
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
مــا لِـي أَراكَ حَلِيـفَ الوَجْـدِ وَالاََلَـمِ
أَوْدَى بِجِســْمِكَ مــا أَوْدَى مِـن السـَقَم
ذا مَــدْمَعٍ بِالــدَّمِ المُنْهَــلِّ مُنْسـَجِمِ
أَمِـــنْ تَــذَكُّرِ جِيــرانٍ بــذي ســَلَمِ
مَزَجْــتَ دَمعــاً جَـرَى مِـن مُقْلَـةٍ بِـدَمِ
أَصـْبحْتَ ذا حَسـْرَةٍ فـي القَلْـبِ دائِمَـةٍ
وَمُهْجَــةٍ إِثْرَهُــمْ فـي البِيـدِ هائِمَـةٍ
شــَجاكَ فــي الـدَّوْحِ تَغْرِيـدٌ لحائِمَـة
أَمْ هَبَّــتِ الرِيـحُ مِـن تِلقـاءِ كاظِمَـةٍ
وأَوْمَـضَ البَـرْقُ فـي الظَلْمـاءِ من إِضَمِ
نَضـَا لـك البَيْـنُ عَضـْبَاً مِنْـهُ مُنصَلِتا
فلَســْتَ مـن قيْـدِهِ مـا عِشـْتَ مُنفَلِتـا
إِنْ كُنْـتَ تُنْكِـرُ مـا بِالوَجْـدِ عَنْكَ أَتَى
فَمـا لِعَيْنَيْـكَ إِن قلـتَ اكْفُفـا هَمَتـا
ومــا لِقَلْبِــكَ إِن قُلْـتَ اسـْتَفِقْ يَهِـمِ
وَاهَــاً لِصـَبٍّ بَـراهُ فـي الِهَـوَى سـَقَمُ
يُخْفِــي هَـواهُ وَدَمْـعُ العَيْـنِ مِنْـه دَمُ
فَكَيْــفَ يَخْفَــى وَمِنْـهُ القَلْـبُ مُحْتَـدِمُ
أَيَحْســـَِبُ الِصــَِبُّ أَنّ الحُــبَّ مُنْكَتِــمُ
مــا بَيْــنَ مُنْســَجِمٍ منْــهُ ومُضــْطَرِمِ
تُخْفِـي الِهَـوَى وَتَِبِِيـتُ اِلِلَّيْـلَ في وَجَلِ
حَيْــرانَ طَِــرْفٍ بِعَــدِّ الِنَِجْـمِ مُِِشـْتَغِلِ
تَِبْكِــي بِِِــدَمْعٍ عَلِِــى الاََطْلالِ مُنْهَمِــلِ
لَـولا الِهَـوَى لَـمْ تُـرِقْ دَمِْعَاً عِلى طَلَلِ
وَلا أَرِقِْــتَ لِــذِكْرِ البــانِ والعَلَــمِ
نَمَّــتْ بِِسـِرِّكَ عَيْـنٌ فـي الـدُّجَى سـَهِدَتْ
وَأَدْمُــعٌ فِــي مَِجــارِي خَِــدِّكَ اطَِّـرَدَتْ
وَبَيِّنـاتُ الضـَنَى فِـي الجِسـْمِ مِنْكَ بَِدَتْ
فَكَيْــفَ تُنْكِــرُ حُبَّـاً بَِعِْـدَ مِـا شـَِهِِدَتْ
بِــهِ عليــكَ عُــدُولُ الِـدَمِعِ والسـَِقَِمِ
قَـدْ صـِِارَ سـِِرُّكَ فـي أَهْـل الهَوَى عَلَنا
وَأَنْـتَ تُخْفِـي الِّـذِي أَخْفـاكَ مِنْـه عَنِا
وَكَـمْ نَفَـى عَنْـكَ عُـذْرِيُّ الِهَـوَى وَسـَنِِا
وَأَثْبَــتَ الِِوَجِْــدُ خَطَّــيْ عَبْـرَةٍ وَضـَنا
مِثــلَ الِبهــارِ عِلِـى خَـدَّيكَ والعَنَِـمِ
فَكَــمْ تَِنُــوحُ عَلــى الاََطْلالِ وَالــدِّمَنِ
مُجاوِبــاً كُــلَّ وَرْقــاءٍ عَلَــى فَنَــنِ
هَــلْ طَيْــفُ مَيَّـةَ وَلَّـى عَنـكَ بالوَسـَنِ
نَعَــمْ سـَرَى طيْـفُ مَـنْ أَهْـوَى فَـأَرَّقني
والحُـــبُّ يَعْتَــرِضُ اللَّــذّاتِ بــالاََلمِ
فَــدَعْ مَلامِــي فَلَيــسَ النَفْـسُ مُقْصـِرَةً
عَــن حُــبِّ مَــيٍّ وَلا لِلصــبْرِ مُــؤْثِرَةً
لَـم يُبْـقِ لـي الشـَّوْقُ لِلسُّلْوانِ مَقْدِرَةً
يـا لائِمـي فـي الهَـوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً
مِنّــي إِلَيــكَ ولـو أَنْصـَفْتَ لـم تَلُـمِ
ســَلِمْتَ مِــن دَنَــفٍ عِنْـدِي وَمِـن سـَهَرٍ
وَمِــن وُشــاةٍ أُدارِيهِــمْ وَمِــن فِكَـرٍ
شــَتّانَ مـا بَيْـنَ حَالَينـا لِـذِي بَصـَرٍ
عَـــدَتْكَ حـــالِيَ لا ســـِرّي بِمُســْتَتِرٍ
عـــن الوُشـــاةِ ولا دائي بِمُنْحَســـِمِ
عَــذَلْتَ مَـن صـُمَّ عِنْـدَ العَـذْلِ مَسـْمَعُهُ
فَخَــلِّ عَنْــهُ فَلَيــسَ العَــذْلُ يَنْفَعُـهُ
قَـد قُـدْتَنِي لِلهُـدَى لَـو كُنْـتُ أَتْبَعُـهُ
مَحَضــْتَنِي النُصــْحَ لكـنْ لَسـتُ أَسـْمَعُهُ
إِنّ المُحِــبَّ عــن العُــذّالِ فـي صـَمَم
فَكَـــم طَلائِعِ إِنْـــذارٍ وَكَـــم رُســُلِ
بَـدَتْ بِفَـوْدِي فَمـا أَقْصـَرْنَ مِـن أَمَلـي
فَكَيــفَ تَطْمَـعُ فـي رُشـْدِي بِعَـذْلِكَ لِـي
إِنّـي اتَّهَمْـتُ نَصـِيحَ الشـَّيبِ فـي عَذَلي
والشـَّيبُ أبْعَـدُ فـي نُصـْحٍ عَـن التُّهَـمِ
أَيْقَظْــتُ نَفْســِي لاَُِخْراهـا فَمـا يَقِظَـتْ
وَواعِــظُ المَـوْتِ وافاهـا فَمـا وُعِظَـتْ
فَــدَعْ زَواجِــرَ لَـوْمٍ مِنْـكَ قَـد غَلُظَـتْ
فَــإِنَّ أَمّــارَتي بِالسـُوءِ مـا اتَّعَظَـتْ
مِــن جَهلِهـا بِنَـذِيرِ الشـَّيْبِ والهَـرَمِ
واهَـاً لَهـا بِالتَّصـابِي قَضـَّتِ العُمُـرا
وَمــا أَصــاخَتْ لِمَولاهــا بِمـا أَمَـرا
ولا اســْتَعَدَّتْ لــزادٍ إِذْ نَــوَتْ سـَفرا
ولا أَعَــدَّتْ مِـن الفِعْـلِ الجَميـلِ قِـرَى
ضــَيْفٍ أَلَــمَّ بِرَأْســِي غَيــرَ مُحْتَشــِمِ
يُبَشــِّرُ المَــرْءَ لَــو أَصـْغَى وَيُنْـذِرُهُ
فِـي مـا يُرَجِّيـهِ فـي العُقْبَـى وَيَحْذَرُهُ
فَســاءَ عِنْــدِي لِسـُوءِ الفِعْـلِ مَنْظـرُهُ
لَــو كُنْــتُ أَعْلَــمُ أَنّـي مـا أُوَقِّـرُهُ
كَتَمْــتُ سـِرّاً بَـدا لـي مِنـهُ بِـالكَتَمِ
فَيــا لَنَفْــسٍ تَمــادَتْ فـي عَمايَتِهـا
واســـْتَبْدَلَتْ بِضــَلالٍ مِــن هِــدايَتِها
فَمــا احْتِيـالي وَقَـدْ نَـدَّتْ لِغايَتهـا
مَــن لِــي بِـرَدِّ جِمـاحٍ مِـن غَوايَتِهـا
كَمــا يُــرَدُّ جِمــاحُ الخَيْـلِ بِـاللُّجُمِ
نَبَـــتْ فَضــَيَّعَتِ الــدُّنيا بِنَبْوَتِهــا
وَمُــذ كَبَــتْ ضـاعَتِ الاَُخْـرَى بِكَبْوَتِهـا
فَــإِنْ تُــرِدْ رَدَّهـا عَـن غـيِّ صـَبْوَتِها
فَلا تَــرُمْ بِالمَعاصــِي كَســْرَ شـَهْوَتِها
إنّ الطَّعــامَ يُقَــوِّي شــَهْوَةَ النَّهِــمِ
فَلا تَــذَرْها عَلــى مــا تَشـْتَهِي هَمَلا
فَـــرُبَّ شـــَهْوَةِ نَفْـــسٍ قَرَّبَــتْ أَجَلا
فَـالنَّفْسُ طَـوْعُ الفَتَى إِنْ جارَ أَوْ عَدَلا
فَـالنَّفْسُ كَالطِّفْـلِ إِنْ تُهْمِلْـهُ شـَبَّ عَلى
حُــبِّ الرَّضــاعِ وإِنْ تَفْطِمْــهُ يَنْفَطِــمِ
أَســْخَطْتَ رَبَّــكَ فـي مـا كُنْـتَ مُقْصـِيَهُ
مِــن صــالِحٍ وَقَبِيــحٍ رُحْــتَ مُــدْنِيَهُ
فَــإِنْ تُــرِدْ أَنْ يَـراكَ اللـهُ مُرْضـِيَهُ
فَاصــْرِفْ هَواهــا وَحــاذِرْ أَنْ تُـوَلِّيَه
إِنّ الهَــوَى مـا تَـوَلَّى يُصـْمِ أَو يَصـِم
لا تَغْـــترِرْ بِهُــداها فَهْــيَ رائِمَــةٌ
لِلْغَـــيِّ طَبْعَـــاً وَلِلاََْســْواءِ ســائِمَة
فَـافْطُنْ لَهـا وَهْـيَ بِالطَّاعـاتِ قائِمَـةٌ
وَراعِهــا وَهْــيَ فـي الاََعْمـالِ سـائِمَة
وإِنْ هِــيَ اســْتَحْلَتِ المَرْعَـى فلا تُسـِمِ
كَــم خاتَلَتْــكَ ومــا زَالَـتْ مُخاتِلَـةًِ
تُولِيْــكَ قَطْعَــاً تَراهـا فِيـهِ واصـِلَةِ
كَــم زَيَّنَــتْ عِــزَّةً بِالــذُّلِّ شــامِلَةًِ
كَــم حَســَّنَتْ لَــذَّةً لِلمَــرْءِ قاتِلَــةً
مِـن حَيـثُ لَـم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
لا خَيْــرَ فــي طَمَـعٍ يُفْضـِي إِلـى طَبَـعٍ
وَمَنْظَـــرٍ حَســـَنٍ ذِي مَخْبَـــرٍ شـــَنِعٍ
فَســاوِ حَالَيْــكَ مِـن يَـأْسٍ وَمِـن طَمَـع
واخْـشَ الدَّسـائِسَ مـن جُـوعٍ ومـن شـِبَع
فَـــرُبَّ مَخْمَصـــَةٍ شــَرٌّ مــن التّخَــمِ
بَرَتْــكَ نَفْــسٌ مِـن الاََدْواءِ مـا بَـرِئَتْ
وَلا انْبَــرَتْ لِشــِفاءٍ قَــطُّ مُـذ بُـرِئَت
فَـانْهَضْ إِلـى بُرْئِهـا لَـو أَنَّهـا بَرِئَت
واسـْتَفْرِغِ الـدَمْعَ مِـن عَيْـنٍ قد امْتَلاَََت
مِــن المَحـارِمِ وَالْـزَمْ حِمْيَـةَ النَـدَمِ
رَمَتْــكَ مِنْــكَ عُــداةٌ أَقْصــَدَتْكَ فَمـا
أَبْقَـتْ بِقَلْبِـكَ بَعْـدَ اليَـوْمِ غَيْـرَ ذَما
فَكُــنْ بِطاعَــةِ مَــن أَنْشـاكَ مُعْتَصـِما
وَخــالِفِ النَّفْـسَ والشـَّيطانَ وَاعْصـِهِما
وإِنْ هُمــا مَحَضــاكَ النُّصــْحَ فَــاتَّهِمِ
فَكَــمْ أَبــادَا بِكَيْــدٍ مِنْهُمـا أُمَمَـا
وَنَكَّســَا مِــن أَخِــي عِلْـمٍ بِـهِ عَلَمـا
فَلا تَكُــنْ لهُمــا فــي حَالَــةٍ سـَلَمَا
وَلا تُطِــعْ مِنْهُمــا خَصــْمَاً ولا حَكَمــا
فَــأَنْتَ تَعْــرِفُ كَيـدَ الخَصـْمِ والحَكَـمِ
فَــاعْجَبْ لآِمِــرِ قَــوْمٍ غَيْــرِ مُمْتَثِــلٍ
وَعــاذِلٍ عــن هَــواهُ غَيْــرِ مُنْعَــذِلٍ
كـم قَـد نَصـَحْتُ وَكَم في القَلْبِ مِن دَغَلٍ
أَســْتَغْفِرُ اللــهَ مِــن قَـوْلٍ بِلا عَمَـلٍ
لَقَــد نســَبْتُ بِــه نَســْلاًَ لِـذِي عُقُـمِ
فَيــا لَقَلْــبٍ تَمــادَى فــي تَقَلُّبِــهِ
يُــؤَدِّبُ النَــاسَ ســاهٍ عَــنْ تَــأَدُّبِهِ
أَوْجَبْــتُ أَمْــرَاً وَلَـم أَعْمَـلْ بِمُـوجِبِه
أَمَرْتُـكَ الخَيْـرَ لكـنْ مـا اأْتَمَـرْتُ بِهِ
ومـا اسـْتَقَمْتُ فَمـا قَـولي لـكَ اسْتَقمِ
أَفْنيْــتُ أَيّــامَ عُمْـرِي الغَـضِّ كامِلَـةً
وَلا أَرَى النَّفْــسَ عَمّــا ســاءَ عادِلَـة
لَـم أَثْـنِ نَفْسـَاً إِلـى الآثـامِ مائِلَـة
وَلا تَـــزَوَّدْتُ قَبْــلَ المَــوْتِ نافِلَــةَ
وَلَــم أُصــَلِّ ســِوَى فَــرْضٍ وَلـم أَصـُمِ
فَكَـمْ سـَهَرْتُ اللَّيـالي في العُكُوفِ عَلى
مــا لَيْــسَ يَنْفَــعُ لا عِلْمَـاً وَلا عَمَلاَ
أَمَــتُّ لَيْلـي بِمـا لَـمْ يَعْـنِ مُشـْتَغِلاَ
ظَلَمْــتُ ســُنَّةَ مَـن أَحْيَـى الظَّلامَ إِلـى
أَنِ اشــْتَكَتْ قَــدَماهُ الضــُّرَّ مِـن وَرَمِ
كَــمْ قَـدْ تَعَرَّضـَتِ الـدُّنيا لَـهُ فَلَـوَى
عَنْهـا العِنـانَ وَمـا أَلْـوَى لَها وَأَوَى
وَكَــمْ طَــوَى كَشــْحَهُ عَـن لَـذَّةٍ وَطَـوَى
وَشـــَدَّ مِــن ســَغَبٍ أَحْشــاءَهُ وطَــوَى
تَحْــتَ الحِجــارَةِ كَشــْحَاً مُتْـرَفَ الاََدَمِ
تَطَلَّبَتْـــــهُ وَحاشــــاهُ بِلا طَلَــــبٍ
بِكُــلِّ مـا فـي كُنُـوزِ الاََرْضِ مِـن نَشـَبٍ
فَصــَدَّ عَمّــا بِهــا مِــن زِبْـرِجٍ كَـذِبٍ
وَراوَدَتْــهُ الجِبــالُ الشـُّمُّ مِـن ذَهَـبٍ
عَــن نَفْســِهِ فأَراهــا أَيَّمــا شــَمَمِ
جَفَتْــهُ لِلزُّهْـدِ فـي الـدُّنيا عَشـِيرَتُهُ
فَمــا عَــدَتْ خِيْــرَةَ الرَّحمـنِ خِيْرَتُـهُ
قَــد بَصــَّرَتْهُ بِمــا فِيهــا بَصـِيرَتُه
وَأَكَّـــدَتْ زُهْـــدَهُ فِيهـــا ضــَرُورَتُهُ
إِنَّ الضــَّرُورَةَ لا تَعْــدُو علـى العِصـَمِ
كَـم صـَدَّ عَـن زَهْـرَةٍ فـي رَوْضـَةٍ وَفَنَـنْ
عِلْمَـاً بِتِلْـكَ الرِّيـاضِ الخُضْرِ خُضْرَ دِمَنْ
لَــم يَــدْعُهُ نَحْوَهـا ضـُرٌّ وَطُـولُ شـَجَن
وَكَيْـفَ تَـدْعُو إِلـى الـدُّنيا ضَرُورَةُ مَنْ
لَـولاهُ لـم تَخْـرُجِ الـدُّنيا مِـن العَدَمِ
لَـــوَتْ بِمَنْســَبِهِ الاََنْســابَ آلُ لُــؤَيْ
وَاسْتَقْصـَتِ المَجْـدَ وَالعَلْيـاءَ آلُ قُصـَيْ
وَكَـم مَحـا عَـن صـَرِيحِ الحَـقِّ شُبْهَةَ غَي
مُحمَّـــدٌ ســَيّدُ الكَــوْنَيْنِ وَالثَقَلَــيْ
نِ والفَرِيقيْــنِ مِــن عُـرْبٍ ومِـن عَجَـمِ
كَـم فـي نَعَـمْ قَـد أُفِيضَتْ مِن يَدَيهِ يَدٌِ
وَكَـــم تَنَــزَّهَ فــي لا واحِــدٌ أَحَــدِ
أَتَــى بِــأَمْرَينِ كُــلٌّ مِنْهُمــا رَشــَدِ
نَبِيُّنـــا الآمِــرُ النَّــاهِي فَلاَ أَحَــدِ
أَبَــرَّ فــي قَــولِ لا مِنــهُ ولا نَعَــمِِ
هُــوَ الشــَفِيعُ لِمَــنْ قَلَّــتْ بِضـاعَتُهُ
فــي الصـّالِحاتِ وَمَـن طـالَتْ إِضـاعَتُهُ
فَاعْــدُدْهُ لِلْهَــوْلِ إِنْ هَـالَتْ فَظـاعَتُهُ
هُــوَ الحَبِيــبُ الّـذِي تُرْجَـى شـَفاعَتُه
لكــلِّ هَــوْلٍ مــن الاََهــوالِ مُقْتَحَــمِ
دَعـا فَجَلَّـى العَمَـى عَـن وَجْـهِ مَـذْهَبِهِ
كَمــا جَلاَ البَــدْرُ لَيْلاًَ جُنْــحَ غَيْهَبِـهِ
دَعـــا فَفـــازَ مُلَبِّيـــهِ بِمَطْلَبِـــه
دَعــا إِلـى اللـهِ فَالمُسْتَمْسـِكُونَ بِـه
مُستَمْســـِكُونَ بحَبْـــلٍ غيــرِ مُنْفَصــِمِ
كَــم مِــن نَبِـيٍّ مَـع المُختـارِ مُتَّفَـقٍ
فـي البَعْـثِ مُخْتَلِـفٍ فـي الفَضْلِ مُفْتَرِقٍ
فَيـــا نَبِيّــاً بَفَضــْلٍ فيــه مُتَّســِقٍ
فــاقَ النَّبِيِّيـنَ فـي خَلْـقٍ وَفـي خُلُـق
ولــم يُــدانُوه فــي عِلْــمٍ ولا كَـرَمِ
بِــهِ أَضـاءَ لِمُوسـَى فـي الـدُّجَى قَبَـسٌ
فَــالبَحْرُ مُنْفَلِــقٌ وَالمــاءُ مُنْبَجِــسٌ
والكُــلُّ مِــن نُــورِهِ لِلنُّـورِ مُقْتَبِـسٌ
وَكُلُّهُــمْ مِــن رَســُولِ اللــهِ مُلْتَمِـسٌ
غَرْفـاً مـن البَحْـرِ أَو رَشْفَاً مِن الدِّيَم
هُـوَ المَثابَـةُ إِن طـافُوا أَوِ الْتَزَمُوا
فَــالبَعْضُ مُلْتَمِــسٌ وَالبَعْــضُ مُســْتَلِمُ
فَهُـمْ قـإِعْلانُهُ وَفْـقَ مَـا تُخْفِي سَرِيرَتُهُ
وواقفـــون لـــديه عنـــد حـــدهم
مـن نقطـة العلـم او من شكله الحكم
إعلانــه وفــق مــا تخفــي سـريرته
وَســِيرَةُ اللـهِ فِـي مـا شـاءَ سـِيرَتُهُ
فَهْـــوَ الصـــَّفِيُّ لِبــارِيهِ وَخِيرَتُــهُ
وَهْــوَ الّــذِي تَــمَّ مَعْنــاهُ وَصـُورَتُهُ
ثُــمّ اصــْطَفاهُ حَبِيبَـاً بـارِىَُ النَّسـَمِ
إِنْ قــالَ فَالـدُّرُّ يَزْهُـو فـي مَعـادِنِهِ
أَو جـالَ فَـاللَّيْثُ يَسـْطُو فـي بَراثِنِـهِ
مُبَـــرَّأٌ فـــي عُلاهُ عَـــن مَـــوازِنِهِ
مُنَـــزَّهٌ عَــن شــَرِيكٍ فــي مَحاســِنِهِ
فَجَــوْهَرُ الحُســْنِ فيــهِ غَيـرُ مُنْقَسـِمِ
كَـم حـارَ فـي كُنْـهِ مَعْنَـى ذاتِـهِ أُمَمُ
فَـالبَعْضُ فِيـه هُدُوا وَالبَعْضُ عَنْهُ عَمُوا
فَــدَعْ مَقالَــةَ مَـن زَلَّـتْ بِـهِ القَـدَم
دَعْ مـا ادَّعَتْـهُ النَصـارَى فـي نَبِيِّهِـمُ
وَاحْكُـمْ بِمـا شـِئْتَ مَـدْحَاً فيهِ واحْتَكِمِ
فَكَـــمْ نَوابِــغَ آيــاتٍ وَكَــم صــُحُفٍ
تُـرْوَى لَـهُ خَلَفَـاً فـي المَجْـدِ عَن سَلَف
فَانْســِجْ لاََِمْـداحِهِ مـا شـِئْتَ مِـن تُحَـف
وانْسـِبْ إِلـى ذاتِـهِ مـا شـِئْتَ مِن شَرَفٍ
وانْسـِبْ إِلـى قَـدْرِهِ مـا شـِئْتَ مِن عِظَمِ
كَفــاهُ مـا مِـن مَزِيـدِ الفَضـْلِ خَـوَّلَهُ
مَــن لِلْـوَرَى بِالهُـدَى وَالحَـقِّ أَرْسـَلَهُ
فَمــا مَقــالُ امْــرِىٍَ بِالمَـدْحِ بَجَّلَـه
فَــإِنَّ فَضــْلَ رَســُولِ اللـهِ لَيْـسَ لَـهُ
حَـــدٌّ فَيُعْـــرِبَ عَنــهُ نــاطِقٌ بَفَــمِ
كَــم آيَــةٍ نَكَّســَتْ مِـن جاحِـدٍ عَلَمـا
قَـد جَـلَّ عَـنْ قَـدْرِها قَـدْرَاً وَجَـلَّ سُما
كَــي لا تَضــِلَّ بِـه لَـو ناسـَبَتْ أُمَمَـا
لَــو ناســَبَتْ قَــدْرَهُ آيــاتُهُ عِظَمَـا
أَحْيَـى اسـْمُهُ حيـنَ يُـدْعَى دارِسَ الرِّمَمِ
وَافَـــى بـــأَعْجَبِ بُرْهــانٍ وَأَغْرَبِــهِ
يَـــرُدُّ فــي صــِدْقِهِ دَعْــوَى مُكَــذِّبِهِ
وَمُــذْ دَعانــا إِلــى أَوْضـاحِ مَـذْهَبِه
لَـمْ يَمْتَحِنّـا بِمـا تَعْيَـى العُقُـولُ بِه
حِرْصـَاً عَلينـا فَلَـم نَرْتَـبْ ولـم نَهِـم
دَنــا فَشــَطَّ فَــأَعْيَى كُنْهُـهُ البَشـَرَا
فَمــا أَحــاطَ بِمَعْنــاهُ امْــرُؤٌ وَدَرَى
وَكُلَّمــا أَمْعَنُــوا فــي ذاتِـهِ نَظَـرَا
أَعْيَـى الـوَرَى فَهْـمُ مَعنـاهُ فَلَيْسَ يُرَى
لِلقُــرْبِ والبُعْــدِ فيـه غيـرُ مُنْفَحِـمِ
دَانِـي التَّواضـُعِ سـامِي المَجْدِ ذُو حِيَدٍ
فَـالنَّفْسُ فـي صـَبَبٍ والمَجْـدُ فـي صـَعَدٍ
فَـــاعْجَبْ لِمُقْتَـــرِبٍ لِلعَيْــنِ مُتَعِــدٍ
كَالشــَّمْسِ تَظْهَــرُ لِلعَيْنَيْـنِ مِـن بُعُـدٍ
صــَغِيرَةً وَتُكِــلُّ الطَــرْفَ مِــن أَمَــمِ
قَــدْ هَــذَّبَ اللــهُ إِعظامَـاً خَلِيفَتَـهُ
وَلَـــم يُنَبِّـــهْ لِمَعْنــاهُ خَلِيقَتَــهُ ِ
فَكَيـــفَ يَبْلُـــغُ ذُو جُهْــدٍ طَرِيقَتَــهُِ
وَكَيــفَ يُــدْرِكُ فـي الـدُّنْيا حَقِيقَتَـهُِ
قــومٌ نِيــامٌ تَســَلَّوْا عنـه بِـالحُلُمِِ
كَــم قَــدْ تَعمَّــقَ فـي إِدْراكِـهِ نَظَـرٌ
وَأُعْمِلــتْ مِــن ذَوِي فِكْــرٍ بِــهِ فِكَـر
فمـــا تَجَـــدَّدَ لا عِلْـــمٌ ولا خَبَـــر
فَمَبْلَــغُ العِلْــمِ فِيــهِ أَنَّــهُ بَشــَرٌ
وأَنَّـــهُ خَيــرُ خَلْــقِ اللــهِ كُلِّهِــمِ
كَــم جـاءَتِ الرُّسـُلُ الاَُولَـى لِمَطْلَبِهـا
بِحُجَّـــةٍ شَعْشـــَعَتْ أَنــوارَ مَــذْهَبِها
فَكــانَ مِــن نُــورِهِ إِشـْراقُ كَوْكَبِهـا
وَكُــلُّ آيٍ أَتَـى الرُّسـْلُ الكِـرامُ بِهـا
فَإِنَّمــا اتَّصــَلَتْ مِــن نُــورِهِ بِهِــمِ
هُــمُ النُّجُــومُ بِهِـمْ تُجْلَـى غَياهِبُهـا
مـا حَجَّـبَ الشـَّمْسَ عَـن عَيْـنٍ مَغارِبُهـا
فَلا يُقـــاسُ بِنُـــورٍ مِنْــهُ ثاقِبُهــا
فَــإِنَّهُ شــَمْسُ فَضــْلٍ هُــمْ كَواكِبُهــا
يُظْهِـرْنَ أَنوارَهـا لِلنـاسِ فـي الظُلَـمِ
كَـم شـَقَّ جَيْـبَ الـدُّجَى مِـن نُـورِهِ فَلَقٌ
وَعَبَّــقَ الكَــوْنَ مِــن أَخْلاقِــهِ عَبــقٌ
فَــالخَلْقُ وَالخُلْــقُ كُــلٌّ فِيـهِ مُتَّسـِقٌ
أَكْـــرِمْ بِخَلْــقِ نَبِــيٍّ زانَــهُ خُلُــق
بِالحُســـْنِ مُشــْتَمِلٍ بِالبِشــْرِ مُتَّســِمِ
خُلْـــقٌ وَخَلْـــقٌ وَكُـــلٌّ أَيُّ مُؤْتَلِـــفٍ
جُـــودٌ وَبَــأْسٌ وَكُــلٌّ غَيْــرُ مُخْتَلِــفٍ
فَيــا لَمَــوْلَى بِكُــلِّ الفَضــْلِ مُتَّصـِفٍ
كـالزَّهْرِ فـي تَـرَفٍ والبـدْرِ فـي شـَرَف
والبَحْـرِ فـي كَـرَمٍ والـدَّهرِ فـي هِمَـمِ
عَلـــى أَســـارِيرِهِ ســِيما بَســالَتِه
تَلُــوحُ كَالبَــدْرِ يَزْهُـو وَسـْطَ هَـالَتِه
لَــم يَبْــدُ إِلاّ وَفَــرُّوا مِـن مَهـابَتِهِ
كَـــأَنَّهُ وَهْـــوَ فَــرْدٌ فــي جَلالَتِــهِ
فــي عَســْكَرٍ حِيـنَ تَلقـاهُ وفـي حَشـَمِ
كَــم بِالمَقــالِ جَلاَ لِلرَّيْـبِ مِـن سـُدَفٍ
وَبِابْتِســامٍ مَحــا لِلَّيْــلِ مِــن سـُجُفٍ
فَـــاللَّفْظُ وَالثَّغْـــرُ دُرٌّ أَيُّ مُرْتَصــِف
كَأَنَّمــا اللُّؤْلُـؤُ المَكْنُـونُ فـي صـَدَفٍ
مِــن معْــدِنَي مَنْطِــقٍ مِنــهُ ومُبْتَسـَمِ
فَلُــذْ بِقَبْــرٍ بِــهِ الرَّحْمــنُ أَكْرَمَـهُ
وَمِثْـــلَ تَحْرِيمِـــهِ لِلْبَيْـــتِ حَرَّمَــهُ
وَالْثِــمْ ثَـرَى رَمْسـِهِ إِنْ نِلْـتَ مَلْثَمَـهُ
لا طِيْــبَ يَعْــدِلُ تُرْبَــاً ضــَمَّ أَعْظُمَـهُ
طُـــوبَى لِمُنْتَشـــِقٍ مِنـــهُ ومُلْتَثِــمِ
قَـــدْ شـــَقَّ مِيلادُهُ إِصــْباحَ مَفْخَــرِهِ
عَـن واضـِحِ المَجْـدِ سـامِي الجَدِّ أَزْهَرِهِ
وَمُنْـذُ بـانَ الهُـدَى مِـن حِيـنِ مَظْهَـرِهِ
أَبــانَ مَوْلِــدُهُ عَــن طِيــبِ عُنْصــُرِهِ
يــا طِيــبَ مُبْتَــدَأٍ مِنــهُ ومُخْتَتَــمِ
يَــوْمٌ بِــهِ نـالَ أَهْـلُ الحَـقِّ أَمْنَهُـمُ
مِــن خَــوْفِهِمْ وَأَحَــقَّ اللــهُ ظَنَّهُــمُ
يَــوْمٌ تَبَيَّــنَ فِيــهِ الــرُّومُ وَهْنَهُـمُ
يَــوْمٌ تَفَــرَّسَ فِيــهِ الفُــرْسُ أَنَّهُــمُ
قَـدْ أُنْـذِرُوا بِحُلُـولِ البُـؤْسِ والنِّقَـمِ
كَــم ضـاقَ فِيهِـمْ مِـن الاََقْطـارِ مُتَّسـِعٌ
فَالكُــلُّ مِنْهُــمْ شـَجٍ مِمّـا عَـرَى جَـزِعٌ
فَظَــلَّ كِســْرَى لَــدَيْهِمْ وَهْــوَ مُنْقَطِـعٌ
وبــاتَ إِيــوانُ كِســْرَى وَهْـوَ مُنْصـَدِعٌ
كَشــَمْلِ أَصــْحابِ كِســْرَى غَيْــرَ مُلْتَئِمِ
فَكـم هَـوَتْ مِنـهُ نَحْـوَ الاََرْضِ مِـن شـُرَفٍ
هَــوَتْ بِشــامِخِ مـا لِلفُـرْسِ مِـن شـَرَفٍ
فَــالجَوُّ مُضــْطَرِبُ الاََرْجــاءِ مِـن دَنَـفٍ
والنّــارُ خامِــدَةُ الاََنْفـاسِ مِـن أَسـَفٍ
عَلَيـهِ والنَّهْـرُ سـاهِي العَيْـنِ من سَدَمِ
لَقَــد تَمـادَتْ عَلَـى الكُفّـارِ حَيْرَتُهـا
إِذْ لَـم تُفِـدْها لِغَـوْرِ المـاءِ غَيْرَتُها
قَــدْ غَمَّهـا أَنْ خَبَـتْ عَنْهـا نُوَيْرَتُهـا
وَســاءَ ســَاوَةَ أَنْ غَاضــَتْ بُحَيْرَتُهــا
وَرُدَّ وارِدُهــا بِــالغَيْظِ حِيْــنَ ظَمِــي
فَالنّـارُ وَالمـاءُ مِـن خَـوْفٍ وَمِـن وَجَلٍ
قَــدْ حـالَ عَـن طَبْعِـهِ كُـلٌّ إِلـى بَـدَلٍ
فَالنـارُ فـي صـَرَدٍ والمـاءُ فـي غَلَـلٍ
كَـأَنَّ بِالنّـارِ مـا بِالمـاءِ مِـن بَلَـلٍ
حُزْنـاً وبِالمـاءِ مـا بِالنّـارِ مِن ضَرَمِ
آيــاتُ حَــقٍّ لاََِهْــلِ الزَّيْــغِ قامِعَــةٌ
مِنهـا بُـرُوقُ الهُـدَى فـي الكَوْنِ لامِعَةٌ
فَــــالاِِنْسُ تَلْهَـــجُ والاََمْلاكُ صـــادِعَةٌ
والجِـــنُّ تَهْتِــفُ وَالاََنْــوارُ ســاطِعَةٌ
والحَــقُّ يَظْهَـرُ مِـن مَعْنـىً وَمِـن كَلِـمِ
كَـم بُشـِّرُوا لَـو يُلَقَّـوْنَ الهُـدَى بِنِعَمْ
وَأُنْــذِرُوا لَـو يُوَقَّـوْنَ الـرَّدَى بِنِقَـمْ
لكِنَّهُــمْ مِــن عَمـىً لَجُّـوا بِـهِ وَصـَمَمْ
عَمُــوا وَصـَمُّوا فَـإِعْلانُ البَشـائِرِ لَـمْ
يُســْمَعْ وبارِقَــةُ الاِِنْــذارِ لَـمْ تُشـَمِ
أَبْــدَى لَهُــمْ نَبَـأَ الاََصـْنامِ سـادِنُهُمْ
لَمّــا هَــوَتْ فَخَــوَتْ مِنْهـا مَـدائِنُهُمْ
ضـاقَتْ عَلـى القَـوْمِ فـي رَحْبٍ مَعاطِنُهُمْ
مِـن بَعْـدِ مـا أَخْبَـرَ الاََقْـوامَ كاهِنُهُمْ
بِــأَنَّ دِيْنَهُــمُ المُعْــوَجَّ لَــم يَقُــمِ
كَـم كَـذَّبُوا مـا لَـدَيْهِمْ فِيـهِ مِن كُتُبٍ
تَعَلُّلاًَ بِأَباطيـــــلٍ لَهُــــمْ كَــــذِبٍ
مِـن بَعْـدِ مـا رَأَوُا الآيـاتِ مِـن كَثَـبٍ
وَبَعْـدَ مـا عـايَنُوا فـي الاَُفْقِ مِن شُهُبٍ
مُنْقَضـَّةٍ وَفْـقَ مـا فـي الاََرْضِ مِـن صـَنَمِ
هَــوَتْ رُجُومــاً فَـوَجْهُ الـوَحْيِ مُبْتَسـِمٌ
عَـنْ أَبْلَـجٍ مِنْـهُ شـَمْلُ الـدِّينِ مُنْتَظِـمٌ
فَكُـــلُّ مُســـْتَرِقٍ لِلســـَمْعِ مُنْقَصـــِمٌ
حَتّـى غَـدا عَـن طَرِيـقِ الـوَحْيِ مُنْهَـزِمٌ
مِــن الشــَّياطِينِ يَقْفُـو إِثْـرَ مُنْهَـزِمِ
رُمُــوا مِــن النَّجْــمِ مُنْقَضـَّاً بِتُرَّهَـةٍ
قَــد أَبْطَلَــتْ إِذ أَطَلَّــتْ كُــلَّ تُرَّهَـةٍ
فَــأَجْفَلُوا هَرَبَــاً فــي كُــلِّ مَهْمَهَـةٍ
كَـــأَنَّهُمْ هَرَبَـــاً أَبْطـــالُ إِبْرَهَــةٍ
أَو عَسـْكَرٌ بِالحَصـَى مِـن راحَتَيْـهِ رُمِـي
بِـهِ ابْـنُ مَتَّـى نَجا مِن بَعدِما الْتُقِما
وَفِــي يَــدَيْهِ الحَصـَى تَسـْبِيحُهُ عُلِمـا
لَـم يَـرْمِ لكِنَّمـا اللـهُ العَظِيـمُ رَمَى
نَبْــذَاً بِــهِ بَعْــدَ تَسـْبِيحٍ بِبَطْنِهِمـا
نَبْــذَ المُســَبِّحِ مِــن أَحْشـاءِ مُلْتَقِـمِ
كَــم قَــد هَــدَى أُمَّـةً ظَلَّـتْ مُعانِـدَةً
وَكُلَّمـــا قُرِّبَـــتْ ظَلَّـــتْ مُباعِـــدَةً
ومُــذ بَغَــتْ آيَــةً بِالصــِدْقِ شـاهِدَةً
جـــاءَتْ لِــدَعْوَتِهِ الاََشــْجارُ ســاجِدَةً
تَمْشــِي إِلَيــهِ علــى ســاقٍ بِلا قَـدَمِ
جــاءَتْ وَرَدَّتْ بِــأَمْرٍ مِنْــهُ وانْسـَرَبَتْ
فقــالَ عُــودِي فَعـادَتْ مِثْلَمـا ذَهَبَـتْ
جــاءَتْ إِلَيــهِ تَخُــطُّ الاََرْضَ وَاقْتَرَبَـتْ
كَأَنَّمــا ســَطَرَتْ ســَطْرَاً لِمــا كَتَبَـتْ
فُرُوعُهـا مِـن بَـدِيعِ الخَـطِّ فـي اللَّقَمِ
لَقـــد دَعاهـــا فَلَبَّتْـــهُ مُبــادِرَةً
فَرَدَّهـــا مِثْلَمـــا جــاءَتْهُ صــادِرَةً
لــو شــاءَ كــانَتْ لِعُلْيـاهُ مُسـايِرَةً
مِثْــلَ الغَمامَــةِ أَنَّــى سـارَ سـائِرَةً
تَقِيــهِ حَــرَّ وَطِيــسٍ لِلْهَجِيــرِ حَمِــي
قَــد شـَقَّ عَـنْ قَلْبِـهِ البـارِي فَجَلَّلَـهُ
نُـــورَاً وَبِــالقَمَرِ المُنْشــَقِّ بَجَّلَــهُ
فَلْيَهْنَــأِ البَـدْرُ مـا الرَّحمـنُ خَـوَّلَهُ
أَقْســَمْتُ بِــالقَمَرِ المُنْشــَقِّ أَنَّ لَــهُ
مِــن قَلْبِــهِ نِســْبَةً مَبْـرُورَةَ القَسـَمِ
وَمـا حَكَـى اللـهُ مِـن فَضـْلٍ لَـهُ عَمَـمٍ
لَــم يُحْــصَ عَــدَّاً بِقِرْطــاسٍ وَلا قَلَـمٍ
وَمـا رَوَى الحَبْـرُ مِـن خِيـمٍ وَمِـن شِيَمٍ
وَمـا حَـوَى الغـارُ مِـن خَيْـرٍ وَمِن كَرَمٍ
وَكُــلُّ طَــرْفٍ مِـن الكُفّـارِ عَنْـهُ عَمِـي
أَقــــامَ لا وَجِلاًَ فِيــــهِ وَلا وَجِمـــا
أَجَـــلْ وَصـــاحِبُهُ مُسْتَشـــْعِرٌ ســَدَما
فَقــالَ لا تَبْتَئِسْ فَــاللهُ خَيْــرُ حِمَـى
فَالصـِّدْقُ فـي الغارِ والصِّدِّيقُ لَم يَرِما
وَهُــمْ يَقُولُـونَ مـا بِالغـارِ مِـن أَرِمِ
حـامَ الحَمـامُ بِبـابِ الغـارِ إِذْ دَخَلاَ
وَالعَنْكَبُـــوتُ كَســـَتْهُ نَســْجَها حُلَلاَ
فَـالقَوْمُ مِـن حَيْـرَةٍ ضَلُّوا بِها السُبُلاَ
ظَنُّـوا الحَمـامَ وَظَنُّـوا العَنْكَبُوتَ عَلَى
خَيْــرِ البَرِيَّـةِ لَـم تَنْسـِجْ ولَـم تَحُـمِ
نَســْجُ العَنــاكِبِ أَقْــوَى كُـلِّ صـارِفَةٍ
لِلســـُّوءِ عَــن فِئَةٍ بِــاللهِ عارِفَــةٍ
فَاســْتَغْنِ بِــاللهِ فـي صـَمّاءَ قاصـِفَةٍ
وِقايَــةُ اللــهِ أَغْنَــتْ عَـن مُضـاعَفَةٍ
مِــن الــدُّرُوعِ وعَـن عـالٍ مِـن الاَُطُـمِ
شــَكَوْتُ دَهْــرِي إِلَيــهِ فــي تَقَلُّبِــهِ
فَكُنْـــتُ غَلاّبَ دَهْـــرِي فـــي تَغَلُّبِــهِ
فَــدَعْ زَمــانِيَ يَضــْوَى فــي تَعَتُّبِــهِ
مـا سـامَنِي الـدَّهْرُ ضَيْمَاً واسْتَجَرْتُ بِهِ
إِلاّ وَنِلْــتُ جِــوارَاً مِنْــهُ لــم يُضـَمِ
فمـــا شــَكَوْتُ عَــدُوَّاً فــي تَــرَدُّدِهِ
بِالكَيْـدِ فـي يَـوْمِهِ نَحْـوِي وَفـي غَـدِهِ
إِلاّ ثَنَــى الكَيْــدَ مِنْــهُ فـي مُقَلَّـدِهِ
وَلا الْتَمَسـْتُ غِنَـى الـدارَيْنِ مِـن يَـدِهِ
إِلاّ اسـْتَلَمْتُ النَّـدَى مِـن خَيْـرِ مُسـْتَلَمِ
يَنـــامُ مُنْتَبِهَـــاً لِلْــوَحْيِ مُجْمَلَــهُ
وَعَــى كَمــا قَــد وَعَـى مِنْـهُ مُفَصـَّلَهُ
إِنْ تَعْرِفُـوا مـا بِـهِ ذُو الـوَحْيِ خَوَّلَهُ
لا تُنْكِـرُوا الـوَحْيَ مِـن رُؤْيـاهُ إِنَّ لَهُ
قَلْبَـاً إِذا نـامَتِ العَيْنـانِ لَـم يَنَـمِ
كَـم فـي المَنـامِ رَأَى مِـن قَبْلِ دَعْوَتِهِ
وَحْيَــاً وَحِيَّــاً أَتــاهُ حَــالَ غَفْـوَتِهِ
قَــد كــانَ بــادِىََ بَـدْءٍ مِـن فُتُـوَّتِهِ
فَـــذاكَ حِيــنَ بُلُــوغٍ مِــن نُبُــوَّتِهِ
فَكَيــفَ يُنْكَــرُ مِنــهُ حــالَ مُحْتَلِــمِ
أَعْظِــمْ بِمَـوْلىً لِـوعيِ الـوَحْيِ مُنْتَخَـبٍ
عَلــى الغُيُــوبِ أَمِيـنٍ غَيْـرِ ذِي رِيَـبٍ
ســُبْحانَ مَــوْلىً لَــهُ لِلْـوَحْيِ مُنْتَجِـبٍ
تَبــارَكَ اللــهُ مــا وَحْــيٌ بِمُكْتَسـَبٍ
وَلا نَبِــــيٌّ عَلـــى غَيْـــبٍ بِمُتَّهَـــمِ
مَــوْلىً مَحـلُّ الهُـدَى والرُّشـْدِ سـاحَتُهُ
وباحَـــةُ الـــوَحْيِ والاََمْلاكِ بـــاحَتُهُ
كَـــمْ أَنْعَشــَتْ مَيْــتَ إِمْلاقٍ ســَماحَتُهُ
كَــمْ أَبْــرَأَتْ وَصـِبَاً بِـاللَمْسِ راحَتُـهُ
وَأَطْلَقَــتْ أَرِبَــاً مِــن رِبْقَـةِ اللَّمَـمِ
مَـوْلىً لَـهُ مِـن لُبـابِ المَجْـدِ صـَفْوَتُهُ
وَمِــن مَنِيــعٍ رَفِيــعِ القَـدْرِ صـَهْوَتُهُ
أَمــاتَت الكُفْــرَ وَالتَضــْلِيلَ دَعْـوَتُهُ
وَأَحْيَــتِ الســَّنَةَ الشــَهْباءَ دَعْــوَتُهُ
حَتّــى حَكَـتْ غُـرَّةً فـي الاََعْصـُرِ الـدُّهُمِ
دَعـــا فَجَلَّلَــتِ الــدُّنْيا بِغَيْهَبِهــا
ســَحائِبٌ قَــد تَــدَلَّى صــَوْبُ صــَيِّبِها
ثَــرَّتْ علـى الاََرْضِ مِـن مُنْهَـلِّ هَيْـدَبِها
بِعــارِضٍ جـادَ أَو خِلْـتَ البِطـاحَ بِهـا
سـَيْبَاً مِـن اليَـمِّ أَو سـَيْلاًَ مِـن العَرِمِ
كَــم آيَـةٍ لِـذَوِي الاِِلْحـادِ قَـد قَهَـرَتْ
قَـد حـاوَلُوا سـَتْرَها جَهْلاًَ فَما اسْتَتَرَتْ
يـا لائِمـي فـي مَزايـا مِنْـهُ قَد بَهَرَتْ
دَعْنِــي وَوَصــْفِيَ آيــاتٍ لَــهُ ظَهَــرَتْ
ظُهُــورَ نــارِ القِـرَى لَيْلاًَ عَلـى عَلَـمِ
دَعْنـــي أُنَظِّـــمُ دُرَّاً ســـِمْطُهُ كَلِــمٌ
قَــد أُحْكِمَـتْ فـي مَبـانِي لَفْظِـهِ حِكَـمٌ
وَإِنْ تَســـاوَتْ بِحـــالَيْهِ لَــهُ قِيَــمٌ
فَالــدُّرُّ يَــزْدادُ حُسـْنَاً وَهْـوَ مُنْتَظِـمٌ
وَلَيْــسَ يَنْقُــصُ قَــدْرَاً غَيْــرَ مُنْتَظِـم
كـم طـارَ ذُو مِقْـوَلٍ فيـهِ فَمـا وَصـَلاَ
وَإِنْ تَجـــاوَزَ فــي زَعْــمٍ لَــهُ وَغَلاَ
فَلْيَحْتَقِـــرْ مَـــدْحَهُ وَلْيَقْصــُرِ الاََمَلاَ
فَمــا تَطــاوُلُ آمــالِ المديـحِ إِلـى
مــا فيــهِ مِـن كَـرَمِ الاََخْلاقِ والشـِّيَمِ
عَــن كُنْهِــهِ السـُّوَرُ العُظْمَـى مُحَدِّثَـةٌ
وَلِلْمَزايـــا لَــهُ والفَضــْلِ مُورِثَــةٌ
قَــدِيمُ فَضــْلٍ لَــهُ الآيــاتُ مُحْدِثَــةٌ
آيــاتُ حَــقٍّ مِــن الرَّحمــنِ مُحْدَثَــةٌ
قَدِيمَـــةٌ صــِفَةَ المَوْصــُوفِ بِالقِــدَمِ
جـــاءَتْ تُبَشــِّرُنا طَــوْرَاً وَتُنْــذِرُنا
حِرْصــاً عَلَيْنــا وَبِــالعُقْبَى تُبَصـِّرُنا
وَمِــن مَصــارِعِ عــادٍ كَــمْ تُحَــذِّرُنا
لَــم تَقْتَــرِنْ بزمــانٍ وَهْـيَ تُخْبِرُنـا
عَــنِ المَعــادِ وعَــن عـادٍ وعَـن إِرَمِ
أَعْظِـــمْ بِمُعْجِـــزَةٍ لِلْوَعْــدِ مُنْجِــزَةٍ
وَفِيَّـــةٍ بِالمَعــانِي الغُــرِّ مُــوْجَزَةٍ
لِمِلَّــةِ الحَــقِّ مــا دامَــتْ مُعَــزِّزَةٍ
دامَــت لَــدَيْنا فَفــاقَتْ كُـلَّ مُعْجِـزَةٍ
مِــن النَّبِيِّيــنَ إِذ جـاءَتْ وَلَـم تَـدُم
آيـاتُ صـِدْقٍ سـَمَتْ فـي الصـِّدْقِ عَن شُبَهٍ
كــم نَبَّهَــتْ مِــن غَـوِيٍّ غَيْـرِ مُنْتَبِـهٍ
مُبَيّنــــاتٌ فمـــا حَـــقٌّ بِمُشـــْتَبِهٍ
مُحَكّمــاتٌ فمــا يُبْقِيــنَ مِــن شــُبَهٍ
لِــذِي شــِقاقٍ ولا يَبْغِيْــنَ مِــن حَكَـمٍ
كَـم قـد تَجَلَّـتْ بِهـا لِلرَّيْـبِ مِـن رِيَبٍ
وكــم بِصــِدْقٍ بهــا رَدَّتْ أَخــا كَـذِبٍ
مــا غُـولِبَتْ عَـوْضُ إِلاّ وَهْـيَ فـي غَلَـبٍ
مــا حُــورِبَتْ قَـطُّ إِلاّ عـادَ مِـن حَـرَبٍ
أَعْـدَى الاََعـادِي إِلَيْهـا مُلْقِـيَ السـَلَمِ
كَــم رامَ ذُو فِطْنَــةٍ دَرْكَـاً لِغامِضـِها
فَخـــاضَ فــي لُجَّــةٍ أَوْدَتْ بِخائِضــِها
وَكُلَّمـــا عارَضــُوها فــي مُناقِضــِها
رَدَّتْ بَلاغَتُهــــا دَعْـــوَى مُعارِضـــِها
رَدَّ الغَيُـورِ يَـدَ الجـانِي عَـنِ الحَـرَمِ
فَكَــم يَنــابِيعَ مِـن هَـدْيٍ وَمِـن رَشـَدٍ
رَوَتْ بِرَيِّقِهـــا المُخْضــَلِّ قَلْــبَ صــَدٍ
أَلفـــاظُ دُرٍِّ كَعِقْــدِ النَّجْــمِ مُطَّــرِدٍ
لَهــا مَعـانٍ كَمَـوْجِ البَحْـرِ فـي مَـدَدٍ
وَفَــوقَ جَــوْهَرِهِ فـي الحُسـْنِ والقِيَـمِ
جــاءَتْ وَقَـد طَمَّـتِ الـدُّنْيا غَياهِبُهـا
جَهْلاًَ فَجَلَّـــى ظَلامَ الجَهْـــلِ ثاقِبُهــا
عَجــائِبٌ ضــَلَّ عنهـا الـدَّهْرَ حاسـِبُها
فَمـــا تُعَـــدُّ ولا تُحْصــَى عَجائِبُهــا
وَلا تُســامُ عَلــى الاِِكْثــارِ بِالســَأَمِ
نُــورٌ مِــن اللــهِ لِلتِّبْيـانِ أَنْزَلَـهُ
عَلــى نَبِــيِّ هُــدىً بِــالحَقِّ أَرْســَلَهُ
وَمُـــذْ تَلاَ مـــا تَلاَ مِنهــا وَرَتَّلَــهُ
قَــرَّتْ بِهـا عَيْـنُ قَارِيهـا فَقُلْـتُ لَـهُ
لَقَــد ظَفِــرْتَ بِحَبْــلِ اللـهِ فَاعْتَصـِمِ
كَـم أَيْقَظَـتْ لـو دَعَـتْ لَمّـا دَعَتْ يَقِظا
واسـْتَحْفَظَتْ لـو أَصـابَتْ مَـن لها حَفِظا
فَكُــنْ بِــوَعْظٍ لَهــا إِنْ تَتْـلُ مُتَّعِظـا
إِن تَتْلُهـا خِيْفَـةً مِـن حَـرِّ نـارِ لَظَـى
أَطْفَـأْتَ حَـرَّ لَظَـىً مِـن وِرْدِهـا الشـَبِمِ
كَــم فــازَ ذُو مَطْلَـبٍ مِنهـا بِمَطْلَبِـهِ
وَأَطْلَعَــتْ بَــدْرَهُ مِــن بَعْــدِ مَغْرِبِـهِ
كَــم أَزْهَـرَتْ وَجْـهَ عـاصٍ بَعْـدَ غَيْهَبِـهِ
كَأَنَّهــا الحَــوْضُ تَبْيَـضُّ الوُجُـوهُ بِـهِ
مِــنَ العُصــاةِ وَقَـد جـاؤُوهُ كَـالحُمَمِ
جـــاءَتْ نُجُومَــاً لِتالِيهــا مُنَزَّلَــةً
مُبَيَّنـــــاتٍ لِواعِيهــــا مُفَصــــَّلَةً
كَالشــَّمْسِ نُــوراً وَكَــالعَيُّوقِ مَنْزِلَـةً
وَكَالصـــِّراطِ وَكَـــالمِيزانِ مَعْدِلَـــةً
فَالْقِسـْطُ مِـن غَيْرِها في الناسِ لَم يَقُمً
تَطَلَّعَــتْ والحَســُودُ الغَمْــرُ يَسـْتُرُها
بَغْيَــاً وَقَــد شَعْشـَعَ الاََكْـوانَ نَيِّرُهـا
فَمــا عَلَيــكَ إِذا مــا ضـَلَّ مُنْكِرُهـا
لا تَعْجَبَـــنْ لِحَســـُودٍ راحَ يُنْكِرُهـــا
تَجــاهُلاًَ وَهْــوَ عَيْـنُ الحـاذِقِ الفَهِـمِ
إِن أَنْكَــرَ الصــُّبْحَ ذُو حَيْـفٍ وَذُو أَوَدٍ
فَالصـُّبْحُ لَـم يَخْـفَ فـي حـالٍ عَلَى أَحَدٍ
قَـد يُنْكِـرُ الفَضـْلَ أَهْلُ الجَهْلِ مِن حَسَدٍ
قَـد تُنْكِـرُ العَيْـنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِن رَمَدٍ
وَيُنْكِـرُ الفَـمُ طَعْـمَ المـاءِ مِـن سـَقَمِ
يـا خَيْـرَ مَـن أَمَّـلَ الرَّاجِـي سـَماحَتَهُ
وَمَــن لِجَــدْواهُ مَــدَّ الغَيْـثُ راحَتَـهُ
يــا مَـن بِـه يَجِـدُ المَكْـرُوبُ راحَتَـهُ
يـا خَيْـرَ مَـن يَمَّـمَ العـافُونَ سـاحَتَهُ
ســَعْيَاً وَفَــوقَ مُتُـونِ الاََيْنُـقِ الرُّسـُمِ
يـا مَـن هُوَ النَّصْرُ في الدُنْيا لِمُنْتَصِرٍ
ومَـن هُـوَ الـذُّخْرُ فـي الاَُخْـرَى لِمُـدَّخِرٍ
يـا مَـن هُـوَ الحُجَّـةُ العُلْيـا لِمُزْدَجِرٍ
ومَــن هُــوَ الآيَــةُ الكُبْـرَى لِمُعْتَبِـرٍ
ومَــن هُـوَ النِّعْمَـةُ العُظْمَـى لِمُغْتَنِـمِ
مَلاَتَ مِــن سـَيْبِ مـا أَوْعَيْـتَ مِـن كَـرَمٍ
شــِعابَ مَكَّــةَ مِــن فَــرْعٍ إِلـى قَـدَمٍ
وَمُـــذْ دُعِيـــتَ لِمَرْقــىً أَيِّ مُحْتَــرَمٍ
ســَرَيْتَ مِــن حَــرَمٍ لَيْلاًَ إِلــى حَــرَمٍ
كَمـا سـَرَى البَـدْرُ فـي داجٍ مِن الظُلَمِ
هَــــوَتْ لاِِســــْرائِكَ الاَمْلاكُ مُنْزَلَـــةً
واســْتَقْبَلَتْكَ رِيــاحُ اللُّطْــفِ مُقْبِلَـةً
ولَــم تَـزَلْ لَـكَ نَحْـوَ القُـدْسِ مُوصـِلَةً
وَبِــتَّ تَرْقَــى إِلــى أَنْ نِلْـتَ مَنْزِلَـةً
مِـن قـابِ قَوْسـَيْنِ لَـم تُـدْرَكْ وَلَم تُرَمِ
فــي لَيْلَــةٍ بِـكَ جَلَّـتْ جُنْـحَ غَيْهَبِهـا
إِذ نُبْـتَ عَـن بَـدْرِها فيهـا وَكَوْكَبِهـا
خَــرَّتْ لِعَلْيــاكَ مِــن عُلْـوِيِّ مَرْقَبِهـا
وَقَـــدَّمَتْكَ جَمِيـــعُ الاََنْبِيــاءِ بِهــا
والرُّســْلِ تَقْــدِيمَ مَخْـدُومٍ عَلـى خَـدَمِ
تَقَرَّبُــوا بِــكَ زُلْفَــى فــي تَقَرُّبِهِـمْ
بِخِدْمَـــةٍ لَـــكَ أَدْنَتْهُــمْ لِمَطْلَبِهِــمْ
قَـد كُنْـتَ إِذ أَوْكَبُـوا بَـدْرَاً لِمَوْكِبِهِمْ
وَأَنْــتَ تَخْتَـرِقُ السـَّبْعَ الطِّبـاقَ بِهِـمْ
فــي مَـوْكِبٍ كُنْـتَ فيـهِ صـاحِبَ العَلَـمِ
مـا زِلْـتَ مِـن أُفُـقٍ تَرْقَـى إِلـى أُفُـقٍ
مُجــاوِزَاً طَبَقَــاً لِلْقُــرْبِ عَــن طَبَـقٍ
شـــَأَوْتَ كُــلَّ أَخِــي ســَبْقٍ بِمُســْتَبَقٍ
حَتّــى إِذا لَــم تَـدَعْ شـَأْوَاً لِمُسـْتَبِقٍ
مِـــن الـــدُّنُوِّ ولا مَرْقــىً لِمُســْتَنِمِ
نُبِّهْـتَ لِلقُـرْبِ والغَمْـرُ الحَسـُودُ وُقِـذْ
وَقَــد وَفَيْــتَ بِمِيثــاقٍ عَلَيــكَ أُخِـذْ
وَمُـذْ رُفِعْـتَ وَمَـن لَـمْ يَـدْنُ مِنْـكَ نُبِذْ
خَفَضـــْتَ كُـــلَّ مَقــامٍ بِالاِِضــافَةِ إِذْ
نُـودِيتَ بِـالرَّفْعِ مِثْـلَ المُفْـرَدِ العَلَمِ
أَدْرَكْــتَ مِــن خَطَــرٍ لَــوْلاَكَ ذِي خَطَـرٍ
مــا لَيْــسَ يُـدْرَكُ فـي سـَمْعٍ ولا بَصـَرٍ
خُصِصــْتَ بِــالقُرْبِ مِــن بـادٍ وَمُحْتَضـِرٍ
كَيْمـــا تَفْـــوزَ بِوَصــْلٍِ أَيِّ مُســْتَتِرٍ
عَـــنِ العُيـــونِ وَســـِرٍّ أَيِّ مُكْتَتَــمٍ
كَـم جُـزْتَ فـي صـَهَواتِ المَجْـدِ مِن حُبُكٍ
وَكَــم سـَمَوْتَ لِنَيْـلِ القُـرْبِ مِـن فَلَـكٍ
وَكَــم تَجـاوَزْتَ دُونَ الرُّسـْلِ مِـن مَلَـكٍ
فَحُـــزْتَ كُــلَّ فَخــارٍ غَيْــرَ مُشــْتَرَكٍ
وَجُـــزْتَ كُــلَّ مَقــامٍ غَيْــرَ مُزْدَحَــمٍ
كَـم قَـد خَرَقْـتَ لِمـا وُلِّيْـتَ مِـن حُجُـبٍ
وَكَــم رَأَيْــتَ لِمـا أُوْلِيـتَ مِـن عَجَـبٍ
فَجَــلَّ نَعْتُــكَ عَــن نَظْــمٍ وَعَـن خُطَـبٍ
وَجَــلَّ مِقــدارُ مــا وُلِّيْـتَ مِـن رُتَـبٍ
وَعَــزَّ إِدْراكُ مــا أُوْلِيــتَ مِـن نِعَـمٍ
مَــوْلىً بِـهِ اللـهُ رَبُّ الفَضـْلِ فَضـَّلَنا
وَبِالعِنايَـــةِ دَونَ النـــاسِ خَوَّلَنــا
فَلْيَهْنِنــا مـا مِـنَ البُشـْرَى تَجَلَّلَنـا
بُشـْرَى لَنـا مَعْشـَرَ الاِِسـْلامِ إنَّ لَنـا
مِــن العِنايــةِ رُكْنَــاً غَيْـرَ مُنْهَـدِمِ
فَــدَعْ لِســانِيَ يَجْــرِي فــي بَراعَتِـهِ
بِنَعْــتِ مَــن كُــلُّ عـاصٍ فـي شـَفاعَتِهِ
أكــرم بــداع كرمنــا فـي اطـاعته
لَمّــا دَعــا اللـهُ داعِينـا لِطـاعَتِهِ
بِــأَكْرَمِ الرُســْلِ كُنّــا أَكْـرَمَ الاَُمَـمِ
مَــوْلىً بِــهِ اللـهُ أَصـْفانا بِنِعْمَتِـهِ
وَاخْتَصــَّنا وَاصــْطَفانا أَهْــلَ مِلَّتِــهِ
دَعــا فَمُــذْ بَلَغَــتْ أَنْبــاءُ دَعْـوَتِهِ
راعَــتْ قُلُـوبَ العِـدَى أَنْبـاءُ بِعْثَتِـهِ
كَنَبْـــأَةٍ أَجْفَلَــتْ غُفْلاًَ مِــن الغَنَــمِ
كَــم قَـد سـَطا بِهِـمُ فـي كُـلِّ مُشـْتَبَكٍ
لِلســـُّمْرِ مُضــْطَرِبِ الاََرْجــاءِ مُرْتَبِــكٍ
أَنَّــى يَفِــرُّونَ خَوْفَـاً مِـن سـُطَا مَلِـكٍ
مــا زالَ يَلْقــاهُمُ فــي كُـلِّ مُعْتَـرَكٍ
حَتَّـى حَكَـوا بِالقَنـا لَحْمَـاً عَلـى وَضَمِ
أَبـــادَهُمْ فَقَضـــى بَعْـــضٌ بِمَضــْربِهِ
رُعْبــاً وشــالَتْ بِــهِ عَنْقـاءُ مُغْرِبِـهِ
والبَعْــضُ ضــاقَ عَلَيــهِ وَجْـهُ مَهْرَبِـهِ
وَدُّوا الفِــرارَ فَكـادُوا يَغْبِطُـونَ بِـه
أَشــْلاءَ شـالَتْ مَـع العِقْبـانِ وَالرَّخَـمِ
تَفْنَـى الـدُّهُورُ وَيُبْلِـي اللـهُ جِـدَّتَها
وَتَســــْتَمِرُّ ولا يَــــدْرُونَ مُــــدَّتَها
وَمِــن حُــرُوبٍ أُذِيــقَ القَـوْمُ شـِدَّتَها
تَمْضــِي اللَّيــالي ولا يَـدْرُونَ عِـدَّتَها
مـا لَـم تَكُـنْ مِن لَيالي الاََشْهُرِ الحُرُمِ
أَبـاحَهُ الـدِّينُ إِذ حـادُوا اسْتِباحَتَهُمْ
بكُـــلِّ غَرْثــانَ يَســْتَقْرِي إِجــاحَتَهُمْ
ظَمْــآنَ أَوْســَعَ كَــي يَـرْوَى جِراحَتَهُـمْ
كَأَنَّمــا الــدِّينُ ضــَيْفٌ حَـلَّ سـاحَتَهُمْ
بِكُــلِّ قَــرْمٍ إِلـى لَحْـمِ العِـدَى قَـرِمِ
كَــم قــادَ أَرْعَــنَ مَــوّارَاً بِجائِحَـةٍ
بِعُـــوَّمٍ فـــي عُبـــابِ الآلِ طافِحَــةٍ
يَســـْطُو بِشـــُوسٍ مَصــالِيتٍ جَحاجِحَــةٍ
يَجُـــرَّ بَحْــرَ خَمِيــسٍ فَــوقَ ســابِحَةٍ
يَرْمِــي بِمَــوْجٍ مِــن الاََبْطـالِ مُلْتَطِـمٍ
كَـم جَـرَّ نَحْـوَ العِـدَى مِـن فَيْلَـقٍ لَجِبٍ
رَبِيــطِ جَــأْشٍ كَمَــوْجِ البَحْـرِ مُضـْطَرِبٍ
يَرْمِــي بِشــُهْبٍ كَمـا تَنْقَـضُّ مِـن شـُهُبٍ
مِـــن كُـــلِّ مُنْتَــدِبٍ للــهِِ مُحْتَســِبٍ
يَســـْطُو بِمُسْتَأْصــِلٍ لِلْكُفْــرِ مُصــْطَلِمٍ
كَـم أَنْهَجُـوا مِـن سـَبِيلٍ نَحْـوَ مَذْهَبِهِمْ
بِحَـــدِّ خَطِّيهِـــمْ طَـــوْرَاً وَمِقْضــَبِهِمْ
وَكَــم وَكَــم شـَعَبُوا صـَدْعَاً لِمِشـْعَبِهِمْ
حَتّــى غَــدَتْ مِلَّـةُ الاِِسـْلامِ وَهْـيَ بِهِـمْ
مِــن بَعْــدِ غُرْبَتِهـا مَوْصـُولَةَ الرَحِـمِ
صــِينَتْ بِكُــلِّ أَبِــيِّ الضــَّيْمِ مُنْتَـدِبٍ
لِلْعِـــزِّ لَيْـــسَ بِعِزْهـــاةٍ وَلا لَغَــبٍ
تَنْفَــكُّ فـي راحَـةٍ وَالقَـوْمُ فـي تَعَـبٍ
مَكْفُولَـــةً أَبَــدَاً مِنْهُــمْ بِخَيْــرِ أَبٍ
وَخَيْــرِ بَعْــلٍ فَلْــم تَيْتَـمْ وَلـم تَئِمِ
لَــو كُنْـتَ تَشـْهَدُ إِذ كَـرُّوا تَصـادُمَهُمْ
وَالــرُّوْحُ بِالنَصــْرِ لا يَنْفَـكَّ قـادِمَهُمْ
رَســَوْا فَلَســْتَ تَـرَى قِرْنـاً مُقـاوِمَهُمْ
هُــمُ الجِبــالُ فَسـَلْ عَنْهُـمْ مُصـادِمَهُمْ
مــاذا رَأَى مِنْهُــمُ فــي كُـلِّ مُصـْطَدَمِ
كَـم أَرْهَقُـوهُمْ عَـذابَاً إِذ عَتَـوْا صَعَدَاً
وَمَـن أَرَبَّ الـرَّدَى لَـم يَلْـقَ غَيْـرَ رَدىً
سـَلْ خَيْبَـرَاً حِيـن وَلَّـى جَمْعُهُـمْ بَـدَدَاً
وَسـَلْ حُنَيْنَـاً وَسـَلْ بَـدْرَاً وَسـَلْ أُحُـدَا
فُصــُولَ حَتْـفٍ لَهُـم أَدْهَـى مِـنَ الـوَخَم
الجـاعِلِي الوُلْـدِ شـِيْبَاً عِنْـدَما وُلِدَتْ
بَعادِيــاتٍ عَلَيْهِـمْ فـي الحُجُـورِ عَـدَتْ
المُـوْرِدِي الشـُّهْبِ لُـجَّ المَوْتِ ما وَرَدَتْ
المُصـْدِرِي البِيْـضِ حُمْـرَاً بَعْـدَما وَرَدَتْ
مِــنَ العِــدَى كُـلَّ مُسـْوَدٍّ مِـنَ اللِّمَـمِ
الكاشـِفِينَ دُجَـى الهَيْجـاءِ مـا حَلكَـتْ
بِبارِقـــاتٍ لاََِعْمــارِ العِــدَى بَتَكَــتْ
الشــّاعِلِينَ بِبِيـضِ الهِنْـدِ مـا فَتَكَـتْ
والكــاتِبِينَ بِسـُمْرِ الخَـطِّ مـا تَرَكَـتْ
أَقْلامُهُــمْ حَــرْفَ جِســْمٍِ غَيْــرَ مُنْعَجِـمِ
ســـــِلاحُهُمْ لاََِعــــادِيهِمْ تَحَرُّزُهُــــمْ
بِعِــزِّ مَــوْلىً بِــهِ قِــدْمَاً تَعَزُّزُهُــمْ
قَـــد مــازَهُمْ بِمَزايــاهُمْ مُمَيِّزُهُــمْ
شــاكِي الســِّلاحِ لَهُـمْ سـِيْما تُمَيِّزُهُـمْ
والـوَرْدُ يَمْتـازُ بِالسـِّيْما مِـنَ السَّلَمِ
هُــمُ الكُمــاةُ أَعَــزَّ اللــهُ نَصـْرَهُمُ
بِــهِ وَطَيَّــبَ طِيــبَ الزَّهْــرِ نَجْرَهُــمُ
وَلــم تَــزَلْ كُلَّمـا اسْتَنْشـَيْتَ عِطْرَهُـمُ
تُهْــدِي إِلَيــكَ رِيـاحُ النَّصـْرِ نَشـْرَهُمُ
فَتَحْسـَبُ الزَهْـرَ فـي الاََكْمـامِ كُـلَّ كَمِي
تَســَنَّمُوا صــَهَواتِ الجُــرْدِ مُنْتَــدِباً
يَهْتــاجُ مُشــْتَمِلاًَ بِــالحَزْمِ مُنْتَقِبــا
أَرْســَوْا فَلَسـْتَ تَـرَى نِكْسـَاً وَلا ثَئِبَـاً
كَـأَنَّهُمْ فـي ظُهُـورِ الخَيْـلِ نَبْـتُ رُبـىً
مِـن شـِدَّةِ الحَـزْمِ لا مِـن شـِدَّةِ الحُـزُمِ
طــافُوا بِهِـمْ فَتَمَنَّـوا لِلنَجـا نَفَقـاً
فـي الاََرْضِ أَو سـُلَّمَاً يَرْقَـى بِهـم أُفُقَاً
وَمُـذ عَـدَوا وَغَـدا جَمْـعُ العِـدَى مِزَقَاً
طـارَتْ قُلُـوبُ العِـدَى مِـن بَأْسِهِمْ فَرَقَاً
فَمــا تُفَــرِّقُ بَيْــنَ البَهْـمِ والبُهَـمِ
مِــن كُــلِّ نَــدْبٍ تَبُــتُّ الشـَّرَّ شـِرَّتُهُ
شـــَهْمٍ أُمِـــرَّتْ علــى العِلاّتِ مِرَّتُــهُ
يَكِـــرُّ مَقْرُونَـــةً بِالنَّصـــْرِ كَرَّتُــهُ
وَمَــن تَكُــنْ بِرَســُولِ اللــهِ نُصـْرَتُهُ
إِن تَلْقَــهُ الاَُســْدُ فـي آجامِهـا تَجِـمِ
غَــوْثُ الــوَلِيِّ فمــا يَنْفَـكُّ فـي وَزَرٍ
حَتْــفُ العَـدُوِّ فَلَـم يَبْـرَحْ عَلـى خَطَـرٍ
فَســَرِّحِ اللَّحْــظَ فــي بــادٍ وَمُحْتَضـِرٍ
فَلَــن تَــرَى مِــن وَلِـيٍّ غَيْـرَ مُنْتَصـِرٍ
بِـــهِ ولا مِــن عَــدُوٍّ غَيْــرَ مُنْقَصــِمِ
وافَـى إِلـى اللـهِ يَـدْعُو فـي أَدِلَّتِـهِ
والشـــِّرْكُ ظَلَّـــلَ كُلاًَّ فـــي أَظِلَّتِــهِ
وَمُــذ دَهَــى الغَـيَّ مُجْتاحَـاً بِصـَوْلَتِهِ
أَحَـــلَّ أُمَّتَـــهُ فـــي حِــرْزِ مِلَّتِــهِ
كَـاللَيْثِ حَـلَّ مَـعَ الاََشـْبالِ فـي الاََجَـمِ
كَفــاكَ بِالــذِكْرِ بُرْهانــاً لِمُنْتَضــِلٍ
يَــرُدُّ كُــلَّ دَخِيــلِ الاََصــْلِ ذِي دَخَــلٍ
فَاقْصــِمْ بِــهِ كُـلَّ ذِي رَيْـبٍ وَذِي جَـدَلٍ
كَــم جَــدَّلَتْ كَلِمـاتُ اللـهِ مِـن جَـدِلٍ
فِيــه وَكَـم خَصـَمَ البُرْهـانُ مِـن خَصـِمِ
أُمِّـــيُّ بَعْـــثٍ بِــهِ أَضــْحَتْ مُمَيَّــزَةً
تِلْـكَ العُلُـومُ الـتي مـا زِلْـنَ مُلْغَزَةً
إِنْ تَبْـــغِ مُعْجِــزَةً لِلْخَصــْمِ مُعْجِــزَةً
كَفــاكَ بِــالعِلْمِ فــي الاَُمِّـيِّ مُعْجِـزَةً
فـي الجاهِلِيَّـةِ والتَّـأْدِيبِ فـي اليُتُمِ
أفْنَيْــتُ عُمْــرِي وَقَلْبِــي فـي تَقَلُّبِـهِ
يَهِيــمُ فــي كُــلِّ وادٍ مِــن تَخَيُّبِــهِ
وَمُنْــذُ بُــؤْتُ بِعاصـِي القَلْـبِ مُـذْنِبِهِ
خَـــدَمْتُهُ بِمَدِيـــحٍ أَســـْتَقِيلُ بِـــهِ
ذُنُـوبَ عُمْـرٍ مَضـَى فـي الشـِّعْرِ وَالخِدَمِ
صــُبَّتْ علــى قَلْبِـيَ العـانِي مَصـائِبُهُ
مِـــن شــِقْوَةٍ وَهَــوىً كُــلٌّ يُغــالِبُهُ
دَعْنــي أُراقِــبُ خَوْفَــاً مـا أُراقِبُـهُ
إِذ قَلَّـــدانِيَ مــا تُخْشــَى عَــواقِبُهُ
كَــأَنَّني بِهِمــا هَــدْيٌ مِــن النَّعَــمِ
دَعْنـي أَمُـتْ نَـدَمَاً إِذ لَـم أَمُـتْ نَدَما
مِـن غَفْلَـةٍ ضـاعَ فيها العُمْرُ وَانْصَرَما
وَمُـذ عَصـَيْتُ النُّهَـى والحِلْـمَ مُجْتَرِمـا
أَطَعْـتُ غَـيَّ الصـِّبا فـي الحالَتَيْنِ وَما
حَصـــَلْتُ إِلاّ عَلــى الآثــامِ والنَّــدَمِ
فَيــا لَنَفْــسٍ تَمــادَتْ فـي شـَرارَتِها
لا تَرْعَــوِي عَــن قَبِيـحٍ مِـن زَعارَتِهـا
تَعْتــاضُ عَـن رِبْحِهـا أَشـْنَى خَسـارَتِها
فَيــا خَســارَةَ نَفْــسٍ فــي تِجارَتِهـا
لَـم تَشـْتَرِ الـدِّينَ بِالـدُنْيا ولَم تَسُمِ
وَيــا لاََِســْيانَ سـاهِي القَلْـبِ غـافِلِهِ
مُســــْتَبْدِلٍ حَقَّــــهُ جَهْلاًَ بِبــــاطِلِهِ
يَبْتـــاعُ عــاجِلَهُ الفــانِي بِــآجِلِهِ
وَمَـــن يَبِـــعْ آجِلاًَ مِنْـــه بِعــاجِلِهِ
يَبِـنْ لـه الغَبْـنُ فـي بَيْـعٍ وفـي سَلَمِ
إِن فـــاتَني جُــلُّ مَســْنُونٍ ومُفْتَــرَضٍ
فـــإِنَّ لــي مِــن وِلاهُ أَيّمــا عِــوَضٍ
فَلَــمْ أَبِـتْ قَـطُّ مِـن ذَنْـبٍ علـى مَضـَضٍ
إِنْ آتِ ذَنْبَــاً فمــا عَهْــدِي بِمُنْتَقِـضٍ
مِـــنَ النَّبِـــيِّ ولا حَبْلِــي بِمُنْصــَرِمِ
عَلَــــى وَلائِيـــهِ مِيلادِي وَتَرْبِيَتِـــي
وبِاســـْمِهِ كُلَّمــا نُــودِيتُ تَغْــذِيَتي
إِن خُنْــتُ عَهْــدِي وَمِيثـاقِي بِمَعْصـِيَتِي
فَـــإِنَّ لــي ذِمَّــةً مِنْــهُ بِتَســْمِيَتي
مُحَمَّــدَاً وَهْـوَ أَوْفَـى الخَلْـقِ بِالـذِّمَمِ
كَــم مِـن يَـدٍ لِـيَ مِنْـهُ أُرْدِفَـتْ بِيَـدِ
أَرْجُــوهُ يَشــْفَعُ يَـومِي مِثْلَهـا بِغَـدِي
مَــولايَ خُـذْ بِيَـدِي وَاعْـدِلْ غَـدَاً أَوَدِي
إِنْ لـم تَكُـنْ فـي مَعـادِي آخِـذَاً بِيَدِي
فَضــْلاًَ وإِلاّ فَقُــلْ يــا زَلَّــةَ القَـدَمِ
مَــوْلىً أَفـاضَ علـى الـدُّنْيا مَراحِمَـهُ
وذادَ عَـــن كُـــلِّ ذِي إِثْــمِ مَــآثِمَهُ
تَـــراهُ يَحْـــرِمُ راجِيـــهِ مَغــانِمَهُ
حاشــاهُ أَن يَحْــرِمَ الراجِـي مَكـارِمَهُ
أَوْ يَرْجِــعَ الجـارُ مِنْـهُ غَيْـرَ مُحْتَـرَمِ
أَلْزَمْــتُ نَفْســِيَ مُــذ كـانَتْ مَمـادِحَهُ
فَمــا عَــدِمْتُ علــى حــالٍ مَنــائِحَهُ
وكَــم كَفــانِيَ مِــن دَهْــرٍ جَــوائِحَهُ
وَمُنْـــذُ أَلْزَمْــتُ أَفكــارِي مَــدائِحَهُ
وَجَـــــدْتُهُ لِخَلاصــــِي أَيَّ مُلْتَــــزِمِ
فَـاهْرُبْ إِلَيـهِ بِنَفْـسٍ مِنـكَ مـا هَرَبَـتْ
إِلَيــهِ إِلاّ ونــالَتْ مِنْــهُ مـا طَلَبَـتْ
فَلَيْـسَ تَعْـدُو المُنَـى نَفْسـَاً لَـهُ رَغِبَتْ
وَلَـن يَفُـوتَ الغِنَـى مِنْـهُ يَـدَاً تَرِبَـتْ
إِنّ الحَيـا يُنْبِـتُ الاََزهـارَ فـي الاََكَـمِ
ســَمَّطْتُ بُــرْدَةَ مَــدْحٍ فــي عُلاهُ شـَفَتْ
أَدِيــبَ بُوصــِيرَ فاســْتَوْفَتْ عُلاً وَوَفَـتْ
أَرْجُو بِها الفَوْزَ في العُقْبَى وَتِلْكَ كَفَتْ
وَلَـم أُرِدْ زَهْـرَةَ الدُنْيا التي اقْتَطَفَتْ
يَــدا زُهَيْــرٍ بِمـا أَثْنَـى عَلـى هَـرِمِ
مَـــــولايَ عَبْــــدُكَ دَلاَّهُ بِمَعْطَبِــــهِ
خَطْــبٌ أَضــاقَ علَيــهِ وَجْــهَ مَــذْهَبِهِ
يَــدْعُوكَ والخَطْــبُ طــاحٍ فـي تَصـَوُّبِهِ
يـا أَكْـرَمَ الخَلْـقِ ما لي مَن أَلُوذُ بِهِ
ســِواكَ عِنْــدَ حُلُـولِ الحـادِثِ العَمَـمِ
أَشـْفَيتُ لـولاكَ مِـن ذَنْبِـي علـى عَطَبِـي
فَكُــن شــَفِيعي لِرَبِّــي يَـوْمَ مُنْقَلَبِـي
كَــم عَــمَّ جاهُــكَ مِـن نـاءٍ وَمُقْتَـرِبِ
وَلَـن يَضـِيقَ رَسـُولَ اللـهِ جاهُـكَ بِي
إِذا الكَرِيــمُ تَجَلَّــى بِاســْمِ مُنْتَقِـمِ
فَــادْرَأْ بِجاهِــكَ عَـنْ نَفْسـِي مَضـَرَّتَها
وَاقْمَــعْ عَلــى نَــزَقٍ فيهـا مَعَرَّتَهـا
وَســـُقْ إِليهــا بِــدارَيْها مَســَرَّتَها
فَــإِنَّ مِــن جُــودِكَ الـدُّنْيا وَضـَرَّتَها
وَمِــن عُلُومِــكَ عِلْـمَ اللَـوْحِ والقَلَـمِ
كَـم بالرَّجـاءِ نَجَـتْ نَفْـسُ امْـرِىٍَ وَسَمَتْ
وَبِــالقُنُوطِ هَــوَتْ أُخْـرَى وَمـا عَلِمَـتْ
كَـم بَيـنَ مَـن حُرِمَـتْ يَأْسـَاً وَمَن رُجِمَتْ
يــا نَفْـسُ لا تَقْنَطِـي مِـن زَلَّـةٍ عَظُمَـتْ
إِنّ الكَبــائِرَ فـي الغُفْـرانِ كَـاللَّمَمِ
وَاهَــاً لِنَفْسـِيَ كَـم بِـالعَفُوِ يُكْرِمُهـا
رَبِّـي الكَرِيـمُ وَكَـم بِالـذَنْبِ أَظْلِمُهـا
فَـازْدَدْ رَجـاءً إِذا مـا ازْدادَ مَأْثَمُها
لَعَــلَّ رَحْمَــةَ رَبِّــي حِيــنَ يَقْســِمُها
تَـأْتي علـى حَسـَبِ العِصـْيانِ في القِسَمِ
يـــا رَبِّ دَعْــوَةَ راجٍ مِنْــكَ مُلْتَمِــسٍ
أَســِيرِ جُــرْمٍ بِبَحْــرِ الـذَنْبِ مُنْغَمِـسٍ
لَــولا رَجــاؤُكَ لَـمْ أَبْـرَحْ عَلـى يَـأَسٍ
يــا رَبّ فَاجْعَـلْ رَجـائِي غَيْـرَ مُنْعَكِـسٍ
لَــدَيكَ واجْعَــلْ حِسـابِي غَيْـرَ مُنْخَـرِمِ
وَفُـــكَّ عَبْـــدَك مِــن ذَنْــبٍ تَجَلَّلَــهُ
بِعِبْــءِ هَــمٍّ لِيَــومِ الحَشــْرِ أَثْقَلَـهُ
وَهَــبْ لَـه مِـن جَميـلِ الصـَّبْرِ أَجْمَلَـهُ
وَالْطُـفْ بِعَبْـدِكَ فـي الـدّارَيْنِ إِنَّ لَـهُ
صــَبْرَاً مَتَــى تَـدْعُهُ الاََهْـوالُ يَنْهَـزِمِ
وَبَلِّــغِ المُصــْطَفَى مَــعْ كُــلِّ ناسـِمَةٍ
أعْلاقَ نَفْــسٍ لِبُعْــدِ العَهْــدِ ناســِمَةٍ
وَجُــدْ بِمُــزْنِ ثَنــاءٍ مِنْــكَ ســاجِمَةٍ
وَأْذَنْ لِســـُحْبِ صـــَلاةٍ مِنْــكَ دائِمَــةٍ
عَلـــى النَبِـــيِّ بِمُنْهَـــلٍّ وَمُنْســَجِمِ
وَاشـْفَعْ بِـهِ آلَـهُ مَـن قَـدْ زَكَوْا نَسَبَاً
بِــهِ وَأَصــحَابَهُ أَوْفَـى الـوَرَى حَسـَبَاً
وَرَنِّــحِ الكَــوْنَ مِـن أَمـداحِهِمْ طَرَبَـاً
مـا رَنَّحَـتْ عَـذَباتِ البَـانِ رِيـحُ صـَبَاً
وَأَطْـرَبَ العِيْـسَ حـادِي العِيْـسِ بِالنَغَمِ