
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
جميع الحقوق محفوظة © الشعر العربي 2025
ومـا صـاحب السـلطان إلا كراكـب
بلجـة بحـر فهـو يستشعر الغرق
فإن عاد منه سالم الجسم ناجياً
فمـا نفسه فيه يفارقها الفرق
سديد الدين ابن رقيقة الشيباني الحانوي: طبيب من رؤساء الأطباء في عصره، وشاعر من كبار الشعراء، نسبته إلى مدينة حاني (وهي نفسها حيني) في ديار بكر، إحدى ممالك بني أرتق في العصر الأيوبي، له في الطب مؤلفات جليلة، سمى الزركلي بعضها في ترجمته في الأعلام، وكانت قد ربطته بابن أبي اصيبعة طاحب "طبقات الأطباء" صداقة في اخريات عمره فترجم له في كتابه ترجمة حافلة بالنوادر، اختصرت منها ما تيسر وأبقيت على ما فيها من الفوائد لندرتها، وفيها قوله بعدما وصف عمله في مشافي البلدان التي عمل فيها طبيبا ومنها البيمارستان النوري في دمشق: (وكان لي أيضاً في ذلك الوقت مقرر جامكية وجراية لمعالجة المرضى في هذا البيمارستان، وتصاحبنا مدة فوجدت من كمال مروءته، وشرف أرومته، وغزارة علمه، وحسن تأتيه في معرفة الأمراض ومداواتها، ما يفوق الوصف) وترجم له الإمام الذهبي في التاريخ، وأشار إلى أنه والد المحدث أبي العباس أحمد بن محمود، وترجم له الباباني في "الهدية" ونعته بقوله (رئيس الأطباء بدمشق) وظاهر انه استقى ترجمته من كتاب ابن أبي اصيبعة، واما مدينة حيني فقد أوجز ياقوت الحديث عنها فقال: (حيني: بالكسر والنون مكسورة أيضاً، بلد في ديار بكر معدن الحديد يحمل منه إلى البلاد ويقال له حاني أيضاَ وقد ذكر في أول هذا الباب.وهو القائل:لسـت مـن يطلـب التكسب بالسخ ف ولـو كنـت مـت عرياً وجوعاولــو أنـي ملكـت ملـك سـليما ن لمـا اخترت عن وقاري رجوعاومن شعره:لا تكـن نـاظراً إلى قائل القو ل بـل انظـر إليـه ماذا يقولفنبــاح الكلاب مــع خســة فـيهـا علـى منـزل الكريـم دليـلومن نوادر شعره قطعة قدم لها ابن اصيبعة بقوله:وأنشدني أيضاً لنفسه مما كتبه على كأس في وسطه طائر على قبة مخرمة، إذا قلب في الكأس ماء دار دوراناً سريعاً، وصفر صفيراً قوياً، ومن إذا وقف بإزائه الطائر حكم عليه بالشرب فإذا شربه وترك فيه شيئاً من الشراب صفر الطائر، وكذلك لو شربه في مائه مرة فمتى شرب جميع ما فيه ولم يبق فيه درهم واحد فإن صفيره ينقطع (ثم أورد القطعة ولا علاقة لها بهذا الوصف وإنما هي نصائح طبية: منها:وعـدّل مـزج كأسـك فهي تبقي ال حــرارة فيـك دائمـة الضـرامومن نوادر ما حكاه من أخباره خدمته لملك "مملكة خلاط "صلاح الدين ابن باغيبسان، وورد اسم الملك في موضع آخر صلاح الدين محمد بن ياغيسان ؟انظر في ذلك القطعة التي أولها:ومــدلل سـاجي الجفـون مهفهـف جمـع الملاحـة ذو الجلال لديهوفيما يلي مختارات مما حكاه ابن ابي اصيبعة:سديد الدين ابن رقيقةهو أبو الثناء محمود بن عمر بن محمد بن إبراهيم بن شجاع الشيباني الحانوي ويعرف بابن رقيقة ذو النفس الفاضلة والمروءة الكاملة، وقد جمع من صناعة الطب ما تفرق من أقوال المتقدمين، وتميز على سائر نظرائه وأضرابه من الحكماء والمتطببين، هذا مع ما هو عليه من الفطرة الفائقة، والألفاظ الرائقه، والنظم البليغ، والشعر البديع وكثيراً ما له من الأبيات الأمثالية، والفقر الحكمية، وأما الرجز فإنني ما رأيت في وقته من الأطباء أحداً أسرع عملاً له منه، حتى إنه كان يأخذ أي كتاب شاء من الكتب الطبية وينظمه رجزاً في أسرع وقت مع استيفائه للمعاني ومراعاته لحسن اللفظ، ... وكانت له أيضاً معرفة بصناعة الكحل والجراح، وحاول كثيراً من أعمال الحديد في مداواة أمراض العين، وقدح أيضاً الماء النازل في العين لجماعة، وأنجب قدحه وأبصروا، (وكان المقدح الذي يعانيه "يعني يستعمله" مجوفاً وله عطفة ليتمكن في وقت القدح من امتصاص الماء، ويكون العلاج به أبلغ.وكان قد اشتغل أيضاً بعلم النجوم، ونظر في حيل بني موسى، وعمل منها أشياء مستطرفة، وكان فاضلاً في النحو واللغة، وله أيضاً أخ فاضل يقال له معين الدين، أوحد زمانه في العربية وهي فنه وله شعر كثير. (ثم حكى ابن أبي أصيبعة روايته للحديث وأورد نموذجا منه روايته لأعرابي وفد على النبي (ص) فقال أتيناك يا رسول اللّه ولم يبق لنا جمل يئط، ولا صبي يصطبح، ثم أنشدهأتيناك والعذراء تدمى لثاتها وقـد شغلت أم الصبي عن الطفلإلى آخر القصة وهي من مشهور الأخبار.ثم قال:وأخبرني سديد الدين بن رقيقة أن مولده في سنة أربع وستين وخمسمائة بمدينة حيني ونشأ بها، ولما كان فخر الدين المارديني بمدينة حيني، وصاحبها نور الدين بن جمال الدين بن أرتق كان قد عرض لنور الدين مرض في عينيه فداواه الشيخ فخر الدين مدة أيام، ثم عزم على السفر وأشار على نور الدين بن أرتق بأن يداويه سديد الدين بن رقيقة فعالجه سريعاً، وبرأ برءاً تاماً وأطلق له جامكية وجراية في صناعة الطب، وقال لي سديد الدين أن عمره يومئذ كان دون العشرين سنة، واستمر في خدمته، ثم خدم بعد ذلك الملك المنصور محمد صاحب حماه ابن تقي الدين عمر وبقي معه مدة ثم سافر إلى خلاط وكان صاحبها في ذلك الوقت الملك الأوحد نجم الدين أيوب بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وخدم صلاح الدين بن ياغيسان وكان هذا صلاح الدين قد تزوج الملك الأوحد ابن الملك العادل بأخته، وكان سديد الدين بن رقيقة يتردد إلى خدمتها أيضاً، وكانت كثيرة الإحسان إليه، وأقام بخلاط مدة إلى أن توفي الملك الأوحد في ملازكرد بعلة ذات الجنب، وذلك في يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول سنة تسع وستمائة،، وكان يعالجه هو وصدقة السامري، وخدم أيضاً بعد ذلك الملك الأشرف أبا الفتح موسى ابن الملك العادل، وأقام بميافارقين سنين كثيرة، ولما كان في ثالث جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، وصل سديد الدين بن رقيقة إلى دمشق إلى السلطان الملك الأشرف فأكرمه واحترمه، وأمر بأن يتردد إلى الدور السلطانية بالقلعة، وأن يواظب أيضاً معالجة المرضى بالبيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بن زنكي، وأطلق له جامكية وجراية.وكان لي أيضاً في ذلك الوقت مقرر جامكية وجراية لمعالجة المرضى في هذا البيمارستان، وتصاحبنا مدة فوجدت من كمال مروءته، وشرف أرومته، وغزارة علمه، وحسن تأتيه في معرفة الأمراض ومداواتها، ما يفوق الوصف، لم يزل بدمشق وهو يشتغل بصناعة الطب إلى أن توفي رحمه اللَّه في سنة خمس وثلاثين وستمائة، وكنت أنا قد انتقلت إلى صرخد في خدمة صاحبها الأمير عز الدين المعظمي في شهر ربيع الأول سنة أربع وثلاثين وستمائة (ثم أورد من شعره 23 قطعة)ثم قال:ولسديد الدين بن رقيقة من الكتب؛ كتاب "لطف السائل وتحف المسائل"، وهذا الكتاب قد نظم فيه مسائل حنين، كليات القانون لابن سينا رجزاً، ومعاني أخر ضرورية يحتاج إليها في صناعة الطب، وشرح هذا الكتاب، وله أيضاً عليه حواش مفيدة، كتاب "موضحة الأشباه في أدوية الباه" كتاب "الفريدة الشاهية، والقصيدة الباهية" وهذه القصيدة صنعها بميافارقين في سنة خمس عشرة وستمائة للملك الأشرف، شاه أرمن، موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وذكر لي أنه نظمها في يومين وهي ... بيت، وصنع لها أيضاً شرحاً مستقصى بليغاً في معناه، كتاب "قانون الحكماء وفردوس الندماء" كتاب " الغرض المطلوب في تدبير المأكول والمشروب"، "مقالة مسائل وأجوبتها في الحميات" "أرجوزة في الفصد".