المجموعة النبهانية في المدائح النبوية - ط)،(تهذيب النفوس - ط)، (الفتح الكبير - ط)، (الأنوار المحمدية - ط).