
الأبيات7
أميـري يـا مـن ندى كفه
يزيد على العراض الممطر
أرى يومنـا يوم كأسٍ تدو
ر مـن يـد ذي دعـجٍ أحور
وأبيض يحدوك سكر الغرام
علـى لثـم شـاربه الأخضر
بحمــرة وجنتــه تسـتدل
علـى أنـه من بني الأصفر
وأنـك مـن دونـه قد ضرب
ت هامـة ذي لبـدةٍ قسـور
وشـعر ابن حجاج يا سيدي
يغنـي بـه عبدك الهنكري
غنـاءٌ وشـعرٌ لنـا يجمعا
ن ما بين زلزل والبحتري
الحسين ابن حجاج
العصر العباسيقال الصفدي: ((وديوانه كبير إلى الغاية، أكثر ما يوجد في عشر مجلدات، ورأيته كثيراً في مجلدين، ولما أراد ابن الهبارية أن يسلك طريقته قصر وكان الولى به الإمساك عن مجاراته لو تبصر)وله في وصف شعره قطع كثيرة كقوله:لــو جــد شــعري رأيـت فيـه كــواكب الليــل كيــف تســريوإنمــــا هزلــــه مجــــون يجــري بـه فـي المعـاش أمـريوقوله:يـا سـيدي هـذي القوافي التي وجوهـــا مثـــل الـــدنانيرخفيفـــةٌ مــن نضــجها هشــةٌ كأنهـــا خـــبز الأبـــازيروقوله:فـــــإن شـــــعري ظريـــــفٌ مــــن بابــــة الظرفــــاءألـــــذ معنـــــى وأشــــهى مــــن اســــتماع الغنـــاءونعت نفسه في بعضها ب"نبي السخف" قال:رجـل يـدعي النبـوة فـي السخ ف ومــن ذا يشـك فـي الأنبيـاءجـاء بـالمعجزات يـدعو إليها فـأجيبوا يـا معشـر السـخفاءوهو من شعراء اليتيمة قال الثعالبي: (وهو وإن كان في أكثر شعره لا يستتر من العقل بسجف، ولا يبني رجل قوله إلا على سخف. فإنه من سحرة الشعر، وعجائب العصر. وقد اتفق من رأيته وسمعت به من أهل البصيرة في الأدب وحسن المعرفة بالشعر على أنه فرد زمانه في فنه الذي شهر به، وأنه لم يسبق إلى طريقته، ولم يلحق شأوه في نمطه، ولم ير كاقتداره على ما يرده من المعاني التي تقع في طرزه، مع سلاسة الألفاظ وعذوبتها، وانتظامها في سلك الملاحة والبلاغة. وإن كانت مفصحة عن السخافة، مشوبة بلغات الخلديين والمكدين وأهل الشطارة. ولولا أن جد الأدب جد وهزله هزل كما قال إبراهيم بن المهدي لصنت كتابي هذا عن كثير من كلام من يمد يد المجون فيعرك بها أذن الحرم. ويفتح جراب السخف فيصفع بها قفا العقل. ولكنه على علاته تتفكه الفضلاء بثمار شعره، وتستملح الكبراء ببنات طبعه، وتستخف الأدباء أرواح نظمه، ويحتمل المحتشمون فرط رفثه وقذعه. ومنهم من يغلو في الميل إلى ما يضحك ويمتع من نوادره، ولقد مدح الملوك والأمراء، والوزراء والرؤساء، فلم يخل قصيدة فيها من سفاتج هزل، ونتائج فحشه، وهو عندهم مقبول الجملة غالي مهر الكلام، موفور الحظ من الإكرام والأنعام، مجاب إلى مقترحه من الصلات الجسام، والأعمال المجدية التي ينقلب منها إلى خير حال، وكان طول عمره يتحكم على وزراء الوقت ورؤساء العصر، تحمكم الصبي على أهله، ويعيش في أكنافهم عيشة راضية، ويستثمر نعمة صافية ضافية. وديوان شعره أسير في الآفاق من الأمثال، وأسرى من الخيال. وقد أخرجت من ملحة الخيالة من الفحش المفرط، الحالية بأحسن المقرط، ونوادره التي تسر النفس، وتعيد الأنس.ما يستغرق وصف ابن الرومي:شـرك العقـول ونزهةٌ ما مثلها للمطمئن وعقلـــه المســتوفزإن طال لم يملل وإن هي أوجزت ود المحـدث أنهـا لـم تـوجزنَعَــوهُ عَلــى ضــَنِّ قَلـبي بِـهِ فَلِلَّــهِ مـاذا نَعـى الناعِيـانِرَضــــيعُ وَلاءٍ لَــــهُ شـــُعبَةٌ مِـنَ القَلـبِ فَـوقَ رَضيعِ اللِبانِوآخرها:لِيَبــكِ الزَمــانُ طَـويلاً عَلَيـكَ فَقَــد كُنـتَ خِفَّـةَ روحِ الزَمـانِقال الخطيب البغدادي: (سرد أبو الحسن الموسوي، المعروف بالرضي، من شعره فى المديح والغزل وغيرهما، ما جانب السخف فكان شعراً حسناً متخيراً جيداً)وهو أحد من وصفهم التوحيدي في الليلة الثامنة من ليالي الإمتاع والمؤانسة قال:(وأما ابن حجاج فليس من هذه الزمرة بشيء، لأنه سخيف الطريقة بعيدٌ من الجد، قريعٌ في الهزل؛ ليس للعقل من شعره منال، ولا له في قرضه مثال؛ على أنه قويم اللفظ، سهل الكلام، وشمائله نائيةٌ بالوقار عن عادته الجارية في الخسار؛ وهو شريك ابن سكرة في هذه الغرامة؛ وإذا جد أقعى، وإذا هزل حكى الأفعى.وله مع ذي الكفايتين (أبي الفتح ابن العميد) مناظرة طيبة. لما ورد ذو الكفايتين سنة أربع وستين وهزم الأتراك مع أفتكين، وكان من الحديث ما هو مشهور، سأل عن ابن حجاج -وكان متشوقاً له لما كان يقرأ عليه من قوافيه، فأحب أن يلقاه ... فلما حضره أبو عبد الله احتبسه للطعام، وسمع كلامه، وشاهد سمته، واستحلى شمائله، فقام من مجلسه؛ فلما خلا به قال: يا أبا عبد الله، لقد والله تهت عجباً منك، فأما عجبي بك فقد تقدم؛ لقد كنت أفلي ديوانك، فأتمنى لقاءك، وأقول: من صاحب هذا الكلام، أطيش طائش، وأخف خفيف، وأغرم غارم؛ وكيف يجالس من يكون في هذا الإهاب؟ وكيف يقارب من ينسلخ من ملابس الكتاب واصحاب الآداب؛ حتى شاهدتك الآن، فتهالكت على وقارك وسكون أطرافك، وسكوت لفظك، وتناسب حركاتك، وفرط حيائك وناضر ماء وجهك، وتعادل كلك وبعضك؛ وإنك لمن عجائب خلق الله وطرف عباده؛ والله ما يصدق واحد أنك صاحب ديوانك، وأن ذلك الديوان لك، مع هذا التنافي الذي بين شعرك وبينك في جدك.فقال ابو عبد الله: أيها الأستاذ، وكان عجبي منك دون عجبك مني، لو تقارعنا على هذا لفلجت عليك بالتعجب منك. قال: لأني قلت: إذا ورد الأستاذ فسألقى منه خلقاً جافياً وفظاً غليظاً وصاحب رواسير وآكل كوامخ وجبلياً ديلمياً متكائباً متعاظماً، حتى رأيتك الآن وأنت ألطف من الهواء، وأرق من الماء، وأغزل من جميل بن معمر، وأعذب من الحياة، وأرزن من الطود، وأغزر من البحر، وأبهى من القمر، وأندى من الغيث، وأشجع من الليث، وأنطق من سحبان، وأندى من الغمام، وأنفذ من السهام، وأكبر من جميع الأنام. فقال أبو الفتح وتبسم: هذا أيضاً من ودائع فضلك، وبواعث تفضلك. ووصله وصرفه)
قصائد أخرىلالحسين ابن حجاج
يا أبا أحمد بنفسي أفدي
ولقد عهدتك تشتهي
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025