
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
نــأى آخــر الأيــام عنــك حـبيبُ
فللعيــــن ســــحٌ دائمٌ وغـــروبُ
دعتــه نـوى لا يرتجـى أوبـةٌ لهـا
فقلبـــكَ مســـلوبٌ وأنــتَ كئيــبُ
يــؤوب إلــى أوطــانه كـل غـائبٍ
وأحمــدُ فــي الغيـابِ ليـس يـؤوبُ
تبـــدل داراً غيــر داري وحيــرةً
ســواي وأحــداثُ الزمــان تنــوبُ
أقــام بهــا مسـتوطناً غيـر أنـه
علــى طــول أيـام المقـام غريـبُ
وكـان نصـيب العيـن فـي كـل لـذةٍ
فأمســي ومــا للعيـن فيـه نصـيبُ
كأن لم يكن كالغصن في ميعةِ الضحى
ســقاه النـدى فـاهتز وهـو رطيـبُ
كـأن لـم يكـن كالصقر أوفى بشامخ
الـذرى وهـو يقظـان الفـؤاد طلوبُ
كـأن لـم يكـن كالرمـح يعدل صدره
غـــداة الطعــان لهــدمٌ وكعــوبُ
يغـض الحديـدَ المحكـمَ النسـج حده
ويبــدو وراء القــرن وهـو خضـيبُ
كـأن لـم يكـن كالـدر يلمـع نورهُ
بأصـــدافه لمـــا تشــنه ثقــوبُ
كـأن لـم يكـن زيـن الغناء ومعقلَ
النســاء إذا يــومٌ يكــونُ عصـيبُ
وريحــان صــدري كـان حيـن أشـمه
ومــؤنس قصــري كــان حيـن أغيـبُ
كــأني منـه كنـت فـي نـوم حـالم
نفـــى لــذة الأحلام عنــه هبــوبُ
وكــانت يـدي ملأى بـه ثـم أصـبحت
بحمــدٍ إلهــي وهــي منــه سـليبُ
قليلاً مـن الأيـام لـم يـرو نـاظري
بهــا منــه حــتى أعلقتـه شـعوبُ
كظــل سـحابٍ لـم يقـم غيـر سـاعةٍ
إلــى أن أطــاحته فطــاح جنــوبُ
أو الشـمس لمـا مـن غمـامٍ تحسـرت
مســاءً وقــد ولــت وحــان غـروبُ
سـأبكيك مـا أبقـت دمـوعي والبكى
بعينــي مــاءً يــا بنــي يجيــبُ
ومــا غـار نجـمٌ أو تغنـت حمامـةٌ
أو اخضــر فــي فـرع الأراك قضـيبُ
حيـاتي مـا دامـت حيـاتي فإن أمت
ثــويتُ وفــي قلــبي عليـك نـدوبُ
وأضــمر إن أنغــدت دمعــي لوعـةً
عليــك لهــا تحـتَ الضـلوعِ وجيـبُ
دعــوت أطبـاء العـراق فلـم يصـب
دواءك منهـــم فــي البلاد طــبيبُ
ولــم يملـك الآسـونَ دفعـاً لمهجـةٍ
عليهــا لإشــراك المنــون رقيــبُ
قصــمت جنـاحي بعـدما هـد منكـبي
أخـــوك فرأســي قــد علاه مشــيبُ
فأصـــبحتُ فــي الهلاكِ إلا حشاشــةً
تــذابُ بنــارِ الحـزنِ فهـيَ تـذوبُ
توليتمــا فــي حقبــةٍ فتركتمــا
صـــدى يتـــولى تـــارةً ويثــوبُ
فلا ميــــــــت إلا دون رزئك رزؤه
ولــو فتتــت حزنــاً عليـه قلـوبُ
وإنــي وإن قــدمت قبلــي لعـالمٌ
بــأني وإن أبطــأت منــك قريــبُ
وإن صــباحاً نلتقــي فــي مسـائه
صــباحٌ إلـى قلـبي الغـداةَ حـبيبُ
إبراهيم بن محمد أبو إسحاق أمير المؤمنين المبارك ابن المهدي العباسي الأسود الملقببالتنين لسمنه، وكان فصيحاً مفوهاً بارع الأدب والشعر بارعاً إلى الغاية في الغناء ومعرفةالموسيقى، وأمه اسمها شكلة، روى عن المبارك بن فضالة وحماد بن يحيى الأبح، وليإمرة دمشق سنتين ثم أربع سنين لم يقطع على أحد في عمله طريق، وبويع بالخلافة زمنالمأمون وقاتل ابن سهل وهزمه إبراهيم فتوجه نحوه حميد الطوسي فقاتله فهزمه حميدواستخفى إبراهيم زماناً حتى ظفر به المأمون وحديثه في ذلك مشهور فعفا عنه وأوردصاحب الأغاني وغيره من ذلك جملة.وكان أسود حالكاً عظيم الجثة لم ير في أولاد الخلفاءقبله أفصح منه ولا أجود شعراً. ولد سنة اثنتين وستين ومائة وتوفي رحمه الله في شهررمضان سنة أربع وعشرين ومائتين وكان قد غلب على بغداذ والكوفة والسواد، فلماقارب المأمون العراق ضعف أمر إبراهيم وركب بأبهة الخلافة إلى المصلى يوم النحر وصلىبالناس وهو ينظر إلى عسكر المأمون ثم انصرف من الصلاة وأطعم الناس بقصر الرصافةثم استتر وانقضى أمره وظفر به المأمون سنة عشر وعفا عنه وبقي مكرماً إلى أن مات.ويقال إنه ما اجتمع غناء أخٍ وأختٍ أحسن من إبراهيم وأخته علية ابني المهدي، ولهترجمة طويلة في تاريخ دمشق تكون في سبع عشرة قائمة. وكان سبب ولايته الخلافة أنالمأمون لما كان بخراسان جعل ولي عهده علي بن موسى بن علي الرضي فشق ذلك علىالعباسيين ببغداذ وبايعوا إبراهيم ولقبوه المبارك لخمس بقين من ذي الحجة سنة إحدىومائتين وبايعه العباسيون في الباطن، ثم بايعه أهل بغداذ في أول يوم من المحرم سنة اثنتينوأظهروا ذلك وصعد المنبر ثم إن إبراهيم اختفى بعد لذلك لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذيالحجة سنة ثلاث ومائتين (عنالوافي للصفدي)